تقرير: نذر صدام شرقي اليمن.. الانتقالي يتحدى المطالب السعودية والرياض تعزز حلفاءها
يبدو أن المشهد في شرق اليمن يتجه نحو الاستقطاب الحاد؛ فبينما يتمسك الانتقالي بمكاسبه الميدانية بدعم إماراتي، تعمل السعودية على تحصين مناطق نفوذها الاستراتيجي عبر قوات “درع الوطن”، وسط مخاوف من أن يتحول هذا “الشد والجذب” إلى صدام مسلح مفتوح ينهي ما تبقى من توافق داخل معسكر “الشرعية”.
وتشهد محافظتا حضرموت والمهرة (شرقي اليمن) حالة من التوتر العسكري والسياسي غير المسبوق، عقب ظهور مؤشرات واضحة على رفض “المجلس الانتقالي الجنوبي” للمطالب السعودية بالانسحاب من المواقع الحيوية في المحافظتين، وهو ما دفع المملكة نحو تعزيز حشودها العسكرية وتغيير استراتيجية تموضع قواتها على الأرض.
تصعيد عسكري وتعزيزات حدودية
أكدت مصادر ميدانية استمرار وصول تعزيزات عسكرية سعودية ضخمة إلى منطقتي “الوديعة” و”العبر” المحاذيتين للحدود الجنوبية للمملكة وشمالي حضرموت. وشملت التعزيزات دبابات، مدفعية ثقيلة، وعشرات العربات المدرعة وناقلات الجنود التابعة لقوات “درع الوطن” وقوات “الطوارئ”، وهي تشكيلات عسكرية أنشأتها وتمولها الرياض لتأمين العمق الاستراتيجي الشرقي لليمن.
يأتي هذا التحشيد بالتزامن مع إعادة تموضع واسعة لقوات “درع الوطن”، التي تم سحب ألوية كاملة منها من محافظات الضالع ولحج وأبين، بالإضافة إلى إخلاء قاعدة التحالف غربي عدن، وتوجيه تلك القوة نحو المناطق الفاصلة بين حضرموت ومأرب الغنيتين بالنفط.
إعادة تموضع أم انسحاب؟
وفي قراءة لهذه التحركات، يرى الباحث في القانون والعلاقات الدولية، عبدالله الهندي، أن الإجراءات السعودية ليست انسحاباً بقدر ما هي “إعادة تموضع محسوبة” لضبط توازنات النفوذ.
وأوضح الهندي في تصريحات إعلامية أن هذه الخطوات تهدف إلى:
تقليل مناطق الاحتكاك المباشر مع القوات الموالية للإمارات.
إعادة ضبط المشهد الأمني في حضرموت والمهرة قبل الدخول في أي تفاهمات سياسية موسعة.
توجيه رسالة تنظيمية مفادها أن الرياض تفضل العمل المتوافق دون المساس بعلاقتها مع الشركاء الإقليميين.
تصدع المجلس الرئاسي
سياسياً، أشار الهندي إلى أن المواقف المتشددة التي أبداها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي ونائبه سلطان العرادة تجاه تمدد الانتقالي، تمثل “نقطة تحول” تمنح السعودية غطاءً شرعياً للتحرك، وتظهر وجود نواة رفض رسمي لأي تغييرات أحادية الجانب يفرضها الانتقالي بقوة السلاح.
غموض ميداني وهجمات “مجهولة”
على الصعيد الميداني، أعلن المتحدث باسم قوات المجلس الانتقالي، محمد النقيب، عن تعرض قواته في وادي حضرموت لهجوم بطائرة مسيرة “مجهولة”، مما أدى إلى إصابة أحد الجنود. وبينما وصف النقيب الهجوم بـ “العمل الإرهابي”، إلا أنه لم يوجه أصابع الاتهام لجهة محددة، مما يضفي مزيداً من الغموض على هوية الأطراف التي قد تدخل على خط المواجهة.

تعليقات