وزارة العدل الأميركية تنشر ثم تحذف وثائق من ملف إبستين وتثير جدلًا واسعًا
أثارت وزارة العدل الأميركية حالة من الجدل والارتباك بعد قيامها بنشر عدد من الوثائق ضمن ملف الملياردير الراحل جيفري إبستين، قبل أن تعمد لاحقًا إلى حذف جزء منها دون توضيحات مفصلة، ما فتح الباب أمام تساؤلات وانتقادات بشأن الشفافية وطريقة إدارة أحد أكثر الملفات حساسية في تاريخ العدالة الأميركية. وبحسب متابعين للملف، فإن الوثائق التي نُشرت ثم أُزيلت جاءت ضمن دفعة كبيرة من المستندات التي أُفرج عنها استجابة لمهلة قانونية حدّدها الكونغرس، وتهدف إلى كشف تفاصيل إضافية تتعلق بشبكة العلاقات والأنشطة غير القانونية التي ارتبطت بإبستين، المتهم بإدارة شبكة اتجار جنسي بالقاصرات على مدى سنوات.
وأوضحت وزارة العدل، في تعقيب مقتضب، أن حذف بعض الوثائق جاء لأسباب قانونية وإجرائية، تتعلق بحماية الخصوصية أو تجنب الإضرار بتحقيقات جارية أو محتملة، من دون أن تحدد بدقة طبيعة المستندات التي تم سحبها أو مضمونها الكامل. غير أن هذا التبرير لم يبدد الشكوك، إذ اعتبر حقوقيون ونشطاء أن نشر الوثائق ثم حذفها يعكس ارتباكًا مؤسسيًا، وقد يؤدي إلى تقويض ثقة الرأي العام في التزام السلطات بكشف الحقيقة كاملة، خاصة في قضية ارتبطت بأسماء نافذة في السياسة والاقتصاد والمجتمع.
وتزامن هذا الجدل مع نشر صور ووثائق أخرى وُصفت بالصادمة، أظهرت إبستين برفقة فتيات قاصرات في أماكن متعددة، ما أعاد إلى الواجهة الاتهامات القديمة حول تقاعس جهات رسمية عن التعامل الجدي مع التحذيرات المبكرة المتعلقة بسلوكه، والتي تعود، بحسب وثائق سابقة، إلى تسعينيات القرن الماضي. ويرى مراقبون أن حذف بعض الوثائق قد يعزز الشكوك بشأن وجود معلومات حساسة تتعلق بشخصيات نافذة، أو تفاصيل لم يُرَد لها أن تُعرض على الرأي العام في هذه المرحلة، رغم تأكيد السلطات أن الإجراءات المتخذة تهدف حصريًا إلى الالتزام بالقانون وحماية الضحايا.
ويُذكر أن جيفري إبستين توفي في زنزانته عام 2019 أثناء انتظاره المحاكمة بتهم الاتجار بالجنس والاعتداء على قاصرات، في حادثة أعلنت السلطات أنها انتحار، لكنها لا تزال موضع تشكيك واسع. ومنذ ذلك الحين، تتوالى عمليات الإفراج عن وثائق وشهادات مرتبطة بالقضية، وسط مطالب متصاعدة بالكشف الكامل عن كل ما يتعلق بالملف، ومحاسبة أي جهات أو شخصيات يثبت تورطها أو تسترها على الجرائم. وتبقى قضية إبستين، بما تحمله من أبعاد قانونية وسياسية وأخلاقية، اختبارًا حقيقيًا لقدرة المؤسسات الأميركية على تحقيق العدالة والشفافية في مواجهة واحدة من أكثر الفضائح تعقيدًا وإثارة للجدل في العقود الأخيرة.

تعليقات