السلطات الفرنسية تمنع إعلان انفصال منطقة القبائل في الجزائر
في خطوة اعتبرت ضربة قوية للحركة الانفصالية، منعت السلطات الفرنسية تنظيم تجمع كان من المقرر أن تعلن فيه الحركة المعروفة باسم “الماك” استقلال منطقة القبائل عن الجزائر.
وجاء قرار المنع عن طريق محافظ مقاطعة “ليزفلين”، الذي أصدر أمراً يقضي بحظر المراسم المقررة يوم الأحد 14 ديسمبر 2025 في قصر المؤتمرات بفرساي، مبرراً ذلك بدواعٍ أمنية. هذا القرار أفسد كافة التحضيرات التي قامت بها الحركة خلال الأسابيع الماضية، والتي شملت الترويج لموعد الإعلان ودعوة شخصيات أجنبية وناشطين من الخارج للمشاركة.
رفض داخلي واسع للمشروع الانفصالي
موازاةً مع القرار الفرنسي، شهدت الجزائر تجنداً شعبياً واسعاً داخل منطقة القبائل وخارجها لرفض المشروع الانفصالي ونبذ أفكاره. وأصدر إعلاميون وأكاديميون وباحثون وناشطون ثقافيون بياناً مشتركاً أكدوا فيه تمسكهم بوحدة الجزائر واستحضارهم للذاكرة النضالية الوطنية المشتركة.
وشدد الموقعون على أن نضال الحركة الثقافية الأمازيغية في الجزائر كان دائماً نضالاً وطنياً ثقافياً وديمقراطياً وهوياتياً، ولم يكن في أي وقت انفصالياً أو معادياً للوطن. كما ذكر البيان أن أهداف الحركة تمثلت في إعادة الاعتبار للهوية الأمازيغية وترسيم اللغة الأمازيغية وترقيتها، جنباً إلى جنب مع العربية والإسلام، وتعزيز دولة القانون والحريات والعدالة الاجتماعية ضمن إطار جزائر موحدة.
وأشار الموقعون، من بينهم الباحث ناصر جابي والكاتب عبد العزيز غرمول، إلى أن أبناء منطقة القبائل كانوا عبر التاريخ جزءاً أصيلاً وفاعلاً من الجزائر، وساهموا في المقاومة الشعبية ضد القوى الغازية، وكانوا في طليعة الثورة التحريرية، ثم مرحلة بناء الدولة الوطنية والنضال من أجل الديمقراطية والحريات. وأكد البيان رفض أي مشاريع تهدف لتفكيك البلاد أو فصل أي جزء من ترابها، معتبرين أن وحدة الجزائر وسيادتها خط أحمر لا مساومة فيه.
مواقف الأحزاب والمسؤولين المحليين
من جانب الأحزاب السياسية، صدرت بيانات وبيانات صحفية رافضة للمشروع الانفصالي. واعتبر رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، عثمان معزوز، أن منطقة القبائل لا يمكن أن تكون إقليماً منفصلاً، مؤكداً أن المنطقة تشكل أحد أعمدة الأمة التاريخية والثقافية والسياسية.
وفي موقف بارز، أعرب الهادي ولد علي، المسؤول السابق للحركة الثقافية الأمازيغية، عن معارضته القاطعة لمشروع انفصال منطقة القبائل، موضحاً أن موقفه نابع من مسؤولية أخلاقية وسياسية وتاريخية. وأكد أن نضاله في الحركة كان دائماً دفاعاً عن الهوية الأمازيغية واللغة والحقوق ضمن إطار الوحدة الوطنية، وأن اختزال الحركة في مشاريع انفصالية يُعد خيانة لتاريخها وروحها.
وأكد ولد علي أن المنطقة كانت دائماً جزءاً أصيلاً من الجزائر وساهمت في المقاومة الشعبية والثورة التحريرية وبناء الدولة الحديثة، وأن مسارها تاريخياً كان سلمياً وسياسياً داعماً للتعددية والمواطنة وليس التفكك الإقليمي. وشدد على أن ربط المنطقة بمشروع الانفصال يشوّه تاريخها ويغذي وهم الاستقلال، مشدداً على أن مصير القبائل مرتبط بمصير الوطن كله وأن الوحدة الوطنية هي الضمان لمستقبل الجزائر.
ودعا المسؤول السابق أبناء المنطقة للاضطلاع بدورهم التاريخي في خدمة الجزائر الموحدة، مؤكداً أن المرحلة الراهنة تتطلب الوحدة والوعي والمسؤولية، وأن نضال الحركة الثقافية كان ثقافياً وديمقراطياً وهوياتياً من أجل الاعتراف بالأمازيغية كلغة وطنية ورسمية وبناء دولة القانون والحريات والعدالة الاجتماعية.

تعليقات