لماذا على ليفربول إقالة أرني سلوت في الحال؟
في ليلة مظلمة أخرى داخل “أنفيلد”، تلقّى ليفربول هزيمة مُذلّة بنتيجة 3-0 أمام نوتنجهام فورست، في مباراة كشفت هشاشة حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز وأظهرت حجم الأزمة الفنية العميقة التي يعيشها الفريق تحت قيادة المدرب الهولندي أرني سلوت؛ الهزيمة لم تكن مجرد نتيجة سيئة، بل كانت بمثابة جرس إنذار حول مستقبل المدرب، الذي بات على المحك وسط تساؤلات ملحة حول قدرته على إعادة الفريق لمساره الطبيعي.
أدت الهزيمة المُذلة أمام نوتنجهام فورست إلى تراجع حامل اللقب إلى المركز الحادي عشر بعد الجولة الثانية عشر، آخر مرة تواجد فى النصف الثاني من الجدول فى هذه المرحلة كان موسم 2014-2015 تحت قيادة المدرب الأيرلندي الشمالي بريندان رودجرز.
لماذا على ليفربول إقالة أرني سلوت في الحال؟
منذ الدقيقة الأولى، بدا ليفربول عاجزًا عن فرض أسلوبه المعتاد. الفريق سيطر على الكرة في البداية، وخلق بعض الفرص، لكن بمجرد تسجيل نوتنغهام فورست الهدف الأول، انهار الفريق بالكامل، الأداء لم يكن سيئًا فقط على المستوى التكتيكي، بل انعكس على الجانب النفسي أيضًا، حيث بدا اللاعبون متسرعين وعاجزين عن فرض أي ضغط على المنافس.
مع الهدف الثاني، اختفى أي أثر للروح القتالية، وساد شعور بالارتباك بين اللاعبين. التسديدات على المرمى تراجعت إلى كرة واحدة فقط للريدز مقابل خمس تسديدات لنوتنجهام فورست في الشوط الثاني، ما يوضح الانهيار الذهني والتكتيكي للفريق.
أزمة ليفربول لم تقتصر على الأداء الفردي، بل امتدت إلى القرارات الفنية، أرني سلوت بدا عاجزًا عن تقديم حلول واضحة، واعتمد على تبديلات لم تحل الأزمة، مع تمسك بمهاجمين لا يقدمون الإضافة المطلوبة، غياب التعديل التكتيكي والوضوح أصبح نمطًا ثابتًا تحت قيادته، ما يزيد من تعقيد الأزمة ويضع الفريق في وضع حرج أمام جماهيره.
أرني سلوت يعترف بالعجز.. ولا يملك خارطة طريق
منذ انطلاق الموسم، لم يخفِ أرني سلوت معاناته أمام الخصوم الذين يدافعون في مناطقهم، في كل مرة يخرج ليكرّر الجملة ذاتها: لا نجد المساحات. لا نجد الحلول، نصنع أكثر من الكرة، لكن لا نعرف كيف نكسر هذا النوع من الدفاع.
لكن المشكلة لم تعد في “كيفية الاختراق”، بل في غياب منظومة هجومية واضحة. ليفربول يلعب كل أسبوع دون شكل، دون هوية، دون إيقاع، ودون أي بصمة تُنسب للمدرب الهولندي الذي جاء ليكمل إرث كلوب، فحوّله إلى نسخة باهتة بلا شخصية، حتى وإن تُوج باللقب الموسم الماضي.

اللافت أن سلوت، وفي كل مؤتمر صحفي، يقدّم تحليلًا مطوّلًا لكيف خسر وكيف فاز، ما هي نقاط القوة، وما هي نقاط الضعف… لكن الملعب لا يعكس شيئًا مما يقوله.
يتحدث بثقة عن “تطوير الأداء الفردي” و”التدرّج في البناء”، لكنه لا يقدم أي دليل عملي، تصريحاته باتت أقرب لاعتراف متكرر: الفريق لا يتطور، ولا يتحسّن، ولا يتعلّم من أخطائه.
على سبيل المثال، خرج عقب الهزيمة المذلة أمام مانشستر سيتي 3-0 قبل التوقف الدولي، وأشار إلى أن الفريق تحسن في الشوط الثاني وكان الأفضل، وبذل محمد صلاح مجهود دفاعي غير مسبوق، ولكن عند العودة من التوقف، وأول مباراة كانت خسارة أكثر إذلالًا، وبذات النتيجة، ولكنها داخل قلعة “أنفيلد”.
تعتبر هزيمة الليفر أمام خصمه الفورست، هي الأسوأ للفريق على أرضية ملعبه منذ الخسارة أمام مانشستر سيتي 4-1 في عام 2021، والأسوأ لهم ضد فريق فى منطقة الهبوط عبر تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز.
قرارات فنيّة تُثير الجدل: من كيركِز إلى كييِزا
من أكثر النقاط التي صدمت الجماهير هذا الموسم قرار أرني سلوت بالاعتماد على ميلوس كيركِز كأساسي على حساب روبرتسون، رغم الفارق الهائل في الخبرة والجودة والجاهزية.

وعلى الجبهة الأخرى، تجاهل المدير الفني خدمات فيدريكو كييزا، الذي يرى كثيرون أنه أحد أكثر لاعبي الفريق قدرة على تغيير الإيقاع الهجومي، لكن سلوت لا يراه مناسبًا لمنظومته، فلا يمنحه دقائق كافية ولا ثقة تُذكر.
عادة ما يشارك كييزا من على مقاعد البدلاء، وتحديدًا في الدقائق العشر الأخيرة، حيث لم يبدأ أي مباراة أساسيًا، ورغم ذلك سجل هدفين وقدم تمريرة حاسمة، في المقابل بدأ إيزاك أساسيًا في 4 مباريات ولم يسجل أي هدف، وبدأ إيكيتيكي 8 مباريات وسجل 3 أهداف فقط.
أرقام سلبية تضرب ليفربول بعد الخسارة
تعتبر هذه الهزيمة واحدة من أكبر الإخفاقات التاريخية للريدز على ملعب أنفيلد، حيث تتساوى الخسارة 3-0 (بفارق ثلاثة أهداف) مع أكبر هزيمة للفريق على أرضه في الدوري الإنجليزي الممتاز، بعد خسارته أمام وست هام في عام 2015 بالنتيجة ذاتها، و4-1 أمام تشيلسي (2005) ومانشستر سيتي (2021).
بالنظر إلى الأرقام هذا الموسم، أصبح رصيد ليفربول ستة انتصارات وست هزائم، أي أكثر بهزيمتين من الموسم الماضي بأكمله، وكانت هزيمة نونتجهام فورست هي السادسة للفريق في سبع مباريات فقط، ما يعكس تدهور النتائج بشكل سريع وخطير.
كما أن الخسارة السادسة في آخر 7 مباريات في الدوري، أكثر مما خسر ليفربول في المباريات الـ49 الماضية، حيث انتصر في 33 مباراة وتعادل في 11 وخسر 5 مباريات.

أدت هذه الهزيمة إلى تراجع ليفربول إلى المركز الحادي عشر في جدول الدوري الإنجليزي الممتاز، ليصبح الفريق في النصف السفلي للمنافسة، بينما يتأخر الآن بثماني نقاط عن أرسنال، المتصدر، الذي يمتلك مباراة ضمن الجولة، قد تجعله يبتعد بفارق 11 نقطة.
وللمفارقة، تعتبر هذه المرة الثانية على التوالي التي يتغلب فيها نوتنجهام فورست على ليفربول في أنفيلد، ليكون الفريق الوحيد الذي يحقق الفوز على الريدز هناك الموسم الماضي أيضًا، كما أن هذه الهزيمة جعلت ليفربول يسجل رقمًا تاريخيًا آخر، إذ خسر الفريق مباراتين متتاليتين بفارق ثلاثة أهداف أو أكثر لأول مرة منذ أبريل 1965.
أما نوتنجهام فورست، الذي كان قبل المباراة في المركز التاسع عشر وحقق فوزين فقط هذا الموسم، فقد انتقل إلى المركز السادس عشر ليبتعد عن منطقة الهبوط.
من ناحية اللاعبين، وقع الضوء على ألكسندر إيزاك، الذي أصبح أول لاعب في تاريخ ليفربول يخسر جميع مبارياته الأربع الأولى كأساسي في الدوري الإنجليزي الممتاز.
ثلاثي ليفربول يخيبون آمال سلوت ضد نوتنجهام فورست
مع غياب ظهير أيمن أساسي عن المباراة، بسبب إصابة كونور برادلي وجيريمي فريمبونج، اختار أرني سلوت نقل لاعب الوسط المتألق دومينيك زوبوسزلاي إلى هذا المركز، مع انضمام كورتيس جونز إلى رايان جرافينبيرج وأليكسيس ماك أليستر في خط الوسط.
كما شارك ألكسندر إيزاك في الهجوم، حيث بدأ أساسيًا على حساب هوجو إيكيتيكي، بينما واصل إبراهيما كوناتي اللعب مع فيرجيل فان ديك في قلب الدفاع.
ولكن مع أنه من الإنصاف القول إن كوناتي وماك أليستر وإيزاك لاعبون كبار، ويُعتمد عليهم جميعًا بشكل أو بآخر لتدعيم الفريق خلال هذه الفترة الصعبة، إلا أن الثلاثة خذلوا المدرب بأدائهم الضعيف خلال المباراة.
فاز المدافع الفرنسي الدولي بنسبة 40% فقط من المواجهات الثنائية الأرضية خلال المباراة، وكان يُجبر على تغيير مركزه باستمرار بسبب هجوم فورست، وشهد استياءً من الجماهير من أدائه، وليست المرة الأولى، بل يعاني اللاعب الذي ينتهي عقده نهاية الموسم الجاري، بتذبذب كبير في المستوى منذ مطلع الموسم، على غرار جميع لاعبي الليفر.

كان ماك أليستر مسؤولًا بشكل كبير عن الهدف الثاني لفشله في تتبع الخصم، كما عانى دفاعيًا،لم يفز بأي التحام من المواجهات الثنائية الأرضية، ولم يُجرِ أي تدخل، وفقد الكرة ثماني مرات.
من ناحية أخرى، واصل إيزاك بدايته السيئة، حيث سدد كرة واحدة فقط على المرمى خلال المباراة، وأكمل ست تمريرات فقط قبل استبداله في الدقيقة 68، كما فشل في إتمام أي مراوغة.
وتعرض إيزاك، الذي سجل هدفًا واحدًا فقط للنادي منذ انتقاله مقابل 125 مليون جنيه إسترليني من نيوكاسل، لانتقادات بسبب لمسه الكرة 11 مرة فقط في الشوط الأول، على الرغم من استحواذ ليفربول على الكرة بنسبة 70%.
الهزائم المتكررة، الأداء المتذبذب، غياب الرؤية التكتيكية، وفشل اللاعبين الأساسيين في تقديم الأداء المطلوب كلها عوامل تجعل استمرار أرني سلوت تحت المجهر؛ ليفربول بحاجة إلى قرار حاسم قبل أن تتحول الأزمة إلى كارثة تاريخية، والسؤال الذي يطرحه الجميع اليوم في أنفيلد: هل حان وقت الإقالة؟ أم أن إدارة النادي ستمنح المدرب الهولندي فرصة أخيرة لإعادة الفريق لمساره؟

تعليقات