هل يتفوق إستيفاو على لامين يامال؟.. ظاهرتان على مفترق طرق
في عالم كرة القدم، حيث تُوزن الموهبة بأدق المقاييس ويُقاس الإبداع بمسطرة الأساطير، اعتاد المتابعون تقييم كل مهاجم شاب متفجر على مقياس يبدأ من الرقم واحد وينتهي عند اسم واحد فقط: ليونيل ميسي.
وعلى هذا المقياس الذي لا يرحم، برز في السنوات الأخيرة مراهقان فقط استطاعا الاقتراب من المنطقة التي كانت حكرًا على “البرغوث”: لامين يامال، الذي صار نجمًا عالميًا حتى قبل أن يبلغ التاسعة عشرة، وإستيفاو ويليان، الجوهرة البرازيلية التي يخطفها تشيلسي للمستقبل قبل أن يكتمل نضجها الكروي.
لامين يامال، الذي تربى في أحضان أكاديمية “لا ماسيا” الأسطورية، يسير بخطى ثابتة على نهج شبيه بذلك الذي جعل من ميسي أسطورة خالدة في برشلونة، موهبته نضجت مبكرًا، وملامح عبقريته باتت واضحة منذ أول لمسة له مع الفريق الأول.
أما إستيفاو، الذي لم يمر يوم في مسيرته دون مقارنات تُلاحقه، فقد لُقّب في البرازيل بـ“ميسينيو” – ميسي الصغير – وهو لقب لم يسعَ إليه بل فُرض عليه فرضًا نظير ما قدمه مع بالميراس في الدوري البرازيلي الممتاز.

(المصدر:Gettyimages)
صُقل إستيفاو ويليان في ملاعب البرازيل، وسط أجواء تعتمد على الجرأة والمراوغة والإبداع اللحظي. وهو ما جعل لمساته أكثر حدة، وحضوره أكثر مباشرة أمام المرمى، ورغم الانتقال المبكر إلى تشيلسي، ما زال أثر المدرسة البرازيلية حاضرًا في أسلوبه.
لامين يامال أم إستيفاو؟.. شهادة من لاعب عرفهما عن قرب
مارك كوكوريلا، مدافع تشيلسي والمنتخب الإسباني، ربما يكون اللاعب الوحيد في كرة القدم الأوروبية الذي يعرف الثنائي من الداخل والخارج؛ فقد واجه إستيفاو في كأس العالم للأندية، ولعب إلى جوار يامال في المنتخب.
“كلاهما لاعب استثنائي. يمتلكان الجرأة نفسها، الشغف نفسه، والرغبة الدائمة في مواجهة المدافعين. يستطيعان حسم المباريات في لحظة”.
“لامين أكثر خبرة لأنه اعتاد اللعب في أوروبا منذ سنوات، أما إستيفاو، فإذا واصل التطور بنفس الوتيرة، يمكنه الوصول إلى المستوى نفسه”.
– مارك كوكوريلا.
أرقام لا تكذب.. لكنها لا تحسم النقاش
ورغم التشابه الواضح في الأسلوب – كلاهما أعسر، وكلاهما يحب الانطلاق من الجناح الأيمن كجناح مقلوب – إلا أن الإحصائيات تُظهر تقدمًا واضحًا ليامال في معظم المؤشرات الهجومية.
ما يميّز يامال هو هدوؤه غير الطبيعي بالنسبة لعمره. يلعب كما لو أنه خاض مئة مباراة في دوري الأبطال، ويُدخل فريقه في حالة من الاستقرار.
أما إستيفاو، فشخصيته تميل للاندفاع الإيجابي، يقاتل على كل كرة، يجرّ المدافعين إلى مواجهات فردية، ويبحث عن تمريرته أو تسديدته الخاصة. طاقته الهجومية تمنحه جاذبية كبيرة، حتى لو كانت أحيانًا على حساب الانضباط التكتيكي.
من الواضح أن الثنائي مُتشابهان، لكن يامال يتفوق في مُعظم – وإن لم يكن في جميع – الإحصائيات الهجومية.

يامال أكثر توهجًا، فقد احتل المركز الثاني خلف عثمان ديمبيلي في جائزة الكرة الذهبية، وتألق عندما فازت إسبانيا ببطولة يورو 2024 في سن السابعة عشرة، وفاز مرتين بجائزة كوبا، التي تُمنح لأفضل لاعب شاب في العالم.
بعد أن بزغ نجم يامال في سن السادسة عشرة، أصبح أكثر خبرة، لا سيما في أعلى مستويات كرة القدم الأوروبية.
سجّل يامال 31 هدفًا و42 تمريرة حاسمة في 118 مباراة مع برشلونة، بالإضافة إلى ستة أهداف في 23 مباراة مع إسبانيا، ليصبح أصغر هداف في تاريخ منتخب بلاده.
بالمقارنة، سجل إستيفاو أربعة أهداف وتمريرة حاسمة واحدة في 10 مباريات مع تشيلسي، كما سجّل 27 هدفًا وقدّم 15 تمريرة حاسمة في 83 مباراة مع بالميراس، وله خمسة أهداف في 11 مباراة دولية مع البرازيل.
من حيث الأهداف لكل في المباراة الواحدة، سجل إستيفاو 36 هدفًا في 104 مباريات، وهو معدل أفضل من يامال.
وبالتعمق أكثر هذا الموسم، شارك إستيفاو في عدد أكبر من المباريات (16 مباراة مقابل 12)، لكن يامال لعب دقائق أكثر (978 دقيقة مقابل 657).
وبالمعدل لكل 90 دقيقة، يتساوى يامال مع إستيفاو في عدد الأهداف، لكنه قدم تمريرات حاسمة أكثر، وسدد أكثر، ولمس الكرة أكثر في منطقة جزاء الخصم، وأكمل مراوغات أكثر، وصنع فرصًا أكثر.
ومع ذلك، يتمتع إستيفاو بمعدل تحويل تسديدات أفضل (13.8% مقابل 11.3%)، ونسبة أهداف متوقعة أعلى (0.7% مقابل 0.4%)، بينما يتساوى الثنائي في المعدل المتوقع للتمريرات الحاسمة (0.3).
وليس غريبًا أن يُقارن كثيرون إستيفاو بـ نيمار، خصوصًا بعد تحطيمه رقم نجم برشلونة وباريس سان جيرمان السابق، ليصبح أول لاعب تحت 18 عامًا يسجل ويصنع 20 هدفًا في الدوري البرازيلي الممتاز.
| اللاعب | الفريق/المنتخب | المباريات | الأهداف | التمريرات الحاسمة |
|---|---|---|---|---|
| لامين يامال | برشلونة | 118 | 31 | 42 |
| إسبانيا | 23 | 6 | 12 | |
| إستيفاو | تشيلسي | 10 | 4 | 1 |
| بالميراس | 83 | 27 | 15 | |
| البرازيل | 11 | 5 | 0 |
ماريسكا: “المهم أن يستمتع إستيفاو.. والباقي سيأتي وحده”
يقول المدرب الإيطالي عندما تم سؤاله عن إستيفاو ومقارنته بلامين يامال:
“إستيفاو يلعب بالفعل في مستوى مرتفع للغاية. لا يزال صغيرًا، ويمكنه تقديم أكثر بكثير، نحن سعداء جدًا به.”
“أهم شيء بالنسبة لإستيفاو هو أن يستمتع، ألا يقارن نفسه بأحد، أن يكون أفضل من نفسه يومًا بعد يوم، وحين يفعل ذلك، سيصل إلى المكان الذي يستحقه”.
– إنزو ماريسكا.
ووفقًا للسجلات الرسمية، ستكون مباراة دوري أبطال أوروبا يوم الثلاثاء بين تشيلسي وبرشلونة على ملعب ستامفورد بريدج هي المرة الأولى التي يواجه فيها يامال إستيفو في مباراة رسمية، وُلِد اللاعبان البالغان من العمر 18 عامًا بفارق ثلاثة أشهر في عام 2007 (إستيفاو الأصغر).
يُعتبران الآن أغلى مراهقين في عالم كرة القدم، وفقًا لمرصد CIES لكرة القدم، تُقدَّر قيمة يامال الخارجية بمبلغ مذهل قدره 307.4 مليون جنيه إسترليني، ويأتي إستيفاو في المركز الثاني، ولكنه متأخر بفارق كبير، حيث تبلغ قيمته 103.8 مليون جنيه إسترليني.

وعلى مستوى مؤشرات ترانسفير ماركت، يأتي لامين يامال كأغلى لاعب شاب تحت 19 عامًا، بما يقدر بـ200 مليون يورو، بينما يتواجد إستيفاو في المركز الثالث بمبلغ يقدر بـ60 مليون يورو، خلف مدافع برشلونة باو كوبارسي بـ80 مليون يورو.
رافينيا يرفض المقارنات.. ويصف يامال وإستيفاو بـ”الظاهرتين”
يُعد جناح تشيلسي إستيفاو ويليان ونجم برشلونة لامين يامال من أقرب المواهب الشابة إلى رافينيا، فالأول زميله في منتخب البرازيل، والثاني زميله في برشلونة. وبحكم احتكاكه المباشر بكلّ منهما، طُلب من رافينيا خلال المؤتمر الصحفي أن يقارن بين الجناحين الصاعدين.
“لا أحب مقارنة اللاعبين، لا من الجيل الحالي، ولا من الأجيال السابقة، ولا حتى اللاعبين الذين اعتزلوا”.
“أؤمن بأن لكل لاعب، ولكل شخص، مساره الخاص في الحياة وفي كرة القدم. لذلك، شخصيًا، لا أفضل المقارنات”.
“ما يمكنني قوله فقط هو أن كليهما ظاهرتان كرويتان، وإذا حافظا على عقلية قوية وتركيز مستمر، فهما يمتلكان كل المقومات للوصول إلى القمة لسنوات طويلة.”
“إستيفاو ولامين ما زالا طفلين مقارنة بنا.. لا تُذكّروني!”
“من المرجح أن يخضع لامين لرقابة فردية، والأمر نفسه ينطبق على إستيفاو. كلاهما يحتاجان إلى رقابة خاصة من الجانبين، فهما – في رأيي – ظاهرتان حقيقيتان”.
“هما شابان مذهلان بموهبة استثنائية، وما زالا في مرحلة التطور، أمامهما الكثير ليبنياه، كرويًا وإنسانيًا، لكن موهبتهما الخارقة واضحة للجميع؛ بالنسبة لي، مجرد المشاركة في مباراة تجمع لاعبين بهذه الجودة، واحد من كل فريق، ستكون لحظة فريدة”.
– رافينيا.
طريقان مختلفان.. ونهاية مفتوحة
يبدو أن مسيرة يامال مرسومة بوضوح؛ نجم منظومة برشلونة المستقبلي، وركيزة للمنتخب الإسباني. طريقه يبدو أقرب إلى الاستمرارية والاستقرار.
أما إستيفاو، فمسيرته تحمل عنصر المفاجأة. قد ينفجر ليصبح أحد أبرز لاعبي العقد إذا اكتسب اتزانًا تكتيكيًا، وقد يصبح لاعبًا فريدًا يعتمد على لحظته الخاصة.
في النهاية، نحن أمام موهبتين تنتميان إلى فلسفتين متناقضتين.. ومع ذلك، تمتلكان القدرة على الوصول إلى القمة نفسها.

تعليقات