أنشيلوتي لا يزال في بيرنابيو.. هل أصبحت إقالة ألونسو ضرورية ؟

أنشيلوتي لا يزال في بيرنابيو.. هل أصبحت إقالة ألونسو ضرورية ؟


منذ وصول تشابي ألونسو إلى مقعد المدير الفني لفريق ريال مدريد، بدا وكأن النادي الملكي يستعد لفتح صفحة جديدة تُعيد تشكيل هويته الفنية وتستثمر جيلًا جديدًا من النجوم.

بعد 15 جولة فقط، تحوّل الحلم إلى كابوس لعاشق ريال مدريد، الذي أطلق صافرات الاستهجان بعد الهزيمة من سيلتا فيجو في ملعب سانتياجو بيرنابيو.

ما بين عدم السيطرة على النجوم، ومحاولة تشابي ألونسو إظهار عكس ذلك، سقط ريال مدريد في الفخ، وأصبح مُستباحًا لأي فريق حتى على ملعبه، قلعة بيرنابيو.

ألونسو يفقد السيطرة مبكرًا

عندما وصل تشابي ألونسو، أكد في المؤتمر الصحفي الأول له، أنه لا يوجد لاعب يضمن مركزه في فريق ريال مدريد، والجميع عليهم أن يقاتلوا من أجل الحصول على مكان أساسي.

“الجميع عليه أن يركض لاستعادة الكرة، ولا حصانة لأي لاعب في النادي الملكي كما كانت الأمور من قبل”.. هكذا وصفت التقارير الإسبانية طريقة تفكير ألونسو في البداية.

المؤشرات داخل غرفة ملابس ريال مدريد مؤخرًا أصبحت غير مطمئنة، مع شخصيات مزاجية داخل الفريق، وثِقَل إعلامي لبعضهم، مما عقد الأمور أمام تشابي ألونسو.

قبل وصول تشابي ألونسو إلى ريال مدريد، كان يقود باير ليفركوزن، وهو الفريق الذي لم يكن لديه نفس دوافع النادي الملكي، وكذلك الطموح والضغط الإعلامي على المدرب الإسباني.

تشابي ألونسو – مبابي – فينيسيوس – بيلنجهام

مع مرور الوقت، وجدنا ألونسو يفقد السيطرة، منذ مشاركة جود بيلينجهام بعد عودته من الإصابة، وتعرضه للإهانة من فينيسيوس جونيور بعدما قرر إخراجه من مباراة الكلاسيكو، مما انعكس على أداء الفريق.

أنشيلوتي لا يزال في بيرنابيو

في نفس الوقت من الموسم الماضي، كانت الأمور غير مستقرة في ريال مدريد؛ خمس هزائم في أول أربعة أشهر فقط من الموسم، بينما لم يتلقَّ الفريق سوى هزيمتين طوال الموسم الذي سبقه بأكمله.

كان أنشيلوتي يعيش أحد أكثر مواسمه تعقيدًا مع النادي الملكي؛ مدربٌ يظهر وكأنه مقيَّد، لا يملك رفاهية إدارة الأسماء الكبرى كما ينبغي: لا يستطيع استبعاد مبابي رغم تراجع مستواه، ولا يمنح إندريك مساحة كافية لإثبات نفسه، ولا يقدر على تعديل أسلوب اللعب في مرحلة حساسة من الموسم.

كارلو أنشيلوتي كان قاب قوسين من الإقالة في إيفرتون، قبل أن يعيده ريال مدريد إلى الواجهة من جديد، ليفوز ويحقق ويترك للاعبيه حرية الأداء.

كارلو أنشيلوتي - ريال مدريد - المصدر: (Getty images)
كارلو أنشيلوتي – ريال مدريد – المصدر: (Getty images)

وهي واحدة من أهم مميزاته، فهو يمثل المدرسة الكلاسيكية التي تمنح اللاعب مساحة الإبداع قبل أن تُقيده بتعقيدات تكتيكية قد تقلل من خطورته.

في الموسمين الماضيين، كانت تشكيلة المباريات تُعلَن قبلها بساعتين، ثم يبدأ السيناريو المعتاد: مرّر الكرة إلى فينيسيوس جونيور ودع الأمور تسير. وإذا أهدر فيني ركلة جزاء، يجد من يربت على كتفه ويقول له: “وعدتني أن تُسجل التالية”.

هذا ليس إطار عمل لمدرب كبير، بل تعامل هش مع منظومة تحتاج حسمًا وهيبة، ولم يعد ذلك الأمر ممكنًا مع أنشيلوتي مثلما كان في ميلان.

أنشيلوتي سبق أن سيطر على غرفة ملابس تعجّ بالنجوم الحقيقيين: بيرلو، جاتوزو، سيدورف، شيفتشينكو، إنزاجي، كوستا، مالديني، نيستا، وديدا. جيل لم يعرف مواقع التواصل الاجتماعي، ولا عقودًا خيالية، ولا أضواء إعلامية تتصيّد كل إيماءة وكل كلمة.

أما مع وصول مبابي في الموسم الماضي، وامتلاك الفريق لأسماء ضخمة مثل بيلينجهام وفينيسيوس ورودريجو، خرج المشهد عن السيطرة. كارلو لم يعد يعرف كيف يستفيد منهم فنيًا، ويترك لهم حرية مطلقة بلا توجيه، ثم يجد نفسه كل أسبوع يتعامل مع تصريح أو تلميح يُفسَّر بعشر طرق مختلفة، بينما يكتفي هو بدور الشخص المُسالم لا المُسيطر، لأنه لم يعد يستطيع السيطرة.

جاء أنشيلوتي إلى ريال مدريد بعد مورينيو في 2013 لإنقاذ غرفة ملابس منفلتة، لكنه في الموسم الماضي هو نفسه من فقد زمام الأمور.

في عالم كرة القدم الحديثة، المدرب الذي لا يطلب لاعبين، ولا يضع شروطًا، ولا يمتلك مشروعًا فنيًا واضحًا، لم يعد مناسبًا، ولا يمكن الاعتماد إلى الأبد على فلورنتينو بيريز وحده هو من يدير كل شيء، مهما كانت مهارته في اختيار اللاعبين. في النهاية، الفريق هو هوية مدربه.

وبالتالي، فإن أنشيلوتي الذي كان يتميز في السيطرة على غرفة خلع الملابس، ومحاولة تجنب الصدامات، لم ينجح مع فريق مُدجج بالنجوم في الموسم الماضي، لأنه لم يعد يستطيع السيطرة كما أكدنا، والنتائج ربما كانت مشابهة في نفس الفترة.

المدرب عدد المباريات الفوز التعادلات الخسارة
تشابي ألونسو 16 11 3 2
كارلو أنشيلوتي 16 10 4 2

ألونسو وبداية السقوط بعودة بيلينجهام

وصل ألونسو في الصيف، ورغم خسارة كأس العالم للأندية، لم يكن هو المُلام. بدأ يضع الأمور في نصابها، وكانت بداية الموسم مثالية، مع 7 انتصارات على التوالي، قبل أن يعود بيلينجهام.

في مواجهتي إسبانيول وليفانتي في الليجا، كان جود بيلينجهام قد عاد بعد تعافيه من جراحة الكتف التي أجراها عقب كأس العالم للأندية.

وضد أتلتيكو مدريد، بدأ بيلينجهام أساسيًا، في تشكيل غير معتاد للملكي الذي كان يعتمد على أردا جولر في عمق الملعب، مما أظهر الفريق هشًا في الوسط، مع الخسارة 5-2 في ملعب واندا ميتروبوليتانو.

تعافى ريال مدريد وحقق 6 انتصارات متتالية، بما في ذلك الفوز بالكلاسيكو وتسجيل بيلينجهام، في المباراة الأفضل للإنجليزي، ولكن في ذلك الوقت كان المدرب الإسباني يفقد السيطرة.

فينيسيوس - ألونسو - أنشيلوتي
فينيسيوس – ألونسو – أنشيلوتي

في مواجهة كايرات ألماتي، رفض فيديريكو فالفيردي إجراء عمليات الإحماء عندما علم بأنه لن يدخل، وهو ما أدى لغضب ألونسو، قبل أن يخرج تشابي في المؤتمر ينفي ذلك، ويصدر الأوروجوياني بيانًا يوضح من خلاله أنه تحت تصرف ألونسو.

في الكلاسيكو خرج فينيسيوس من الملعب، وهو يتفوه ببعض الكلمات التي فسرتها بعض الصحف أنها إهانة للمدرب تشابي ألونسو، ورغم ذلك قدم اعتذاره واستمر في الملعب.

واصل ريال مدريد النتائج المميزة، قبل السقوط ضد ليفربول، في مباراة جاءت بعد الفوز بالكلاسيكو بـ10 أيام، وسط شكوك حول علاقة المدرب باللاعبين.

من هنا بدأ كل شيء، تعادل ريال مدريد في مباراتين على التوالي ضد إلتشي ورايو فاليكانو، وسط تراجع على مستوى الروح والشخصية الانتصارية التي كانت تميز الفريق في البداية.

إذاعة “كادينا كوبيه” الإسبانية نشرت تقريرًا أكدت من خلاله أن هناك 6 لاعبين في ريال مدريد غير راضين عن تشابي ألونسو، وهم فينيسيوس ورودريجو، بالإضافة إلى إبراهيم دياز وإندريك، وكذلك فيرلاند ميندي.

في الوقت الذي نشرت فيه صحيفة “ذا أثليتك” تحقيقًا عن ما يحدث في النادي الملكي، وأكدت أن بعض اللاعبين قالوا: “يعتقد نفسه جوارديولا، لكنه لا يزال تشابي ألونسو”.

السيطرة على النجوم

بالنظر لما سبق، فإن السيطرة على هؤلاء لم تكن سهلة، لأنهم اعتادوا على الحرية بشكل أكبر فيما يخص الجانب الفني في الملعب، وكذلك لم يكن هناك انضباط مبالغ فيه لهذه الدرجة في السنوات الماضية.

ألونسو حاول أن يظهر بأنه يسيطر على غرفة الملابس، لكن الأمور لم تكن تحتاج لتقارير أو تسريبات، فقد كانت واضحة على أرض الملعب، والعلاقة الفاترة بينه وبين اللاعبين، والأحضان المصطنعة، لم تقنع المشاهد.

أصبح ألونسو يمتلك حاليًا لاعبين بقوة فينيسيوس وبيلينجهام ومبابي، كلٌ منهم بشخصية مختلفة، بالإضافة لمحاولة إشراك الثلاثي في التشكيل الأساسي، وهو ما أدى بالضرورة لتراجع مستوى أردا جولر.

موعد مباراة ريال مدريد اليوم ضد سيلتا فيجو والقنوات الناقلة في الدوري الإسباني 2026
أردا جولر – فينيسيوس جونيور – كيليان مبابي – ريال مدريد (المصدر:Gettyimages)

بداية جولر كانت مثالية للموسم، وكوَّن ثنائية ممتازة مع كيليان مبابي، ولكن مع مرور الوقت، وبعودة جود بيلينجهام، أصبح أداء التركي باهتًا للغاية.

في آخر 5 مباريات في الدوري الإسباني، لم يساهم أردا جولر بأي هدف، وتراجعت أرقامه بشكل كبير.

هذا الأمر يجعلنا نطرح سؤالًا: “هل ألونسو مناسب للتعامل مع النجوم؟”.

في ريال مدريد، عانى فابيو كابيلو المدرب الأسطوري من التعامل مع النجوم، كذلك جوزيه مورينيو، وأخيرًا كارلو أنشيلوتي. فالأمر ليس بالسهولة التي يحاول ألونسو توصيلها.

السيطرة على غرف ملابس فريق بحجم ريال مدريد، يستحوذ على الأضواء ويعتبر مسرحًا للاعبي كرة القدم، أمر غاية في الخطورة، وربما أكثر من نجح في ذلك هو زين الدين زيدان.

تشابي حاول أن يثبت عكس ذلك، لكن الأمور كانت واضحة، ولكن بالتأكيد لن يخرج ويعترف بذلك، خاصة في ظل النتائج السيئة للفريق مؤخرًا، والتي أثرت على العلاقة بينه وبين اللاعبين.

تاريخيًا، طريقة تعامل المدرب الشاب مع النجوم ليست الأفضل، بدليل ما حدث مع ماوريسيو بوتشيتينو في باريس سان جيرمان، وقبله توماس توخيل، في حين عندما وصل لويس إنريكي، قرر الاعتماد بشكل أكبر على لاعبين شباب لديهم الدافع الأكبر.

تشابي ألونسو - باير ليفركوزن
تشابي ألونسو – باير ليفركوزن (المصدر Gettyimages)

مثلما حدث مع ألونسو نفسه في باير ليفركوزن، فالمدرب الإسباني نجح مع الفريق الألماني لعدم وجود نجوم بمبالغ خرافية، بل لاعبين لديهم شغف كبير.

هل إقالة ألونسو أصبحت ضرورية؟

ربما هذا السؤال لم يكن أحد يتوقع أن يُطرح في هذا الوقت من الموسم، ولكن ما يحدث مع ريال مدريد خلال الشهر الماضي فقط، يؤكد أن الأمور لم تعد على ما يرام.

ألونسو فقد ثقة اللاعبين، كذلك تصريحاته بدا من خلالها يفقد ثباته الذي كان في بداية الموسم، بالنظر للنتائج السيئة والتعثرات الأخيرة، وكذلك صداماته مع اللاعبين.

غرف خلع الملابس أصبحت مشتعلة، يومًا تلو الآخر تزداد اشتعالًا، من غضب فينيسيوس وكذلك بيلينجهام، ومحاباة تشابي ألونسو للبعض، بالإضافة للمشاكل الفنية.

ربما لو كان ريال مدريد يفوز، لما ظهرت تلك التقارير، ولكن الفريق يتأثر بالفعل، وأصبح هشًا ومتهالكًا رغم أننا ما زلنا في نصف الموسم.

النتائج هي الضمان الوحيد لوظيفة أي مدرب، مهما كانت المشاكل في غرفة الملابس، ولكن ألونسو لا يستطيع أن يحقق انتصارين على التوالي خلال آخر 7 مباريات.

هذا مجرد سؤال، وقد تتغير الأمور في المستقبل القريب، ولكن ما هو مؤكد أن الأمور تزداد سوءًا في ريال مدريد الآن.