أسطورة حلم فايولو واتهامات بالسحر.. سر تأهل الكونغو لكأس العالم 2026

أسطورة حلم فايولو واتهامات بالسحر.. سر تأهل الكونغو لكأس العالم 2026


لم يكن مساء المغرب العادي سوى بوابة لحكاية ستتناقلها القارة السمراء طويلًا، حكاية تمتد بين الخوف والإيمان، بين كرة القدم وطقوس لا تُرى، بين يد حارس بديل وجد نفسه فجأة في قلب مباراة تُساوي حلم وطن.

هناك، في نهائي التصفيات الأفريقية المؤهلة لبطاقة الملحق العالمي لبطولة كأس العالم 2026، كتبت الكونغو الديمقراطية روايتها الأكثر غرابة منذ سنوات.

بدأت القصة من لحظة لم ينتبه لها كثيرون؛ قبل ثوانٍ من صافرة النهاية، قرر سيباستيان ديسابر، مدرب الكونغو الديمقراطية، قرارًا بدا أقرب إلى مغامرة، إخراج الحارس الأساسي ليونيل مباسي ودفع الحارس الاحتياطي تيموثي فايولو خصيصًا لركلات الترجيح.

قرار مفاجئ من ديسابر.. فايولو بطل بفضل حلمه؟

خطوة لا تشبه أعراف المدربين، ولا تحترم منطق الأرقام.. فايولو لم يكن أسدًا في ركلات الترجيح، لم يصد أي ركلة الموسم الماضي، ولم يشارك أساسيًا في نادٍ أوروبي كبير، ولم يُعرف عنه شيء يوحي بقدرته على حمل حلم منتخب بأكمله فوق كتفيه!

كأس العالم 2026 (المصدر:Gettyimages)
كأس العالم 2026
(المصدر:Gettyimages)

ووسط الجدل الكبير، انتشرت قصة مذهلة عن فايولو نفسه، حيث تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي رواية تقول بأن الحارس الاحتياطي حلم قبل المباراة بأن المباراة ستصل إلى ركلات الترجيح، وأنه يعرف بالضبط إلى أين ستذهب كل ركلة.

وعادت وسائل الإعلام الأفريقية لتصوير هذا الحلم كنوع من النبوءة التي حولت فايولو إلى بطل قومي بين ليلة وضحاها، فيما كتب البعض عن دور “السحر” أو “الفودو” في هذه اللحظات الحرجة.

الحقيقة.. مباسي ينفي أسطورة النبوءة بكأس العالم 2026

على المستطيل الأخضر؛ ديسابر مضى في قراره بثقة غامضة.. في المدرجات، هزّت الجماهير رؤوسها بقلقٌ ممزوج بسخرية، وفي الملعب، تحركت كرة القدم كأنها تلتقط أنفاس الأسطورة.

داخل معسكر الكونغو، ظل الحديث يدور حول إحساس داخلي أكثر مما هو تكتيك، الشعور الذي يسكن الكرة الأفريقية منذ قرون: أنّ شيئًا ما يتجاوز العشب والعرق هو من يكتب النهاية.. ذلك الإحساس دفع الحارس الأساسي نفسه ليقترح استبداله، بعدما شعر أن زميله أقرب للمشهد من أي وقت آخر.

في ركلات الترجيح، صار فايولو بطلًا.. صدّ ركلتين حاسمتين، وقفز في الهواء كمن يسترد وطنًا لا كرة، في المدرجات، بكت الجماهير الكونغولية، كل شيء في تلك الليلة منح الحارس هالة أسطورية لا تُقاوم.

لكن الحقيقة، كما أوضح الحارس الأساسي ليونيل مباسي لاحقًا، كانت أكثر وضوحًا وأقل درامية، لم يكن هناك أي حلم يتنبأ بالنتيجة، حيث قال: “كل ما حدث كان نتيجة تدريب مكثف، وتحليلنا للركلات خلال الأيام السابقة، شعرت أن فايولو كان مستعدًا نفسيًا أكثر مني، وأخبرت المدرب بذلك قبل التبديل”.

وأضاف مباسي: “لقد عملنا على هذا السيناريو خلال التدريبات، وكان الفريق مستعدًا لكل احتمال، كل شيء كان مخططًا له”، وهو ما يعني أنه لا يوجد لا سحر ولا أحلام، مجرد تكتيك كرة قدم من أجل حلم كأس العالم 2026.

اتهامات بالسحر وفايولو البطل.. الكونغو تهزم نيجيريا في تصيفات كأس العالم 2026

في الجانب الآخر، انفجر غضب نيجيريا، بدا مدرب المنتخب إيريك تشيلي فاقدًا السيطرة، واتّجه نحو دكة الكونغو غاضبًا وهو يلوّح بزجاجة ماء، قبل أن يتهم منافسه بممارسة “الفودو” خلال ركلات الترجيح.

كان المشهد غريبًا وصادمًا، لكنه كشف حجم الألم بعد ضياع حلم قوة كروية كنيجيريا، صاحبة ست مشاركات تاريخية في كأس العالم، والتي تجد نفسها للمرة الثانية خارج المونديال.

لكن القصة وجدت جمهورها، فالأحلام والطقوس والغرابة جزء من هوية اللعبة في القارة السمراء، وأكثر ما يجذب العالم لسردياتها.

هكذا، تأهلت الكونغو الديمقراطية إلى الملحق القاري، لتقترب خطوة من كأس العالم 2026 بعد أول ظهور لها منذ 1974، بلاد كاملة تعلّقت بقفاز حارس لم يكن في الحسبان، وقصة تُروى على ألسنة الجماهير بين العلم والطقس، بين التكتيك والحدس، بين الواقع والدهشة.

وهكذا أيضًا بقي السؤال معلّقًا في سماء أفريقيا: هل كانت تلك مجرد صدفة؟ أم إحساس لاعب؟ أم جرأة مدرب؟
أم أن كرة القدم، كما يحب الأفارقة أن يقولوا، لا تُلعب فقط بالقدم؟