5 نقاط تكشف لماذا تشارك المنتخبات باللاعبين المحليين في كأس أبطال العرب؟

5 نقاط تكشف لماذا تشارك المنتخبات باللاعبين المحليين في كأس أبطال العرب؟


حين تنطلق بطولة كأس أبطال العرب 2025 في الأول من ديسمبر، لن تكون مجرد منافسة كروية تحمل شعارًا عربيًا كما اعتدناها في العقود الماضية، بل حدثًا يعيد رسم حدود كرة القدم الإقليمية ويكشف عن مستقبل منتخبات بأكملها، أصبحت البطولة، منذ عودتها إلى الواجهة بإشراف FIFA في 2021، محطة لا يمكن التهاون بها، لأنها اليوم تملك أهمية فنية، اقتصادية، وتسويقية، بل وتؤثر في تصنيف المنتخبات وتشكيلاتهم للمستقبل.

وبينما كانت النسخ القديمة مجرد مناسبة بروتوكولية لأي منتخب عربي، باتت نسخة 2025 بمثابة “مختبر كروي شامل” لقياس قوة الدوريات المحلية، ولصناعة جيل قادر على حمل راية المنتخبات الأولى في السنوات القادمة، ولهذا، لم يكن غريبًا أن نشاهد المنتخبات المشاركة – ومن بينها منتخب مصر الثاني بقيادة حلمي طولان – يعطون البطولة طابعًا جديدًا، حيث حملت قائمة الفراعنة مجموعة من اللاعبين المحليين الطامحين إلى خطف الضوء، بدلًا من الاعتماد على المحترفين الأجانب أو النجوم الأساسيين.

جحا - كأس العرب قطر 2025 - المصدر: gemini
جحا – كأس العرب قطر 2025 – المصدر: gemini

ويقع منتخب مصر في المجموعة الثالثة مع الأردن والإمارات والفائز من مواجهة الكويت وموريتانيا، وهي مجموعة تبدو متوازنة لكنها تحمل كثيرًا من الطموح، خاصة أن البطولة تضم 16 منتخبًا يتأهل من بينهم المتصدر والوصيف نحو أدوار إقصائية لا مجال فيها للخطأ، لكن يبقى السؤال الأهم.. لماذا تشارك المنتخبات بالصف الثاني في كأس العرب؟ فيما يلي نستعرض عبر 365 scores أبرز 5 نقاط للإجابة عن هذا السؤال

1- فرصة ذهبية للاعب المحلي.. هذه لحظة إثبات الذات

لطالما كان اللاعب العربي المحلي ذلك الشخص الذي يعيش في الظل خلف أضواء المحترفين في أوروبا أو الدوريات الخليجية، بطولة كأس العرب جاءت لتغير هذا المشهد جذريًا، وتحول اللاعب المحلي إلى بطل أمام العالم العربي بأكمله، هذه البطولة تُعامل اليوم داخل الاتحادات كـ منصة دولية مصغّرة، تُلعب أمام عدسات الإعلام وتحظى بمتابعة كشافة ومدربي المنتخبات الأولى وفرق الصفوة، الذين ينتظرون بروز اسم جديد، موهبة صاعدة، أو شخصية قيادية يمكن البناء عليها في المستقبل.

بالنسبة للمنتخبات، لم تعد كأس العرب مجرد بطولة ترفيهية، بل أصبحت معرض مواهب واسع، مساحة لاكتشاف لاعبين قادرين على الاندماج فورًا في منظومات المنتخب الأول، لاعب يثبت نفسه هنا قد يجد نفسه بعد أشهر فقط في قائمة تصفيات كأس العالم أو أمم إفريقيا، أما بالنسبة للاعب المحلي نفسه، فالأمر أكبر بكثير من مجرد مشاركة، إنها فرصة حياة.. فرصة للعب مع الشعار الوطني، لإرسال رسالة إلى الجهاز الفني للمنتخب الأول: “أنا هنا.. وأنا جاهز”.

كأس العرب
كأس العرب

كثير من النجوم العرب الذين نعرفهم اليوم بدأوا من بطولة واحدة فقط ليفتحوا باب المجد أمامهم، ومن لا يستغل اللحظة؟ قد يبقى قائدًا في ناديه لكنه يظل خارج حدود المنتخب الأول.

2- تخفيف عبء النجوم الأساسيين

في السنوات الأخيرة، أصبحت كرة القدم أقرب إلى طاحونة لا تتوقف، تصفيات كأس العالم، بطولات قارية، مباريات دوري أبطال، ارتباطات الأندية الأوروبية، جدول مزدحم بلا رحمة، وفي خضم هذا الضغط، يصبح إشراك اللاعبين الأساسيين في بطولة خارج الأجندة الدولية مخاطرة غير مبررة، الاتحادات العربية تعرف جيدًا أن الضرر الذي قد يقع على أحد النجوم بسبب إصابة أو إجهاد خلال بطولة غير إلزامية، قد يكلّف المنتخب الكثير في المنافسات الأكبر.

ثم يأتي العامل الآخر الأكثر حساسية: الأندية الأوروبية نفسها، تلك الأندية لا تقبل بسهولة التفريط في لاعبيها خارج التوقفات الرسمية، وتضغط في كثير من الأحيان لمنع مشاركات كهذه. وهنا يصبح الحل الأكثر حكمة: إرسال منتخب محلي أو منتخب رديف يرفع راية الوطن.. دون المساس بقوام المنتخب الأول أو إرهاق لاعبين يخوضون موسمًا طويلًا وشاقًا، فيمكننا القول باختصار أن كأس العرب بطولة مهمة، لكن سلامة اللاعبين الأساسيين أولوية لا يمكن التضحية بها.

3- استراتيجية بناء الجيل القادم

الاتحادات العربية، وعلى رأسها الاتحاد المصري، بدأت تدرك أن بناء منتخب قوي لا يتم باستدعاء نفس الأسماء عامًا بعد عام، كرة القدم الحديثة تحتاج إلى قاعدة عريضة من اللاعبين يتم تجهيزهم تدريجيًا، ومُنحهم فرصة الاحتكاك بالمستوى الدولي قبل إلقائهم في قلب المنافسات الكبرى، وهنا تأتي بطولة كأس العرب كأنسب منصة لتحقيق ذلك.

اختيار الاتحاد المصري للمدرب حلمي طولان لقيادة منتخب مصر الثاني ليس صدفة، الرجل يمتلك خبرة كبيرة في التعامل مع العناصر المحلية وصناعة الفرق المنظمة، وهدفه الأساسي في البطولة ليس فقط الفوز بالمباريات، بل اختبار شخصيات، تقييم مواهب، اكتشاف قادة جدد.

البطولة بمبارياتها وضغط جمهورها وإيقاعها السريع تعتبر بمثابة مختبر حقيقي لبناء الجيل القادم، كل دقيقة يلعبها لاعب شاب هنا تقربه من الدخول إلى المنتخب الأول، وكل خطة يجربها الجهاز الفني هي خطوة نحو تشكيل منظومة أكثر استقرارًا للمستقبل.

كأس العرب 2025.. النظام والمنتخبات المشاركة والقنوات الناقلة
كأس العرب 2025 (المصدر:Gettyimages)

4- ضغوط تنظيمية.. مشاركة إلزامية بلا إرهاق للنجوم

خلف الكواليس، كانت هناك رسائل واضحة من الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA للاتحادات العربية: البطولة يجب أن تستمر، يجب أن تنمو، ويجب أن تحافظ على حضورها في الروزنامة القارية والعالمية، ولأن البطولة ليست مدرجة بشكل كامل ضمن أجندة التوقفات الدولية، وجدت الاتحادات نفسها أمام معادلة صعبة: المشاركة إلزامية… لكن مشاركة الأساسيين غير ممكنة.

الحل كان منطقيًا.. المشاركة بمنتخب رديف أو محلي يحقق حضور الدولة ويحافظ على استمرار البطولة دون المساس بالتزامات اللاعبين الأساسيين مع أنديتهم، وهكذا أصبحت البطولة مساحة مثالية لمشاركة الصف الثاني من اللاعبين دون إثارة حروب بين الاتحادات والأندية الأوروبية.

5- جوائز مالية جذابة وفرصة اقتصادية لا يمكن رفضها

في عالم كرة القدم الحديثة، لا يمكن تجاهل الجانب الاقتصادي، بطولة كأس العرب أصبحت تقدم جوائز مالية واعدة، تكفي لجعل المشاركة بها مكسبًا ماديًا مهمًا للاتحادات، خاصة تلك التي لا تمتلك موارد اقتصادية ضخمة.

جدول مباريات منتخب مصر في كأس العرب 2025 والقنوات الناقلة
محمد مجدي أفشة – منتخب مصر – (تصوير: مصطفى الشحات) – كأس العرب (المصدر:Gettyimages)

لذلك، نجد المنتخبات تنظر للبطولة اليوم على أنها فرصة استثمارية أيضًا، المشاركة بفريق محلي تجعل التكلفة أقل، بينما يمكن للمنتخب تحقيق مكاسب مالية كبيرة من الجوائز في حال الوصول إلى الأدوار المتقدمة، هذه المعادلة المغرية – تكلفة منخفضة مقابل عائد كبير – تجعل البطولة مغرية حتى للمنتخبات التي لا تشارك بالصف الأول.

من يدير البطولة؟ التحول الكبير من الفيفا

النسخ القديمة من البطولة كانت تحت إشراف الاتحاد العربي لكرة القدم منذ 1963، وهو ما جعلها بطولة هامشية في الكثير من الأحيان.
لكن منذ تنظيم قطر لنسخة 2021، تغير كل شيء؛ فالبطولة أصبحت تحت إشراف FIFA بشكل شبه كامل، واستخدمت حينها كاختبار لملاعب كأس العالم 2022.

هذا الإشراف الدولي منح البطولة صبغة رسمية أكبر، وجعل مبارياتها تُحتسب ضمن تصنيف الفيفا، حتى وإن لم تكن مُدرجة بالكامل ضمن الأجندة الدولية، وهذا وحده كفيل بأن يجعل كل منتخب يأخذ البطولة على محمل الجد… ولو بجيل محلي جديد.

بطولة تُعيد تشكيل مستقبل الكرة العربية

كأس العرب 2025 ليست مجرد بطولة أخرى تُلعب في ديسمبر، بل مشروع كروي عربي واسع، يجمع بين تطوير اللاعبين، حماية النجوم الأساسيين، واستغلال منصة دولية معترف بها لصياغة مستقبل المنتخبات.

ومشاركة منتخب مصر الثاني بقيادة حلمي طولان ليست خطوة اضطرارية، بل خطوة محسوبة لبناء جيل جديد قادر على حمل الراية في تصفيات كأس العالم وأمم إفريقيا، المنتخبات العربية اليوم لا تشارك بالصف الثاني لأنها لا تأخذ البطولة بجدية.. بل لأنها تريد صناعة الصف الأول القادم.