إسرائيل تؤسس تحالفًا جويًا استراتيجيًا مع اليونان وقبرص في شرق المتوسط
كشفت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أن تل أبيب شرعت خلال الفترة الأخيرة في بلورة تحالف استراتيجي مع كل من اليونان وقبرص، يركز بصورة أساسية على التعاون في مجال القوات الجوية، وذلك في إطار إعادة ترتيب موازين القوى في شرق البحر الأبيض المتوسط، على خلفية تنامي الدور التركي في الإقليم.
ووفق التقرير، تنظر إسرائيل بقلق متزايد إلى التحركات التركية الهادفة إلى توسيع نفوذ أنقرة الإقليمي، سواء عبر السعي لترسيخ وجود مباشر في سوريا، أو الانخراط في ترتيبات أمنية متعددة الجنسيات في غزة، إضافة إلى تعاونها مع حكومتي ليبيا لإبرام اتفاقيات بحرية تمنحها موقعًا متقدمًا للتأثير في المجالين البحري والجوي في شمال وشرق المتوسط.
تعاون جوي ورسالة استراتيجية
وأوضحت الصحيفة أن الرد الإسرائيلي على هذه التحركات جاء عمليًا من خلال دفع التعاون العسكري مع أثينا ونيقوسيا إلى مستوى أكثر تقدّمًا، وبخاصة في سلاح الجو. وفي هذا السياق، كلّفت القيادة الإسرائيلية قائد سلاح الجو، اللواء تومر بار، وعددًا من كبار الضباط، بإجراء اتصالات مباشرة مع نظرائهم في اليونان وقبرص.
وبحسب المعطيات، عقد اللواء بار اجتماعًا ثلاثيًا مع قائدي القوات الجوية في البلدين، تناول سبل تعميق التنسيق العملياتي، وتوسيع نطاق التدريبات المشتركة، والعمل على بناء منظومات دفاع جوي متكاملة تعزز قدرة الجيوش الثلاثة على العمل المشترك في حالات الطوارئ.
القلق من تقييد حرية الحركة الجوية
ويعبّر سلاح الجو الإسرائيلي، وفق التقرير، عن مخاوف متزايدة من احتمال إقدام تركيا على خطوات من شأنها تقييد الممرات الجوية في شمال وشرق البحر الأبيض المتوسط، ولا سيما عبر نشر أنظمة رادار ودفاع جوي داخل الأراضي السورية.
وترى التقديرات الإسرائيلية أن مثل هذه الخطوات قد تؤدي إلى تقليص هامش حرية الحركة الجوية التي تتمتع بها حاليًا الطائرات الإسرائيلية فوق سوريا والعراق ولبنان، وكذلك في المسارات الجوية المؤدية إلى إيران. وتُعد هذه الحرية، من وجهة النظر العسكرية الإسرائيلية، ركيزة استراتيجية أساسية في أي سيناريو مستقبلي يتطلب تنفيذ عمليات جوية بعيدة المدى.
اليونان وقبرص… شريكان استراتيجيان
وتنظر إسرائيل إلى شراكتها مع اليونان وقبرص بوصفها تحالفًا استراتيجيًا طويل الأمد. فالجيش اليوناني يمتلك قوة جوية متطورة تضم طائرات من طراز «إف-35» و«إف-16» المطوّرة، إلى جانب بنية تحتية عسكرية واسعة تسمح بإجراء تدريبات جوية مشتركة معقدة.
أما قبرص، فرغم محدودية حجم قوتها الجوية، فإنها تمتلك قدرات مهمة في مجال الطائرات العمودية القتالية وطائرات النقل، فضلًا عن موقعها الجغرافي الذي يمنحها أهمية استثنائية في الحسابات العسكرية الإسرائيلية.
وفي سوابق عملياتية، تحولت مطارات قبرص في فترات توتر إقليمي إلى نقاط بديلة للطيران المدني الإسرائيلي، كما أجرى سلاح الجو الإسرائيلي تدريبات تحاكي استخدام مدارج مطارات قبرص كبديل لقواعده الجوية في حال تعرضت لهجمات صاروخية.
«حاملة طائرات» ثابتة في المتوسط
وفي هذا الإطار، يُنظر داخل إسرائيل إلى قبرص، وكذلك لدى أطراف إقليمية أخرى، على أنها أشبه بـ«حاملة طائرات ثابتة» في شرق المتوسط، ما يمنح التحالف الثلاثي بعدًا استراتيجيًا إضافيًا، سواء من حيث الانتشار الجوي أو ضمان استمرارية العمليات في حالات الطوارئ.
وأشار التقرير إلى أن الخطوات التي قادها اللواء تومر بار مؤخرًا شملت توسيع نطاق المناورات المشتركة، وتعميق تبادل المعلومات، ووضع أسس لتنسيق دفاعي وجوي طويل الأمد بين الجيوش الثلاثة.
رسالة سياسية وعسكرية
وترى الأوساط الإسرائيلية أن الاجتماع الثلاثي الأخير لم يكن مجرد تنسيق عسكري تقني، بل حمل في طياته رسالة سياسية وعسكرية واضحة، مفادها أن إسرائيل ماضية في بناء شبكة تحالفات إقليمية قادرة على موازنة النفوذ التركي المتصاعد، وأنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي محاولات لتغيير قواعد اللعبة أو الواقع القائم في شرق البحر الأبيض المتوسط.

تعليقات