رمضان صبحي.. قصة ابن النادي الذي ضل طريقه عن ملعب التتش

رمضان صبحي.. قصة ابن النادي الذي ضل طريقه عن ملعب التتش


لم يكن رمضان صبحي مجرد لاعب عابر داخل جدران الأهلي، بل كان مشروع نجم من الطراز الرفيع، صنع لنفسه مكانة في قلوب الجماهير قبل أن يصنعها في الملعب.

موهبته، حضوره، وثقله داخل الفريق جعلته واحدًا من أهم الأسماء في الجيل الذي كان يُنتظر منه الكثير، كان الجميع يراه قائد المستقبل، وواجهة من واجهات الكرة المصرية لسنوات طويلة.

لكن خطّ مسيرته لم يستمر كما توقع الكثيرون، فمع أول خطوة خارج القلعة الحمراء، بدأ بريقه يخفت تدريجيًا، وبدأت مسيرته تبتعد عن الطريق الذي كان يمضي فيه بثبات.

رمضان صبحي - حسام عبد المجيد - الزمالك ضد بيراميدز (تصوير: مصطفى الشحات)
رمضان صبحي – حسام عبد المجيد – الزمالك ضد بيراميدز
(تصوير: مصطفى الشحات)

انتقاله إلى بيراميدز لم يكن مجرد تغيير قميص، بل كان نقطة فصل بين لاعب يسير نحو القمة، وآخر يبحث عن نفسه وسط ضغوط مقارنات لا تنتهي، ومستوى لم يعد كما كان.

واليوم، ومع الأزمات التي ضربت مستقبله داخل الملعب وخارجه، يقف السؤال الأكبر أمام الجميع: ماذا لو لم يغادر رمضان الأهلي؟ ماذا لو استمر في المكان الذي صنعه لاعبًا وموهبة ونجمًا؟ سؤال يفتح الباب لخيال واسع، ولحكاية كان يمكن أن تكتب بصورة مختلفة تمامًا عمّا انتهت إليه.

أصغر كابتن في تاريخ الأهلي

قبل الانتقال إلى بيراميدز، كان رمضان أحد العناصر الأساسية في الأهلي، بل كان نجم الفريق الأول في العديد من المباريات، وصانعًا للفارق بسرعته وقوته البدنية وشخصيته داخل الملعب.

الأهلي كان يمنحه إطارًا فنيًا ونفسيًا مناسبًا جعله يتطور باستمرار، بينما كانت الجماهير تعتبره امتدادًا لجيل من النجوم الذين اعتمد عليهم الفريق لسنوات.

ولخص محمد فضل نجم الأهلي السابق في تصريح سابق له قيمة رمضان حينما قال: “كمسؤول سابق أهلاوي كنت سبب من أسباب عودة رمضان للأهلي، هو كان سيصبح أصغر كابتن للفريق عبر التاريخ”.

رغبة الرحيل إلى بيراميدز

في 12 أغسطس 2020 ، أعلن النادى الاهلى رحيل لاعبه رمضان صبحى لصفوف بيراميدز، وأصدر المارد الأحمر بياناً رسمياً عبر موقعه الرسمي قال فيه، “رمضان صبحي أبلغنا برغبته فى الانتقال لصفوف بيراميدز”.

مما تسبب في صدمة لجماهير النادي الأهلي، التي كانت تعتبر رمضان صبحي ابنًا لها، فهو الفتى الصغير الذي شاهدوه يكبر مع الفريق ويتعلم من اللاعبين الكبار، قبل أن يسافر للاحتراف ويعود لفترة قصيرة من أجل إنقاذ النادي في فترة صعبة على مستوى النتائج والبطولات.

رحل العديد من اللاعبين عن صفوف الأهلي، بعضهم إلى المنافس التقليدي، وبعضهم انتهت مسيرته بمجرد مغادرة النادي، إلا أن رحيل رمضان صبحي يظل من أكبر الصدمات في تاريخ القلعة الحمراء، خاصة أنه اختار التخلي عن كل الحب الذي منحته له الجماهير طوال سنوات في الملعب مقابل المال والسعي وراء طموحه، كما وصفه سابقًا.

رحلة بيراميدز

هي رحلة بدا عليها الفشل منذ البداية، لكن الرهان على الفشل في أي تجربة هو الأسهل، لأن النجاح يحتاج جهدًا كبيرًا، وفي حالة رمضان صبحي، كان يحتاج إلى جهد مضاعف مقارنة بأي لاعب آخر، فهو اختار المال وذهب إلى نادي بدون جماهير، تاركًا ناديًا بحجم الأهلي وجماهيره الوفية.

ومع ذلك، يمكن أن تُعرض هذه الفترة كما يشاء البعض، فالذين يريدون مجاملة رمضان صبحي، كما فعل زميله في بيراميدز شريف إكرامي، حينما قال إن فترة رمضان في بيراميدز كانت أفضل من الأهلي من حيث الأرقام، صحيح أن كلامه منطقي، لكن كرة القدم ليست لعبة أرقام فقط؛ الأرقام جزء منها وليس المقياس الوحيد لنجاح أو فشل لاعب.

فعلى سبيل المثال، في موسم 2020/2021، لعب رمضان صبحي مع بيراميدز 37 مباراة، سجل خلالها 12 هدفًا وصنع عدة أهداف، لكن أين كان تأثيره على فريق يمتلك لاعبين من أفضل المستويات؟ أين البطولات؟ هل يعتبر نجاحًا أن تسجل هدفين ضد المقاولون العرب وهدفًا ضد وادي دجلة؟ بالطبع لا، لأن رمضان كان لاعبًا مؤثرًا في منتخب مصر والأهلي من أجل حصد البطولات.

الطموح الحقيقي بالنسبة لموهبة بحجم رمضان صبحي ليس تسجيل أهداف في مباريات الدوري فقط، بل المنافسة على لقب أفضل لاعب داخل القارة أو الاستمرار في الاحتراف والمنافسة على أفضل لاعب في القارة بشكل عام.

تسجيل الأهداف أمر سهل نسبيًا بالنسبة لرمضان صبحي، وهناك العديد من الأمثلة عالميًا يمكن الاستشهاد بها لإثبات فشل نظرية الأرقام وحدها كمقياس للنجاح.

وحتى في الموسم الأفضل لنادي بيراميدز، والذي حصد خلاله بطولة دوري أبطال إفريقيا، يتساءل الجميع: أين كان رمضان صبحي؟ فقد سجل هدفًا وحيدًا مؤثرًا ضد أورلاندو بايرتس في إياب نصف النهائي، لكن طوال الموسم لم يكن له تأثير كبير، بل ولم يكن لاعبًا أساسيًا في كل البطولات.

رسالة محمود الخطيب لأبو التفانين حدوتة

في إحدى الحوارات التلفزيونية، أعرب الكابتن محمود الخطيب عن شعوره تجاه رحيل رمضان صبحي وعدد من اللاعبين عن الأهلي، قائلاً: «أنا مش زعلان منهم… أنا زعلان عليهم».

ومع مرور السنوات، أثبتت مسيرة رمضان صبحي بعد الرحيل صحة كلمات رئيس النادي، إذ تحولت مسيرته بشكل كبير، وأصبح الضجيج الذي كان يمثله بالنسبة للكرة المصرية شيئًا من الماضي.

جملة محمود الخطيب لا علاقة لها بالمنشطات أو قضية التزوير التي يتهم بها اللاعب بالطبع، لكنها تعبّر بصدق عن مسيرة رمضان منذ مغادرته القلعة الحمراء. فقد ضاع جزء كبير من إمكاناته داخل المستطيل الأخضر، ولو استمر في الأهلي، هل كان ليحصل على الأموال؟ بالطبع نعم، لكن كانت ستكون أقل مما حصل عليه في بيراميدز، ومع ذلك، كان سيظل حب الجماهير له مختلفًا، وله طعم خاص لا يُقارن بأي شيء آخر.

بيراميدز المشروع الذي لا يهتم باللاعبين

لا أحد يستطيع التنبؤ بمستقبل أي لاعب، ولكن رمضان صبحي مثال للاعب يمتلك موهبة كبيرة كانت تحتاج إلى إدارة صحيحة.، حتى بعد تضحياته الشخصية وتركه لحياته القديمة من أجل النادي والأموال، لم يحصل على الدعم الكافي من ناديه في بعض الفترات، ما جعل كثيرين ينسون مكانته الحقيقية إلا المتابعين الدائمين لمسيرته، هذا يبرز أهمية وجود إدارة قادرة على توجيه اللاعبين بالشكل الصحيح.

الأخطاء واردة لأي لاعب، ورمضان ليس استثناءً، لكن البيئة تلعب دورًا حاسمًا في تحديد سلوك اللاعب وأدائه، لاعب في بيئة داعمة واحترافية غالبًا ما يبرز أفضل ما لديه، وعلى العكس، البيئة السيئة قد تؤثر سلبًا حتى على الموهوبين، بعكس بعض اللاعبين الآخرين، رمضان صبحي يتميز بشخصية مستقرة ولا يميل للمشاكل خارج الملعب، ما يجعله أكثر قابلية للاستفادة من البيئة الصحيحة.

ومن مسؤوليات أي نادي احتضان لاعبيه وتوجيههم بشكل صحيح، وليس مجرد انتظار الأداء داخل الملعب، حماية اللاعب لا تعني تجاهل أخطائه، لكنها تمنحه البيئة المناسبة للتعلم والنمو.

رمضان صبحي مثال على لاعب كان يمكنه أن يزدهر في بيئة داعمة، حيث تتأثر شخصية الإنسان والمواهب المحترفة بشكل كبير بالظروف المحيطة به، وهو ما يجب أن يكون من أولويات أي إدارة ناجحة.

رمضان صبحي - بيراميدز - تصوير: مصطفى الشحات
رمضان صبحي – بيراميدز – تصوير: مصطفى الشحات

وكيل اللاعبين لغز في حياة رمضان

في ظل أزمة رمضان صبحي، يبرز التساؤل عن دور وكيله: أين كان من كل هذه الأزمات التي وقع فيها رمضان؟ أم أنه مجرد “سمسار” حصل على أمواله من صفقة انتقاله إلى بيراميدز؟

فدور الوكيل المفترض هو توجيه لاعبه من أجل الاستمرار في النجاحات، لكن مسيرة رمضان انحدرت بعدما تعاقد مع وكيله، الذي كان السبب الرئيسي في انتقاله إلى بيراميدز.

ربما كانت هذه الخطوة إيجابية بالنسبة له، لكن كان من المفترض أن يستمر في إدارة حياة رمضان بشكل أفضل، خصوصًا خارج الملعب قبل الداخل، أو يمكن وصفه ببساطة بالسمسار الذي أخذ نصيبه من الصفقة ثم تجاهل مسيرة لاعبه.

رمضان صبحي سيعود يومًا ما

بالتأكيد، سيعود رمضان صبحي يومًا ما، حتى لو ظل موقوفًا لأربع سنوات، فهو يمتلك العزيمة على العودة وختام مسيرته بشكل أفضل، بغض النظر عن النادي الذي سيلعب فيه.

ولكن سيبقى السؤال، ماذا لو بقي رمضان صبحي في الأهلي؟ لربما كان اليوم أحد أهم نجوم الكرة المصرية، بل قائدًا لعدة أجيال، إلا أن الواقع أخذ مسارًا آخر.