كوناتي بين أنفيلد وبيرنابيو.. انتقال محتمل قد يُنقذ ليفربول ويُنعش ريال مدريد

كوناتي بين أنفيلد وبيرنابيو.. انتقال محتمل قد يُنقذ ليفربول ويُنعش ريال مدريد


منذ انطلاق الموسم الحالي، يعيش الفرنسي إبراهيما كوناتي واحدة من أكثر فتراته اضطرابًا منذ انضمامه إلى ليفربول، اللاعب الذي كان يومًا ما يُعتبر صمام أمان دفاع الريدز، أصبح فجأة الحلقة الأضعف، والهدف المفضل لكل مدرب خصم يبحث عن ثغرة يضرب منها خطوط الفريق الإنجليزي.

منذ الجولة الأولى من البريميرليج، بدا كوناتي تائهًا، مترددًا، وكأن ذهنه في مكانٍ آخر، أخطاؤه بالكرة زادت، وتمريراته تحت الضغط أصبحت خطيرة، بل إن خصوم ليفربول باتوا يخططون لاستغلال وجوده في البناء الخلفي، لأنه أضعف عنصر في منظومة الدفاع، خصوصًا حين تكون الكرة في حوزته.

هذا التراجع الفني والذهني جعل كثيرين يتساءلون: هل ما زال كوناتي يمتلك نفس الحماس والتركيز الذي جاء به من لايبزيج؟ أم أن فكرة الرحيل أصبحت تسيطر عليه من الداخل؟

إبراهيما كوناتي - ليفربول (المصدر: gettyimages)
إبراهيما كوناتي – ليفربول
(المصدر: gettyimages)

الغطاء المثالي لأرنولد تائه على العشب بدونه

تاريخيًا، كان كوناتي يستمد جزءًا كبيرًا من توازنه الدفاعي من قوة فان دايك، ومن اللعب إلى جوار ترنت ألكسندر أرنولد، رغم ميله الهجومي الواضح، كان يجد في زميله الفرنسي الغطاء المناسب لتعويض اندفاعه إلى الأمام.

كوناتي كان يعرف تحركات أرنولد، يقرأها، ويغلق خلفه المساحات التي يتركها، لكن الأمور اختلفت هذا الموسم مع دخول كونور برادلي إلى التشكيل؛ برادلي يملك شخصية مختلفة تمامًا، لا يقدم نفس الحلول بالكرة، ولا يمتلك انسجامًا كافيًا مع كوناتي، ما جعل الارتباك الدفاعي أكثر وضوحًا، وكشف نقاط ضعف الفرنسي بشكل متكرر ومحرج.

ومع تزايد الأخبار في الآونة الأخيرة حول اقتراب انتقال الدولي الفرنسي إلى صفوف فريق ريال مدريد ليزامل ترينت ويرتديا معًا قميص الملكي، يبدو أن الثنائي في طريقه لاستعادة أمجاد الماضي، لكن هذه المرة تحت لواء جديد.

ألكسندر أرنولد - المصدر: getty images
ألكسندر أرنولد – المصدر: getty images

ريال مدريد يجد ضالته وليفربول يفتح صفحة جديدة

في ظل هذا المشهد، يبرز ريال مدريد كوجهة منطقية لكوناتي، ليس فقط لإنقاذ مسيرته، بل لتقديم حل دفاعي حقيقي للنادي الملكي، ريال يعاني حاليًا من غيابات طويلة ومستمرة على مستوى الخط الخلفي، أبرزها روديجر وكارفاخال وتشواميني، ويبحث عن قلب دفاع يملك القوة البدنية والقدرة على بناء اللعب من الخلف، وهي مواصفات متوافرة في كوناتي رغم تراجع مستواه الأخير.

البيئة في مدريد قد تمنحه إعادة التوازن الذهني الذي فقده في أنفيلد، خصوصًا داخل منظومة دفاعية أكثر صلابة وأقل اندفاعًا هجوميًا، ما يتيح له العودة إلى مستواه الحقيقي دون ضغط متواصل على الكرة، فضلًا عن ذلك، فإن التفاهم المتوقع بينه وبين أرنولد قد يُكوّن جبهة صلبة ومتفاهمة تُعيد لهما الثقة والانسجام من جديد.

أما على الجانب الآخر، فإن رحيل كوناتي عن ليفربول لن يكون خسارة بالضرورة، بل قد يُعتبر فرصة لإعادة هيكلة الخط الخلفي بما يتناسب مع المرحلة الجديدة التي يقودها أرني سلوت.

سيُفتح بخروجه المجال أمام النادي للبحث عن بدائل أكثر ثباتًا وهدوءًا تحت الضغط، مثل مارك جيهي (كريستال بالاس) أو دايوت أوباميكانو (بايرن ميونخ)، وهما اسمان يملكان نفس البنية الجسدية والصلابة الدفاعية التي يتمتع بها كوناتي، مع قدرة أفضل على التمرير والتحكم بالكرة.

ارقام كوناتي مع أرنولد وبدونه في الدوري

تكشف الإحصاءات بوضوح مدى تأثير غياب ترينت ألكسندر أرنولد على أداء إبراهيما كوناتي، ليس فقط من الناحية الدفاعية، بل أيضًا في المساهمة الهجومية وبناء اللعب من الخلف.

عندما تواجد أرنولد إلى جواره، كان كوناتي أكثر توازنًا وثقة في التمرير والتحرك بالكرة، إذ سجل هدفًا واحدًا، وحقق تمريرتين حاسمتين، بمعدل مساهمات بلغ 0.93، مقابل 0.35 فقط في المباريات التي خاضها بدون أرنولد، هذا الفارق الإحصائي لا يعكس مجرد تعاون ثنائي، بل انسجام تكتيكي متكامل بين لاعبَين يفهم كل منهما تحركات الآخر دون عناء.

ريال مدريد - كوناتي
ريال مدريد – كوناتي

اللافت أيضًا أن معدل الخطورة في مشاركات كوناتي بجانب أرنولد كان أعلى — سواء في الأهداف المتوقعة (1.77) مقابل (0.75) بدون أرنولد أو في دقته داخل منطقة الخصم — وهو ما يؤكد أن وجود أرنولد بجواره منحه حرية أكبر في التقدم إن شاء والتمرير تحت ضغط أقل.

أما في غيابه، فقد بدا كوناتي مكشوفًا ومضطربًا في اتخاذ القرار، خصوصًا مع افتقاده للغطاء التكتيكي الذي كان يوفره ترينت بتحركاته الذكية، الأرقام تُظهر أن رحيل أرنولد لم يُبعد كوناتي عن الدعم الدفاعي فقط، بل نزع عنه الثقة التي كانت تُحوّله من مدافع تقليدي إلى عنصر بنائي في الخلف — لتتحول مشاركاته بدون ترينت إلى أداء دفاعي جامد يفتقر للتأثير الهجومي والهدوء تحت الضغط.

الإحصائية  إبراهيما كوناتي  مع أرنولد إبراهيما كوناتي بدون أرنولد
عدد الأهداف 1 0
الأهداف المتوقعة (xG) 1.77 0.75
تسديدات على المرمى 0.1 0.0
فرص خطيرة ضائعة 2 2
التمريرات الحاسمة 2 0
عدد التمريرات الحاسمة لكل مباراة 0.1 0.0
المساعدات المتوقعة (xA) 0.93 0.35
الفرص الكبيرة التي تم الحصول عليها 2 2
المباريات التي لُعبت 31 11
إجمالي الدقائق التي لُعبت 2565 926
متوسط الدقائق لكل مباراة 83 84

تبادل احتياج بين ناديين كبيرين

ومن زاوية أخرى، فإن رحيل كوناتي قد يحل أزمة ترنت ألكسندر أرنولد نفسه في ريال مدريد، الذي يجد صعوبة في نيل مكانه الأساسي حاليًا، خاصة مع غياب شريكه الدفاعي المفضل الذي كان يغطي خلفه.

انتقال كوناتي إلى ريال مدريد سيعيد التوازن لكل الأطراف، ليفربول يتنفس من جديد ويعيد بناء دفاعه بثقة واستقطاب لاعب بكامل تركيزه، وكوناتي يبدأ صفحة جديدة في بيئة تناسبه، وريال مدريد يحصل على قلب دفاع قوي طال انتظاره.

باختصار، الصفقة المحتملة ليست مجرد انتقال لاعب، بل تبادل احتياج بين ناديين كبيرين؛ أحدهما يبحث عن الاستقرار الدفاعي، والآخر يريد استعادة الثقة المفقودة، وربما، كما يحدث أحيانًا في كرة القدم، يكون الرحيل هو بداية الخلاص.

إبراهيما كوناتي - ليفربول (المصدر Gettyimages)
إبراهيما كوناتي – ليفربول (المصدر Gettyimages)

ترينت أبرز المستفيدين من الانتقال المحتمل

في ريال مدريد، يعيش ترنت ألكسندر أرنولد وضعًا مختلفًا تمامًا؛ لم ينجح بعد في أن يجد الدور المناسب داخل منظومة تشابي ألونسو، فالفريق يعتمد على دفاع متماسك بتمركزات صارمة، بينما أرنولد يزدهر فقط حين يُمنح الحرية للتقدم وصناعة اللعب، ألونسو يعرف جيدًا أن أرنولد يحتاج إلى مدافع خلفه قادر على امتصاص المخاطر وتحمل العبء الدفاعي عندما يتقدم إلى الأمام — تمامًا كما كان يفعل كوناتي في ليفربول.

لذلك، فإن قدوم كوناتي إلى مدريد قد يكون الحل السحري الذي يعيد لأرنولد توازنه ويمنحه الثقة للتحرر هجوميًا دون أن يفقد الفريق صلابته الدفاعية، كوناتي بدوره سيستفيد من بيئة مدريد التكتيكية؛ فريق يلعب بخط دفاع منظم، ويمنح المدافعين دعمًا مستمرًا من لاعبي الوسط، ما يُقلل من المساحات خلفهم، ويجعله أكثر راحة في اتخاذ القرارات وتمرير الكرة تحت الضغط.

ترنت أرنولد - ريال مدريد - (المصدر: Getty images)
ترنت أرنولد – ريال مدريد – (المصدر: Getty images)

الانفصال قد يكون الطريق إلى التوازن

في النهاية، يبدو أن الانفصال قد يكون الطريق إلى التوازن؛ فأرنولد بحاجة إلى كوناتي ليجد في مدريد حرية الإبداع دون خوف من انكشاف الدفاع، وكوناتي بحاجة إلى بيئة أكثر هدوءًا واستقرارًا ليستعيد ثقته بنفسه.

بينما ليفربول يحتاج إلى إعادة تنظيم دفاعه بروح جديدة وبداية مختلفة، صفقة واحدة، لكنها تحمل في طياتها حلًا لمعادلة معقدة بين التكتيك، الثقة، والهوية الكروية لكل من أرنولد وكوناتي.