ريال مدريد يحارب بمفرده.. الأندية الإسبانية على حافة السقوط الأوروبي

تعيش الكرة الإسبانية واحدة من أكثر مواسمها الأوروبية اضطرابًا في السنوات الأخيرة. فباستثناء ريال مدريد، تبدو معظم أندية الليجا على حافة الخطر في دوري أبطال أوروبا، في مشهد يناقض تمامًا صورة الموسم الماضي، حين نجحت إسبانيا في وضع فريقين بين الثمانية الأوائل في مرحلة الدوري، بينما كان ريال مدريد نفسه على بُعد نقطة واحدة فقط من التأهل المباشر.

هذا الموسم شهد مشاركة خمسة أندية من الليجا، بعد أن حصلت إسبانيا على البطاقة الثانية من منحتين بناء على الأداء الرياضي من الاتحاد الأوروبي “يويفا”، والتي تمنحها إلى الاتحادات “التي تحقق أفضل أداء جماعي لأنديتها” في مسابقات الاتحاد الأوروبي.

وهكذا دخل برشلونة، ريال مدريد، أتلتيكو مدريد، أتلتيك بيلباو وفياريال السباق القاري بآمال مرتفعة، سرعان ما اصطدمت بواقع مختلف تمامًا.

ماذا يحدث للأندية الإسبانية؟.. من حضور قوي إلى تراجع جماعي

خلال الموسم الماضي، حل برشلونة في المركز الثاني، وتأهل مباشرةً إلى دور الستة عشر، حيث جمع 19 نقطة من الفوز في 6 مباريات والتعادل في لقاء وحيد والخسارة في مثله، وكان صاحب أقوى خط هجوم برصيد 28 هدفًا سجلهم البارسا خلال 8 مباريات فقط.

بينما لحقه أتلتيكو مدريد صاحب المركز الخامس آنذاك، حيث جمع 18 نقطة، من الفوز في 6 مباريات والخسارة في مباراتين فقط، وكان ثالث أقوى خط هجوم برصيد 20 هدفًا، خلف برشلونة 28 هدفًا، وبوروسيا دورتموند 22 هدفًا.

فيما ذهب ريال مدريد للملحق، بعدما حل في المركز الحادي عشر، وبفارق نقطة وحيدة عن آخر الأندية أصحاب مراكز التأهل المباشرةً، حيث جمع 15 نقطة من الفوز في خمسة مباريات والخسارة في ثلاث.

وخرج جيرونا خالي الوفاض بعدما تواجد في المركز 33 برصيد 3 نقاط فقط من انتصار و7 هزائم، لتنتهي الطفرة التي قدمها في الموسم السابق 2023-2024، عندما نافس الريال وبرشلونة على الدوري، قبل أن ينتهي به المطاف في المركز الثالث خلفهما.

وخلال الموسم قبل الماضي، آخر نسخة بدوري المجموعات، شهدت تصدر ثلاثي إسبانيا (ريال مدريد – برشلونة – أتلتيكو مدريد) مجموعاتهم، فيما خرج إشبيلية خالي الوفاض بتذيل المجموعة الثانية التي ضمت آرسنال الإنجليزية وبي إس في آيندهوفن الهولندي ولانس الفرنسي.

صورة الموسم الحالي بعد 5 جولات: ريال مدريد وحيدًا في القمة

أما هذا الموسم في دوري الأبطال، فبعد مرور أول 5 جولات، يتواجد فقط ريال مدريد في مراكز التأهل المباشر، حيث جمع 12 نقطة من 4 انتصارات وخسارة وحيدة، ويقبع في المركز الخامس، ويتبقى له 3 مباريات بينهم مباراتين على “السانتياجو بيرنابيو”، مما يجعله في أريحية كبيرة بشأن التأهل المباشر، حتى وإن لم يحصد العلامة الكاملة في المباريات الثلاث.

أما من يأتي خلفه من الأندية الإسبانية فهو أتلتيكو مدريد، والذي يقبع في المركز الثاني عشر برصيد 9 نقاط، بفضل فوزه القاتل بعد الدقيقة التسعين أمام إنتر ميلان في الجولة الماضية، ليعزز من فرصه في التأهل المباشر خلال الجولات المتبقية.

أما برشلونة، وصيف مرحلة الدوري النسخة الماضية، فيتواجد في المركز الثامن عشر برصيد 7 نقاط من أول 5 مباريات، بعدما انتصر في مباراتين وتعادل في مباراة وتلقى خسارتين، وأمامه مشوار طويل للتأهل للدور القادم، حيث يحتاج إلى الفوز في المباريات الثلاث المتبقية وانتظار نتائج باقي فرق الصدارة لمعرفة هل يتمكن من التأهل المباشر أم سيذهب للملحق.

أما أتلتيك بيلباو، فيأتي في المركز السابع والعشرين، برصيد 4 نقاط فقط، بعدما انتصر في لقاء وتعادل في مثله وخسر 3 مباريات، ويحتاج إلى الفوز في مبارياته الثلاث المتبقية من أجل تعزيز حظوظه في التأهل عبر الملحق، وإن باتت ضئيلة للغاية.

أما فياريال، والذي ينافس بقوة على الدوري الإسباني هذا الموسم، ويبتعد بفارق 3 نقاط فقط عن المتصدر ريال مدريد ونقطتين عن برشلونة الوصيف، ولكنه يعاني على المستوى الأوروبي، حيث جمع نقطة وحيدة فقط من تعادل يتيم وأربعة هزائم، وباتت حظوظه صعبة للغاية، خاصة وأنه سيتجه إلى باير ليفركوزن في ختام المشوار، ولكن حتى وإن تمكن في الفوز على كوبنهاجن وأياكس على ملعبه، فمستوى الفريق لا يبشر بإمكانية عودته للمنافسة على التأهل عبر الملحق.

حصيلة المواجهات الإنجليزية – الإسبانية: تفوق ساحق يكشف الفجوة

على الرغم من التاريخ الطويل للصراع بين الكرة الإنجليزية والإسبانية على زعامة أوروبا، إلا أن نسخة هذا الموسم من دوري الأبطال شهدت واحدة من أكثر الفترات اختلالًا في ميزان القوة بينهما.

فخلال 9 مباريات مباشرة بين الطرفين، فرضت الأندية الإنجليزية هيمنة شبه مطلقة على نظيراتها الإسبانية، سواء من حيث النتائج أو جودة الأداء، جاءت حصيلتها 8 انتصارات إنجليزية وانتصار واحد فقط للأندية الإسبانية، وعلى المستوى التهديفي: 19 هدفًا سجلها الإنجليز و4 أهداف فقط سجلها الإسبان.

النادي الإنجليزي	النتيجة	النادي الإسباني
أرسنال	2–0	أتلتيك بيلباو
أرسنال	4–0	أتلتيكو مدريد
ليفربول	3–2	أتلتيكو مدريد
ليفربول	1–0	ريال مدريد
مانشستر سيتي	2–0	فياريال
توتنهام	1–0	فياريال
نيوكاسل	1–2	برشلونة
نيوكاسل	2–0	أتلتيك بيلباو
تشيلسي	3–0	برشلونة

نظام الملحق وآلية التأهل إلى دور الـ16 من دوري الأبطال

مع استحداث نظام “مرحلة الدوري” في دوري أبطال أوروبا، أصبح مشهد التأهل إلى الأدوار الإقصائية أكثر تعقيدًا، لكنه في الوقت ذاته أكثر عدالة من حيث مكافأة الاستمرارية وتقديم مستويات ثابتة عبر ثماني جولات، ولتوضيح الصورة، يمكن تقسيم آلية العبور إلى دور الـ16 إلى مرحلتين: التأهل المباشر، ثم بوابة الملحق.

التأهل المباشر (المراكز من 1 إلى 8): الفرق التي تنهي مرحلة الدوري في المراكز الثمانية الأولى تحصل على بطاقة تأهل مباشرة إلى دور الـ16 دون المرور بأي اختبار إضافي.

الملحق (المراكز من 9 إلى 24): الفرق التي تحتل المراكز بين 9 و24 تدخل اختبارًا إقصائيًا فاصلًا، يمتد على مباراتي ذهاب وإياب، لتحديد هوية الثمانية الباقين المتأهلين إلى دور الـ16.

يتم توزيع الفرق إلى مستويين:

• المستوى الأول: المراكز من 9 إلى 16، تلعب هذه الأندية مباراة الإياب الحاسمة على ملعبها.
• المستوى الثاني: المراكز من 17 إلى 24، تدخل الأندية باعتبارها الأقل تصنيفًا، وتلعب مباراة الإياب خارج أرضها.

لا تسحب قرعة مفتوحة، بل يأتي النظام وفق قالب مُحدد يوازن القوة بين المستويين:

• المركزان 9 و10 يواجهان المركزين 23 و24.
• المركزان 11 و12 يواجهان المركزين 21 و22.
• المركزان 13 و14 يواجهان المركزين 19 و20.
• المركزان 15 و16 يواجهان المركزين 17 و18.

الكرة الإسبانية إلى أين؟

المشهد الأوروبي هذا الموسم وضع الكرة الإسبانية أمام اختبار حقيقي لم يتم مواجهته منذ سنوات، باستثناء ريال مدريد، تكاد بقية الأندية الإسبانية تجد نفسها على حافة الخروج المبكر، وتعكس النتائج هشاشة الأداء وقلة الفاعلية أمام الفرق الكبرى، وخاصة الإنجليزية التي فرضت سيطرة شبه مطلقة في المباريات المباشرة.

على الرغم من ذلك، لا يزال هناك وقت للتعويض خلال الجولات المتبقية، أتلتيكو مدريد وبرشلونة وأتلتيك بيلباو وفياريال لديهم فرصة حسابية للبقاء في المنافسة، سواء عبر التأهل المباشر أو عن طريق الملحق، لكن هذا يتطلب استعادة الانضباط ورفع المستوى واستثمار كل نقطة متاحة.

الشكل العام للكرة الإسبانية، لا يبشر بالخير، فبعد سنوات سيطرة من جانب الريال والبارسا على الكرة الأوروبية، وخاصةً ريال مدريد الذي حقق ذات الأذنين في مناسبتين خلال آخر 4 سنوات، وبشكل إجمالي 7 مناسبات كانت من نصيب الأندية الإسبانية خلال آخر 12 نسخة لدوري أبطال أوروبا، بينها 6 تتويجات ملكية باللون الأبيض وأخرى بلون البلوجرانا.

برشلونة نفسه عاد بقوة وكان قاب قوسين أو أدنى من نهائي الموسم الماضي، بعد سنوات من الضياع بسبب الأزمات المالية، إلا أن اختفاء أندية مثل إشبيلية وفالنسيا على المستوى المحلي للسبب نفسه، انعكس على التواجد الأوروبي الكبير الذي اشتهرت بيه أندية الليجا.