سجلت مصر خلال يوليو الجاري مستويات غير مسبوقة في واردات الديزل، في محاولة لتأمين كميات كافية من الوقود لتوليد الكهرباء، وسط تزايد الضغوط على الإمدادات العالمية، وخاصة في السوق الأوروبية.
370 ألف برميل يوميًا
وبحسب بيانات شركة “فورتكسا” (Vortexa) لتحليلات الطاقة، فإن واردات مصر من الديزل وزيت الغاز بلغت 370 ألف برميل يوميًا خلال النصف الأول الشهر الحالي، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 65% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وارتفاعًا بنسبة 35% مقارنة بكميات شهر يونيو الماضي. وتشير الأرقام إلى أن هذه المستويات تُعد الأعلى منذ بدء تسجيل البيانات في عام 2016.
من جانبه أوضح رئيس هيئة البترول الأسبق، مدحت يوسف، أن محطات الكهرباء ذات الدورة المركبة مثل محطات سيمنس بالعاصمة الإدارية وبني سويف وكفر الشيخ، لا يمكنها العمل سوى باستخدام الغاز الطبيعي أو وقود الديزل، ولا يوجد بديل ثالث مناسب لتلك النوعية من المحطات التي تعتمد على تقنيات متقدمة لتوليد الكهرباء بكفاءة عالية.

تأخر دخول ناقلات إعادة التغييز
وأوضح يوسف لـ”تيلجرف مصر” أن اللجوء إلى وقود الديزل خلال الفترة الماضية جاء نتيجة تأخر دخول ناقلات إعادة التغييز للخدمة، إضافة إلى توقف إمدادات الغاز الطبيعي من إسرائيل عبر خطوط الأنابيب نتيجة الصراعات الإقليمية.
وأضاف أن هذا اضطر الدولة إلى توفير بديل سريع وآمن لضمان استمرارية تشغيل المحطات، مشيرًا إلى أن الديزل المستخدم تم استيراده من الخارج بسبب عدم كفاية الإنتاج المحلي من معامل التكرير لتلبية احتياجات التشغيل.
وحاليًا، تحتاج وزارة الكهرباء إلى نحو 135 مليون متر مكعب يوميًا من الغاز الطبيعي لتشغيل محطات التوليد، بينما يبلغ الإنتاج المحلي نحو 4.2 مليار قدم مكعبة، مقابل استهلاك يتجاوز 6.2 مليار قدم، ويرتفع إلى 7 مليارات قدم مكعبة خلال شهور الصيف، ما دفع الدولة إلى استيراد وقود بما يتجاوز مليار دولار شهريًا لتلبية الطلب المتصاعد.
وتابع يوسف بأن عددًا من ناقلات إعادة التغييز دخل الخدمة مؤخرًا، من بينها الناقلة الدنماركية “هوج”، بحسب ما أعلنته وزارة البترول، ما يمهد لعودة الاعتماد الكامل على الغاز الطبيعي كمصدر رئيسي لتغذية محطات الكهرباء.
تراجع في واردات الديزل
وتوقع يوسف أن تشهد المرحلة المقبلة تراجعًا كبيرًا في واردات وقود الديزل، ليقتصر استخدامه على محركات الديزل للسيارات والمولدات الثابتة فقط، ما يخفف الضغط على ميزان المدفوعات ويعزز كفاءة منظومة الطاقة في البلاد.
وفي إطار مواجهة هذه الفجوة، فعّلت الحكومة خطة الطوارئ المعدة مسبقًا والخاصة بأولويات إمداد الغاز الطبيعي، في ظل تعهدات رسمية بعدم العودة لتطبيق تخفيف الأحمال مجددًا، بعد أن جرى وقف العمل بهذه الخطة في 21 يوليو الماضي.

5 سفن تغويز
وأمنت مصر حتى الآن 5 سفن عائمة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال، وصلت منها 4 بالفعل، مع دراسة استقدام سفينة خامسة خلال الفترة المقبلة، ضمن خطة استيراد ما بين 155 إلى 160 شحنة غاز مسال خلال عام 2025.
ومن بين السفن التي تعاقدت عليها مصر، سفينة “إنيرجوس باور” التي وصلت إلى ميناء الإسكندرية في مايو الماضي، سفينة “هوج جاليون” التي تعمل في العين السخنة، بالإضافة إلى “إنيرجوس إسكيمو” المتوقع وصولها خلال الصيف الجاري، وسفينة أخرى تابعة لشركة “بوتاش” التركية.
تخفيف الأحمال
وبتشغيل هذه الوحدات، تصبح مصر قادرة على إعادة تغويز 2.7 مليار قدم مكعبة يوميًا، ما يوفر مرونة كبيرة في تشغيل محطات الكهرباء والمصانع كثيفة الاستهلاك، ويقلل الحاجة للاعتماد على وقود الديزل المستورد، الذي كانت تستخدمه الدولة كبديل استراتيجي خلال فترة النقص المؤقت.
وواجهت مصر خلال العامين الماضيين أزمة حادة في إنتاج الكهرباء، دفعت الحكومة إلى تبني خطة طارئة لتخفيف الأحمال، تمثلت في قطع التيار الكهربائي عن معظم أنحاء البلاد لمدة تتراوح بين ساعة إلى ساعتين يوميًا، خاصة خلال فصل الصيف، حيث ترتفع معدلات الاستهلاك بشكل كبير.