تركيا تدرس إدخال تغييرات على نظام الحكم الرئاسي ضمن مسار إعداد دستور جديد
كشفت صحيفة «إيكونوميم» التركية أن حزب العدالة والتنمية الحاكم يعتزم رفع مقترحات إلى الرئيس رجب طيب أردوغان تتعلق بصياغة دستور جديد للبلاد، قد تتضمن تعديلات محددة على نظام الحكم الرئاسي القائم، في خطوة توصف بأنها جزء من نقاش أوسع داخل الدوائر السياسية الحاكمة بشأن مستقبل النظام السياسي في تركيا.
ووفقاً للصحيفة، فإن هذه المقترحات تأتي في سياق مشاورات داخلية متواصلة تهدف إلى معالجة عدد من البنود الدستورية التي كانت محل انتقاد من قبل قوى المعارضة، لا سيما تلك المتعلقة بآلية اختيار الرئيس وأعضاء الحكومة، والتي تنص في صيغتها الحالية على انتخابهم من بين أعضاء البرلمان. وتعتبر الأوساط الحاكمة، بحسب «إيكونوميم»، أن إدخال تعديلات على هذه البنود يشكل شرطاً أساسياً لتمرير دستور جديد يوصف بـ«المدني»، مع استهداف عام 2026 موعداً محتملاً لاعتماده.
وفي سياق متصل، كانت صحيفة «جمهوريت» قد أفادت، نقلاً عن مصادر داخل حزب العدالة والتنمية، بأن الحزب لا يستبعد خيار الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، في حال تم إنجاز عملية إعداد واعتماد الدستور الجديد بنجاح، وهو ما يعكس الترابط القائم بين المسار الدستوري والحسابات السياسية المقبلة.
وأشارت «إيكونوميم» إلى أن الحزب الحاكم، وبعد مشاورات أولية مع أطراف في المعارضة، اتخذ قراراً بعدم الانفراد بصياغة الدستور الجديد، تفادياً لانتقادات تتعلق بالإقصاء أو فرض الأمر الواقع. وبدلاً من ذلك، قرر إعداد تقرير شامل يتضمن مقترحات وملاحظات حول الدستور المرتقب، على أن يُرفع هذا التقرير إلى الرئيس أردوغان ليكون منطلقاً لنقاش أوسع تشارك فيه مختلف القوى السياسية.
ويأتي هذا التوجه في ظل تأكيدات متكررة من الرئيس التركي على الحاجة الملحة إلى دستور جديد، يواكب متطلبات المرحلة الراهنة ويضمن استمرارية التنمية السياسية والاقتصادية في البلاد. فقد شدد أردوغان في أكثر من مناسبة على أن العمل على صياغة مسودة الدستور الجديد لا يزال مستمراً، داعياً جميع الأحزاب والتيارات السياسية إلى الانخراط الفاعل في هذه العملية، ومعتبراً أن الدستور الحالي، الذي أُقر عام 1982 في أعقاب الانقلاب العسكري، لم يعد قادراً على الاستجابة لتحديات العصر، رغم إدخال تعديلات متعددة عليه على مدار العقود الماضية.
وكانت تركيا قد انتقلت رسمياً إلى نظام الحكم الرئاسي في عام 2017، عقب استفتاء شعبي أفضى إلى إلغاء النظام البرلماني المعمول به سابقاً. وينص الدستور الحالي على عدم جواز تولي رئيس الجمهورية المنصب لأكثر من فترتين متتاليتين. وفي مايو 2023، أُعيد انتخاب رجب طيب أردوغان لولاية ثانية مدتها خمس سنوات وفق النظام الرئاسي، غير أن قوى المعارضة اعتبرت حينها أن هذه الولاية تمثل عملياً الولاية الثالثة، نظراً لتوليه منصب الرئاسة منذ عام 2014، عندما كانت البلاد لا تزال تعمل بالنظام البرلماني.

تعليقات