تشابي ألونسو.. 44 عامًا لـ العقل المدبر الذي جعل كرة القدم فنًا
في عالم تتسارع فيه الإيقاعات داخل المستطيل الأخضر، يظل تشابي ألونسو حالة مختلفة؛ لاعبًا ومدربًا يجسّد جوهر كرة القدم في صورتها الأرقى: التفكير قبل اللمس، والرؤية قبل القرار، والهدوء الذي يسبق الإبداع؛ اليوم، يحتفل ألونسو بعامه الرابع والأربعين، لكنه يحتفل أيضًا بإرثٍ كامل صاغه بذكاء العقول قبل مهارة الأقدام.
يذكّرنا تشابي بأن كرة القدم ليست فقط سرعة أو مهارة فردية، بل ذكاء، توقيت، ورؤية شاملة للملعب، يوم ميلاده هو مناسبة للاحتفال بالفن في أرقى صوره، وبتحويل كرة القدم من لعبة إلى سيمفونية حقيقية.
تشابي ألونسو.. طفل الباسك الذي ولد بعين ثالثة للملعب
منذ بداياته في ريال سوسيداد، لم يكن ألونسو اللاعب الذي يلفت الأنظار بمهارات استعراضية، بل كان اللاعب الذي يُبطئ الزمن لحظة امتلاكه الكرة. لاعب يعرف أين يقف، ومتى يضغط، وكيف يمرّر، ملعب كرة القدم بالنسبة له لم يكن مجرد خطوط وأمتار، بل مساحة تتكلم معه، تُخبره بالثغرات، وتُظهر له المسارات التي لا يراها أحد.
كان يمتلك تلك “العين الثالثة”، القادرة على رؤية ما سيحدث قبل أن يحدث، وهو ما جعله منذ شبابه لاعبًا ناضجًا، يفكك ضغط الخصوم ويمد زملاءه بتمريرات تُشبه توقيعاته الخاصة.
أنفيلد.. المكان الذي صُنع فيه الأثر
عندما وصل إلى ليفربول، لم يكن صفقة عادية، بل أساس بناء فريق أعاد هيبة النادي في أوروبا. وسط الملعب أصبح تحت سيطرته؛ كل هجمة تبدأ من قدميه، وكل تغيير للاتجاه يحمل بصمته.
في ليلة إسطنبول الخالدة، لم يكن مجرد لاعب ضمن الحكاية، بل أحد مهندسي العودة التي صارت من أساطير اللعبة. تمريراته الطويلة لم تكن فقط دقيقة، بل كانت ضربات تكتيكية تُفكك خطوط ميلان واحدة تلو الأخرى.
في ليفربول، تعلّم العالم درسًا جديدًا: صانع اللعب لا يحتاج دائمًا إلى أن يكون بالقرب من منطقة الجزاء؛ أحيانًا يكفي أن يكون في منتصف الملعب، وأن يمتلك عقلًا قادرًا على التحكم في كل شيء.
ريال مدريد.. المهندس الذي بنى اتزان الحقبة الذهبية
في ريال مدريد، واجه ألونسو تحديًا مختلفًا: فريق مليء بالنجوم، يحتاج إلى عقل يُنظّم، لا إلى قدم تستعرض. وفي وسط هذا الزخم، ظهر دوره الحقيقي: الربط بين الخطوط، خلق التوازن، وضبط الإيقاع.
كان «القلب الهادئ» في منظومة تعتمد على القوة والسرعة والمهارة، كان اللاعب الذي يعيد الفريق إلى شكله الصحيح عند كل فوضى، والذي يبدأ كل هجمة بمنطقية ودقة تجعل الفريق يتحرك كقطعة واحدة.
لم يكن مجرد لاعب وسط؛ كان مدير العمليات داخل البيرنابيو.

بايرن ميونخ.. الدراويش الألمانية بعقل إسباني
في البوندسليجا، ومع فريق مثل بايرن، لم تكن السرعة البدنية سلاحه، بل خبرته وقراءته للملعب. أصبح قائدًا صامتًا، لا يرفع صوته لكنه يرفع مستوى كل من حوله.
تمريرة واحدة منه كفيلة بتغيير اتجاه المباراة، وتمركزه وحده كفيل بإغلاق أي مساحة قد يمر منها الخصم، في ألمانيا، أثبت أنه ليس مجرد لاعب تأقلم مع الفرق الكبرى، بل عقل كروي يصلح لكل مدرسة، وكل دوري، وكل منظومة.
| النادي / المنتخب | المباريات | الأهداف | التمريرات الحاسمة |
|---|---|---|---|
| ريال سوسيداد | 124 | 10 | 12 |
| إيبار | 14 | 0 | 0 |
| ليفربول | 210 | 19 | 21 |
| ريال مدريد | 236 | 6 | 29 |
| بايرن ميونخ | 117 | 9 | 8 |
| المجموع (الأندية) | 701 | 44 | 70 |
| إسبانيا | 113 | 16 | 9 |
| المجموع الكلي | 814 | 60 | 79 |
أرقام تشابي ألونسو كمدرب
| النادي | المباريات | الفوز | التعادل | الخسارة |
|---|---|---|---|---|
| ريال سوسيداد B | 98 | 40 | 23 | 35 |
| باير ليفركوزن | 140 | 88 | 33 | 19 |
| ريال مدريد | 23 | 17 | 3 | 3 |
| المجموع الكلي | 261 | 145 | 59 | 57 |
ألقاب تشابي ألونسو كلاعب
| النادي / المنتخب | اللقب | عدد الألقاب |
|---|---|---|
| ليفربول | كأس الاتحاد الإنجليزي | 1 |
| ليفربول | الدرع الخيرية الإنجليزية | 1 |
| ليفربول | دوري أبطال أوروبا | 1 |
| ليفربول | كأس السوبر الأوروبي | 1 |
| ريال مدريد | الدوري الإسباني | 1 |
| ريال مدريد | كأس ملك إسبانيا | 2 |
| ريال مدريد | كأس السوبر الإسباني | 1 |
| ريال مدريد | دوري أبطال أوروبا | 1 |
| بايرن ميونخ | الدوري الألماني | 3 |
| بايرن ميونخ | كأس ألمانيا | 1 |
| بايرن ميونخ | كأس السوبر الألماني | 1 |
| إسبانيا | كأس العالم | 1 |
| إسبانيا | كأس أمم أوروبا | 2 |
ألقاب تشابي ألونسو كمدرب
| النادي | اللقب | عدد الألقاب |
|---|---|---|
| باير ليفركوزن | الدوري الألماني | 1 |
| باير ليفركوزن | كأس ألمانيا | 1 |
| باير ليفركوزن | كأس السوبر الألماني | 1 |
الجوائز الفردية لتشابي ألونسو كلاعب
| الجائزة | عدد المرات |
|---|---|
| أفضل لاعب إسباني | 1 |
| التشكيلة المثالية للفيفا (FIFA FIFPro World XI) | 2 |
| أفضل لاعب وسط في الدوري الإسباني | 1 |
| التشكيلة المثالية لكأس أمم أوروبا | 1 |
| التشكيلة المثالية لدوري أبطال أوروبا | 1 |
| التشكيلة المثالية للدوري الألماني | 1 |
الجوائز الفردية لألونسو كمدرب
| الجائزة | عدد المرات |
|---|---|
| أفضل مدرب في الدوري الألماني (VDV Bundesliga Coach of the Season) | 1 |
| أفضل مدرب في ألمانيا | 1 |
| أفضل مدرب في الدوري الإسباني للشهر | 1 |
من الساحر إلى المدرب: تشابي ألونسو إرث مستمر
اليوم، ألونسو يجلس على مقاعد تدريب ريال مدريد، ينقل خبرته كلاعب إلى فلسفة تكتيكية حديثة. يقود الفريق بعقل متزن، يوزع اللاعبين بدقة، ويعيد إيقاع المباريات وفق رؤيته؛ كل تمريرة، كل تبديل مركز، وكل خطة دفاعية أو هجومية، تحمل بصمة العقل المدبر الذي أضاء البيرنابيو وشيد أنفيلد.

(المصدر: Getty images)
بعد الاعتزال، لم يتجه ألونسو إلى التدريب لمجرد شغف، بل لأنه امتداد طبيعي لطريقته في اللعب، مدرب يرى الملعب كما رآه لاعبًا: مساحة لإدارة التفاصيل الدقيقة.
بدأ تشابي ألونسو مسيرته التدريبية في أكاديمية ريال مدريد، حيث قاد فريق تحت 13 عامًا في موسم 2018-2019، ثم انتقل إلى ريال سوسيداد ب لمدة ثلاثة مواسم، قبل أن يتولى مسؤولية تدريب باير ليفركوزن في موسم 2022-2023.
مع باير ليفركوزن، أحدث ثورة تكتيكية هادئة: فريق يلعب بذكاء، بمرونة، وبانسيابية تُشبه تمامًا ما كان يفعله هو كلاعب، تتويجه بالدوري والكأس والسوبر خلال موسم واحد لم يكن معجزة، بل نتيجة للفلسفة التي يحملها منذ سنوات.
واليوم، كمدرب لريال مدريد، يكتمل المشهد: لاعب سابق صنع التوازن في وسط الملعب، يعود ليصنع التوازن على مقاعد التدريب. يقود الفريق بذات القدرة على التحكم في الرتم، بإدارة هادئة، وبرؤية شاملة.

ألونسو ليس بحاجة إلى أن يكون الأكثر صخبًا في الإعلام، ولا الأكثر صدامًا في الملعب، يكفي أنه كان اللاعب الذي يجعل المشجع يرى جمالًا في تمريرة، وهندسـة في تغيير اتجاه، وفنًا في اتخاذ القرار الصحيح في الثانية المناسبة.
في عيد ميلاده الرابع والأربعين، يحتفل العالم بقصة لاعب لم يعتمد على الضجيج، بل على التفكير، بعقل مدبر جعل كرة القدم أجمل، وبأسلوب كتب اسمه بين الكبار.. لاعبًا ومدربًا.

تعليقات