في حديث إذاعي ضمن برنامج «هنا عمّان» عبر إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية قبل أسبوع، سألتني المذيعة الأردنية منى الشوابكة عن المحطات التي غيرت حياتي. كان السؤال يتحدث عن الشعر والكتابة، لكنه جعلني أفكر فعلياً في المحطات التي قد تغير حياتنا بأكملها، وتشكل انعطافات كبيرة جداً في مسار حيواتنا وكيف يمكن لموقف أو حدث أو شخص أو حتى كتاب أن يكون سبباً في اتخاذنا قرارات من شأنها أن تغير طريقة تفكيرنا واهتماماتنا، بل حياتنا بأكملها.
الفقد كان محطة أولى جعلتني أهتم بالقراءة والكتابة لأكتب مشاعري من غير أن أوجع بها من حولي في أسرتي برغم صغر سني، فقد كان لوفاة والدي تأثيرها الأكبر في حياتي ورغبتي بأن أكون متميزة دراسياً ومن ثم عملياً كي لا يراني أحد مجرد طفلة يتيمة لا حول لها ولا قوة، ثم تتالت المنعطفات والأحداث التي أوصلتني اليوم لما أنا عليه في كل مجالات الحياة العلمية والعملية والاجتماعية والاقتصادية بكل ما بها من عثرات ونجاحات.
بعضنا يكون الفقد دافعاً له للنجاح، بعضنا الآخر يكون سبباً في الفشل، فيما يكون أحد الكتب، على سبيل المثال، هو الدافع الذي يغير حياة أسرة بأكملها حين يغير طريقة تفكير ربها، وهو ما حدث لأحد الأصدقاء حين كان إحساسه بالفشل مسيطراً عليه ويجعله يتحرك ضمنه في إخفاقات متكررة ومتفاقمة حتى قرأ كتاب «قوة التخلي» الذي جعله يعيد ترتيب كل أولوياته ويتذكر قدرته على النجاح كما كان في السابق لسنوات طويلة فقرر التغيير بين ليلة وضحاها وبدأ بالتفكير ليحقق نجاحات كبيرة في العمل وريادة الأعمال وبالتالي في عودته لأسرته ومحاولة إسعادها كما السابق، برغم أن فحوى الكتاب كانت بعيدة كل البعد عن الأفكار التي تبناها والقرارات التي اتخذها.
أحياناً، يكون وجود شخص في حياتنا سبباً في التغيير نحو الأفضل بطاقته الإيجابية وتشجيعه ومحاولته انتشالنا من الحضيض من غير حكم علينا أو منّة أو تنمر، بل وقد يكون هذا الشخص طفلاً بكلماته العفوية وتصرفاته البريئة.
الكثير منا فقد وظيفته في فترة ما، لكن قليلين استغلوا هذا الفقد ليكون سبباً في بناء شركة جديدة كانت أداة لتغيير مستقبل الشخص وأسر أخرى شغل أحد أفرادها مناصب فيها.
في الحياة أسباب كثيرة يسوقها الله لنا لتكون لنا قدراً وسبباً في التغيير، ولكن هل ننتبه لها جميعاً ونسعى لاستغلالها واستخدامها لصالحنا؟
[email protected]