أسطورة بلا جناحين.. كيف تغلّب بيركامب على خوفه من الطيران وصنع مجد أرسنال؟

أسطورة بلا جناحين.. كيف تغلّب بيركامب على خوفه من الطيران وصنع مجد أرسنال؟


تخيل لاعبًا يملك كل مقومات الأسطورة، مهارة استثنائية، ذكاء فني، وهدوء لا يُضاهى على أرض الملعب، لكنه أمام فكرة بسيطة كالصعود على متن طائرة، تتوقف شجاعته تمامًا.

هذا هو دينيس بيركامب، “الهولندي غير الطائر”، أسطورة أرسنال الذي تغلّب على خوفه الكبير ليصنع مجده الكروي، ولد في أمستردام في 10 مايو 1969، ليصبح أحد أعظم اللاعبين في تاريخ كرة القدم الهولندية والعالمية.

عرف بيركامب بمهاراته الفنية الاستثنائية ورؤيته الثاقبة على أرض الملعب، وقد حصد ثلاثة ألقاب في الدوري الإنجليزي الممتاز مع أرسنال، بالإضافة إلى كأس الاتحاد الأوروبي.

نال جائزة أفضل لاعب هولندي عامي 1991 و1992، وحل وصيفًا للكرة الذهبية عام 1993، وثالثًا في جائزة أفضل لاعب في العالم من الفيفا عامي 1993 و1997؛ ورغم كل هذه الإنجازات، حمل بيركامب لقبًا خاصًا بين مشجعيه، “الهولندي غير الطائر”، نسبة لرهاب الطيران الذي عانى منه طوال مسيرته.

دينيس بيركامب - أرسنال - المصدر: gettyimages
دينيس بيركامب – أرسنال – المصدر: gettyimages

سحر بيركامب في كرة القدم

لم يكن دينيس مجرد مهاجم عادي، بل كان صانعًا للفن على الملعب، تحكمه بالكرة كان بمثابة لوحة فنية، حيث أبدع في التمريرات الحاسمة واللمسات الدقيقة التي كانت تنهي الهجمات بأناقة وقوة.

من أهدافه الخالدة ضد نيوكاسل والأرجنتين إلى تمريراته الساحرة، أصبح بيركامب رمزًا للبراعة والذكاء الكروي.

لم يكن مجرد لاعب يسجل أهدافًا، بل كان يخلق اللعب ويعيد تعريف الهجوم في كل مباراة يشارك فيها، تاركًا بصمة لا تُنسى في تاريخ أرسنال وكرة القدم الأوروبية.

الهولندي غير الطائر.. مواجهة الخوف

على الرغم من عظمته في الملعب، واجه بيركامب تحديًا كبيرًا خارج المستطيل الأخضر، الخوف من الطيران، بدأ هذا الرهاب في عام 1994 إثر حادثة مؤلمة خلال رحلة جوية مع المنتخب الهولندي.

كان ذلك حين أشار أحد الصحفيين مازحًا إلى وجود قنبلة، ما أثار لدى بيركامب قلقًا عميقًا لم يتخلص منه حتى بعد جلسات مع أخصائيي علم النفس ومحاولات السفر مع عائلته.

تسبب هذا الرهاب في قيود على مسيرته الاحترافية، إذ اضطر أرسنال أحيانًا للاستغناء عن خدماته في مباريات أوروبية حاسمة، مثل مواجهات دوري أبطال أوروبا في كييف ودونيتسك، حيث كان حضوره أمرًا مؤثرًا في نتائج الفريق.

ابتكار بيركامب للتغلب على خوفه من الطيران

لم يستسلم بيركامب أمام خوفه، بل ابتكر حلولًا للتغلب عليه؛ كان يسافر لحضور المباريات المحلية والأوروبية عبر السيارة أو القطار، برفقة مسؤول المعدات في أرسنال فيك أكيرز، ما مكنه من الحفاظ على مستويات أدائه دون المساس بصحته النفسية.

وبفضل هذا التفاني، واصل إبراز موهبته الفذة على أرض الملعب، فحصد إعجاب الجماهير بمهاراته، ورؤيته الثاقبة، وقدرته على إنهاء الهجمات بأناقة، ليصبح “الهولندي غير الطائر” رمزًا عالميًا للصمود والتفاني.

أثر بيركامب وإرثه الكروي

تفاني بيركامب يذكرنا أن حتى أعظم النجوم قد يعانون من مخاوفهم الخاصة، وأن العزم والإرادة قادران على تجاوز أي عقبة.

من أمستردام إلى لندن، رسم بيركامب روائع بأقدامه، متحديًا الصعاب ومُخلّدًا اسمه في تاريخ أرسنال وكرة القدم العالمية.

اعتزل اللعب في 2006، وترك إرثًا من الإبداع، الهدوء، والذكاء الكروي الذي ألهم أجيالًا من اللاعبين والمشجعين على حد سواء.

يبقى بيركامب مثالًا حيًا على أن حتى الأساطير لديها مخاوفها، وأن التغلب على هذه المخاوف ليس أقل أهمية من تسجيل الأهداف وصنع البطولات.

قصته تذكرنا بأن الإبداع والنجاح يمكن أن يتجاوز أي عائق، مهما كان حجمه، وأن الإرادة الحقيقية تظهر في مواجهة الصعاب اليومية، سواء في السماء أو على أرض الملعب.