المنطقة تعرضت للأزمات، وتحويلها إلى الداخل الأردني يُعتبر جريمة

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


‏في هذه المرحلة، لا يوجد في منطقتنا دولة محصنة من ‏محاولات العبث والتفتيت، نحن أمام «جرافات» سياسية تتحرك في كل اتجاه؛ تشق الطرقات كما تشاء، وتعيد رسم الخرائط ‏والأدوار، تماماً كما فعل سايكس بيكو قبل نحو 100 عام، الأخطر أن عملية التقسيم والتجزئة لا تتعلق، فقط، بالجغرافيا وترسيم الحدود، كما حصل سابقاً، وإنما بتقسيم الوجدان العربي ثم الوطني، جراحات ودمامل العقود المنصرفة في كل دولة تفجرت وحولت بلداننا إلى جزر معزولة، تتبادل العداوات، حركة المال الأسود الذي ‏موّل المليشيات أصبح يتحرك، الآن، لتمويل الصراعات والعبث بوحدة المجتمعات : إسرائيل حاضرة في المشهد، تديره، في تقديري، بمنتهى الدهاء.‏لا يوجد لدي ما يكفي من معلومات، لكن ثمة مؤشرات كاشفة؛ ما حدث في «السويداء «تحديداً، ثم امتداداته إلى بلدنا من خلال إصدار بيانات من جهات مجهولة المصدر، وضعت نفسها ندّاً للدولة، وتقمصت أزمات كبيرة في بلاد مجاورة، وأعطت نفسها الحق بالتهديد وإعلان الحرب، يشكل نقطة تحول تستدعي الحذر والانتباه، الدولة الأردنية، فقط، هي صاحبه الحق الحصري بإعلان السلم والحرب، وتحديد بوصلة التعامل مع ‏الخارج، وامتلاك القوة والتصرف بها، لا يجوز، أبداً، لأي جهة تحت لافتة عشيرة أو تيار أو حزب أن تخرج عن سياق الدولة.‏بصراحة أكثر، المنطقة ونحن جزء منها أصبحت مكشوفة تماما، ما حدث في لبنان وسوريا وإيران يكفي لفهم ذلك، عمليات اختراق المجتمعات ومحاولة العبث بها تمت من خلال استخدام المال والتكنولوجيا قبل أن تباشر الماكينة العسكرية حركتها، ما حدث في سوريا هو الحلقة الثانية من العبث بالداخل، وهي بروفة قابلة للاستنساخ في بلدان أخرى، واجب الأردنيين، أقصد إدارات الدولة وقوى المجتمع الحية، أن يفتحوا أعينهم على هذا المشهد الخطير، سلاح الوعي هو الأهم في هذه المواجهة، أي محاولة لنقل أزمات الخارج إلى الداخل الأردني، أو استخدامها وتوظيفها، تحت أي شعار، ليس فقط مغامرة، وإنما جريمة تصب في خانة مخططات المحتل وحلفائه.‏يجب أن نثق، دائماً، بالدولة الأردنية، جيشنا الباسل الذي يرابط على حدودنا، أجهزتنا الأمنية التي تترصد بأعين مفتوحة كل خطر يواجهنا، لكن هذا الجهد الكبير يحتاج من الأردنيين الحريصين على أمن بلدهم إلى دعم وإسناد، العشائر الأردنية يجب أن تكون -كما كانت على الدوام- جبهة واحدة عصية على أي اختراق، الأحزاب السياسية يجب أن تخرج من حالة الصمت والعجز وتتحدث في السياسة، مؤسساتنا الوطنية لابد أن تنهض بدورها وتخاطب الأردنيين وتصارحهم، إذا لم نفعل ذلك سيملأ الفراغ آخرون بالتضليل واللعب على أوتار العواطف، وترويج الشعارات التي عفا عليها الزمن.‏منذ 7 أكتوبر وأنا أكرر: بلدنا يمر بأخطر مرحلة منذ تأسيس الدولة، كل ما زرعته الحرب الممتدة حتى الآن ستحصده السياسة، هذه التي يقررها المنتصرون والأقوياء، سقطت قاعدة الاستثناء ومعها التحالفات القديمة، سقطت المعاهدات والأدوار، نحن أمام واقع جديد بدأ يتشكل وملامحه تشير إلى أن أقدام الجميع «في الفلكة»، لا يوجد أمة عربية خالدة نستند إليها، ولا قيم إنسانية وقوانين دولية تكبح جماح المحتل الغاشم، يوجد، فقط، إرادة أردنية عصية على العبث، يوجد دولة أردنية قوية يجب أن يلتف حولها كل الأردنيين، يوجد وطن اسمه الأردن ما زال واقفاً في منطقة تم تدميرها، لا خيار أمام الأردنيين إلا أن يتوحدوا لحمايته، لكي يظل واقفاً في وجه العاديات والمخططات الخبيثة.



‫0 تعليق

اترك تعليقاً