انفراجة يمنية في ملف الأسرى: اتفاق تبادل يشمل 2900 محتجز بينهم سعوديون وسودانيون

انفراجة يمنية في ملف الأسرى: اتفاق تبادل يشمل 2900 محتجز بينهم سعوديون وسودانيون


شهد ملف الأسرى والمحتجزين في اليمن انفراجة لافتة، مع إعلان التوصل إلى اتفاق واسع لتبادل الأسرى بين الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً وحكومة حركة “أنصار الله” (الحوثيين)، عقب 12 يوماً من المفاوضات التي احتضنتها العاصمة العُمانية مسقط ضمن الجولة العاشرة من المحادثات.

وأُعلن، أمس الثلاثاء، توقيع اتفاق يُعد الأكبر منذ اندلاع النزاع، ويقضي بالإفراج عن 2900 أسير ومحتجز من الطرفين، بينهم سبعة سعوديين و23 سودانياً، في خطوة أعادت الأمل إلى مئات العائلات اليمنية التي تنتظر لمّ شملها بذويها بعد سنوات من الاحتجاز.

وجاء الاتفاق بعد تعثر جولتين تفاوضيتين سابقتين، ليعيد الزخم إلى مسار إنساني ظل متعثراً رغم نجاحات محدودة في أعوام سابقة. ويُنظر إلى التحدي الأبرز حالياً بوصفه مرتبطاً بمدى التزام الأطراف بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه وفق برنامج زمني واضح، تجنباً لتحول الاتفاق إلى مجرد إعلان سياسي.

وأكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر استعدادها الكامل للإشراف على تنفيذ عمليات الإفراج ونقل المحتجزين. وقالت رئيسة وفد اللجنة في اليمن، كريستين سيبولا، إن اللجنة “عازمة على تنفيذ عمليات إطلاق سراح المحتجزين وإعادتهم إلى أوطانهم بطريقة آمنة وكريمة”، مشددة على ضرورة تعاون أطراف النزاع وتسريع تحديد هويات المشمولين بالإفراج.

واختُتمت الجولة العاشرة من مفاوضات اللجنة الإشرافية المعنية بملف الأسرى، التي عُقدت في مسقط خلال الفترة من 9 إلى 23 ديسمبر/كانون الأول، برئاسة مشتركة من المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ، واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وذكر بيان صادر عن الفريق الحكومي أن الاتفاق ينص على الإفراج عن 2900 محتجز من مختلف الجبهات، وعلى رأسهم السياسي محمد قحطان، إضافة إلى محتجزين من دول التحالف، بينهم طيارون.

في المقابل، أوضح رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى التابعة لحكومة “أنصار الله”، العميد عبد القادر المرتضى، أن الصفقة تشمل الإفراج عن 1700 من أسرى الحركة مقابل 1200 من الطرف الآخر، مؤكداً أن الاتفاق يتضمن أيضاً انتشال جميع الجثامين من مختلف الجبهات وتسليمها عبر الصليب الأحمر، وتشكيل لجان لزيارة السجون وحصر من تبقى من الأسرى تمهيداً لإطلاقهم.

من جانبه، أعلن المتحدث باسم “أنصار الله” محمد عبد السلام أن الاتفاق تم مع الجانب السعودي وأطراف أخرى، معرباً عن شكره لسلطنة عُمان على دورها في إنجاح الجولة.

وأكد المبعوث الأممي هانس غروندبرغ أن التنفيذ الفعّال للاتفاق يتطلب استمرار انخراط الأطراف وتعاونها، إلى جانب دعم إقليمي منسق، معتبراً التقدم المحرز خطوة إنسانية مهمة يمكن البناء عليها لتعزيز الثقة.

ورحبت سلطنة عُمان بالاتفاق، مثمنة الروح الإيجابية التي سادت المفاوضات، ومشيدة بتعاون السعودية وجهود مكتب المبعوث الأممي واللجنة الدولية للصليب الأحمر، معربة عن أملها في أن يسهم الاتفاق في تهيئة الظروف لمعالجة بقية القضايا العالقة في اليمن.

كما أشاد السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، بنجاح الاجتماع، معتبراً أن الاتفاق يعالج قضية إنسانية بالغة الأهمية، ويسهم في دعم التهدئة وبناء الثقة.

ولم تحقق من الجولات التسع السابقة سوى جولتين نتائج ملموسة، الأولى عام 2020 وشملت 1026 أسيراً، والثانية عام 2023 وضمت نحو 800 أسير، إضافة إلى صفقات محدودة بوساطات قبلية أو مبادرات أحادية. ويُعد إدراج السياسي المحتجز محمد قحطان، المعتقل منذ عام 2015، اختراقاً بارزاً بعد أن شكّل ملفه عقدة رئيسية في الجولات السابقة.

ويأتي هذا الاتفاق في سياق مسار طويل من المفاوضات، بدأ باتفاق ستوكهولم عام 2018 الذي نص على مبدأ “الكل مقابل الكل”، لكنه لم يُنفذ، ما يجعل الاتفاق الحالي محط ترقب واسع لمدى قدرته على الانتقال من التوقيع إلى التنفيذ الفعلي على الأرض.