ملالي إيران يسعون إلى تدمير وتطويع الشرق الأوسط

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


أمد/    سايكس بيكو الاستعمارية التي قطعت أوصال المنطقة ومزقتها لضمان مصالح الغرب لا تزال سارية على قدم وساق وبنفس الوتيرة وقد تكون أشد تنكيلا..؛ ووفقا لامتدادها فقد دخلت المنطقة فصلًا جديدًا من فصول الصراع والتحولات العميقة منذ أكثر من أربعة عقود.. حين عاد خميني إلى إيران لتعبئة فراغ الشاه ولتبدأ مرحلة حكم الملالي في طهران، ولم تكن تلك العودة مجرد حدث داخلي لإيران بل كانت إيذانًا بمشروع إقليمي كبير غيّر ملامح الشرق الأوسط، وأعاد رسم خرائط النفوذ والصراعات تحت المزيد من المسميات.. سيراً ضمن المخططات.

السؤال الجوهري اليوم بعد تعاظم فتنة ملالي إيران ودمار المنطقة وتعرية الأوراق وعدم الانضباط بسياق السيناريوهات.. هو: هل يسقط ملالي إيران على يد من جاء بهم؟ وهل يمكن لمن ثبَّت أقدامهم وفتح لهم أبواب العراق وسوريا ولبنان واليمن، أن يزيحهم بعد أن أصبحوا أداة نفوذ وهيمنة وترويض متقدمة في قلب العالم العربي؟

التمكين.. لم يكن صدفة

ما جرى في إيران لم يكن انقلابًا ذاتيًا بل كان ثورة وطنية مستقلة هددت مصالح الغرب بعد إسقاط الشعب للشاهنشاهية.. ولم يكن لدى الغرب وتحديدًا الولايات المتحدة وفرنسا خياراً سوى تهيئة مسمى جديد يرعى ويضمن المصالح ويبقى شرطيا بالمنطقة.. ومن هنا سمح الغرب وعمد إلى صعود خميني ورهطه إلى السلطة؛ ظنًا منه أن الإسلام السياسي بنكهته الشيعية سيكون بديلًا قابلاً للضبط ضد الشيوعية حينًا، وضد القومية العربية حينًا آخر. ثم جاء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، ليتم تسليم مفاتيح بغداد لطهران على طبق من ذهب، فتوسعت الأذرع الإيرانية، من الميليشيات إلى الحكومات، ومن الخطاب إلى القرار.. أصبحت إيران الملالي من خلال وكلائها في العراق ولبنان وسوريا واليمن شريكًا فاعلا غير معلن في مشروع الهدم والفوضى والتفكيك والسيطرة.. وبدلاً من أن تُحرر الشعوب سُحِقت إراداتها وتراجعت القضايا الكبرى وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي تحولت إلى مجرد شعار في خطاب الملالي.. شعارا يُستثمر لمصالح طهران والغرب لا من أجل حقوق الشعب الفلسطيني.

هل جاء الملالي بقرار شعبي أم ضمن مشروع دولي؟

لم تكن عودة خميني من منفاه الباريسي مجرد انتصار شعبي على الشاه.. فالذي خلع الشاه وأسقط نظامه هو الشعب بكافة فئاته وشرائحه وليس الملالي، وقد كانت عودته جزءًا من مشهد دولي معقد: الولايات المتحدة كانت قد بدأت تتخوف من تزايد قوة التيارات اليسارية في المنطقة خاصة بعد سقوط الشاه الذي كان حليفًا استراتيجيًا.. ووجد الغرب في غطاء الإسلام السياسي الشيعي وسيلة لتفكيك المد القومي العربي الذي كان يشكل تهديدًا لمصالحه النفطية والجيوسياسية، وكذلك وسيلة جديدة لإدارة الصراع.. ولم يكن دعم فرنسا لعودة خميني محض “كرم ضيافة” بل خطوة محسوبة لصناعة نظام يخدم مصالح معينة بطريقة غير مباشرة، وبناءً عليه فإن المشروع لم يكن عفويًا بل جرى توجيهه وتسهيله ضمن لعبة شطرنج دولية.

كيف مكنهم الغرب من العراق؟

في عام 2003 قامت الولايات المتحدة بإسقاط نظام صدام حسين، ولم تُسقطه فقط بل أزالت الدولة العراقية بالكامل وفتحت الباب أمام مشروع طائفي كانت إيران الملالي جاهزة له بميليشياتها ورجالها وخطتها المتمثلة في حلّ الجيش العراقي، وتسريح عناصره وقمع الآلاف من الضباط السنّة، وفتح مؤسسات الدولة أمام الموالين للولي الفقيه.. تلك المؤسسات التي أُعيد بناؤها من جديد وفق رؤيتهم وتأسيس نظام طائفي محاصصاتي سهل اختراقه، وحوّله إلى دولة فاشلة تخضع لسيطرة ما يسمى بـ “الحرس الثوري.. الذي حكم العراق وكالة عن العراقيين المغيبين”.. ولم يُخرج الاحتلال الأمريكي ملالي إيران من العراق بل سلّمهم إياه ثم انسحب تاركًا لهم الساحة كاملة.. كل هذا يوضح أن “التمكين” لم يكن صدفة بل متعمدًا، ووقد كان الغرب يعلم عواقبه ذلك.

الملالي أداة لتدمير قضايا المنطقة؟

أكبر ضحايا المشروع الإيراني بعد العراق كانت القضية الفلسطينية حيث استخدم النظام الإيراني القضية الفلسطينية شعارًا لا مشروعًا. فدعمه لـ “حماس” و”الجهاد” لم يكن في إطار مشروع تحريري بل كورقة ضغط إقليمية..، وإن زجّ ملالي إيران بفكرة “الممانعة” أخرج القضية الفلسطينية من بُعدها العربي الجامع، وقسّم الفلسطينيين أنفسهم، وأدخل القضية في صراع المحاور، وتحولت القدس من قضية عربية إسلامية جامعة إلى أداة سياسية تستخدمها طهران في ملفاتها النووية والإقليمية مما أسفر عن تفكك الصف الفلسطيني، وتراجع الدعم العربي الرسمي، وتشويه الصورة العالمية للقضية بعدما التصق بها خطاب طائفي متطرف غير تحرري.

من الذي سيُسقط الملالي إذن؟

الإجابة الأصدق هو الشعب الإيراني صاحب المعاناة التاريخية.. فالداخل الإيراني يغلي وتشهد البلاد انتفاضات متكررة، وتعاني من فقر، وقمع، وفشل اقتصادي، وعزلة دولية، والعراق من ناحيته ينتفض ضد الفساد والميليشيات، رغم القمع ومحاولات الشيطنة والوعي الشعبي العربي بدأ يدرك أن إيران ليست مشروع مقاومة بل مشروع هيمنة مغطى بالمقدس.. ومع تساقط الأقنعة وتعاظم الغضب الشعبي قد لا يحتاج الملالي إلى من يُسقطهم من الخارج، فهم متفككون داخليًا وينهارون ببطء.. وبمجرد أن يعترف العالم بالمقاومة الإيرانية كممثل شرعي للشعب الإيراني وأن برنامج المواد العشر الذي أعلنته السيدة مريم رجوي هو نواة لمستقبل أفضل للشعب الإيراني.. والاعتراف بحق الشعب الإيراني ومقاومته في مواجهة أجهزة الملالي القمعية بكافة السبل الممكنة عندها يبدأ الانهيار المتسارع لنظام الولي الفقيه في غضون أيام.. ويرى العالم إيران حرة ديمقراطية وغير نووية تحترم الجوار وحقوق الإنسان والقيم والأعراف الدولية.

 



‫0 تعليق

اترك تعليقاً