توتر متصاعد على الحدود اللبنانية–الإسرائيلية… وخيارات صعبة أمام حزب الله مع اقتراب المهلة الدولية
تشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية حالة من التوتر المتسارع، مع استعداد إسرائيل لاتخاذ خطوات ميدانية قد تؤدي إلى مواجهة واسعة مع حزب الله، في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية على بيروت لتنفيذ التزاماتها المتعلقة بنزع سلاح الحزب جنوب نهر الليطاني.
وخلال مقابلة مع برنامج “التاسعة” على سكاي نيوز عربية، قدّم الكاتب والباحث السياسي حسن الدر قراءة موسعة لديناميات الصراع، محدداً أبعاد التوتر بين الدولة اللبنانية، حزب الله، وإسرائيل، ضمن مشهد إقليمي يخضع لرقابة أميركية وأوروبية مكثّفة، ومع اقتراب انتهاء المهلة الدولية المتصلة بتطبيق القرار 1701.
استعدادات إسرائيلية لمواجهة شاملة
وفق تحليل الدر، رفع الجيش الإسرائيلي مستوى التأهب بشكل غير مسبوق على طول الحدود الشمالية، مع توسيع نطاق التدريبات على سيناريوهات حرب واسعة، تشمل:
انتقالاً سريعاً إلى حالة الطوارئ.
إطلاقاً كثيفاً للصواريخ.
التعامل مع ضربات مفاجئة من حزب الله.
اختبار منظومات الدفاع والجاهزية اللوجستية.
ويشير الدر إلى أن تل أبيب لم تعد تنظر إلى المواجهة المقبلة كعملية تكتيكية محدودة، بل كخطة منهجية تهدف إلى فرض موقع ضعف استراتيجي على حزب الله.
وتعزز هذا التوجه، بحسب الدر، عملية اغتيال هيثم طبطبائي، رئيس أركان حزب الله، الذي كان صلة الوصل الأساسية مع الحرس الثوري الإيراني، ما أدى إلى اهتزاز شبكة التنسيق الخارجية للحزب.
خيارات حزب الله بين التصعيد والتسوية
يرى الدر أن حزب الله يقف عند مفترق حساس، تتوزع خياراته فيه على ثلاثة مسارات:
1. التصعيد العسكري المباشر
استناداً إلى خطاب القوة والردع الذي تبناه الحزب منذ سنوات، لكنه خيار ينطوي على مخاطرة كبيرة في ظل التفوق الجوي الإسرائيلي والضغط الدولي.
2. الحفاظ على خطاب القوة دون الانجرار إلى حرب
أي الاستمرار في إطلاق رسائل ردعية محسوبة، من دون الدخول في مواجهة واسعة غير مرغوبة جغرافياً وسياسياً.
3. التراجع التكتيكي وقبول تسوية جديدة
ويعد هذا الخيار، بحسب الدر، الأكثر دعمًا من باريس وواشنطن، إذ يهدف إلى:
إعادة تثبيت الدولة اللبنانية كمرجعية وحيدة في الجنوب.
وضع خطة تدريجية لنزع سلاح المناطق جنوب الليطاني.
الدفع نحو مؤتمر دولي لتعزيز قدرات الجيش اللبناني أمنياً وميدانياً.
المشهد يتجاوز حزب الله: الدولة اللبنانية في قلب الصراع
يؤكد الدر أن الصراع لم يعد محصورًا بين حزب الله وإسرائيل، بل بات بين الدولة اللبنانية وإسرائيل. ويشير إلى سلسلة خطوات دبلوماسية وإدارية اتخذتها بيروت لخفض التوتر، أبرزها:
تعيين السفير سيمون كرم رئيسًا للجنة “الميكانيزم”.
إطلاق قنوات تواصل دبلوماسية مع الأمم المتحدة والوسطاء الأميركيين.
تقديم خطط واضحة لضبط الوضع جنوب الليطاني.
لكن في المقابل، يرى الدر أن كل خطوة لبنانية إيجابية تقابلها إسرائيل بضغط إضافي، كما حدث في الغارات الليلية المكثفة على الجنوب عقب جلسة اللجنة الأخيرة.
رهان حزب الله على الدولة اللبنانية
يشدّد الدر على أن “الرهان الحقيقي” لحزب الله اليوم هو الدولة اللبنانية نفسها، لأنها الجهة الوحيدة المخولة بالتفاوض مع إسرائيل عبر الوسطاء الدوليين، وتقديم الضمانات اللازمة لتنفيذ أي اتفاق محتمل.
وتتضمن الخطط المطروحة:
فرض سيطرة الدولة على كامل مناطق جنوب الليطاني.
منع انتقال أسلحة الحزب نحو الحدود.
تقليص المساحات العملياتية التي يستخدمها الحزب في المواجهة.
لكنّ تنفيذ المرحلة الثانية من الخطة اللبنانية يظل مرهوناً بقدرة الدولة على فرض إرادتها عملياً، بينما تعمل إسرائيل – بحسب الدر – على منع تنفيذ المرحلة الأولى أصلاً، ما يضع الحزب أمام تحدٍ مزدوج:
دعم الدولة وفي الوقت نفسه الدفاع عن لبنان في حال وقوع مواجهة.
مشهد مفتوح على تصعيد… وتدخلات دولية خجولة
في ظل هذا التعقيد، تتحرك الدبلوماسية الأوروبية لدعم الأمن الداخلي اللبناني وتقوية مؤسسات الدولة، لكن دون خطط واضحة لاحتواء التصعيد المتنامي على الحدود.
وفي وقت يواصل فيه الجيش الإسرائيلي تعزيز قواته، ويعلن حزب الله جاهزيته، يبقى المشهد الإقليمي مفتوحًا على احتمالات شديدة الحساسية، قد تتراوح بين تسوية سياسية دقيقة أو مواجهة واسعة لا تبدو بعيدة عن حسابات الطرفين.

تعليقات