نماذج ملهمة.. قصص نجاح تثري فعاليات الدائرة المستديرة للمشروع الوطني للقراءة
تحوّل مسرح معهد إعداد القادة إلى منصة حوارية ثرية حملت عنوان “مصر بألوان المعرفة”، حيث اجتمع طلاب الجامعات والمعاهد المصرية في الدائرة المستديرة للمشروع الوطني للقراءة، بمشاركة الفنان طارق الإبياري، والدكتور عبده إبراهيم مدير المشروعات التربوية والجودة بـ”البحث العلمي للاستثمار” الراعية للمشروع، وبحضور الدكتور محمد بلال أحد الفائزين بالموسم الثالث في فئة الجامعي المثقف، وذلك ضمن فعاليات ملتقى “قادة الوعي” الذي يُنظمه قطاع الأنشطة الطلابية ومعهد إعداد القادة تحت رعاية الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وبإشراف وتنفيذ الدكتور كريم همام مستشار الوزير للأنشطة الطلابية ومدير معهد إعداد القادة.
بدأت الفعالية بكلمة مؤثرة للدكتور كريم همام، مستشار وزير التعليم العالي والبحث العلمي للأنشطة الطلابية ومدير معهد إعداد القادة، الذي رحّب بالحضور مؤكدًا أن معهد إعداد القادة لم يعد مجرد منبر للأنشطة الطلابية التقليدية، بل تحول إلى مصنع للوعي ومنصة فكرية تُنير العقول وتُطلق طاقات الشباب نحو الإبداع والمعرفة.
وأوضح أن القراءة ليست ترفًا ثقافيًا كما يظن البعض، بل هي جوهر بناء الإنسان الواعي وأساس تكوين الشخصية القادرة على التفكير النقدي ومواجهة التحديات بعقل مستنير.
وأشار إلى أن المشروع الوطني للقراءة يمثل نموذجًا وطنيًا رائدًا في الاستثمار في العقول قبل الموارد، لأنه يُحوّل حب القراءة إلى ممارسة واقعية تُسهم في تشكيل وعي الأجيال، وبناء مجتمع متعلم قادر على الإضافة والإبداع.
وقال همام في كلمته: “حين نغرس في طلابنا شغف القراءة، فإننا لا نصنع قارئًا فقط، بل نصنع قائدًا يفكر ويحلل ويبتكر. فالأمم لا تُبنى بالصدفة، بل تُبنى بعقول تقرأ وتعي وتُبدع.”
وقد أكد أن هذا النوع من الحوارات هو ما يصنع التغيير الحقيقي، قائلًا: “حين يجلس الطلاب ليتحدثوا عن القراءة، فهم في الحقيقة يتحدثون عن مستقبل مصر. فالعقل الذي يقرأ هو عقل لا يُهزم.”
وقال الدكتور عبده إبراهيم في حديثه: “وجدنا أن كل الشباب لديهم الرغبة في القراءة، لكنهم يحتاجون فقط إلى حلول عملية تجعل القراءة عادة يومية. ومن هنا جاءت فكرة المشروع الوطني للقراءة، ليكون الجسر الذي يعيد شباب مصر إلى الكتاب، من أول مرحلة التعليم الأساسي وحتى ما بعد الجامعة.”
وأضاف موضحًا أن المشروع يقوم على فلسفة بسيطة وعميقة: “إذا قرأت فهمت، وإذا فهمت نقدت، وإذا نقدت أصبحت مبتكرًا.. ونحن نريد منكم أن تكونوا منتجي معرفة، لا مجرد متلقين لها.”
خلال اللقاء، شرح الدكتور عبده للطلاب خطوات التسجيل بالمشروع، وكيف يمكنهم المشاركة واختيار مستوى القراءة المناسب لهم، سواء بقراءة 30 أو 50 أو 100 كتاب سنويًا، موضحًا معايير اختيار الكتب المناسبة وكيفية تنظيم القراءة بشكل ممتع ومفيد. كما أوضح وجود منسقين متخصصين يساعدون المشاركين في اختيار المجالات التي تناسب ميولهم، مؤكدًا أن التنوع في المعرفة هو ما يصنع جيلًا واعيًا يمتلك القدرة على التفكير النقدي والإبداعي.
وفي لحظة مليئة بالحيوية والبهجة، شارك الفنان طارق الإبياري طلاب الجامعات حوارًا وديًا حمل روح الشباب ودفء المشاركة، حيث عبّر الطلاب عن سعادتهم الكبيرة بوجوده وسطهم داخل أروقة معهد إعداد القادة، مؤكدين أن حضوره أضفى طابعًا مختلفًا على الجلسة، ودعمه لقضايا الوعي والثقافة بين الشباب.
وخلال كلمته، أكد الفنان طارق الإبياري أن القراءة تمثل ركيزة أساسية في تكوين وعي الإنسان، مشيرًا إلى أن الفن هو انعكاس للحياة، ولا يمكن للفنان أن يُبدع دون ثقافة ومعرفة واسعة. وأوضح أن القراءة في مختلف المجالات، تفتح آفاقًا جديدة للفهم والإبداع، وتُسهم في تطوير الشخصية وصقل الموهبة.
كما وجّه رسالة إلى الطلاب، دعاهم فيها إلى اختيار ما يجذبهم من الكتب والانطلاق منه لبناء عادة القراءة، مؤكدًا أن القراءة ليست التزامًا، بل تجربة ثرية يجب أن تُمارس برغبة وشغف، لأنها تزرع في الإنسان القدرة على التفكير النقدي والإبداعي، وتصنع وعيًا حقيقيًا قادرًا على قيادة المستقبل.
وجاءت اللحظة الأكثر تأثيرًا حين شارك الدكتور محمد بلال، أحد النماذج المشرفة من الفائزين بالموسم الثالث للمشروع الوطني للقراءة في فئة الجامعي المثقف، حيث قدّم للطلاب تجربته الشخصية مع القراءة وكيف غيّرت مجرى حياته، ليصبح نموذجًا يُحتذى به في الإلهام والإصرار على تحقيق الذات من خلال الكتاب والمعرفة.
وهكذا تحولت الدائرة المستديرة إلى دائرة وعي حقيقية، خرج منها الطلاب بإصرار جديد على أن القراءة ليست واجبًا، بل رحلة وعي تفتح أبواب الإبداع وتبني وطنًا يعرف كيف يفكر قبل أن يتكلم.

تعليقات