حصاد الكرة السعودية في 2025.. عام كُتبت فيه الحكاية بين مجدٍ يصنع وخيبات مؤلمة

حصاد الكرة السعودية في 2025.. عام كُتبت فيه الحكاية بين مجدٍ يصنع وخيبات مؤلمة


لم يكن عام 2025 مجرد رقم في روزنامة الكرة السعودية، بل فصلًا كاملًا من حكاية طويلة، بدأت بقلق، ومرّت بتقلبات حادة، وانتهت بإجابات لم تكن واضحة في بدايتها.

في هذا العام، لم تكن النتائج وحدها هي العنوان، بل كانت الرحلة نفسها، بما حملته من توتر المدرجات، وضغط القرارات، وتناقض المشاعر بين الفرح الصاخب والخيبة الثقيلة، كأن الكرة السعودية قررت أن تختبر نفسها دفعة واحدة، على مستوى المنتخب والأندية، محليًا وقاريًا وعالميًا.

كان 2025 عامًا كشف الكثير مما كان مختبئًا تحت السطح. سقطت مسلمات، وارتفعت رايات لم تكن مرفوعة منذ سنوات، وتحوّل بعض الأبطال إلى مادة للجدل بدل الاحتفال، فيما خرج آخرون من الظل ليكتبوا أسماءهم في الذاكرة. لم يكن عامًا مثاليًا، لكنه كان صادقًا، وهو ما جعله أكثر تأثيرًا.

وسط هذا الزخم، ظل السؤال الأكبر حاضرًا هل ما يحدث هو مرحلة انتقالية عابرة، أم أن الكرة السعودية دخلت فعلًا زمنًا جديدًا بقواعد مختلفة؟

الأهلي.. حين عاد المجد من الباب القاري

في خضم هذا المشهد المتقلب، جاء الأهلي ليكتب واحدة من أجمل فصول العام. فريقٌ عرف الانكسار في سنوات قريبة، وعاش الهبوط ثم العودة، لكنه في 2025 قرر أن يستعيد صورته الكبرى، لا عبر بطولة محلية، بل من أعلى منصة قارية.

فوز الأهلي بلقب دوري أبطال آسيا للنخبة لم يكن مجرد إنجاز، بل كان لحظة تصالح مع التاريخ، وإعلانًا بأن النادي عاد لاعبًا أساسيًا في خريطة القارة.

تحت قيادة الألماني ماتياس يايسله، بدا الأهلي أكثر نضجًا وهدوءًا في المواعيد الكبيرة. تجاوز اختبارات صعبة، ونجح في إدارة التفاصيل الصغيرة التي تحسم النهائيات، ليُتوج بلقب انتظرته جماهيره طويلًا.

القنوات الناقلة لمباراة الأهلي ضد الرياض في الجولة 7 من الدوري السعودي 2025/2026
الأهلي السعودي – كأس السوبر السعودي
(المصدر:gettyimages)

هذا التتويج أعاد للأهلي هيبته القارية، وفتح صفحة جديدة من الطموح، خصوصًا بعد إضافة لقب كأس السوبر السعودي، ليغلق الموسم بحصاد مزدوج منح المشروع الفني شرعية حقيقية.

لم يكن اللقب نهاية الحكاية، بل بدا وكأنه بدايتها، لأن الأهلي خرج من 2025 وهو يدرك أن العودة لا تكتمل إلا بالاستمرارية.

الهلال المونديالي بلغة الأرقام والهيبة

أما الهلال، فقد اختار طريقًا مختلفًا في الحكاية، طريقًا عالميًا هذه المرة. مشاركته في كأس العالم للأندية 2025 لم تكن نزهة عابرة، بل كانت اختبارًا حقيقيًا لمدى قدرة الكرة السعودية على الوقوف في مشهد كوني مكتظ بالعمالقة.

بلغ الزعيم الدور ربع النهائي، قبل أن يتوقف مشواره أمام فلومينينسي البرازيلي، لكنه خرج وهو يحمل أكثر مما خسره.

الهلال عاد من المونديال بمكاسب مالية تجاوزت 24 مليون دولار، إلى جانب مكسب معنوي لا يقل أهمية، يتمثل في تأكيد حضوره العالمي، وقدرته على مجاراة مدارس كروية مختلفة. أسماء مثل روبن نيفيز ومالكوم لم تكن مجرد نجوم، بل أدوات لترسيخ صورة فريق يعرف كيف يمثل بلاده خارج الحدود.

هذه التجربة منحت الهلال بُعدًا جديدًا، ورسّخت فكرة أن المنافسة لم تعد محلية أو قارية فقط، بل باتت عالمية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

القنوات الناقلة لمباراة الهلال ضد فلومينينسي في كأس العالم للأندية 2025
الهلال السعودي (المصدر:Gettyimages)

الاتحاد.. ثنائية محلية بطعم السيطرة

في الداخل، كان الاتحاد هو سيد المشهد بلا منازع. الفريق الأصفر والأسود نجح في حسم لقب دوري روشن السعودي، وأضاف إليه كأس الملك، ليحقق الثنائية المحلية عن جدارة.

كان موسمًا اتسم بالقوة والاستقرار، حيث عرف الاتحاد كيف يدير سباق النفس الطويل، ويحسم المواجهات الحاسمة دون أن يفقد توازنه.

ورغم خسارة كأس السوبر، ثم رحيل المدرب لوران بلان، إلا أن حصاد الموسم لم يفقد قيمته، الاتحاد خرج من 2025 وهو بطل محلي مزدوج، وصاحب الكلمة الأقوى داخل السعودية، حتى وإن ظل السؤال مطروحًا حول شكل المرحلة المقبلة بعد التغييرات الفنية.

الثنائية لم تكن مجرد لقبين، بل كانت إعلانًا بأن الاتحاد عاد ليكون معيار المنافسة.

الاتحاد السعودي
الاتحاد السعودي (المصدر:Gettyimages)

النصر ورونالدو.. عام بلا ألقاب وأسئلة بلا إجابات

على الطرف الآخر من الحكاية، وقف النصر في منطقة رمادية. فريق يملك أسماء عالمية، ويتصدرها كريستيانو رونالدو، لكنه أنهى 2025 دون أي بطولة. خسر نهائي السوبر أمام الأهلي، وفشل في الصعود إلى دوري أبطال آسيا للنخبة، ليجد نفسه خارج المشهد القاري الأهم.

بالنسبة لرونالدو، كان العام قاسيًا على مستوى البطولات، إذ لم ينجح في إضافة أي لقب جديد إلى سجله، وهو ما فتح باب النقاش حول جدوى المشروع، وحدود الاعتماد على النجومية الفردية في لعبة تحسمها المنظومة.

ورغم أن النصر حاول تصحيح المسار لاحقًا بصفقات كبيرة وتغيير الجهاز الفني، فإن حصاد 2025 ظل نقطة استفهام كبيرة في مسيرة فريق كان مرشحًا دائمًا للذهب.

كريستيانو رونالدو - النصر - المصدر: gettyimages
كريستيانو رونالدو – النصر السعودي (المصدر:Gettyimages)

الأخضر.. طريق شاق انتهى بالمونديال

منتخب السعودية عاش واحدة من أكثر رحلاته تعقيدًا نحو كأس العالم. البداية مع روبرتو مانشيني حملت الكثير من التوقعات، لكنها اصطدمت بواقع مختلف، حيث تراجع الأداء وتعقدت الحسابات.

قرار إنهاء التعاقد مع المدرب الإيطالي كان لحظة مفصلية، أعادت هيرفي رينارد إلى المشهد في توقيت لا يحتمل الأخطاء.

رينارد أعاد الانضباط قبل النتائج، ومع الوقت عاد التوازن، فوز هنا، وتعادل هناك، ثم ملحق شاق، انتهى بتأهل سعودي جديد إلى كأس العالم 2026. لم يكن تأهلًا مريحًا، لكنه كان مستحقًا، وأعاد الثقة للجماهير، وأكد أن الأخضر يعرف طريق المونديال حتى في أصعب الظروف.

هيرفي رينارد (المصدر:Gettyimages)
هيرفي رينارد (المصدر:Gettyimages)

الأولمبي.. ذهب الخليج بلغة السيطرة

وفي فئة تحت 23 عامًا، كتب منتخب السعودية الأولمبي فصلاً مضيئًا في الحكاية، بتتويجه بلقب كأس الخليج بعد الفوز على العراق بثنائية نظيفة في النهائي. أداء منضبط، شخصية قوية، وسيطرة ذهنية في مباراة حاسمة، أكدت أن القاعدة لا تقل صلابة عن القمة.

بهذا اللقب، عزز الأخضر الأولمبي رقمه القياسي كأكثر المنتخبات تتويجًا بالبطولة، ووجّه رسالة واضحة بأن الاستثمار في الفئات السنية بدأ يؤتي ثماره.

منتخب السعودية في كأس العرب

شهدت مشاركة المنتخب السعودي في كأس العرب تحديًا جديدًا، لكنه لم يكتمل على الوجه المطلوب. فقد توقف مشوار الأخضر عند الدور نصف النهائي بعد الخسارة أمام الأردن، في مباراة أظهرت صعوبة المنافسة وضرورة تعزيز التركيز الفني والبدني للفريق.

ورغم الجهود الكبيرة التي بذلها اللاعبون، إلا أن الهزيمة جاءت لتضع المنتخب أمام اختبار جديد قبل خوض الاستحقاقات المقبلة.

ولم تتوقف المفاجآت عند هذا الحد، فقد كان من المقرر أن يواجه الأخضر نظيره الإماراتي في مباراة تحديد المركز الثالث، إلا أن سوء الأحوال الجوية أجبر المنظمين على إلغاء المباراة.

وبناءً على ذلك، تم الاتفاق على تقسيم الجوائز المالية بين الفريقين، في إجراء استثنائي يبرز تأثير الظروف الخارجية على نتائج البطولات.

هذه المشاركة، رغم عدم الوصول إلى النهائي، أعادت التأكيد على أن المنافسات العربية تظل محفوفة بالتحديات، وأن الأخضر بحاجة إلى مزيد من التجارب لتعزيز الاستقرار الفني قبل الاستحقاقات العالمية القادمة.

إنجازات الكرة السعودية في 2025

الإنجاز الفريق / المنتخب البطولة النتيجة ملاحظات
دوري أبطال آسيا للنخبة الأهلي دوري أبطال آسيا الفوز باللقب أول مرة في تاريخ الأهلي يحقق اللقب
كأس العالم للأندية الهلال كأس العالم للأندية 2025 ربع النهائي مكاسب مالية تجاوزت 24 مليون دولار
كأس الخليج تحت 23 عامًا المنتخب الأولمبي كأس الخليج U23 الفوز باللقب الفوز على العراق 2-0 في النهائي، اللقب الخامس تاريخيًا
كأس العالم 2026 المنتخب الأول تصفيات كأس العالم التأهل للمونديال حسم التأهل عبر الملحق بعد التعادل أمام العراق

ماذا تبقى من حكاية 2025؟

حصاد 2025 لم يكن أبيض بالكامل، ولا أسود تمامًا. كان عامًا مليئًا بالتناقضات، لكنه صادق في كشفه. بطولات تُحصد، وأخرى تُفقد، مشاريع تنجح، وأخرى تحتاج إلى مراجعة.

لكن الثابت أن الكرة السعودية خرجت من هذا العام أكثر نضجًا، وأكثر وعيًا بما تريد، كان 2025 عامًا يُشبه الحكايات الكبرى، لا تُروى لأنها مثالية، بل لأنها حقيقية.