اليمن: تساؤلات حول فرص نجاح مخطط انفصال الجنوب في ظل تحولات ميدانية متسارعة ( تحليل إخباري )
شهد اليمن، في مطلع الشهر الجاري، تطوراً عسكرياً بارزاً أعاد طرح ملف انفصال جنوب البلاد إلى الواجهة، بعد إعلان قوات «المجلس الانتقالي الجنوبي» سيطرتها الكاملة على محافظة حضرموت، أكبر المحافظات اليمنية وأكثرها غنى بالموارد النفطية.
وجاء هذا التطور بعد أقل من يومين على توغل قوات المجلس الانتقالي في مديريات الوادي والصحراء بمحافظة حضرموت، حيث تمكنت من السيطرة على مقرات ومعسكرات تابعة للمنطقة العسكرية الأولى، التي كانت تحت سيطرة تشكيلات عسكرية أخرى موالية للحكومة اليمنية.
وتزامن ذلك مع سيطرة قوات المجلس الانتقالي على قصر معاشيق في العاصمة المؤقتة عدن، وهو المقر الذي تتخذه الحكومة اليمنية ومجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد العليمي. وأسفرت هذه التحركات عن إجبار قوات الحماية الرئاسية على مغادرة القصر، ما أدى إلى مغادرة الحكومة عدن، في خطوة اعتُبرت رمزية على تراجع حضور الحكومة الشرعية في المدينة.
ولم تلبث قوات المجلس الانتقالي أن وسعت نطاق عملياتها، إذ دفعت بتعزيزات عسكرية إلى محافظة أبين، وبدأت عملية واسعة تهدف إلى إخراج ما تبقى من التشكيلات العسكرية الموالية للحكومة اليمنية من المحافظة.
وفي موازاة ذلك، تواصل «القوات المشتركة» التي يقودها طارق صالح، نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، سيطرتها على الساحل الغربي لليمن ومضيق باب المندب منذ عام 2017، مع اتخاذ مدينة المخا الساحلية في محافظة تعز مقراً رئيسياً لها.
ويرى مراقبون أن هذه التحركات رسمت ملامح جديدة لخريطة الصراع في اليمن، وأنتجت ديناميكيات سياسية وعسكرية مختلفة، تعزز من فرضية التمهيد لانفصال الجنوب عن الشمال وإعلان كيان سياسي مستقل، خاصة في ظل مواقف وُصفت بالملتبسة صدرت عن رئاسة مجلس القيادة الرئاسي، شجعت بعض الوزراء المحسوبين على الحكومة على إعلان تأييدهم لتحركات المجلس الانتقالي.
وفي سياق متصل، تناولت تحليلات إعلامية دولية أبعاد هذه التطورات، مشيرة إلى أن قيام كيان جنوبي مستقل قد يؤدي إلى تغييرات في التوازنات الإقليمية، بما يشمل السيطرة على سواحل جنوب اليمن والموانئ الحيوية، وهو ما يمنح نفوذاً واسعاً على طرق التجارة الدولية، خاصة مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وصولاً إلى قناة السويس.
ويضع مراقبون هذه التطورات في إطار أوسع من صراع النفوذ الإقليمي، وما تشهده المنطقة من تصدعات سياسية وأمنية، تتجلى في تنامي مشاريع الانفصال وتشكيل الكيانات الموازية في أكثر من ساحة عربية، وسط تحولات إقليمية ودولية متسارعة تعيد رسم خرائط النفوذ في الشرق الأوسط.

تعليقات