كريستيانو رونالدو ما بين الكولا وريدبول.. حين تتحوّل حركة إلى عاصفة في السوق!
في زمنٍ بات فيه النجم أكبر من الملعب، وأوسع حضورًا من حدود اللعبة نفسها، يقف كريستيانو رونالدو كنموذج فريد يجمع بين الانضباط الرياضي والتأثير التجاري.
لم يعد مجرد هدّاف أو قائد، بل قوة قادرة على تغيير خريطة سوق كامل بجملة عابرة أو حركة خاطفة أمام عدسات العالم.
وعندما يعود الحديث إلى علاقته بالمشروبات، من كوكاكولا وحتى الجدل غير المباشر حول ريدبول، تتضح الصورة، هناك لاعب يصنع موجات لا تهدأ، وشركات تتأثر حتى من دون أن يذكر اسمها.
واقعة الكولا.. لحظة زمنية حوّلت السوق
كانت الشرارة في يونيو 2021، خلال مؤتمر صحفي للبرتغال قبل مواجهة المجر في يورو 2020، جلس رونالدو أمام الكاميرات، ورأى زجاجتي كوكاكولا موضوعتين كجزء من رعاية البطولة.
اقترب منهما، أمسكهما بلا تردد، وأزاحهما بعيدًا عن إطار الصورة، ثم رفع زجاجة الماء قائلًا بوضوح صامت، اشربوا الماء أفضل.

استغرقت الحركة أقل من عشر ثوانٍ، لكنها كانت كافية لتعيد تشكيل حوار عالمي كامل حول الصحة، والإعلانات، وتأثير الرياضيين.
أصبحت الواقعة مرجعًا يُستدعى كلما ظهر رونالدو بجانب أي مشروب، وتحوّلت إلى رمز لمبدأ يطبّقه على نفسه قبل أن ينصح الآخرين به.
من الغازيات إلى مشروبات الطاقة.. عالمان يفصل بينهما أكثر مما يجمعهما
المشروبات الغازية تعتمد على الطعم والمتعة والتواجد الدائم على الموائد، سكر كثير، نكهات جذابة، وانتشار لا يهدأ.
أما مشروبات الطاقة مثل ريدبول فهي مشروع مختلف تمامًا، تُسوّق كقوة دفع وحضور وتركيز، تعتمد على الكافيين المرتفع والتورين والفيتامينات، وتعيش في فضاء موازٍ، فضاء النشاط والأداء، لا فضاء المتعة العابرة.
هذا الانفصال بين العالَمين يجعل كل مقارنة بينهما غير عادلة، لكنها أصبحت حتمية منذ أن أدخل كريستيانو رونالدو الماء في المواجهة ليضع الصحة في مواجهة العادة.
كريستيانو وريدبول.. علاقة بلا إعلان لكن لها صدى
رغم أن كريستيانو رونالدو لم يظهر سفيرًا لريدبول، فإن تأثيره غير المباشر حاضر، مجرد موقفه من المشروبات الغازية دفع الجمهور إلى إعادة تقييم مشروبات الطاقة.
@cnbc.arabia – سهم الشركة هبط بنحو 1.6% بعد إزاحة رونالدو لمشروب كوكولا من أمامه ورفع زجاجة كانت أمامه تزامنا مع قوله “مياه” وذلك لتشجيع الناس على #شرب_الماء ♬ original sound – CNBC Arabia
هل هي أفضل؟ أسوأ؟ بديل؟ مجرد هذا السؤال منح ريدبول مساحة جديدة في النقاش العام، فاسمها يقف في الجهة الأخرى من المعادلة، جهة الأداء والتركيز، وهي كلمات تتناغم تلقائيًا مع صورة رونالدو الذهنية كلاعب يعيش بالانضباط والدقة.
وهكذا، عندما ظهر نجم نادي النصر السعودي، وهو يشرب ريدبول في غرفة ملابس منتخب البرتغال خلال تصفيات كأس العالم 2026، بدون إعلان، وبدون عقد رعاية، وبدون كلمة واحدة، دخل اسم الشركة في مسار الريح التي حرّكها كريستيانو رونالدو.
مبيعات ريدبول.. السوق يتحرك برشفةٍ من كريستيانو رونالدو
اللحظة التي أزاح فيها كريستيانو زجاجات الكوكاكولا، صحيفة “ESPN” حينها، أفادت أن سعر سهم كوكاكولا انخفض بنسبة 1.6% ليصل إلى 55.22 دولارًا أمريكيًا بعد تصرفات الدون مباشرةً.
كما تراجعت القيمة السوقية للشركة من 242 مليار دولار أمريكي إلى 238 مليار دولار أمريكي، أي بانخفاض قدره 4 مليارات دولار أمريكي.
أما سوق مشروبات الطاقة ازداد توسعًا عالميًا، والطلب ارتفع بين الشباب والرياضيين والطلاب، ومع كل مرة يُعاد تداول فيديو رونالدو، تعود المقارنة إلى الواجهة، فيستعيد ريدبول بريقه في ذهن المستهلك حتى لو لم يكن طرفًا مباشرًا في القصة.
Cristiano Ronaldo sous Redbull 😅 pic.twitter.com/01wsSuw7RM
— SPL 🇸🇦 (@ActuSPL) November 15, 2025
النمو الاقتصادي للشركة سيستمر بثبات، لأنها استفادت من موجة الاهتمام التي تصنعها أي ضجة تتعلق بالصحة والطاقة، لأن المستهلك ينقل تركيزه تلقائيًا من المشروب الغازي إلى “المشروب الذي يعطيه دفعة”، وهو الجو الذي تعيش فيه ريدبول منذ تأسيسها.
كريستيانو رونالدو.. مرجعًا صحيًا لا مجرد نجم عالمي
لم تعد قصة كريستيانو مع المشروبات مجرد رمز لموقف شخصي، بل أصبحت مثالًا على كيفية تغيّر السوق حين يتكلم المؤثر الأكبر.. هو لا يروّج لريدبول، لكنه يعيد تشكيل ثقافة استهلاك بأكملها، يغيّر سلوك الجمهور من دون تعاقد، ويوجّه شركات كاملة من دون تخطيط مسبق.
وهكذا تحوّلت لحظة في يونيو 2021 ولحظة نوفمبر 2025 إلى موجة مستمرة، تهز المشروبات الغازية من جهة، وتنعش سوق الطاقة من الجهة الأخرى، لتثبت مجددًا أن بعض النجوم قادرون على صنع تأثير لا يحتاج إلى إعلان، ولا إلى صفقة… بل إلى قناعة يعيشونها أمام العالم.

تعليقات