هل أصبح ريال مدريد فريق مبابي؟.. أرقام تُجيب بلا تردد

هل أصبح ريال مدريد فريق مبابي؟.. أرقام تُجيب بلا تردد


هناك في أوروبا، يوجد لاعب واحد فقط يمتلك معدل مذهل من التأثير والمساهمة في أهداف فريقه، إنه كيليان مبابي، صاحب الحذاء الذهبي في الموسم الماضي، والذي وقف القدر حائلًا أمامه من قبل في طريق الكرة الذهبية، عندما خسر دوري أبطال أوروبا 2020 لصالح بايرن ميونخ.

وعاد القدر ليعانده مجددًا بعد عامين، بالخسارة في نهائي كأس العالم 2022 بقطر، وبعد سنوات من المحادثات مع ريال مدريد بشأن انتقاله للقلعة الملكية، جدد عقده سنتين قبيل المونديال، ثم رحل بعدها بشكل مجاني لينضم لفريق طفولته.

ولكن القدر أدار ظهره، بعدما نجح فريقه السابق باريس سان جيرمان في التتويج أخيرًا بدوري أبطال أوروبا، وفي أول موسم من رحيله عن الكتيبة الباريسية.

ورغم أن كيليان انضم للريال، الذي حقق البطولة الأوروبية مرتين في آخر 4 سنوات، إلا أن الموسم المنصرم لم يكن على ما يرام، فخرج الفريق خالي الوفاض من أي بطولة كبيرة، بعد الخروج من ربع النهائي أوروبيًا، ووصيفًا لليجا محليًا خلف برشلونة.

تشكيل ريال مدريد ضد ليفربول في دوري أبطال أوروبا 2025-26
فينيسيوس جونيور – كيليان مبابي – ريال مدريد (المصدر:Gettyimages)

قدم مبابي موسمًا مذهلًا بتسجيله 31 هدفًا في الدوري الإسباني، حصد بهم جائزة الحذاء الذهبي الأوروبي لأفضل هداف في القارة العجوز، ورغم ذلك فشل الفريق في تحقيق لقب الليجا نفسه، وكذلك دوري الأبطال، والذي سجل فيه كيليان 7 أهداف كثاني أعلى معدل له في تاريخ مشاركاته بدوري أبطال أوروبا.

لكن يعيش كيليان هذا الموسم طفرة مذهلة على مستوى النجاعة التهديفية، حيث سجل 55% من أهداف ريال مدريد في دوري جميع المسابقات، ولكن بالنظر إلى دوري أبطال أوروبا فقط، فسجل كيليان نسبة 75% من أهداف الملكي في مسابقته المفضلة.

هل أصبح ريال مدريد فريق مبابي؟

لم يكن السؤال الذي طرحه الصحفي ميجيل أنخيل توريبيو موجهًا في الأصل لانتقاد كيليان مبابي، بعدما استفسر عن مدى اعتماد ريال مدريد على أهدافه، بقدر ما كان محاولة لفهم حجم التأثير الذي يفرضه النجم الفرنسي على ريال مدريد هذا الموسم.

ورغم ذلك، جاء ردّ اللاعب بدرجة كبيرة من الصراحة، بعد أن وضع توريبيو على الطاولة ثلاث مباريات افتقد فيها الفريق الأبيض لأهداف مبابي، وما ترتّب على ذلك من نتائج سلبية: الهزيمة أمام ليفربول، والتعادل أمام كلٍّ من رايو فاليكانو وإلتشي.

كيليان مبابي - ألفارو كاريراس - ريال مدريد (المصدر:Gettyimages)
كيليان مبابي – ألفارو كاريراس – ريال مدريد
(المصدر:Gettyimages)

ومع هذه الإشارة، لم يتردّد مبابي في وضع نفسه في تحمل المسؤولية قائلًا: “إذن، ما يجب أن تقوله هو أنني لم أقم بعملي، أن كيليان لم يسجل، وأنه كان عليه أن يسجل”.

“إذا سجلت أهدافًا، فهذا بفضل عمل الفريق”.

– كيليان مبابي.

هذا الموقف، رغم حرارته، يعبّر عن وعي اللاعب بحجم مسؤوليته داخل الفريق، كما يكشف حقيقة أعمق تتجاوز كلمات المجاملة التي يرددها عادةً بأن أهدافه تأتي بفضل العمل الجماعي، فالأرقام تُعرّي الواقع، مبابي يقف خلف أكثر من نصف أهداف ريال مدريد هذا الموسم.

فقد سجل الفريق 40 هدفًا في 18 مباراة، منها 22 هدفًا للفرنسي، بنسبة تهديفية مذهلة تبلغ 55%؛ رقم يكاد يكون خارج نطاق المنطق، ويبرز مدى ضخامة العبء الهجومي الذي يتحمله اللاعب.

إسهام تهديفي غير مسبوق في تاريخ مدريد الحديث

في المؤتمر الصحفي، قال تشابي ألونسو جملة باتت تُردد كثيرًا، وهي ليست مجاملة بقدر ما هي توصيف دقيق للحقيقة الميدانية.

“اليوم، كيليان هو من سيسجل الأهداف”.

– تشابي ألونسو.

من بين 18 مباراة خاضها الفريق الأبيض، فشل مبابي في التسجيل في 5 فقط — أمام ريال مايوركا ويوفنتوس وليفربول ورايو فاليكانو وإلتشي — بينما وقّع على أهدافه في 13 مباراة، وهو معدل يكشف عن ثبات استثنائي.

ورغم أن ريال مدريد عرف عبر تاريخه هدافين أسطوريين، وفي مقدمتهم كريستيانو رونالدو، إلا أن نسبة إسهام مبابي الحالية تتجاوز كل ما سبق؛ فعلى مدار المواسم التسعة التي قضاها رونالدو في سانتياجو برنابيو، لم يصل في أي منها إلى تسجيل 55% من أهداف الفريق بحلول أواخر نوفمبر.

كم لاعب من ريال مدريد فاز بالحذاء الذهبي عبر التاريخ؟
كيليان مبابي – كريستيانو رونالدو – ريال مدريد – الحذاء الذهبي – (المصدر: Getty images)

أقرب موسم لذلك كان 2013-2014 حين سجل 25 هدفًا من أصل 58 في الفترة نفسها، بنسبة 43.1%، وحتى في أفضل مواسمه التهديفية على الإطلاق (2014-2015)، حين سجّل 61 هدفًا، كانت نسبته من أهداف مدريد لا تتجاوز 37.8%.

هذا لا يقلل من رونالدو، بل يبرز حجم الأثر الذي يتركه مبابي الآن، والذي لم يكن سوى “فرضية” أو “رهان غير مضمون” قبل عام فقط، ليصبح اليوم محور المنظومة البيضاء بلا منازع.

مؤشرات تُنذر بموسم بتوقيع مبابي الكامل

منذ نهائي الكأس — حيث لعب مبابي دورًا حاسمًا رغم خسارة الفريق — بدأ مسار اللاعب في التحول إلى ما يشبه قيادة فردية للمواعيد الكبرى، ومع معدل تهديفي يبلغ 1.2 هدف في المباراة الواحدة، يُمكن تخيّل السيناريو لو حافظ مبابي على هذه الوتيرة حتى نهاية الموسم.

في حال لعب ريال مدريد 62 مباراة هذا الموسم (38 في الدوري، 15 في دوري الأبطال، 2 في السوبر، 7 في كأس الملك)، فإن المعدل النظري يشير إلى إمكانية وصول الفريق إلى 138 هدفًا، وهو رقم ضخم يصعب تحقيقه عمليًا، لكنه يعكس الديناميكية الهجومية التي فرضها النجم الفرنسي على الفريق.

في دوري الأبطال.. مبابي يدخل منطقة التاريخ

سجّل مبابي 9 أهداف من أصل 12هدفًا لريال مدريد في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، أي بنسبة 75% من حصيلة الفريق — مستوى غير مسبوق في تاريخ النادي في المسابقة، جاءت أهدافه موزّعة بين:

  • رباعية تاريخية أمام أولمبياكوس
  • ثلاثية أمام كاريات
  • ثنائية أمام مارسيليا

ومع تسجيل الثلاث أهداف الأخرى بتوقيع بيلينجهام وكامافينجا وبراهيم دياز، تبدو البطولة الأوروبية مرهونة بتوقيع مبابي أكثر من أي وقت مضى.

كيليان مبابي - ريال مدريد - المصدر (Getty images)
كيليان مبابي – ريال مدريد – المصدر (Getty images)

مبابي يتفوّق على هالاند وكين

نجح مبابي في تسجيل 9 أهداف خلال أول 5 مباريات بدوري أبطال أوروبا هذا الموسم 2025-2026، ليحقق بذلك عدة أرقام قياسية، أولها حطم رقمه القياسي لأكثر عدد من الأهداف في نسخة واحدة من دوري الأبطال، حيث كان أكبر عدد سجله من قبل 8 أهداف في نسختي موسم 2023-2024 وموسم 2020-2021 مع باريس سان جيرمان.

كما حطم الرقم القياسي لأكثر عدد من الأهداف بعد مرور أول 5 جولات في دوري أبطال أوروبا، حيث كسر أرقام كريستيانو رونالدو والذي سجل 8 أهداف في مناسبتين، خلال موسمي 2013-2014 و2017-2018.

وبنسبة تسجيله للأهداف التي بلغت إجمالي 55% في جميع المسابقات، حيث سجل 22 هدفًا من أصل 40 سجلهم ريال مدريد هذا الموسم حتى الآن، فيتفوق مبابي على جميع لاعبي أوروبا، بينهم مبابي وهاري كين، بالرغم من تسجيل الأول 14 هدفًا في الدوري الإنجليزي حتى الآن، والثاني 14 هدفًا في الدوري الألماني، ويتصدران ترتيب الحذاء الذهبي هذا الموسم.

كيليان مبابي - إرلينج هالاند
كيليان مبابي – إرلينج هالاند

بمقارنة رقمية بين مبابي وهالاند وهاري كين على مستوى دوري أبطال أوروبا، يمتلك مبابي أقل عدد دقائق لتسجيل هدفًا، بعدما نجح في تصدر ترتيب الهدافين برصيد 9 أهداف، حيث يسجل هدف كل 49 دقيقة؛ أما إيرلينج هالاند فيسجل هدف كل 73.4 دقيقة، ثم يليه هاري كين الذي يسجل هدفًا كل 80 دقيقة.

وعلى مستوى الدوريات، فيسجل هاري كين أعلى معدل، حيث يزور شباك الخصوم كل 62.6 دقيقة، بينما يليه إيرلينج هالاند بتسجيله هدفًا كل 74.1 دقيقة، وأخيرًا كيليان مبابي الذي يهز الشباك كل 87.5 دقيقة.

وبين دوري أبطال أوروبا والدوريات المحلية، فيمتلك إيرلينج هالاند تفوق طفيف على مبابي من حيث نسبة الأهداف المسجلة بالنسبة لعدد أهداف الفريق، حيث سجل نسبة 55.9% بإجمالي 19 هدفًا من أصل 34 سجلهم مانشستر سيتي بين المسابقة الأوروبية والبريميرليج.

ويليه كيليان مبابي بنسبة 55% بعدما سجل 22 هدفًا من أصل 40 سجلهم ريال مدريد في دوري الأبطال والدوري الإسباني، بينما يأتي هاري كين كأقل نسبة تسجيل، حيث وقع على 19 هدفًا من أصل 55 سجلهم بايرن ميونخ في دوري الأبطال والدوري الألماني.

وتشير الأرقام إلى اعتماد ريال مدريد بشكل أساسي على كيليان مبابي في التسجيل، وكذلك مانشستر سيتي الذي يعتمد على إيرلينج هالاند دون غيره في التوقيع على الأهداف في المسابقتين.

مبابي ما بين الاعتماد.. والضرورة

قد لا يروق لمبابي وصف الوضع الحالي بـ “الاعتماد”، وقد يحاول تشابي ألونسو تهدئة الحديث عن مركزية اللاعب، ولكن الواقع واضح: ريال مدريد بنسخة هذا الموسم هو فريق مبابي؛ أرقامه، تأثيره النفسي، حضوره عند الأوقات الحرجة، كلها عوامل تجعل غيابه شبه مستحيل التعويض.

كيليان مبابي - إلتشي - ريال مدريد - المصدر (Getty images)
كيليان مبابي – إلتشي – ريال مدريد – المصدر (Getty images)

وحتى إن كانت وتيرته الحالية غير قابلة للاستمرار الطويل، فإن ما حققه حتى اليوم يكفي لإثبات أن التحول الذي عاشه اللاعب منذ أشهر لم يكن مجرد تطور طبيعي، بل كان انفجارًا في مرحلة النضج جعله يقود واحدًا من أكبر أندية العالم بثقة الهدافين الكبار.