كأس العالم 2026 يجعل التنفّس تحديًا.. كيف يتعامل اللاعبين والجماهير مع نقص الأكسجين؟

كأس العالم 2026 يجعل التنفّس تحديًا.. كيف يتعامل اللاعبين والجماهير مع نقص الأكسجين؟


في صيفٍ يقترب سريعًا، تستعد القارات الثلاث لرفع الستار عن كأس العالم 2026، تلك النسخة التي تُقام بين مدن يتغيّر فيها الهواء قبل أن يتغيّر شكل المباراة.

البطولة هذه المرّة ليست مجرد صراع بين منتخبات، بل اختبار حقيقي للرئتين أيضًا، فمن مكسيكو سيتي إلى جوادالاخارا، يعود الارتفاع ليصبح لاعبًا خفيًّا، يختبر قدرة النجوم على الركض، والتحمّل، والاستشفاء… وحتى القدرة على التنفّس دون معاناة.

من جديد، يتردّد السؤال ذاته الذي دوّى منذ مونديال 1970، كيف يتعامل اللاعبون مع الهواء الخفيف؟ وكيف تقاوم الجماهير الدوخة، وضيق التنفس، ونقص الأكسجين؟ من هنا تبدأ الحكاية.

ماذا يفعل الارتفاع بجسم اللاعب؟

عندما يصعد اللاعب إلى مدينة يتراجع فيها الضغط الجوي، يهبط الأكسجين من حوله، بمعنى آخر: الهواء موجود… لكنه لا يكفي.

ينخفض تشبع الدم، وترتفع حموضة العضلات، ويصبح الجسد أقل قدرة على بذل مجهود طويل، بينما يصبح “الاسترجاع” بعد الجري السريع أصعب بكثير.

تصنيف قرعة كأس العالم 2026
كأس العالم 2025 – (المصدر: Getty images)

الدراسات الحديثة تشير إلى أن:

  • الركض منخفض الكثافة ينخفض بنحو 10%.
  • الركض عالي الكثافة يهبط إلى 30%.
  • مسافات الاستشفاء خلال دقائق الراحة تنخفض للنصف تقريبًا.

المشكلة ليست في الجري… بل في “العودة للأنفاس”، وهنا يظهر الفرق بين فريق يعرف كيف يتهيّأ، وفريق يظن أن الأمر مجرد دقائق ويعتاد.

تجارب قديمة… ودروس تعود للحياة قبل كأس العالم 2026

منذ مونديال 1970، أدركت البرازيل أن الهواء ليس تفصيلة صغيرة يمكن تجاهلها، أقامت معسكرًا كاملًا على ارتفاع يتجاوز 2000 متر، واعتبر المدربون ذلك آنذاك “خيط الذهب” الذي منحهم لقبهم العالمي.

الآن في كأس العالم 2026، وبعد أكثر من نصف قرن، يتكرر المشهد تقريبًا، جوادالاخارا (1500 م)، مكسيكو سيتي (2200 م)… مدن تُشبه يدًا تضغط على صدر اللاعب في اللحظة التي يحتاج فيها إلى انفجار سرعة أو جهد إضافي.

الخبراء يؤكدون: مباريات الارتفاع ستكون أبطأ… أقل اندفاعًا… وأكثر استنزافًا للطاقة.

كيف تواجه المنتخبات في كأس العالم 2026 هذا التحدّي؟

المدربون في كأس العالم 2026 أمامهم خيارات صعبة:

  • معسكرات طويلة على ارتفاع عالٍ لتعويد الجسد على نقص الأكسجين.
  • التدرّب في مستويات مختلفة لمحاكاة الانتقال بين المدن.
  • تغيير نمط اللعب نفسه… ضغط أقل، ركض مدروس، وتوازن بدني أكبر.
  • الاعتماد على أجهزة محاكاة الارتفاع التي أصبحت جزءًا من كواليس كبار المنتخبات.

المدرب الأميركي ماوريسيو بوكيتينو، مثلًا، أعلن صراحة قلقه من “التنقّل المستمر بين ارتفاعات مختلفة”… وهو أمر قد يرهق اللاعبين أضعاف ما تفعله الدقائق التسعين.

وجماهير المدرجات… كيف تتنفس؟ الجماهير أيضًا ستشعر بالهواء الخفيف، في مكسيكو سيتي تحديدًا، تزداد احتمالات:

  • الصداع.
  • الدوخة.
  • صعوبة التنفس عند الصعود والنزول في المدرجات.
  • الجفاف السريع بسبب المناخ الجاف والارتفاع.

ولهذا، بدأت بعض الاتحادات تجهيز نصائح للجماهير، شرب الماء بكثافة، تجنب المجهود قبل المباراة، تناول وجبات خفيفة… وحتى تجنّب الاحتفال المبالغ فيه في الدقائق الأولى.

بطولة تُلعب في الهواء… قبل أن تُلعب على العشب

معضلة التنقّل… من يتفوّق؟ المكسيك تمتلك أفضلية واضحة في كأس العالم 2026، معسكر على الارتفاع نفسه، وتكيّف كامل قبل انطلاق البطولة، أما المنتخبات التي تُقيم قرب سطح البحر، فعليها التفكير بذكاء… لأن التغيير المفاجئ في مكان المباراة قد يكون فاصلًا بين التأهل والوداع.

كولومبيا، أوروجواي، إسبانيا، كوريا الجنوبية… كلها منتخبات ستلعب جزءًا من مبارياتها على ارتفاع، وستحتاج لاستراتيجية دقيقة حتى لا تسقط في “فخّ الأكسجين”.

كأس العالم 2026 لن تكون مجرد كرة تتدحرج، أو نجم يراوغ، أو هدف يهزّ الشباك، ستكون بطولة تُكتب تفاصيلها في الهواء، حيث يصبح النفس جزءًا من الخطة، والارتفاع لاعبًا أساسيًا لا يمكن تجاهله.

من يقرأ الجبل جيدًا… سينجو، ومن يستهين به… سيكتشف متأخرًا أن الهواء قد يسحب منه البطولة قبل أن يسحب منه الأنفاس.