الإجازة الصيفية فرصة لتعليم الطفل مهارات التوفير والتخطيط المالي.

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


مسقط في 19 يوليو/العُمانية/ تعد الإجازة الصيفية فرصة مثالية لغرس مفاهيم
الوعي المالي لدى الأطفال، وتعريفهم بسلوكيات الادخار وتنمية ريادة الأعمال؛ إذ يرى
مختصون أن تعليم الطفل التخطيط لمصروفه في سن مبكرة، يسهم في بناء شخصيته على مبدأ
المسؤولية والاعتماد على الذات. ومع تطور الوسائل الرقمية وتنوع الأنشطة الصيفية، يمكن
للأسرة تحويل مفهوم المال والادخار إلى تجربة تربوية تفاعلية تكسب الطفل قيمًا مثل
العطاء والمثابرة والتفكير الجيد.

وتقول رجاء بنت عبدالله السعيدية أخصائية نفسية وتعديل سلوك: إن الجو الأسري
المحيط بالطفل يعد البيئة الأولى التي يكتسب منها سلوكياته المالية. وعندما ينشأ الطفل
في بيئة تمارس التنظيم المالي بشكل عملي وواضح ويشاهد والديه يخططان لمصاريف الشهر
لأهداف معينة، فإنه يكتسب هذه المهارات بالملاحظة والتقليد.

وأضافت السعيدية: يمكن للأسرة أن تبدأ تعويد الطفل على إدارة المال من
خلال إعطائه مصروفًا منتظمًا وتدريبه على تقسيمه بين الادخار والإنفاق والمشاركة، مع
إشراكه في قرارات الشراء الصغيرة لتنمية تفكيره النقدي وتعليمه المفاضلة بناءً على
الميزانية المتوفرة.

وفيما يتعلق بالأدوات المبتكرة لتشجيع الأطفال على الادخار خلال العطلة
الصيفية في ظل الانتشار الواسع للتقنية، ترى السعيدية أن الأسرة يمكنها استثمار هذا
الوقت باستخدام أساليب تتناسب مع التطور الرقمي الذي نشهده الآن، منها تطبيق “Bankaroo” أو “PiggyBot” ، وهما تطبيقان مخصصان للأطفال
لتعليمهم إدارة أموالهم، مع عدم إغفال فكرة تحدي الادخار الصيفي الذي يلتزم فيه كل
طفل بادخار مبلغ أسبوعي مقابل مكافأة رمزية نهاية الشهر، وفكرة إنشاء دفتر مالي يدون
فيه رحلته مع الادخار وأهدافه.

وأشارت إلى أن الأطفال الأصغر سنًا يمكن مساعدتهم على الادخار من خلال
وضع ملصقات تحفيزية على “الحصالة”، وهكذا يتشكّل هدف الادخار إلى سلوك مترسخ
في وعي الطفل، وليس مجرد إجراء مالي.

وفي السياق ذاته، يبين فلاح بن حسن اللواتي (مستشار أسري)، أن فكرة إعطاء
الأطفال مبلغًا من المال بشكل منتظم صيفًا أو على مدار العام لهو أمر إيجابي. وتسهم
هذه الفكرة في تنمية أبعاد تربوية ونفسية مختلفة سواء بين الطفل وذاته أو بين الطفل
ووالديه.

وأوضح اللواتي: “أما في البعد التربوي فيوجد حالة الثقة في نفس الطفل،
إذ يرى أنه بالإمكان أن يعتمد على نفسه في جزء من احتياجاته. كما يوجد حالة من الاطمئنان
في نفسه تجاه والديه بأنهم يثقون به ولذلك يعطونه هذا المال للتصرف فيه، كما يسهم
في بناء المسؤولية والاستقلالية لدى الطفل، ويمنحه مساحة آمنة لاتخاذ قرارات مالية
شخصية، الأمر الذي يستلزم منه أن يتحمل نتائج اختياراته.”

ويتابع اللواتي بقوله: “إن إعطاء الطفل مصروفًا يعلمه مهارة الإشباع
المتأخر، إذ يتعلم من تجاربه ألا يكون عجولًا في قراراته، بل يكون صبورًا مثابرًا في
سبيل الوصول إلى هدف يسعى إليه، خاصة مع ملاحظة أن بعض الشباب اليوم يفتقرون إليها،
وهو ما ينعكس سلبًا على حياتهم أو علاقاتهم الزوجية التي تتأثر بقرارات متسرعة لا تتحلى
بروح الصبر والتفاهم”.

ويشير اللواتي إلى أنه من خلال المصروف والتحكم فيه يتعلم الطفل مهارة
التخطيط المالي، وكيفية اتخاذ القرارات وتقديم الاحتياجات والأولويات على الرغبات.

ومن أبرز الأخطاء التي يقع فيها بعض الأهل – بحسب اللواتي – التدخل الزائد
في قرارات أبنائهم المالية، متناسين الهدف الرئيسي من وضع المصروف لاعتماد الطفل على
نفسه في قراراته؛ لأن هذا التدخل يضعف ثقة الطفل بنفسه ويُفقده الاستقلالية. لذلك،
يُنصح الآباء بمتابعة الطفل عن بُعد ويكون لهم دور توجيهي في حوارات الأسرة المالية
أو استخدام الألعاب التربوية لتعليم الأطفال مهارات الإدارة المالية، ويمكن استخدام
هذه الألعاب قبل إعطاء المصروف الفعلي أو في أثنائه حتى يتعلم المهارة ويطبقها في واقع
الحياة.

فيما يشير يوسف بن راشد المفرجي (مدرب في الوعي والثقافة المالية)،
إلى أن الإجازة الصيفية فرصة مناسبة لتعليم الطفل مهارات حياتية مهمة، وعلى رأسها كيفية
إدارة المال. وعندما يتعلم الطفل كيف يتصرف بمصروفه اليوم، ستكون له القدرة
مستقبلًا على اتخاذ قرارات مالية حكيمة، لذا تبدأ الخطوة الأولى بالاقتراب من عالمه
وتفكيره والتحاور معه بلغة بسيطة، ونسأله: ماذا تحب أن تشتري؟ ما الذي تحتاجه فعلًا؟
هل تفكر بادخار مبلغ لشيء أكبر؟ ونشرح له بحسب عمره كيف يفرّق بين الرغبة والحاجة.

ويرى المفرجي أنه كلما كبر الطفل نقوم بتطوير أدوات التعليم معه؛ ففي عمر
الأربع سنوات يمكن أن نستخدم معه صندوقًا بألوان مختلفة، وفي عمر الثامنة يمكنه أن
يكتب أهدافه في دفتر، أما في عمر الثانية عشرة يمكنه أن يضع خطة شهرية ويقارن بين ما
خطط وما نفّذ.

ويتابع المفرجي: “إن تعليم الطفل تقسيم مصروفه لأهداف محددة يرسخ
فيه قيمًا نبيلة، منها الادخار الذي يعلمه الصبر والتفكير في المستقبل وتحديد الأولويات،
فالتبرع يعلمه الشعور بالرحمة والكرم وقيمة العطاء، كما أن الترفيه يوفر له مساحة من
التوازن والفرح، وبهذا نحقق مفهوم التوازن المالي لديه، وأن المال ليس فقط لمتعة لحظية،
بل له أهداف ورسالة.”

ويؤكد أن التكامل بين التربية والتعليم المالي يسهم في تشكيل شخصية طفل
واعٍ ماليًا، منظم التفكير، مسؤول عن قراراته. فالتربية تغرس العادات وتوجه القيم،
والتعليم المالي يعطي الطفل أدوات الفهم وينمي فيه ريادة الأعمال.

ويضيف المفرجي، أنه من الأنشطة التي يمكن أن يبني عليها الطفل أفكاره لتصبح
مصدرًا لمدخراته في الإجازة الصيفية، وعلى سبيل المثال لا الحصر: فتح ركن بسيط يبيع
فيه الحلويات أو الألعاب أثناء التجمعات العائلية أو وقت العصر، فهذا النشاط يعلّمه
مهارة الشراء والبيع والحساب.

وأضاف: أما الفكرة الثانية، فتتمثل في عمل أشياء بسيطة مثل صنع السفن الورقية
أو السيارات الصغيرة أو الإكسسوارات أو تزيين الدفاتر، وهنا بإمكان الأب والأم أن يوفرا
له الأدوات ويشجعانه على الإنتاج ليتعلم كيف يحول موهبته إلى مصدر دخل. أما الفكرة
الثالثة فهي فكرة إعادة التدوير مثل تزيين علب أو صنع قوالب خاصة بالزرع من العبوات
البلاستيكية، وأيضًا فكرة جميلة أن يبدأ مشروع حصالة الصيف يجمع فيها جزءًا من مصروفه
وأرباحه من الأنشطة لهدف ادخاري معين.

وهذه الأفكار تغرس فيه حب العمل وحب الإنتاج، وفي الوقت نفسه تعلمه كيف
يدير ماله بطريقة ممتعة.

/العُمانية/

إيمان العويسية



‫0 تعليق

اترك تعليقاً