إدارة ترامب تتحرك لسحب الجنسية من مجنّسين وتثير مخاوف من توظيفها سياسيًا

إدارة ترامب تتحرك لسحب الجنسية من مجنّسين وتثير مخاوف من توظيفها سياسيًا


واشنطن – أثار توجيه جديد صادر عن البيت الأبيض موجة قلق واسعة بين خبراء قانونيين وسياسيين، بعد أن أمرت إدارة الرئيس دونالد ترامب ببدء إجراءات موسّعة لسحب الجنسية من مواطنين أمريكيين مجنّسين، في خطوة حذّر منتقدون من أنها قد تكون صعبة التنفيذ قانونيًا وعمليًا، لكنها ستفاقم مناخ الخوف داخل مجتمعات المهاجرين.

وبحسب التوجيه الصادر الثلاثاء إلى مكاتب دائرة خدمات الهجرة والجنسية الأمريكية (USCIS)، طُلب من الموظفين إحالة ما بين 100 و200 قضية سحب جنسية شهريًا إلى وزارة العدل خلال السنة المالية 2026، وهو رقم غير مسبوق مقارنة بالسنوات الماضية.

وقال آرون رايخلين-ميلنيك، الباحث البارز في مجلس الهجرة الأمريكي، إن إجراءات سحب الجنسية «مُصمَّمة عمدًا لتكون شديدة الصعوبة»، ولا تُستخدم إلا في نطاق ضيق جدًا، غالبًا في حالات الاحتيال أثناء طلب التجنيس. وأشار إلى أنه بين عامي 2017 و2025 لم يتجاوز عدد القضايا المحالة إلى وزارة العدل 120 قضية فقط.

وخلال الولاية الأولى لترامب، بلغت قضايا سحب الجنسية ذروتها عند 90 قضية في عام 2018، غير أن التوجيه الجديد يعكس تصعيدًا أكبر، يتزامن مع سياسات أكثر تشددًا في ملفي الترحيل واللجوء.

ووصف رايخلين-ميلنيك فرض «حصص شهرية» لسحب الجنسية بأنه إجراء «قاسٍ ووحشي»، مؤكدًا أن هذه القضايا معقّدة وتتطلب موارد كبيرة من وزارة العدل التي تعاني أصلًا من ضغط العمل، فضلًا عن صعوبة كسبها أمام المحاكم الفيدرالية التي تشترط أدلة قاطعة.

وتُحال القضايا من دائرة الهجرة والجنسية إلى وزارة العدل، التي يتعيّن عليها إثبات أن الشخص حصل على جنسيته بشكل غير قانوني أو عبر الاحتيال، استنادًا إلى «أدلة لا لبس فيها» أمام القضاء.

من جهتها، قالت أماندا باران، المسؤولة السابقة في USCIS، إن المحكمة العليا أكدت مرارًا أن «المواطنة والتجنيس قيمتان أساسيتان في الديمقراطية الأمريكية، ولا يجوز للحكومة سلبهما وفق أهوائها»، داعية إلى تركيز الجهود على معالجة الطلبات المتراكمة بدل التنقيب في ملفات المواطنين.

وتشير التقديرات إلى أن عدد الأمريكيين المجنّسين يبلغ نحو 26 مليون شخص، أدّى قرابة 800 ألف منهم اليمين الدستورية خلال العام الماضي، فيما يُعاد تصنيف من تُسحب جنسيته في معظم الحالات كمقيم دائم قانوني.

وكان ترامب قد دعا في مناسبات سابقة إلى سحب جنسية شخصيات سياسية انتقدت سياساته، ما دفع خبراء إلى التحذير من أن الإجراء قد يتحول إلى أداة لاستهداف خصوم سياسيين. وكتب مايكل والدمان، رئيس مركز برينان للعدالة، أن «الدافع في مثل هذه الحالات لا يبدو مرتبطًا بجريمة بقدر ما هو مرتبط بما يُعدّه الرئيس عدم ولاء».

وأشار خبراء إلى أن سحب الجنسية استُخدم تاريخيًا كسلاح سياسي، لا سيما خلال فترة «الذعر الأحمر» في خمسينيات القرن الماضي، محذرين من أن فرض حصص شهرية بأرقام مرتفعة قد يسيّس هذه الأداة القانونية النادرة ويغذّي حالة خوف وعدم يقين لدى ملايين الأمريكيين المجنّسين.