مهنة من زمن البشوات.. عم سعيد يروي تاريخ الجزماتي في قنا

مهنة من زمن البشوات.. عم سعيد يروي تاريخ الجزماتي في قنا


يجلس الرجل الثمانيتي في محله الصغير في مدينة قنا، في انتظار زبائنه لإصلاح الأحذية، دون ملل أو تقاعس، بل يعرف عنه جمال السرد عن حكايات المهنة وتاريخها القديم بكل اعتزاز وفخر، والتي قضى فيها أكثر من نصف قرن من الزمان في مهنة يعتبرها صاحبة الفضل في توفير لقمة عيش بالحلال .

العم سعيد الخميمي يزاول مهنته بكل حب وإخلاص، محتفظًا بشكلها القديم رغم التطور والحداثة، معتمدًا على يديه في تصليح الأحذية، وهي المهنة التي تعرف باسم «الجزماتي» أو «المنقل».

حكايات المهنة قديمًا وما آلت إليه في الوقت الحالي، وتأثير الآلات الحديثة التي تعمل بالموتور والكهرباء وسرعتها على عمله اليدوي، فضلًا عن حديثه عن أسعار الأحذية قديمًا وحاليًا، وطريقة صناعتها، وحتى الطعام الذي كان يعتمد عليه الحرفيون في ذلك الوقت، كل ذلك يمكنك سماعه من صحاب المهنة التي شارفت على الانقراض ليس لأنك صديق ولكن لمجرد انك زائر من أجل إصلاح حذاء، ما يكشف جانب هام في شخصية الرجل من الثقافة والاعتزاز .

قال العم سعيد الخميمي، انه بدءحياته مع المهنة في سن الخامسة،  متواجداً بين صناع هذه المهنة، حيث بدأ عمله في مدينة قوص ثم تنقل بين عدة أماكن. ورغم بلوغه 80 عامًا، فإنه لا يزال متمسكًا بها ولم يعمل في مهنة غيرها طوال حياته، حيث تعلمها على يد أقاربه، وقام بدوره لاخرينو الذين أصبحت مصدر دخل لهم، مشيرًا إلى أنه يعمل داخل محل قديم استأجره منذ سنوات طويلة.

وأوضح الخميمي، أن اعتماده في الوقت الحالي يقتصر على تصليح الأحذية يدويًا، بينما كان في السابق يقوم بصناعة الأحذية الجلدية بمساعدة عاملين، وكان يطلق عليه حينها «جزماتي» لأنه يصنع الحذاء من بدايته وحتى نهايته، قائلًا: «لفظ جزماتي أفضل من منقلاتي، وهو لفظ قديم موجود من أيام البشوات، وكان منتشرًا في قنا»، وأضاف أن الحرفيين قديمًا كانوا يعتمدون في طعامهم على «البتاو واللوحة».

وأشار إلى أنه يعمل على مدار اليوم داخل محله معتمدًا في تصليح الأحذية على أدوات بسيطة مثل الخيط والمقص وشاكوش صغير، مؤكدًا أن العمل اليدوي أدق من العمل بالآلة، لأنه يقوم على الإتقان وليس السرعة، فقد يستغرق تصليح الحذاء ساعة أو أكثر، ويجب أن يتحلى الصانع بالضمير في عمله. واختتم حديثه قائلًا إن سعر الحذاء كامل الصنع قديمًا لم يكن يتجاوز 50 قرشًا.