هل يفتقد ريال مدريد خوسيلو حقًا؟.. سؤال يعيد فتح جرح “المهاجم الكلاسيكي”

هل يفتقد ريال مدريد خوسيلو حقًا؟.. سؤال يعيد فتح جرح “المهاجم الكلاسيكي”


هل يفتقد ريال مدريد خوسيلو حقًا؟ بات الفريق الملكي يعاني من عدم وجود مهاجم كلاسيكي داخل منطقة الجزاء، خاصةً وأنه أحد الحلول التي تساعد الفريق على الوصول للمرمى بأكثر من طريقة.

أمضى فلورنتينو بيريز سنوات طويلة بحثًا عن ضم إيرلينج هالاند، حيث كان يخطط رئيس ريال مدريد أن يكون النرويجي خليفة كريم بنزيما في خط هجوم الفريق الملكي، ولكن المهاجم اختار الانتقال إلى مانشستر سيتي.

في وقت ركّز فيه بيريز بشكل أساسي على ضم كيليان مبابي من باريس سان جيرمان، ورغم تأخر وصوله إلى البيرنابيو، إلا أنه جاء بالطريقة التي أرادها فلورنتينو، بشكل مجاني تمامًا بعد انتهاء عقده مع البي إس جي.

هل يفتقد ريال مدريد خوسيلو حقًا؟

ولكن ما يدور الآن في الشارع المدريدي، هل يفتقد ريال مدريد المهاجم خوسيلو؟ نجم الغرافة القطري حاليًا، وآخر من لعب بقميص الملكي كمهاجم كلاسيكي، بعد سنوات طويلة تميز فيها الريال بوجود لاعب قادر على حسم المباريات من خلال الرأسيات أو التمركز بشكل أمثل داخل منطقة العمليات.

“دافعوا جيدًا، وضغطوا بقوة، وكان من الصعب جدًا إيجاد ثغرات”.

“أرسلنا الكثير من العرضيات، لكن ليس لدينا خوسيلو للفوز بتلك الكرات الهوائية”.

تيبو كورتوا.

صرح تيبو كورتوا بعد خسارة ريال مدريد إيابًا أمام آرسنال في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي 2024-2025، بأن الريال افتقد وجود خوسيلو ضمن صفوفه، وهو آخر مهاجم صندوق تواجد في كتيبة الميرنجي، بالرغم من دقائق لعبة القليلة، إلا أنه أثبت قدراته التهديفية وأدى دوره على أكمل وجه.

سجل خوسيلو إجمالًا، 17 هدفًا بقميص ريال مدريد في 18 مباراة فقط بدأها بشكل أساسي، من بين 48 مشاركة إجمالية في جميع المسابقات (الدوري الإسباني، كأس الملك، دوري أبطال أوروبا).

ريال مدريد ضد بايرن ميونخ - خوسيلو
خوسيلو – ريال مدريد ضد بايرن ميونخ – (المصدر:Gettyimages)

كانت 6 أهداف من التي سجلها خوسيلو بالرأس، وهي أحد أهم مميزاته، حيث كان حاسمًا أمام المرمى خاصةً في الأوقات المتأخرة، ولعل أهم أهداف ريال مدريد في موسم 2023-2024 جاءت برأسية خوسيلو أمام بايرن ميونخ في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، عندما مهّد الطريق نحو الخامسة عشر.

مع التحول الكبير الذي جرى على هجوم ريال مدريد، فمع قدوم مبابي ورحيل خوسيلو قبل بداية الموسم الماضي، انتهى وجود أي مهاجم في قائمة ريال مدريد قادر على شغل منطقة الجزاء، ولو لعدة دقائق، كما كان دور خوسيلو في موسم 2023-2024.

سجل ريال مدريد هذا الموسم 2025-2026 هدف وحيد فقط بضربة رأس، من أصل 26 هدفًا سجلهم الميرنجي في الدوري الإسباني خلال 12 مباراة؛ ولم ينجح الملكي في تسجيل أي هدف من رأسية من لعب مفتوح حتى الآن، مع الاقتراب من منتصف الموسم.

وفي الموسم الماضي، سجل ريال مدريد هدفين فقط من ضربات الرأس، من أصل 78 هدفًا سجلتهم كتيبة الميرنجي في الدوري الإسباني، فتحول الفريق من نجاعة تهديفية كبيرة من الرأسيات منذ عصر كريستيانو رونالدو وكريم بنزيما، إلى عدم وجود أي خطورة تهديفية على المرمى بالطريقة ذاتها في وجود كيليان مبابي كمهاجم وحيد.

في آخر 3 مواسم لريال مدريد في وجود كريستيانو رونالدو، وتحديدًا خلال فترة زين الدين زيدان، كان الفريق يعتمد على الرأسيات بشكل أساسي، فعلى مستوى الليجا، سجل 24 هدفًا من كرات رأسية خلال موسم 2015-2016، وتلاها 28 هدفًا موسم 2016-2017، ثم 16 هدفًا موسم 2017-2018.

وبالرغم من انخفاض المعدل التهديفية من ضربات الرأس في المواسم التالية، إلا أن أقل عدد من الأهداف سجلها الريال بهذه الطريقة، كان 8 أهداف موسمي 2021-2022 و2022-2023، قبل أن يأتي خوسيلو ويرفع المعدل بتسجيله 4 أهداف وحيدًا، رغم انخفاض دقائق لعبة، من أصل 10 أهداف بنسبة 40% من أهدافه عن طريق الرأسيات.

- خوسيلو تشكيل ريال مدريد ضد سيلتا فيجو
فينيسيوس جونيور – خوسيلو – ريال مدريد (المصدر:Gettyimages)

الآن بات ريال مدريد يفتقد بشدة إمكانية وجود مهاجم صندوق كلاسيكي يساعد على التسجيل من أنصاف الفرص، ومن الكرات العرضية التي تشكل أحد أهم الحلول أمام الفرق التي تلعب بدفاع منخفض، ولعل أبرز مثال حدث هذا الموسم كانت مباراة أولمبيك مارسيليا.

سدد ريال مدريد أمام مارسيليا 26 تسديدة، من بينها 16 على المرمى، ولم ينجح سوى في تسجيل هدفين كانا من ركلتي جزاء بأقدام كيليان مبابي، وتحصل الفريق على 9 ركنيات، لم يتم استغلالها.

الأرقام لا تعكس حجم المشكلة بالشكل الكافي، ولكن وجود مهاجم صندوق في تشكيلة ريال مدريد بدلًا من أحد الأجنحة، أو مبابي نفسه، سيشكل حل جديد لتشابي ألونسو الذي يعمل على تغيير شكل الفريق في أول مواسمه.

لا يقتصر دور المهاجم على التسجيل من الرأسيات فحسب، ولكن يعطي المدير الفني خيارات عديدة سواء في استغلاله لاستلام كرات طولية، أو إيجاد المساحة للأجنحة الداخلية التي تهاجم الفراغ خلف قلوب الدفاع، وهذه الطريقة التي اعتمدها أنشيلوتي بوجود كريم بنزيما.

عدم وجود مهاجم بتلك الخصائص يحرم ريال مدريد من خيار مهم للغاية في مراحل اللعب، بل وعدم استغلال أمثل لقدرات كيليان مبابي نفسه، والذي أجاب سابقًا بكل وضوح، بأنه كان مرتاحًا للعب بجوار أولفييه جيرو مع منتخب فرنسا.

مبابي لا يملك النزعة الدفاعية العالية لكي يتواجد جناح أيسر أو أيمن بشكل صريح، حتى وإن بدأ في باريس سان جيرمان بهذه الطريقة، ولكن بمرور الوقت، بدأت تظهر خصائصه، وكيف أن أدواره كمهاجم ظل تبرز إمكانياته العالية من سرعة وقدرة على التسجيل بأكثر من طريقة.

ولكن حاليًا، يحتاج في ريال مدريد إلى مهاجم صندوق يقوم بدور جيرو، ويظهر ذلك في عدم الانسجام مع فينيسيوس جونيور على وجه الخصوص، في ظل تضارب الأدوار بينهما، بعد سنوات قضاها البرازيلي تحت قيادة أنشيلوتي، وبمجاورة كريم بنزيما الذي يجيد الخروج من مركزه للمشاركة في تطور الهجمة وترك المساحة للأجنحة.

هل لا يزال جونزالو جارسيا حلًا؟

بدأ جونزالو جارسيا مسيرته مع الفريق لريال مدريد بأفضل شكل ممكن، عندما سجل هدفًا قاتلًا أمام ليجانيس في الدقيقة الثالثة بعد الـ90 لحساب منافسات كأس الملك، والمثير كان تسجيله الهدف عن طريق رأسية، أحد الحلول التي غابت طيلة الموسم.

جونزالو جارسيا - ريال مدريد - المصدر (Getty Images)
جونزالو جارسيا – ريال مدريد – المصدر (Getty Images)

ثم بدأ جارسيا مشواره في كأس العالم للأندية كمهاجم أساسي للريال، تحت قيادة تشابي ألونسو، والذي استغل قدرات صاحب الـ21 عامًا، حيث سجل اللاعب 4 أهداف وقدم تمريرة حاسمة خلال 6 مباريات في المونديال.

ورغم كونه سجل هدفًا واحدًا من الأربعة عن طريق رأسية مميزة أمام يوفنتوس، إلا أن تمركزه داخل الصندوق كان جليًا، لم يتواجد لاعب بهذه الخصائص وقادر على استغلال الكرات العرضية، منذ رحيل كريم بنزيما، سوى خوسيلو.

ابتعد جارسيا عن المشاركة مع بداية الموسم الجديد، فلم يشارك أساسيًا سوى في مباراة وحيدة بالدوري الإسباني هذا الموسم 2025-2026، كانت أمام إسبانيول، وخاض 61 دقيقة فقط، قبل أن يتم استبداله.

كين أم هالاند؟.. من الأنسب لريال مدريد؟

تخطى هاري كين سن الـ32 من عمره، وبات من المستحيل أن يتعاقد معه ريال مدريد، ورغم عدم وضوح الرغبة عند فلورنتينو بيريز بضم المهاجم الإنجليزي، إلا أن خصائصه هي الأمثل لقائمة ريال مدريد، ومعوض كريم بنزيما الأول للمحافظة على استقرار الشكل الهجومي.

يعيش هاري كين فترة ذهبية مع بايرن ميونخ وهو في الثانية والثلاثين من عمره، إذ يقدم أفضل نسخة فنية في مسيرته، فقد سجل مهاجم توتنهام السابق 23 هدفًا في 17 مباراة منذ انطلاق الموسم، لكن أرقامه التهديفية ليست سوى جزء من الصورة الكاملة.

هاري كين - بايرن ميونخ - (المصدر:Gettyimages)
هاري كين – بايرن ميونخ –
(المصدر:Gettyimages)

اشتهر كين بذكائه الاستثنائي وقدرته على قراءة الملعب وربط الخطوط، إلا أن دوره هذا الموسم تطوّر ليصبح أكثر شمولية، ففي الأسابيع الأخيرة، اعتمد عليه المدرب في مركز “رقم 10” بدلًا من المصاب جمال موسيالا، خلف المهاجم المعار من تشيلسي نيكولاس جاكسون، ليتحوّل كين إلى صانع لعب متقدّم، يوزع الكرات بدقة ويلتقط المساحات بين الخطوط.

حتى عندما يعود للعب كمهاجم صريح، يهبط كين بانتظام إلى العمق لبناء الهجمة، مستفيدًا من قدرته على إرسال تمريرات قطرية متقنة نحو لويس دياز ومايكل أوليس، ما جعل هجوم بايرن أكثر مرونة وصعوبة في الإيقاف، وإلى جانب أدواره الهجومية، أظهر كين التزامًا دفاعيًا لافتًا، حيث يتراجع للثلث الأخير بذكاء وانضباط، مستخدمًا قوته البدنية لقطع الكرات وإعادة تنظيم الفريق، في دلالة واضحة على النضج الكبير الذي وصل إليه.

أوضح بابيل أسباب تفضيله كين على هالاند ومبابي، قائلًا: “من بين هذا الثلاثي – كين، هالاند، مبابي – كنت سأخشى مواجهة كين أكثر من غيره. إنه الأصعب في الرصد.”

وأضاف أن قوة كين لا تكمن في السرعة أو الفوة البدنية أو التفوق الهوائي، بل في ذكائه الخارق وتمركزه الماكر وقدرته على الإفلات من الرقابة، وأشار بابيل إلى أن المدافعين في السابق كانوا يعتمدون على الرقابة الفردية، أما في ظل أنظمة الرقابة المنطقية الحديثة، بات التعامل مع مهاجم مثل كين معضلة حقيقية.

ووضع بابيل هالاند في المرتبة الثانية بعد كين، مؤكدًا: “عندما يستخدم هالاند قوته وديناميكيته، لا أعرف أين سينتهي بي الحال”، أما مبابي، فرغم خطورته، يرى بابيل أن الحد من تأثيره ممكن إذا امتلك المدافع السرعة والتمركز الجيد.

وفي النهاية، أكد بابيل أنه لو سُمح له باختيار لاعب واحد من الثلاثي ليكون زميلًا له، لاختار هاري كين دون تردد: “أسلوبه الدفاعي يرفع الفريق إلى مستوى آخر”.

بإجابة بابيل عن الأفضل بين الثلاثي، بلا شك سيكون هاري كين أفضل مهاجم يتقدم خط هجوم ريال مدريد، ويمكنه اللعب بجوار مبابي بشكل أمثل، حيث يتبادل كلاهما الأدوار، مما يمنح للملكي زخمًا كبيرًا وقوة متكاملة بين عقل كين وصاروخية مبابي.

يتشارك مبابي وهالاند في قدرتهم على الركض خلف خط الدفاع واستغلال السرعة للوصول للشباك، مع اختلاف “بروفايل” كلًا منهما من الناحية الجسمانية أو الطول، حيث يمتلك النرويجي قوة هائلة في الرأسيات، على التقيض من الفرنسي.

إيرلينج هالاند - مانشستر سيتي - المصدر (Getty images)
إيرلينج هالاند – مانشستر سيتي – المصدر (Getty images)

أما المهاجم الإنجليزي يمتاز بقدرته الفريدة على النزول للعمق وصناعة اللعب وقراءة تحركات زملائه، بينما يتقن مبابي استغلال المساحات والانطلاق خلف الدفاع، ما يجعل ازدواجية الأدوار بينهما سلاحًا تكتيكيًا يصعب إيقافه.

وفي حال وُضع كين كمحور لعب هجومي أمام ثلاثي وسط ريال مدريد، فإن الفريق سيكسب لاعبًا إضافيًا في مرحلة البناء، قادرًا على التحكم في رتم المباراة وتوجيهها بحسب حاجة الفريق.

فذكاء كين التمركزي يجعل منه صلة وصل بين الخطوط، بينما يستفيد مبابي من حرية أكبر للتحرك على الجناحين والدخول للعمق، لينتج عن ذلك منظومة هجومية تعتمد على التمريرات القصيرة، والتحولات السريعة، والإنهاء القاتل.

كما أن وجود كين في منظومة ريال مدريد سيُضفي اتزانًا دفاعيًا على الفريق، نظرًا لقدرته على الضغط المنظم وقطع خطوط التمرير الأولى، وهو ما يسمح لمبابي بالتفرغ لواجباته الهجومية دون الإخلال بالتوازن العام.

وبفضل هذا التناغم، يمكن للملكي بناء ثنائية هجومية تُشبه تلك التي صنعها كريم بنزيما مع كريستيانو رونالدو، لكن بنسخة أكثر نضجًا وتنوعًا في التحركات.

ولا يقتصر تأثير كين على الجانب الفردي فقط، بل يمتد إلى رفع جودة زملائه، إذ يجيد توظيف قدرات لاعبي الوسط والأجنحة حوله، وهو ما سينعكس على مستوى رودريجو وفينيسيوس وحتى بيلينجهام الذي سيجد أمامه مهاجمًا يفهم التمركز والمساحات بنفس الطريقة التي اعتاد عليها في بوندسليجا.

ومع وجود مبابي، يصبح ريال مدريد أمام ثنائي يملك القدرة على تسجيل أكثر من 60 هدفًا في الموسم، وهو رقم كفيل بجعل الفريق قوة ضاربة في أوروبا.

ختامًا، في ظل رغبة فلورنتينو بيريز في الحصول على إيرلينج هالاند، ووصول هاري كين إلى سن الـ32 من عمره، سيكون من الصعب للغاية أن يأتي الأخير إلى البيرنابيو، بينما تطور المهاجم النرويجي هذا الموسم تحديدًا في مراحل اللعب والربط بين الخطوط قد يجعله جيار جيد للنادي الملكي حاليًا، وإن كان هاري هو الأنسب.