معادلة غريبة في مدريد.. كلما غاب بيلينجهام توهج مبابي والريال 10 من 10
يعيش كيليان مبابي لحظات من التألق النادر، لحظات تجعل كل من يشاهده يدرك أنه أمام أحد أعظم المهاجمين في كرة القدم الحديثة. سرعته الخارقة، قدرته الفائقة على إنهاء الفرص، وموهبته في استغلال أي فراغ دفاعي، جعلت منه القلب النابض لهجوم ريال مدريد هذا الموسم، والمفتاح الأول لكل استراتيجية هجومية يعتمدها تشابي ألونسو.
ومع ذلك، هذا التألق الفردي لم يأتِ دون ثمن، إذ ترتبط قدرة مبابي على التسجيل بشكل مباشر بحرية تحركه داخل الملعب، وظهور لاعب مثل جود بيلينجهام في وسط الملعب يفرض على الفرنسي نمطًا مختلفًا من اللعب.
هذا التناقض بين الفردية والانضباط الجماعي أصبح أحد أبرز القصص التكتيكية لريال مدريد هذا الموسم، إذ يمكن ملاحظة العلاقة المتشابكة بين مبابي وبيلينجهام في كل مباراة، سواء في دوري الأبطال أو الليجا.
عندما يغيب بيلينجهام، يتحول الفرنسي إلى آلة تهديفية لا يمكن إيقافها، ويصبح ريال مدريد أكثر قدرة على استغلال المساحات وخلق الفرص، كما ظهر بوضوح في هذا الموسم وآخرها مباراة أوليمبياكوس، حين سجل مبابي أربعة أهداف “سوبر هاتريك”، ليضع اسمه بجانب أساطير سجلوا رباعيات في دوري الأبطال مثل فان باستن، إنزاجي، ميسي، ورونالدو.
كيف يعيق تواجد بيلينجهام نجاعة مبابي وانتصارات مدريد؟
يبدو أن العلاقة بين كيليان مبابي وجود بيلينجهام على أرض الملعب تحمل تناقضًا واضحًا، وهي واحدة من أبرز القصص التكتيكية في ريال مدريد هذا الموسم، الأداء الفردي والجماعي للفريق يتأثر بشكل كبير بتواجد أو غياب بيلينجهام، ما يجعل متابعة هذه العلاقة مهمة لفهم ديناميكية الهجوم الملكي.
مع بداية الموسم، استحوذ مبابي على معظم الأرقام التهديفية، مما دفع تشابي ألونسو إلى تهميش جونزالو جارسيا لصالح الفرنسي كمهاجم أول للفريق، بالرغم من ظهور المهاجم الشاب بشكل ملفت خلال كأس العالم للأندية؛ سرعة مبابي، وقدرته الاستثنائية على إنهاء الفرص بجميع الوضعيات، جعلاه محور الهجوم، واللاعب الوحيد في خط الهجوم الذي شارك أساسيًا في جميع المباريات (بشرط خلوه من الإصابات).
عندما غاب بيلينجهام، سواء بسبب الإصابات أو عدم الجاهزية، أصبح مبابي أكثر حرية في التحرك واستغلال المساحات خلف الدفاع، واستقبال تمريرات طولية، وأكثرها من أردا جولر، وهو ما ظهر بشكل واضح في مباراة أوليمبياكوس، حيث سجل أربعة أهداف “سوبر هاتريك”.

(المصدر:Gettyimages)
على مستوى دوري أبطال أوروبا، بدأ بيلينجهام كأساسي في مباراتين فقط ضد يوفنتوس وليفربول؛ في المباراة الأولى سجل هدف الفوز الوحيد، بينما خسر الفريق أمام ليفربول.
اللافت أن حضور بيلينجهام يقلص فعالية مبابي أمام المرمى؛ فقد فشل الفرنسي في التسجيل خلال ثلاث مباريات متتالية في جميع المسابقات (يوفنتوس، رايو فاليكانو، وإلتشي) عندما كان الإنجليزي موجودًا كأساسي.
الأرقام الجماعية للفريق تعكس هذه الحقيقة، ريال مدريد انتصر في 10 مباريات من أصل 10 عندما غاب بيلينجهام عن التشكيلة الأساسية، بينما سجل الفريق نسبة فوز 50% فقط في المباريات التي بدأ فيها بيلينجهام كأساسي (4 انتصارات، 2 تعادل، و2 هزيمة).

(المصدر:Gettyimages)
هذا التباين يشير إلى أن بيلينجهام، رغم مساهمته في التوازن الدفاعي وتنظيم الوسط، يفرض على مبابي نمط لعب أكثر انضباطًا، ما يقلل من قدرته على الانطلاق خلف الدفاعات واستغلال المساحات المفتوحة.
هل نشهد أفضل موسم لمبابي في مسيرته؟
خلال الموسم الحالي، سجل كيليان مبابي 22 هدفًا في 18 مباراة فقط، لكنه لم يسجل في 5 مباريات، أي أن جميع أهدافه جاءت خلال 13 مباراة فقط، وتمثل نسبة 55% من إجمالي أهداف ريال مدريد هذا الموسم في جميع المسابقات، والتي بلغت 40 هدفًا.
| اللاعب | عدد الأهداف | النسبة المئوية من إجمالي أهداف الفريق |
|---|---|---|
| كيليان مبابي | 22 | 55% |
| فينيسوس جونيور | 5 | 12.5% |
| جود بيلينجهام | 4 | 10% |
| أردا جولر | 3 | 7.5% |
| براهيم دياز | 1 | 2.5% |
| إدواردو كامافينجا | 1 | 2.5% |
| ألڤارو كاريراس | 1 | 2.5% |
| دين هويسين | 1 | 2.5% |
| إيدير ميليتاو | 1 | 2.5% |
| فرانكو ماستانتونو | 1 | 2.5% |
| الإجمالي | 40 | 100% |
في دوري أبطال أوروبا، تصدر مبابي ترتيب الهدافين برصيد 9 أهداف في 5 مباريات، بواقع: هدفين أمام مارسيليا، هاتريك أمام كايرات ألماتي، وسوبر هاتريك أمام أوليمبياكوس، بينما لم يسجل أمام يوفنتوس وليفربول.
| الموسم | النادي | عدد الأهداف |
|---|---|---|
| 2025/2026 | ريال مدريد | 9 |
| 2023/2024 | باريس سان جيرمان | 8 |
| 2020/2021 | باريس سان جيرمان | 8 |
هذه الأرقام تكشف أن الفاعلية الهجومية لمبابي مرتبطة بشكل مباشر بحرية التحرك والفراغات التي يخلقها غياب بيلينجهام في الوسط، والذي يعطي حرية أكبر سواء للتركي أردا جولر أو من يحل محله.
سجل مبابي هذا الموسم 9 أهداف بعد مرور 5 جولات في دوري أبطال أوروبا، ليصبح الهداف الأعلى بعد الجولة الخامسة في تاريخ البطولة، متفوقًا على كريستيانو رونالدو الذي سجل 8 أهداف في مواسم 13/14 و17/18 بعد نفس الجولة.
| اللاعب | الموسم | عدد الأهداف بعد 5 جولات |
|---|---|---|
| كيليان مبابي | 2025/2026 | 9 |
| كريستيانو رونالدو | 2013/2014 | 8 |
| كريستيانو رونالدو | 2017/2018 | 8 |
وعندما نضيف هذا الإنجاز إلى سجله التاريخي، نجد أن مبابي أصبح قد سجل 24 هاتريك في مسيرته، وخلال هذه المباريات نجح في تحقيق 22 فوزًا، وتعادل واحد فقط (نهائي المونديال)، وخسارة واحدة (أمام برشلونة).
أما رباعيته أمام أوليمبياكوس، فهي تجعل مبابي ينضم إلى قائمة أساطير سجلوا أربعة أهداف في مباراة واحدة بدوري الأبطال، تشمل ماركو فان باستن، إنزاجي، ليونيل ميسي، كريستيانو رونالدو، هاري كين، وروبيرت ليفاندوفسكي، لحظة تاريخية تؤكد أن الفرنسي ليس مجرد مهاجم سريع وموهوب، بل ظاهرة هجومية فريدة في تاريخ كرة القدم الأوروبية.

تعليقات