عواصم في 21 يوليو /العُمانية/تابعت وكالة الأنباء العُمانية
بعضا من الآراء حول قضايا متنوعة تناولتها الصحف العالمية عبر مقالات نشرت في
صفحاتها وتطرقت إلى حرب الذكاء الاصطناعي الإسرائيلية على غزة، وتداعيات الإنفاق
العسكري على أوروبا إضافة إلى التحديات الهيكلية التي تواجه قارة أفريقيا.
فقد نشرت صحيفة “ديلي صباح” التركية مقالًا بعنوان
“غزة كحقل اختبار: حرب الذكاء الاصطناعي الإسرائيلية” بقلم الكاتبة
“سايبل دوز”.
يكشف المقال كيف حولت إسرائيل غزة إلى مختبر لتطوير حروب
الذكاء الاصطناعي، حيث تستخدم الخوارزميات لتحديد الأهداف العسكرية بشكل آلي، مما
يؤدي إلى زيادة كبيرة في ضحايا المدنيين وتقويض المساءلة القانونية والأخلاقية.
واستفتحت الكاتبة مقالها بالحديث عن الاستخدام القاتل للذكاء
الاصطناعي مثل أنظمة “لافندر” و”هابسورا” حيث صممت هذه
الأنظمة لتسريع تحديد الأهداف عبر تحليل بيانات المراقبة (مثل الطائرات المسيرة
ووسائل التواصل الاجتماعي).
ويصدر نظام “لافندر” قرارات استهداف في 20 ثانية
فقط، غالبًا دون مراجعة بشرية كافية، ويصنف آلاف الفلسطينيين كـ”أهداف”
بناءً على أدلة ضعيفة ويسمح بقتل ما يصل إلى 20 مدنيًا كـ”أضرار جانبية
مقبولة” لكل عملية استهداف.
وتطرقت الكاتبة للنتائج المروعة لهذه الأنظمة إذ وثقت
التقارير غارات جوية استهدفت منازل مدنية ليلاً، مما أسفر عن استشهاد عائلات
بأكملها، مثل غارة على مدرسة تابعة للأمم المتحدة في النصيرات (في شهر يوليو 2024)
أودت بحياة 23 شخصًا.
وفيما يتعلق بإشكالية المساءلة والأخلاقيات، وضحت الكاتبة أن
الجيش الإسرائيلي يزعم أن الضباط يقررون، لكن الخوارزميات تُتّبع دون تدقيق كاف،
مما يسهم في إيجاد “فجوة مساءلة” قانونية، مشيرة إلى عدم وجود طرف واضح
يحاسب على أخطاء الذكاء الاصطناعي، مثل استهداف مدنيين بناءً على تحليل خاطئ.
وترى أن هذه الممارسات تتعارض
مع قوانين الحرب التي توجب التمييز بين المدنيين والمقاتلين، إذ أن الذكاء
الاصطناعي يحول الفلسطينيين إلى “بيانات رقمية” مجردة، مما يُسهّل
انتهاك حقوقهم.
وبينت الكاتبة أن المجتمع الدولي لم يتخذ إجراءات فعالة
لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب، رغم تحذيرات حقوق الإنسان، محذرة من
أن غزة باتت على وشك أن تكون نموذجًا لمستقبل تُدار فيه الحروب بالخوارزميات، حيث
تُلغى الأخلاق لصالح “الكفاءة” العسكرية.
ودعت الكاتبة في ختام المقال إلى فرض قوانين دولية صارمة ضد
“الأسلحة الذاتية”، وإلا ستصبح الحروب أكثر وحشية وبلا رادع.
من جانبه، يرى الكاتب “هاكي أوكال” في مقاله الذي
نشرته ذات الصحيفة أن الاتحاد الأوروبي يسير في اتجاه خاطئ باعتبار زيادة الإنفاق
العسكري حلاً للأزمات الاقتصادية والبطالة، مشيرًا إلى أن هذه السياسة ستزيد من
مشاكله الداخلية دون تحقيق أمن حقيقي.
وأكد على أن العسكرة ليست حلاً للاقتصاد، إذ يُغلق الاتحاد
الأوروبي مصانعه ويستبدلها بمصانع أسلحة تحت ضغط أمريكي، خاصة من ترامب الذي هدد
بترك أوروبا تواجه روسيا وحدها إذا لم تزد إنفاقها العسكري.
وشبه الكاتب هذا النهج بسياسات تاريخية كانت بلا جدوى، مثل
محاولات الثوريين الفرنسيين إشغال العاطلين عن العمل بأعمال غير منتجة.
وحذر من أن أوروبا تفتقر إلى المواد الخام والمدخرات الكافية
لتمويل هذه الخطوة، مما سيؤدي إلى نتائج عكسية.
وقال إنه بدلاً من دعم الحلول السياسية، زودت أوروبا أوكرانيا
بأسلحة زادت معاناة المدنيين دون تحقيق نصر عسكري.
ويعتقد الكاتب بأن العسكرة تعمق التبعية لأمريكا، حيث يضطر
الأوروبيون لشراء أسلحة أمريكية عبر الناتو، مما يفاقم أزمتهم الاقتصادية.
وأشار إلى أن الشباب الأوروبي يرفض العسكرة، بينما تتحول
القارة إلى “رجل ميت يمشي” وفقًا لبعض المحللين.
ومن وجهة نظر الكاتب فإنه بدلاً من الإنفاق العسكري، كان على
أوروبا تعزيز دبلوماسيتها واقتصادها، وتجنب الانجراف وراء السياسات العدائية.
ودعا الأوروبيين إلى التوقف عن الخضوع للضغوطات، والتركيز على
احتياجات مواطنيهم بدلاً من صناعة الحروب.
وأكد الكاتب في ختام مقاله على أن أوروبا لا تحتاج إلى مزيد
من التسلح، بل إلى سياسات اقتصادية ودبلوماسية ذكية تحفظ استقلاليتها وتوفر
لشعوبها حياة كريمة بدلاً من إهدار الموارد في سباق عسكري غير مجدٍ.
من جانب آخر، يرى الكاتب “كارلوس لوبيز” وهو أستاذ
في كلية نيلسون مانديلا للحوكمة العامة بجامعة كيب تاون بجنوب أفريقيا، أن قارة
أفريقيا بحاجة إلى نظام تمويل خاص بها.
ودعا في مقاله الذي نشرته منصة “بروجيكت سينديكت” الإعلامية
إلى إنشاء نظام تمويل أفريقي مستقل لمواجهة التحديات الهيكلية مثل أزمة الديون،
وتراجع التمويل الميسر، وهيمنة المؤسسات المالية العالمية التي لا تخدم مصالح
القارة.
ووضح الكاتب أن ديون القارة الخارجية للقطاع الخاص قد ارتفعت
من 30 بالمائة إلى 44 بالمائة بين 2010 و2021، بفائدة تصل إلى 12 بالمائة في دول مثل غانا وزامبيا.
وأضاف أن وكالات التصنيف الائتماني (مثل موديز) تقوم بتخفيض
تصنيف الدول الأفريقية بشكل غير عادل، مما يرفع تكاليف الاقتراض، وقد كلف هذا
القارة 74.5 مليار دولار بحلول 2020.
وتطرق الكاتب إلى القوانين المصرفية العالمية المعيقة، حيث إن
لوائح “بازل 3” زادت من صعوبة حصول أفريقيا على تمويل بسبب تشديد
متطلبات السيولة والرفع المالي.
وبين أن بعض المبادرات مثل “تعليق خدمة الدين” و”الإطار
المشترك” لمعالجة الديون لم تُنفذ بفعالية، حيث واجهت الدول مفاوضات مطولة
وشروطًا قاسية.
ونوه إلى أن أفريقيا تفقد 88.6 مليار دولار أمريكي سنويًّا
بسبب التدفقات المالية غير المشروعة وتهرب الشركات متعددة الجنسيات من الضرائب.
كما أن المساعدات الإنمائية الرسمية انخفضت بنسبة 1% في 2024، بينما زادت الدول
المانحة في تحويل أموال المساعدات لتغطية تكاليف اللاجئين لديها.
واقترح الكاتب بعضًا من الحلول لهذه المعضلات مثل بناء نظام
تمويل أفريقي مستقل من خلال تعزيز دور بنك التنمية الأفريقي وبنك التصدير والاستيراد
الأفريقي لتمويل المشروعات الاستراتيجية، إضافةً إلى تجميع الموارد عبر صناديق
الثروة السيادية وبنوك التنمية الوطنية لإيجاد أدوات تمويل مبتكرة (مثل ضمانات
ائتمانية خضراء).
كما شدد على ضرورة تعزيز الإيرادات المحلية من خلال تحسين
جباية الضرائب عبر التعاون الإقليمي والأدوات الرقمية لمكافحة التهرب الضريبي،
وتقليل الإعفاءات الضريبية للشركات الأجنبية.
وأكد الكاتب على أهمية إصلاح التعامل مع المؤسسات العالمية
عبر مطالبة صندوق النقد الدولي بزيادة الإقراض بالعملات المحلية لتجنب مخاطر
تقلبات العملات، وإطالة فترات سداد القروض واحترام الأولويات التنموية الوطنية.
خلاصة القول في نظر الكاتب هو أن أفريقيا لديها الموارد
(سكان شباب، ثروات طبيعية، بنية رقمية) لكنها تفتقد السيادة المالية، مناشدًا
قادتها على ضرورة التوقف عن الاعتماد على أنظمة تمويل غير عادلة، وبدلاً من ذلك،
بناء مؤسسات مالية محلية تُحقق الاستقلالية التنموية.
ويرى أن التغيير يتطلب إرادة سياسية، وليس مجرد إصلاحات تقنية.
/العُمانية/
أحمد صوبان