رصاص الكراهية في قلب أوروبا: هجوم مسلح على مسجد بالنمسا وسط تصاعد التحريض ضد المسلمين
تعرض مسجد تابع لجمعية الثقافة الألبانية في مدينة هولابرون، بمقاطعة النمسا السفلى، فجر الاثنين، لهجوم مسلح، في حادثة أثارت قلقًا واسعًا داخل الأوساط الإسلامية والسياسية في البلاد، وجاءت في ظل تصاعد ملحوظ للخطاب المعادي للمسلمين خلال الأسابيع الأخيرة.
وأفادت هيئة الإذاعة النمساوية العامة، نقلًا عن الشرطة، بأن الهجوم وقع في وقت كان فيه المسجد خاليًا من المصلين، ما حال دون وقوع إصابات بشرية. وأكدت السلطات الأمنية فتح تحقيق موسع لكشف ملابسات الحادث، مشيرة إلى أنها لم تتوصل حتى الآن إلى معلومات تحدد هوية منفذي الهجوم.
وأوضحت الشرطة، في بيان رسمي، أنها تتعامل مع الحادث بجدية بالغة، وتدرس جميع الفرضيات المحتملة، بما في ذلك وجود دوافع متطرفة، دون استبعاد أي سيناريو في هذه المرحلة، مؤكدة استمرار التحقيقات وجمع الأدلة.
من جانبه، قال رسول أدِمي، نائب رئيس جمعية الثقافة الألبانية، إن الجمعية لم تتعرض في السابق لأي تهديدات أو مضايقات، معربًا عن صدمة أعضاء الجمعية من وقوع الهجوم. وشدد أدِمي على ضرورة تعزيز الإجراءات الأمنية لحماية المؤسسات الدينية، محذرًا من أن تصاعد خطاب الكراهية والتحريض قد يؤدي إلى حوادث أخطر تمس السلم المجتمعي.
ويأتي هذا الاعتداء في سياق مناخ سياسي واجتماعي متوتر تشهده النمسا، مع تصاعد الخطاب المعادي للمسلمين. وكانت الجالية الإسلامية النمساوية قد أعلنت، في 17 ديسمبر/كانون الأول الجاري، عن تزايد الرسائل التحريضية والتهديدية التي تستهدف المسلمين خلال الأسابيع الماضية، محذرة من أن هذا المناخ قد ينعكس سلبًا على التعايش داخل المجتمع.
وفي الإطار ذاته، أثار منشور نُشر على الحساب الرسمي لحزب الشعب النمساوي موجة واسعة من الجدل، بعدما تضمن تعميمًا سلبيًا بحق المسلمين، وهو ما اعتبره سياسيون ومراقبون خطابًا إقصائيًا يغذي الانقسام ويصور جماعة دينية كاملة باعتبارها مشكلة.
وتوالت ردود الفعل الرافضة للمنشور، حيث انتقد وزير المالية النمساوي وعضو الحزب الاشتراكي الديمقراطي ماركوس مارتر باور الخطاب بشدة، مؤكدًا أن المسلمين يشكلون جزءًا لا يتجزأ من المجتمع النمساوي، وأسهموا لعقود طويلة في قطاعات حيوية مثل الصحة والتجارة والصناعة. وقدم باور اعتذاره عما ورد في المنشور، مؤكدًا رفضه لأي خطاب تمييزي.
بدوره، وصف الأمين العام لحزب “النمسا الجديدة” موقف حزب الشعب بأنه غير موفق سياسيًا، محذرًا من أن تصوير المسلمين كمصدر شك أو تهديد من شأنه تعميق الاستقطاب داخل المجتمع. كما اعتبرت زعيمة حزب الخضر أن استهداف أشخاص يعيشون ويعملون في النمسا منذ سنوات طويلة أمر غير مقبول، ولا يليق بحزب يقود الحكومة.
وفي موازاة ذلك، تتصاعد النقاشات السياسية حول قضايا الهجرة والاندماج مع اقتراب استحقاقات انتخابية، وسط تحذيرات من أن توظيف الخطاب المعادي للمسلمين في الصراع السياسي قد يهدد التعايش والسلم المجتمعي.
وفي هذا السياق، أعلنت وزيرة الاندماج النمساوية أن الحكومة تعتزم طرح مشروع قانون لحظر ارتداء الحجاب للفتيات دون سن 14 عامًا في المدارس، بدءًا من العام الدراسي 2026/2027، مبررة الخطوة بما وصفته بارتفاع أعداد الفتيات المحجبات، ومشيرة إلى أن المشروع يتضمن فرض غرامات مالية على الأهالي في حال تكرار المخالفة.
في المقابل، انتقدت الجالية الإسلامية النمساوية هذه الخطط بشدة، معتبرة أنها تخدم أهدافًا سياسية داخلية، وتسهم في تغذية خطاب الكراهية ضد المسلمين، بدلًا من تعزيز الاندماج والحوار المجتمعي، محذرة من أن استمرار هذا النهج قد يؤدي إلى مزيد من التوترات والحوادث المعادية للمسلمين في البلاد.

تعليقات