قبل انطلاق أمم إفريقيا 2025.. عندما خرج السحر والشعوذة عن السيطرة
قبل أن تبدأ الكرة في الدوران، وقبل أن تُختبر الخطط والتكتيكات والأقدام، هناك شيء آخر ظل حاضرًا في أمم إفريقيا عبر عقود طويلة، شيء لا يُقاس بالأرقام ولا يُدرّس في الأكاديميات، لكنه عاش في العقول والقلوب، وأحيانًا في أرض الملعب نفسها.
السحر والشعوذة لم يكونا مجرد حكايات جانبية في البطولة القارية، بل تحوّلا في لحظات فارقة إلى عنصر يُربك المنظمين، ويستدعي تدخل الشرطة، ويضع كرة القدم الإفريقية في مواجهة دائمة مع صورتها أمام العالم.
ومع الاستعداد لانطلاق منافسات كأس أمم إفريقيا 2025 على ملاعب المغرب، يعود هذا الملف من جديد، لا بوصفه أسطورة، بل كسلسلة وقائع موثّقة صنعت تاريخًا غريبًا للبطولة.
أمم إفريقيا 1992| ساحل العاج.. لقب تُحيط به الطقوس
تُعد نسخة أمم إفريقيا 1992 من أكثر البطولات التي ارتبط اسمها بالسحر بعد سنوات من إسدال الستار عليها.
فبعد تتويج ساحل العاج باللقب لأول مرة في تاريخه عقب نهائي ماراثوني أمام غانا، خرج خلاف علني بين الدولة ومعالجين شعبيين أكدوا أنهم شاركوا في “الإعداد الروحي” للمنتخب بطلب رسمي.

القصة لم تكن مجرد ادعاء عابر، بل تحولت إلى أزمة حقيقية انتهت بتسوية، لتفتح الباب أمام سؤال محرج، أين تنتهي حدود الدعم النفسي، وأين يبدأ السحر؟
2000| نيجيريا والسنغال.. اقتحام يُغيّر النتيجة
في ربع نهائي نسخة 2000، وبينما كانت السنغال متقدمة بهدف قبل النهاية، اندفع مسؤول نيجيري إلى أرض الملعب وانتزع جسمًا من داخل مرمى السنغال، قيل إنه تميمة وُضعت لمنع التسجيل.
المشهد بدا صادمًا، لكنه لم يتوقف عند ذلك، إذ سجلت نيجيريا هدفين متأخرين وأقصت السنغال.
الحادثة تحولت إلى واحدة من أكثر اللحظات تداولًا في تاريخ البطولة، باعتبارها مثالًا صريحًا على مدى الإيمان بقوة التمائم حتى داخل الأجهزة الرسمية.
2002| الكاميرون ومالي.. اعتقال في يوم نصف النهائي
الواقعة الأشهر جاءت في باماكو؛ قبل نصف النهائي بساعات، ألقت شرطة مكافحة الشغب القبض على مدرب الكاميرون وينفريد شيفر ومدرب الحراس توماس نكونو، بعد الاشتباه في ترك تميمة سحرية على أرض الملعب.
34 نسخة سابقة 🌍
15 بطلًا مختلفًا 🏆بدأت الحكاية في 1957 ومستمرة حتى 2025 🤩
من سيكون بطلًا في كأس الأمم الإفريقية 2025؟ ✨#TotalEnergiesAFCON2025 pic.twitter.com/qD09fSNyoE
— توتال إنرجيز كأس الأمم الإفريقية 2025 (@caf_online_AR) December 17, 2025
المشهد كان صادمًا، مدرب يُقتاد للاستجواب في يوم مباراة مصيرية، وقطعة صغيرة تتحول إلى قضية أمنية.
أُفرج عن الاثنين لاحقًا دون توجيه اتهامات، لكن الرسالة كانت واضحة، السحر لم يعد شائعة، بل خطرًا يُهدد “نزاهة المنافسة” من وجهة نظر المنظمين.
لكن الغريب في الأمر أن الكاميرون فازت بالمباراة ثم توّجت في النهاية بلقب البطولة، لتُخلّد الحادثة أكثر!
2008| غانا.. الطقوس على مرأى الجميع
في نسخة غانا، خرج السحر من الظل، طقوس دينية جماعية، أوانٍ يُعتقد أنها لطرد الأرواح الشريرة، وتمائم في المدرجات، لم يكن الأمر سرًا أو تسريبًا، بل مشاهد علنية سبقت المباريات.
هنا، وجد الاتحاد الإفريقي نفسه مضطرًا للتدخل علنًا، مؤكدًا منع أي أدوات أو ممارسات خارج إطار اللعبة، في محاولة لحماية صورة البطولة أمام العالم.
2010| الكاميرون في أنجولا.. شكوك داخل الوفد
خلال بطولة 2010، عاد اسم الكاميرون إلى الواجهة، لكن هذه المرة عبر الصحافة، تحدث صحفيون عن وجود أشخاص “غريبي الأطوار” ضمن الوفد الرسمي.
لحظة خالدة ✨
هدف فينسنت أبو بكر الذي قاد الكاميرون للنجمة الخامسة في تاريخهم من كأس الأمم الإفريقية 🇨🇲⭐#TotalEnergiesAFCON2025 | @1xbet_mena pic.twitter.com/1hyNGwhKvm
— توتال إنرجيز كأس الأمم الإفريقية 2025 (@caf_online_AR) December 20, 2025
الصحافة قالت أنهم يحملون علب كبريت، ويشعلون الشموع في أوقات غير مبررة؛ لم تُثبت أي وقائع رسمية، لكن مجرد تداول القصة أعاد إشعال الجدل حول مدى تغلغل المعتقدات داخل المنتخبات.
2015| غينيا وغانا.. تميمة تحت القميص
في نصف نهائي كأس أمم إفريقيا 2015، انتشرت صور للاعب غيني يُخفي شيئًا تحت قميصه، وُصف على نطاق واسع بأنه تميمة.
لم يصدر قرار أو عقوبة، لكن الجدل الجماهيري كان كافيًا ليؤكد أن الإيمان بالسحر بات جزءًا من تفسير النتائج لدى كثيرين، خاصة في المباريات الكبرى.
@CAF_Online @garyalsmith @OtiAdjei this is disgraceful. #Guinea player has charm on the waist. #AFCON2015 #GHAGUI pic.twitter.com/TDXCdtW35C
— Chelsea Propaganda (@Complete_blue) February 2, 2015
2023| نهائي ساحل العاج ونيجيريا.. السحر في عصر السوشيال ميديا
في نهائي النسخة الأخيرة، انتشر فيديو يُزعم أنه لحارس مرمى ساحل العاج وهو يرتدي تميمة، خلال ساعات، تحوّل المقطع إلى قضية رأي عام، قبل أن تُثبت التحقيقات أنه لا يخص الحارس الإيفواري أصلًا.
القصة انتهت، لكن دلالتها كانت أعمق، السحر لم يعد فقط داخل الملعب، بل انتقل إلى منصات التواصل، حيث يكفي مقطع غامض لإشعال أزمة كاملة.
كرة القدم بين الإيمان والخرافة
رغم كل بيانات المنع والعقوبات، يظل السحر والشعوذة جزءًا من الذاكرة الجماعية لأمم إفريقيا، هو انعكاس لثقافة واسعة، وخوف قديم من المجهول، ورغبة إنسانية في التحكم بالنتائج عندما تعجز الأقدام عن ذلك.
ومع انطلاق أمم إفريقيا 2025، يبقى السؤال مطروحًا بقوة، هل ستنجح الكرة الإفريقية أخيرًا في حسم صراعها مع الخرافة، أم أن البطولة ستُضيف فصلًا جديدًا إلى كتاب السحر المفتوح منذ عقود؟

تعليقات