ثورة اقتصادية.. كيف حول ريال مدريد سانتياجو برنابيو إلى “منجم ذهب”؟

ثورة اقتصادية.. كيف حول ريال مدريد سانتياجو برنابيو إلى “منجم ذهب”؟


يواصل نادي ريال مدريد الإسباني، جني الأرباح من وراء ملعب سانتياجو برنابيو، بعدما انتهى من عملية تجديده والتي بدأت في عام 2019.

وأصبح “سانتياجو برنابيو” واحدًا من أهم مصادر الدخل لنادي ريال مدريد، بعد عمليات التطوير التي شهدها الملعب، واستضافته للأحداث الترفيهية والحفلات.

وبدأ التشغيل الكامل لملعب سانتياجو برنابيو، في موسم 2024-2025، وكانت نقطة التحول في تاريخ الملعب، إذ أدر على النادي 79 مليون يورو، دون إقامة أي مباراة عليه.

سانتياجو برنابيو يحدث ثورة اقتصادية في ريال مدريد

وفقًا لما ذكرته صحيفة ماركا الإسبانية، نمت إيرادات ريال مدريد والمرتبطة بملعب سانتياجو برنابيو بنسبة 130% بعد 6 سنوات من بدء عملية التجديد.

وبات سانتياجو برنابيو يدر الإيرادات على ريال مدريد على مدار العام، وليس فقط في أيام المباريات، وبفضل هذه القفزة النوعية في الإيرادات سيقدم النادي ميزانية قياسية للموسم الجاري 2025-2026.

وبحسب ماركا، ستبلغ قيمة الميزانية الجديدة 1.248 مليار يورو، وستعرض على الجمعية العمومية يوم 23 نوفمبر الجاري.

لفهم مدى التطور الذي وصلت له إيرادات ريال مدريد، من ملعب سانتياجو برنابيو، علينا العودة للبداية. إذ تبلورت فكرة الملعب الجديد لدى الإدارة في 2014، عندما عبر فلورنتينو بيريز عن نيته لتحويل الملعب وتحدث عنه لأول مرة: “نريده أن يكون الملعب الأفضل في العالم، مع أفضل وسائل الراحة، وأن يصبح رمز للهندسة المعمارية، ملعب مميز وفريد ومذهل”.

وفي 2 إبريل 2019، تم الانتهاء من الخطة بعرضها العام، بجانب مجلس مدينة مدريد؛ والهدف لم يعد ببساطة التحول لملعب أكثر حداثة، بل ملعب قادر على توليد الإيرادات على مدار السنة؛ حفلات موسيقية وفعاليات للشركات ومناطق لكبار الزوار ومطاعم، وجولات سياحية ومتجر وقاعة احتفالات، وسقف قابل للطي. ولوحة نتائج فيديو بزاوية 360 درجة، وغيرها من المميزات.

مكاسب ريال مدريد المالية رغم جائحة كورونا

ومع قدوم جائحة كورونا، تغيرت الخطة وتوقف الفريق الأول عن اللعب في سانتياجو برنابيو، وقدر النادي خسائره من الإيرادات بسبب غلق الملعب بقرابة 300 مليون يورو.

مع لعب المباريات على فالديبيباس، سارع النادي إلى البدء في أعمال التجديد، إذا لم يتمكن الملعب من تحقيق الإيرادات في ذلك الوقت، فمن الممكن على الأقل الانتظار لتحويلها لاحقًا.

وفي منتصف الأزمة العالمية، أغلق النادي ميزانية موسم 2019-2020 المالية بربح، بلغ 313 ألف يورو، على الرغم من الجائحة. وتمكن النادي من إنهاء الموسم بنتيجة مالية إيجابية، وهذا ماذكره فلورنتينو بيريز في الجمعية العمومية لعام 2020.

وفي موسم 2020-2021 ومع استمرار إغلاق الملعب وانخفاض الإيرادات بشكل حاد، أنهى الموسم محققًا صافية بلغ قدرها 874 ألف يورو، وسيطر ريال مدريد على نفقاته ومهد الطريق للقفزة النوعية الخاصة بالملعب. في ظل انهيار الكرة الأوروبية.

عودة مشروع “سانتياجو برنابيو” الجديد

وتغيرت الأمور مع عودة الجماهير للمدرجات في موسم 2021-2022، وظل الفريق يلعب مبارياته وجزء من المدرجات تحت الإنشاء، ولكن ملعب سانتياجو برنابيو قد يفتح أبوابه مجددًا ويبدأ في جمع الأرباح،

وارتفع إجمالي الإيرادات بقوة، إذ حقق النادي 70 مليون يورو، أكثر من الموسم السابق. واستعاد جزءًا من قوته للمرة الأولى منذ الوباء.

وأكد موسم 2022-2023 هذا التوجه، فمع تقدم أعمال البناء في المدرجات، تجاوز ريال مدريد أخيرًا إيرادات ما قبل جائحة كورونا، في ظل افتتاح بعض المناطق بالملعب جزئيًا.

وبلغت الميزانية الإجمالية للنادي 840 مليون يورو، بدون بيع أي لاعب من الفريق، وهذا التصريح الذي بدا في عام 2019 كأنه رؤية حلم سانتياجو برنابيو يتحمل إلى حقيقة.

القفزة الحاسمة جاءت في موسم 2023-2024، حتى بدون فتح الملعب بشكل كامل، ووصلت إلى إيرادات عادية بلغت 1.073 مليار يورو، وهو ما لم يصل له أي فريق كرة قدم آخر، وهو ما أكدته دراسة ديلويت التي صدرت بعد أشهر؛ وقالت إن ريال مدريد النادي الأكثر جنيًا للأرباح في العالم، متجاوزًا المليار يورو للمرة الثانية على التوالي.

كان 2024-2025 الموسم الرئيسي، للمرة الأولى تم فتح الملعب لعام كامل بدون أعمال إعادة بناء، وحققت أرقام إيرادات مثيرة للإعجاب، ورغم أن كل شئ لم يكن يعمل بطاقته الكاملة، فحقق النادي إيرادات 79 مليون يورو، من 3 خطوط عمل فقط بالنادي، وهي الجولات والفعاليات والمطاعم.

وساهمت الجولة بمبلغ 52.6 مليون يورو، والفعاليات بمبلغ 15.4 مليون يورو والمطاعم بـ 10.3 مليون يورو.

وحقق الاستاد أرباحًا في أوقات تدرب الفريق، وسفره بالخارج وحتى راحته. في الإجمالي، بلغت العائدات من العضوية وعمليات الاستاد 326.8 مليون يورو، ضعف ما حصده النادي قبل بدء عملية إعادة البناء.

ريال مدريد يحول سانتياجو برنابيو إلى “منجم ذهب”

الخطوة التالية كانت تمويل المشروع، وتواصلت الأحداث الرئيسية في موسم 2025-2026. مثل احتفالات يوم الكريسماس في سانتياجو برنابيو، بشهر ديسمبر، والحفلات التالية. بجانب منطقة الأطعمة والمشروبات غير المفتوحة. والحدث العالمي الرئيسي الأول: استضافة مباريات كرة القدم الأمريكية وهو أمر غير مسبوق في إسبانيا.

كما يحول سوبر بول كل ملعب أمريكي إلى منصة تجارية، يهدف شامارتين إلى أن يكون وجهة للعلامات التجارية والترفية والسياحة، وملعب يدر إيرادات في كل أيام السنة وليس فقط في أيام المباريات.

الميزانية التي قدمها النادي للجمعية العمومية أشارت في هذا الاتجاه: 1.248 مليار يورو عوائد في موسم 2025-2026، أكثر بـ500 مليون يورو من العام الأخير قبل بدء عملية إعادة البناء، وهو موسم 2018-2019.

كل هذا مثل نمو بنسبة 65% في 7 سنوات فقط، ويتضح هذا التحول بالنظر إلى الملعب فقط، كما بلغت العوائد من قيمة العضوية والعمليات في البرنابيو زيادة من 173 مليون يورو في 2018-2019، إلى 402 مليونًا في 2025-2026، بنسبة 130%، لم ينجح ريال مدريد في زيادة عوائده فقط، بل حول ملعبه إلى ماهو أكبر من ملعب رياضي. إنه منجم ذهب.

تم الكشف عن الشعار الجديد لملعب سانتياجو برنابيو للمرة الأولى في حفل تقديم الحذاء الذهبي لريال مدريد، إنها صورة ظلية معدنية متموجة تحاكي الواجهة المعاد تصميمها، وتغفل اسم الرئيس التاريخي للنادي.

هي ليست تفاصيل جمالية، إنها جزء من عملية تغيير العلامة التجارية، وتحويله الملعب إلى مكان له علامة تجارية، وفي الوقت نفسه يعمل النادي على تركيب اللافتة الخارجية للملعب على الواجهة، إذ أجرى بالفعل اختبارات الطباعة الخاصة بها في شهر سبتمبر الماضي للانتهاء من التصميم.