هل يعيش بيب جوارديولا كابوس الموسم الماضي مجددًا؟.. ريال مدريد يُجيب

هل يعيش بيب جوارديولا كابوس الموسم الماضي مجددًا؟.. ريال مدريد يُجيب


في كرة القدم، لا يعيش الماضي في الذاكرة فقط؛ بل يعود أحيانًا ليمدّ ظلاله الثقيلة على الحاضر، وكأن الزمن يعيد نسخ اللحظة ذاتها بحذافيرها. وفي مانشستر سيتي، بدأت تتردد أسئلة كثيرة لا تخطئها الآذان بعد السقوط المفاجئ أمام باير ليفركوزن: هل يعيد التاريخ نفسه؟ وهل يعود شبح الموسم الماضي ليطارد بيب جوارديولا مجددًا على الساحة الأوروبية؟ أسئلة تتضاعف حدّتها مع اقتراب موعد زيارة السانتياجو بيرنابيو.. والريال يترصّد.

وصل باير ليفركوزن إلى ملعب الاتحاد محمّلًا بنتائج باهتة في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، بانتصار وحيد في أربع مباريات، ما جعل ظهوره في إنجلترا أقرب إلى زيارة مجاملة منه إلى مواجهة كبرى.

لكن جوارديولا اتخذ قرارًا مفاجئًا بإراحة معظم عناصره الأساسية، معتمدًا على مجموعة شابة هي ثاني أصغر تشكيلة للسيتي في دوري الأبطال منذ 2018، بمتوسط أعمار بلغ 24 عامًا و353 يومًا؛ رهان بدا للوهلة الأولى منطقيًا أمام منافس يعيش أسوأ فتراته.. قبل أن يكشف الملعب عن وجه آخر.

مانشستر سيتي والسقوط الحر أمام ليفركوزن

على الرغم من بداية هجومية نشطة للسيتي، فإن الفريق الإنجليزي لم يجد طريقه لخلق فرص خطيرة، بينما احتاج ليفركوزن إلى فرصة واحدة فقط ليصعق الجماهير.

في الدقيقة 23، أطلق أليخاندرو جريمالدو تسديدة منخفضة محكمة، لتصبح أسرع هدف يستقبله السيتي على أرضه في البطولة منذ أبريل 2024 أمام ريال مدريد.

جريمالدو، الذي لم يتفوق عليه في صناعة الأهداف منذ موسم 2021/22 سوى أشرف حكيمي، أثبت مجددًا قيمته الهجومية، ليسجّل من أصل فرصتين فقط صنعهما فريقه طوال اللقاء.

ورغم تمرير السيتي 450 تمريرة في الثلث الأخير مقابل 126 فقط لليفركوزن، فإن النتيجة ظلت على حالها، بفضل صمود دفاعي ألماني ملحوظ وتألق الحارس مارك فليكن الذي عاش واحدة من أفضل مباريات مسيرته الأوروبية.

بيب جوارديولا - مانشستر سيتي - (المصدر:Gettyimages)
بيب جوارديولا – مانشستر سيتي – (المصدر:Gettyimages)

مع بداية الشوط الثاني، أجرى جوارديولا تعديلات لإضافة الحيوية، ومع دخول نيكو أوريلي بدت ملامح العودة، لكن بعد 15 ثانية فقط من فرصة محققة للسيتي، باغت ليفركوزن الجميع بهدف رأسي رائع من باتريك شيك، هزّ به الشباك وكشف الارتباك الدفاعي لأصحاب الأرض.

جون ستونز بدا غائبًا عن الصورة، والخط الخلفي انكشف أكثر من مرة، باستثناء ناثان آكي الذي قدم مباراة دفاعية استثنائية بفوزه في 8 من أصل 11 مواجهة فردية.

ورغم دخول هالاند، وفودين، وسافينيو، ظل السيتي عاجزًا أمام جدار ليفركوزن الحديدي، ثلاث محاولات خطيرة من هالاند و12 دقيقة من الضغط المتواصل لم تكن كافية لتجنب الهزيمة.

هل يعيش بيب جوارديولا كابوس الموسم الماضي مجددًا؟

بعد انتهاء الجولة الخامسة من دوري أبطال أوروبا موسم 2025/2026، يجد مانشستر سيتي نفسه في وضع صعب وغير مألوف، إذ يقبع في المركز التاسع ضمن مرحلة الدوري بعد أول 5 جولات.

وفي حال استمر الفريق في هذا المركز، فلن يضمن التأهل المباشر إلى دور الستة عشر، بل سيضطر إلى خوض الملحق الأوروبي، الذي يضم أندية من المركز التاسع وحتى الرابع والعشرين، في مواجهة محفوفة بالمخاطر والضغوط.

هذا السيناريو يذكر كثيرًا بما حدث في الموسم الماضي، عندما عانى السيتيزينز حتى النهاية، ليختتم دور المجموعات في المركز الثاني والعشرين، قبل أن يخرج أمام ريال مدريد في ثمن النهائي، وينهي رحلته الأوروبية بخيبة أمل، تلك التجربة المريرة تلوح الآن في أفق جوارديولا، كأنها تذكير دائم بأن أي تقصير أو تهاون يمكن أن يدفع ثمنه الفريق غاليًا.

بيب جوارديولا - المصدر (Getty images)
بيب جوارديولا – المصدر (Getty images)

يتبقى لمانشستر سيتي ثلاث مواجهات حاسمة، تبدأ بزيارة صعبة إلى ريال مدريد، ثم مواجهة خارجية أخرى أمام بودو جليمت، قبل أن يستضيف جالاتا سراي التركي في ملعب الاتحاد.

وبحسب المعطيات الحالية، فإن خسارة محتملة أمام الميرنجي في الجولة المقبلة قد تجعل المهمة أكثر تعقيدًا، وتضع ضغوطًا هائلة على كتيبة جوارديولا، وربما سيدفع ثمن اتخاذ قرارات صعبة، بإراحة عشرة لاعبين دفعة واحدة في مواجهة مهمة على أرضه أمام ليفركوزن، ونتيجتها كانت خسارة قاسية.

إذا نظرنا إلى جدول ترتيب مرحلة الدوري بعد 5 جولات، يتواجد السيتي في المركز التاسع، ولكن يبتعد بفارق 3 نقاط فقط عن صاحب المركز العشرين، الخسارة أمام ريال مدريد إن حدثت ستجعله في موقف لا يُحسد عليه، وهي ليست بالبعيدة في ظل مستوى الريال الحالي، خاصةً الشق الهجومي وتألق كيليان مبابي اللافت، وهو من سجل أمامهم ثلاثة أهداف “هاتريك” في إياب الموسم الماضي على البيرنابيو.

ربما يبدو تنقل بودو جليمت في المتناول على الورق، ولكن في أرضية الميدان الأمر مختلف، وحسابيًا، إذا جمع مانشستر سيتي 6 نقاط من الـ9 المتبقية، سيكون أمامه فرصه للتأهل، وإن لم تكن كبيرة، فتأهل الموسم الماضي 3 أندية جمعت 16 نقطة، ما بين المراكز السادس والثامن.

لكن ما يخشاه جوارديولا، هو النفق المظلم الذي قد يدخله الفريق على المستوى الأوروبي، خاصةً في ظل ضغط المباريات المتتالي في جميع المسابقات، وبذكريات الموسم المنصرم، حقق مانشستر سيتي انتصار وحيد فقط في آخر 5 مباريات في مرحلة الدوري، وتعادل في لقاء وخسر 3 مباريات.

إيرلينج هالاند - فودين - خوسانوف - برناردو سيلفا- مانشستر سيتي - المصدر (Getty images)
إيرلينج هالاند – مانشستر سيتي – المصدر (Getty images)

الأرقام تقول إن الوضع أفضل.. لكن الواقع أكثر خطورة

حسابيًا الموسم الماضي، جمع مانشستر سيتي 8 نقاط بعد أول 5 مباريات، على عكس هذا الموسم الذي جمع 10 نقاط، ولكن يظل الخطر قائمًا، خاصةً وأن المواجهة القادمة أمام ريال مدريد الذي أذاقه مرارة الخروج الأوروبي عدة مرات، وهذه المرة في السانتياجو بيرنابيو، ولا توجد فرصة للتعويض.

في كل الأحوال، يبدو أن جوارديولا أمام اختبار مزدوج: تحدي النتائج والضغط التكتيكي، وتحدي ذكريات الموسم الماضي التي قد تعود لتطارد السيتيزينز في اللحظات الحرجة، كل خطوة في المباريات القادمة ستكون محورية، ولن يتحمل الفريق أي تهاون إذا أراد أن يستعيد مكانه الطبيعي بين العمالقة الأوروبيين.