هكذا يعمل جواسيس إيران داخل إسرائيل.. من هي الفئات المستهدفة؟

هكذا يعمل جواسيس إيران داخل إسرائيل.. من هي الفئات المستهدفة؟


في ظل استمرار التوترات الأمنية والعسكرية بين إسرائيل وإيران، تتزايد التحذيرات داخل الأوساط الأمنية الإسرائيلية من تنامي ظاهرة تجنيد جواسيس لصالح طهران داخل المجتمع الإسرائيلي، في مؤشر يُنظر إليه على أنه جزء من استعدادات إيرانية لمواجهة محتملة في المستقبل.

وكشفت تقارير إعلامية إسرائيلية أن أجهزة الاستخبارات الإيرانية نجحت خلال الفترة الأخيرة في تجنيد عدد من الإسرائيليين، من بينهم جندي يخدم في الجيش النظامي، في عمليات تجسس وُصفت بأنها متكررة ومتطورة في أساليبها. وأشار مراسلون عسكريون إلى أن الأجهزة الأمنية لا تعلن بالضرورة عن جميع حالات التجسس التي يتم كشفها، ما يثير مخاوف من حجم الاختراق الفعلي.

وبحسب مصادر أمنية، تعتمد الاستخبارات الإيرانية بشكل أساسي على التجنيد عن بُعد، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتطبيقات المراسلة، ومنصات “العمل من المنزل”، مستغلة الإغراءات المالية أو الدوافع الأيديولوجية، وأحياناً أساليب الابتزاز. وتبدأ عمليات التجنيد عادة بمهام بسيطة، قبل أن يتم رفع مستوى التكليفات تدريجياً وصولاً إلى أعمال تخريبية أو محاولات اغتيال.

وتدار هذه الشبكات، وفق التقديرات الإسرائيلية، من قبل الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس وأجهزة استخبارات أخرى، وغالباً عبر وسطاء وشبكات إجرامية تعمل خارج إسرائيل. وتستخدم هذه الجهات تطبيقات مثل “تلغرام” و”واتساب” ومنصات مثل “فيسبوك” و”إنستغرام”، إضافة إلى مواقع إعلانات وظائف ذات أجور مرتفعة، لاستقطاب مجندين محتملين من مختلف شرائح المجتمع.

وتشير التقارير إلى أن الفئات المستهدفة تشمل عرباً ويهوداً، عمالاً أجانب، مهاجرين جدد، وأحياناً أشخاصاً على صلة برجال أعمال أو منظمات حقوقية أو صحفيين، كما تمر بعض عمليات التجنيد عبر الجاليات اليهودية والإسرائيليين في الخارج. ويُعرض على المجندين مبالغ مالية تتراوح بين مئات وآلاف الدولارات مقابل تنفيذ مهام مثل تصوير منشآت حساسة، أو مراقبة مواقع عامة، أو توزيع مواد دعائية، مع زيادة المقابل كلما ارتفع مستوى المخاطرة.

وفي مراحل لاحقة، وبعد التأكد من التزام الشخص المجند، تُكلف له مهام أكثر خطورة، تشمل تتبع أفراد، تصوير منازل شخصيات أمنية أو علمية، زرع أجهزة تتبع أو كاميرات، أو إخفاء معدات وأموال في مواقع محددة. وفي بعض الحالات، يُختبر استعداد المجند للانتقال إلى أعمال عنف مباشرة، مثل تنفيذ عمليات تخريب أو البحث عن منفذين لاغتيالات مأجورة.

وتؤكد المصادر أن إيران تركز في تجنيدها على أشخاص لا يملكون خلفية استخباراتية، مثل العاطلين عن العمل، المثقلين بالديون، شبان يبحثون عن المغامرة، مجرمين محليين، أو حاملي جنسيات مزدوجة، إضافة إلى سكان مناطق خاضعة لإجراءات تصاريح خاصة. كما يُستغل الانقسام الداخلي داخل المجتمع الإسرائيلي، بين اليهود والعرب، والمتدينين والعلمانيين، واليمين واليسار، لإضفاء طابع “سياسي” على هذه العمليات، في حين تُعد في جوهرها جزءاً من منظومة استخباراتية إيرانية منظمة.

ويرى مراقبون إسرائيليون أن تصاعد هذه الظاهرة يمثل تهديداً أمنياً متنامياً، خصوصاً في ظل تقديرات تشير إلى استعداد إيران لجولة جديدة من المواجهة، قد تشمل استخدام ترسانة متقدمة من الصواريخ الباليستية. وفي هذا السياق، تتزايد الدعوات داخل إسرائيل إلى تشديد العقوبات بحق من يُدان بالتجسس، باعتبار أن الردع الصارم هو السبيل الوحيد للحد من هذه الظاهرة المتفاقمة.