هالاند 2025.. مهاجم واحد يعادل قوة 10 أندية في البريميرليج

هالاند 2025.. مهاجم واحد يعادل قوة 10 أندية في البريميرليج


في موسم يبدو صعبًا على معظم مهاجمي الفرق الكبرى في الدوري الإنجليزي الممتاز، يبرز اسم واحد فقط كأيقونة حقيقية للأهداف والفاعلية.. الدولي النرويجي إيرلينج هالاند، بينما تتصارع فرق مثل أرسنال وتشيلسي وتوتنهام ومانشستر يونايتد لتسجيل الأهداف بوتيرة منتظمة، يظهر هالاند كآلة تهديفية لا تتوقف، لا يعرف التراجع ولا التأخير، إذا كان الموسم الحالي يشهد تراجعًا جماعيًا في أداء مهاجمي الصفوة، فإن هالاند هو الاستثناء المطلق، اللاعب الذي يحمل الفريق على عاتقه ويقود كل هجمة إلى الشباك.

مفاجأة الموسم تكمن في أن معظم نجوم الهجوم في أندية الصفوة هذا الموسم بعيدون عن مستواهم الفني المعتاد، وأهدافهم قليلة جدًا مقارنة بما عهدناه، الأرقام تكشف هذا بوضوح: مهاجمو الفرق العشر الأولى في البريميرليج سجلوا معًا 34 هدفًا فقط، في حين أن هالاند وحده سجل 32 هدفًا بين النادي والمنتخب، أي تقريبًا نفس الرقم ولكن بواسطة لاعب واحد فقط، النرويجـي الشاب أصبح بذلك “مهاجمًا بمفرده”، آلة تهديفية تُعادل عشرة مهاجمين من أندية الصفوة.

إرلينج هالاند مهاجم النرويج - المصدر: gettyimages
إرلينج هالاند مهاجم النرويج – المصدر: gettyimages

بداية متعثرة وسرعة استعادة الثقة

من المثير أن هالاند لم يبدأ الموسم بأداء مثالي؛ بدا متأثرًا بعض الشيء بعد فترة الانتقالات ومجهود المباريات الدولية، لكنه سرعان ما استعاد مستواه، وأصبح يظهر بشكل أكثر ذكاء في تحركاته داخل منطقة الجزاء، ويقرأ دفاعات الخصوم بشكل استثنائي.

التحليل الفني لهذه البداية المتعثرة يكشف أن هالاند كان يحتاج لفترة للتأقلم مع تعديل بعض الحركات التكتيكية لمانشستر سيتي هذا الموسم، خاصة مع الضغط على الفريق والرقابة الدفاعية عالية المستوى لمهاجمين السيتي، ومع تحسن انسيابية الفريق وعودة زملائه إلى المساندة الهجومية، بدأ هالاند في استغلال المساحات الصغيرة والتمركز بين قلب الدفاع، محققًا أكبر استفادة من تمريرات ايت نوري ومرموش وبرناردو سيلفا.

إيرلينج هالاند - فودين - خوسانوف - برناردو سيلفا- مانشستر سيتي - المصدر (Getty images)
إيرلينج هالاند – مانشستر سيتي – المصدر (Getty images)

هالاند محور كل شيء في مانشستر سيتي

في مانشستر سيتي، بات هالاند ليس مجرد مهاجم، بل محور كل خطة هجومية، الفريق يعتمد عليه اعتمادًا شبه كلي لتسجيل الأهداف، وهو ما يجعل جوارديولا مضطرًا أحيانًا لتغيير طريقة اللعب لجعله دائمًا في موضع تهديف.

من الناحية التكتيكية، هالاند يجيد التحرك بين خطوط الدفاع، وخلق فرص لنفسه عن طريق الذكاء في التمركز وسرعته الفائقة في الانطلاق خلف المدافعين، هذا الأسلوب جعل السيتي يعتمد على الهجمات المرتدة السريعة والاختراق بين الخطوط، وهو ما يقلل من مساهمة باقي اللاعبين في التسجيل، ويزيد الضغط على الدفاعات المنافسة لمجرد مراقبته.

المفارقة الصادمة.. مدافع من بيرنلي ثاني هدّاف مانشستر سيتي

في واحدة من أغرب مفارقات هذا الموسم، يكشف جدول هدافي مانشستر سيتي عن حقيقة لا تصدَّق: ثاني أكثر لاعب سجل للسيتي في الدوري هذا الموسم ليس لاعبًا من الفريق.. بل مدافع من بيرنلي.

ففي مواجهة سيتي مع بيرنلي هذا الموسم، ارتكب المدافع استيفي خطأين قاتلين، حيث سجل هدفين في مرمى فريقه، ليصبح بذلك ثاني هدّاف للسيتي في البريميرليج بعد هالاند مباشرة.

الأمر لا يتوقف عند حدود المفارقة، بل يعكس حجم الاعتماد المفرط على هالاند، ففي الوقت الذي سجل فيه النرويجي 14 هدفًا بمفرده في الدوري، لم يسجل أي لاعب من مانشستر سيتي أكثر من هدف واحد.

كل لاعب آخر في الفريق، من الوسط للهجوم وحتى الأجنحة التي اعتاد جمهور السيتي الاعتماد عليها في المواسم السابقة، اكتفى بهدف واحد فقط، وهكذا أصبح مدافع بيرنلي – الذي لم يلعب سوى مباراة واحدة أمام سيتي – متفوقًا تهديفيًا على لاعبي جوارديولا أنفسهم.

من الناحية الفنية، يكشف هذا المشهد كيف أن منظومة السيتي أصبحت أكثر اعتمادًا على التمركز الذكي لهالاند داخل المنطقة، وأقل اعتمادًا على الأطراف والتحركات التقليدية التي تميز بها الفريق لسنوات. 

الضغط المستمر والتشتيت الذهني الذي يخلقه هالاند لدفاعات الخصوم دفع مدافع بيرنلي لارتكاب خطأين غير مسبوقين، وهو ما يعكس حجم تأثير المهاجم النرويجي ليس فقط على فريقه، بل على الفرق المنافسة أيضًا.

جوارديولا في حالة ضيق: هذا غير مقبول.. الجميع يجب أن يسجل

وراء كل هذه الأرقام الغريبة والمفارقات الصادمة، يظهر بيب جوارديولا في خلفية المشهد وهو يعبّر عن ضيقه الواضح من الوضع، المدرب الإسباني، الذي اعتاد طوال مسيرته على توزيع الأدوار الهجومية بين كل لاعبيه، يجد نفسه هذا الموسم أمام واقع غير مريح: الفريق أصبح يعتمد على هالاند اعتمادًا شبه كامل في تسجيل الأهداف، والبقية وكأنهم فقدوا حساسية المرمى.

في أكثر من مؤتمر صحفي، لم يُخفِ جوارديولا انزعاجه، انتقد الفريق بوضوح، مؤكدًا أن “التسجيل ليس مهمة لاعب واحد”، وأن “المنظومة كلها يجب أن تهدد مرمى الخصوم، لا مجرد مهاجم واحد مهما كان اسمه”.

حديث جوارديولا يحمل دلالات فنية مهمة؛ ففلسفته تعتمد دائمًا على خلق كثافة هجومية من كل الخطوط، وتحويل أي لاعب إلى مصدر تهديد، بدءًا من الأجنحة ووصولًا إلى لاعبي الوسط وحتى الأظهرة. 

بيب جوارديولا - المصدر (Getty images)
بيب جوارديولا – المصدر (Getty images)

لكن هذا الموسم، ومع انخفاض مستوى التسجيل لدى بيرناردو، فودين، ومرموش، حتى حتى الصفقات الجديدة كشرقي وريندرز، وجد المدرب نفسه مضطرًا لمشاهدة السيناريو ذاته يتكرر: فرصة تُصنع.. وهالاند وحده موجود لإنهائها.

من الناحية الفنية، يرى جوارديولا أن هذا الاعتماد يُفقد الفريق أحد أهم أسلحته—التنوع الهجومي—، فخصوم السيتي أصبحوا يعرفون جيدًا أن الخطر الأول يأتي من هالاند، وأن مراقبته الصارمة قد تقلل كثيرًا من الفرص، ولذلك، جاءت انتقادات بيب بمثابة جرس إنذار للفريق: “إن لم يسجل باقي اللاعبين، فسنصبح مكشوفين.. وهشّين”.

هالاند وحده يساوي 10 من مهاجمي البريميرليج

وسط الانهيار التهديفي الذي يعيشه مهاجمو البريميرليج هذا الموسم، وبينما تبدو الأندية الكبرى عاجزة عن إيجاد مهاجم قادر على حمل المنظومة الهجومية، يظهر إيرلينج هالاند كظاهرة منفصلة تمامًا عن السياق.

مانشستر سيتي - المصدر: Getty Images
مانشستر سيتي – المصدر: Getty Images

الأرقام لا تكذب، بل تكشف الحقيقة الصادمة: هالاند يسجل وحده تقريبًا ما يسجله 10 مهاجمين في المراكز العشرة الأولى مجتمعين، ولفهم حجم الفجوة الفنية والتهديفية بينه وبين بقية مهاجمي الدوري، نضع الأرقام تحت المجهر ونوضح كيف أصبح النرويجي لاعبًا خارج المعادلة التقليدية تمامًا، مهاجمًا يضاهي أندية وليس لاعبين فقط.

الفريق اسم المهاجم عدد الأهداف
مانشستر سيتي إيرلينج هالاند 32 هدفًا (مع النادي والمنتخب) / 14 هدفًا في الدوري
أرسنال جيوكيريس 4 أهداف
تشيلسي بيدرو 4 أهداف
سندرلاند إسيدور 4 أهداف
توتنهام ريتشارليسون 4 أهداف
أستون فيلا بوينديا 3 أهداف
مانشستر يونايتد سيسكو 2 هدف
ليفربول إيكيتيكي 3 أهداف
بورنموث كروبي 4 أهداف
كريستال بالاس ماتيتا 6 أهداف

مجموع أهداف مهاجمي الفرق العشر الأولى بدون هالاند = 34 هدفًا

هالاند وحده سجل تقريبًا نفس العدد (32 هدفًا) مع النادي والمنتخب في 20 مباراة فقط، أي أن مهاجمًا واحدًا يعادل مهاجمي 10 فرق كاملة في البريميرليج هذا الموسم، التحليل الفني لهذا التفوق يكمن في تنوع أساليب تسجيله: رأسية، تسديد من خارج منطقة الجزاء، وانفرادات، واستغلال أي خطأ دفاعي، ما يجعله لاعبًا غير متوقع ويصعب على الدفاعات الاحتفاظ به.

إرلينج هالاند - سافيو - مانشستر سيتي
إرلينج هالاند – سافيو – مانشستر سيتي
(المصدر:Gettyimages)

سجلات تاريخية تثير الإعجاب ما بين هالاند وإيزاك

  • ألكسندر إيزاك الموسم الماضي: 32 هدفًا في 48 مباراة
  • إيرلينج هالاند الموسم الحالي: 32 هدفًا في 20 مباراة

هذا يعني أن هالاند لم يحقق فقط نفس الرقم القياسي السابق لمهاجم ليفربول الحالي، بل تجاوزه من حيث السرعة والكفاءة في التسجيل، من الناحية الفنية، قدرة هالاند على التمركز والسرعة الانفجارية والقراءة التكتيكية للملعب تجعله لاعبًا استثنائيًا، لا يعتمد فقط على القوة البدنية أو الطول، بل على ذكاء هجوم شامل.

ليس مجرد هداف، بل ظاهرة هجومية استثنائية

هالاند ليس مجرد هداف الموسم، بل ظاهرة هجومية استثنائية، لاعب واحد قادر على معادلة إنتاجية عشر فرق كاملة، وترك بقية مهاجمي الدوري في ظل خجول من الأهداف، في موسم شهد ضعفًا جماعيًا في أداء مهاجمي الصفوة، يظل هالاند نقطة الضوء الوحيدة، والمهاجم الأوحد الذي يمكن أن يُحدث الفارق في أي مباراة.

تعكس هيمنة هالاند حقيقة واضحة: التكتيك الحديث للسيتي أصبح يدور حوله بشكل كبير، واللاعبون الآخرون مطالبون بالمساهمة أكثر في الهجوم، بينما النرويجي يثبت أن الفردية الذكية يمكن أن تصنع الفارق في أقوى دوري بالعا