كش ملك يا سلوت.. كيف سبق أبو تريكة المدرب الهولندي بخطوة في البريميرليج

كش ملك يا سلوت.. كيف سبق أبو تريكة المدرب الهولندي بخطوة في البريميرليج


في لعبة الشطرنج، لا ينتصر اللاعب الذي يملك ملكًا محاطًا بالعساكر والقطع المهمة، بل الذي يعرف كيف يقرأ اللوحة قبل أن تتحرك القطع، لا ينتصر الأقوى، بل الأعمق رؤية، رقعة الشطرنج لا يعلو فيها صوت من يملك الخطط المعقدة، بل من يعرف أين ينهار الخصم حتى لو بدا في أفضل حالاته.

هذه اللعبة تحديدًا — لعبة الرؤية قبل الخطوة — هي ما جسده محمد أبو تريكة في صراعه النقدي مع الهولندي أرني سلوت، مدرب ليفربول، العلاقة بينهما لم تكن علاقة محلل بمدرب، بل علاقة لاعب شطرنج بمنافسٍ ظنّ أن القطع ستتحرك وحدها لصالحه، وأن الانتصارات الأولى ضمانٌ لاستمرار السيطرة، لكن أبو تريكة كان يراقب بصمت، يرى فراغات الهشاشة التي لا يراها الجمهور، يحلل المساحات التي لا يلمسها سلوت ويقرأ ما وراء الانتصارات، وما خلف الأرقام، وما تحت ضجيج الإعلام.

والحقيقة أن تريكة لم يتوان في إظهار امتعاضه من سلوت وهو في فترات قوته والانتصارات المتتالية بداية الموسم، بل انتقده كأنه كان يعلم ما يحمله المستقبل لكتيبة الريدز ومع أول زلة، بدأت الجماهير تستحضر تصريحات تريكة وتبرهن أن وجهة نظره كانت صائبة من البداية.. المحلل الذي لم يترك مناسبة طوال الموسم الحالي الا وانتقد فيها سلوت.

بيب جوارديولا - آرني سلوت - أبو تريكة
بيب جوارديولا – آرني سلوت – أبوتريكة – (المصدر:Gettyimages)

واليوم بعد سقوط ليفربول منذ أيام قليلة أمام نوتنجهام فورست بثلاثية صادمة، عادت تصريحات أبو تريكة إلى السطح لكنها ليست بمفردها، تلك المرة عاد معها الصراع بين الإثنين على رقعة الشطرنج، فتمكن أبو تريكة من قراءة المشهد بشكل كامل قبل أن يحدث وكأنه كسبروف في أوج قوته عندما كان يتوقع حركة المنافس قبل أن تحدث، وتلك المرة تصحبها جملة وحيدة تعلن نهاية اللعبة بين الاثنين.. “كش ملك يا سلوت”.

كانت هذه اللحظة تتويجًا لسلسلة طويلة من الانتقادات والقراءات العميقة التي قدّمها منذ اليوم الأول لتعيين سلوت، قراءات بدت لكثيرين قاسية، بل مبالغًا فيها.. لكنها اليوم تتحول إلى شاهد على عبقرية أبو تريكة وبشكل كامل.

انتقادات بدت مبكرة.. لكنها كانت قراءة استباقية

منذ اللحظة التي أعلن فيها ليفربول نهاية حقبة الألماني يورجن كلوب وبداية عهد أرني سلوت مع الريدز، لم يبدُ أبو تريكة مقتنعًا على الإطلاق، منذ أول تحليل له قالها بصراحة لم يجامل فيها أحد:

سلوت لم يأتِ ليبني، بل جاء ليستلم فريق جاهز، منظومة كاملة، لاعبين يعرفون ما يفعلونه، جدول سهل في بدايات الموسم، وهنا يكمن الفارق الذي رأه تريكة قبل غيره.

كان يرى أن الانتصارات الأولى “انتصارات ظروف” لا “انتصارات مدرب”، وأن الفريق يسير بثقل محمد صلاح وليس بذكاء سلوت، كان يرى أن صدارة ليفربول لم تكن نتاج عبقرية فنية بقدر ما كانت صدفة وليدة اللحظة يعيش فيها المنافسون واحدة من أسوأ فترات مواسمهم.

آرني سلوت

وقتها وبعد انتقاداته لمدرب تصدر الدوري الأقوى في العالم، هاجمه البعض، سخر الآخرون، واتهمه الكثيرون بالمبالغة، لكن التاريخ بدأ ينحاز تدريجيًا لرؤيته ورجاحة عقله.

5 يناير 2025.. “نجاح سلوت بسبب ضعف المنافسين وتألق صلاح”

كانت البداية الحقيقية للمعركة قبل مواجهة ليفربول ومانشستر يونايتد في 5 يناير 2025، حين خرج محمد أبو تريكة بتصريح لم يكن مجرد رأي عابر، بل كان بمثابة الطلقة الأولى في مواجهة علنية مع أرني سلوت، وقتها كانت الأجواء العامة تُشيد بالمدرب الهولندي، والجماهير تعيش نشوة الصدارة، والصحافة الإنجليزية تتحدث عن “المشروع الواعد للريدز بعد كلوب”.

لكن وسط هذا الضجيج، ظهر أبو تريكة على “بي إن سبورتس” بنبرة هادئة تحمل ما يشبه النبوءة، وقال جملته التي أشعلت الجدل:

سلوت ظاهر بشكل كويس لأن الدوري ضعيف، والمنافسين مش في مستواهم.. وصلاح شايل الفريق لوحده“.

كانت هذه هي المرة الأولى التي يشكك فيها أحد كبار المحللين علنًا في قيمة سلوت الفنية، مرت الجملة على البعض كنوع من القسوة.، وعلى آخرين كتحامل، لكن على مستوى القراءة التكتيكية، كان أبو تريكة يلتقط شيئًا لم ينتبه له أحد.

ليفربول كان يفوز، نعم، لكنه لم يكن مُقنعًا، الأداء لم يكن يوازي النتائج، وصلاح كان يقدم أرقامًا خارقة تخفي العيوب التي تتزايد في الخلف، كان هذا التشكيك المبكر بالنسبة للكثيرين “غير منطقي”، لأن الفريق كان في القمة، لكن أبو تريكة لم يكن ينظر إلى الترتيب.. بل إلى الطريقة، كان يرى هشاشة الفريق تحت الضغط، يرى العشوائية في التحول الهجومي، ويرى أن سلوت لا يملك حلولًا بديلة حين تتعطل مفاتيحه.

1 أبريل 2025.. الأعور في بلد العميان ملك

من ثم جاء يوم 1 أبريل 2025 ليشهد واحدًا من أكثر تصريحات أبو تريكة إثارة للجدل، بل يمكن القول إنه كان التصريح الذي قلب الطاولة وجعل العلاقة بين تريكة وسلوت تبدو كأنها مواجهة مفتوحة على رقعة الشطرنج، في ذلك اليوم، وقف أبو تريكة في الاستوديو التحليلي وفي صوته مزيج من السخرية والدهشة والتحليل البارد، وقال جملة صدمت جماهير ليفربول أكثر مما صدمت سلوت نفسه:

لو كلوب بيدرب الفريق عن بُعد.. كان حقق الثلاثية“.

لم تكن الجملة مجرد نقد، كانت طعنة في قلب المشروع الجديد، لكنها لم تكن طعنة بلا منطق، كان أبو تريكة يتحدث من فهم عميق، من إدراك أن ليفربول ما زال يلعب بنصف عقل كلوب، وأن البصمة التكتيكية القديمة لا تزال تدفع الفريق للأمام حتى لو غاب صاحبها، كانت المنظومة تعمل لأنها بُنيت لتعمل.. لكن سلوت لم يضف لها شيئًا سوى التعليمات الروتينية التي يُمكن لأي مدرب متوسط أن يقدمها.

وفي ذروة هذا التحليل الجريء، أطلق أبو تريكة عبارته التي اشتعلت بها مواقع التواصل لأسابيع:

الأعور في بلد العميان ملك“.

هو لم يقلها استهزاءً، بل قالها لأنه رأى ما لم يره الآخرون: سلوت لم يكن “الأفضل”، كان فقط الأقل سوءًا، ليفربول كان يفوز، لكنه يفوز بأسلوب لا يعكس قوة مدرب، بل يعكس انهيار المنافسين، كان سلوت يقف على قدميه لأن الآخرين كانوا يسقطون، لا لأنه كان يبني فريقًا مرعبًا كما فعل كلوب في سنواته الذهبية.

14 سبتمبر 2025.. سلوت بـ”العدو الأول لليفربول”

ومع بداية الموسم الجديد، لم ينتظر أبو تريكة الهزيمة ليهاجم سلوت، انتقده حتى في الفوز، تحديدًا بعد مباراة بيرنلي، حين قال الجملة التي هزّت غرف الأخبار: “أرني سلوت هو العدو الأول لليفربول”.

وقتها، كان الغضب الجماهيري في أعلى درجاته، لأن ليفربول فاز بالفعل، لكن أبو تريكة لم يكن يتحدث عن النتيجة، كان يتحدث عن الطريقة، القرارات، التغييرات الغريبة، التشتيت الفني، عدم ثبات التشكيل والاعتماد على الحظ بدل التخطيط.

قال إنها تغييرات عشوائية لا يفعلها مدرب كبير، وإن إدارة المباريات عند سلوت فيها ارتباك يصل لدرجة أن أي مدرب مبتدئ كان يمكن أن يتجنب ما يرتكبه من أخطاء، وبعد أسابيع ظهر أن الفوز لم يكن سوى غطاء هشّ، مزّقته أول عاصفة.

موعد مباراة ليفربول اليوم ضد نوتينجهام فورست والقنوات الناقلة
محمد صلاح – ليفربول (المصدر:Gettyimages)

19 أكتوبر 2025.. تشبيه سلوت بـ”المفتش كرومبو”

ثم جاءت ضربة أخرى من محمد أبو تريكة، لكن هذه المرة كانت ضربة تشبيه لا تُنسى، ففي تحليله بتاريخ 19 أكتوبر 2025، شبه أبو تريكة آرني سلوت بـ المفتش كرومبو، ذلك المحقق الذي يبدو عبقريًا حتى اللحظة التي تُوضع فيها أمامه احتمالات كثيرة… فيضيع، يتشتت، ويتحول من بطل إلى شخص تائه وسط خيوط لا يعرف كيف يُمسك طرفها.

وكان هذا التشبيه، رغم طرافته، أدق ما قيل عن سلوت طوال الموسم، فالمدرب الهولندي كان يمتلك قائمة قادرة على تشكيل فريقين كاملين من الجودة، قائمة تفتح شهية أي مدرب يريد الإبداع، لكن سلوت لم يعرف كيف يُكوّن حتى فريقًا واحدًا متماسكًا، كان يملك لاعبين قادرين على صنع الفارق في أي لحظة، لكن اختياراته كانت تُفلت من بين يديه في اللحظات التي تتطلب وضوحًا وحسمًا، كلما ازدادت الخيارات أمامه.. كلما فقد الاتجاه أكثر.

محمد أبو تريكة
محمد أبو تريكة

ومع كل مباراة كان يتأكد أن المشكلة ليست في العناصر، بل في الرجل الذي يُفترض أن يقودها، في اللحظة التي غاب فيها محمد صلاح، توقفت الأوهام، وسقط القناع، وظهر الشكل الحقيقي لليفربول تحت قيادة سلوت: فريق بلا نظام، بلا روح تكتيكية، بلا خطة يمكن التعرف عليها، وكأن الفريق كان يعيش طوال الوقت على حلول فردية لا على منظومة محترمة.

22 نوفمبر 2025.. “ركز في فريقك بدل ما تركز في التحكيم”

ثم جاءت تصريحات22 نوفمبر 2025، التي يمكن وصفها بأنها المرحلة الأخيرة من التحذير أو اللحظة التي رفع فيها أبو تريكة صوته للأقصى، وكأنه يلوّح بآخر ورقة قبل وقوع الكارثة، وقف أمام الكاميرا، بنبرة فيها مزيج من الغضب والخوف، وهو يقول:

ركز يا سلوت في فريقك.. دفاعك واقع، وسطك مفكك، والهجوم متلخبط“.

لم تكن مجرد جملة عابرة، بل كانت صرخة تنبيه لمدرب بدا غارقًا في تبريراته أكثر من تركيزه على علاج فريقه، رأى أبو تريكة، قبل الجميع، أن سلوت أصبح يهرب من تحمل المسؤولية، يتحدث عن الحكام، عن ضغط المباريات، عن مستوى المنافسين وعن كل شيء إلا مشكلته الأساسية أسلوبه نفسه.

وكان الأسطورة المصرية يحذر من أن التشتت هو أول الطريق للسقوط، وأن كثرة الأعذار هي آخر ستار قبل الانهيار الكامل، وكان يكرر، بإصرار لا يخطئه أحد، أن محمد صلاح لا يستطيع حمل ليفربول وحده إلى الأبد، مهما كان صلاح خارقًا، وكان يشدد على أن الصفقات الجديدة التي كلفت النادي مئات الملايين يجب أن تظهر قيمتها، وإلا فإن كل هذا الجهد سينهار فوق رأس المدرب وحده، لا فوق اللاعبين ولا الإدارة.

تشكيل ليفربول ضد نوتنجهام بالجولة 12 في الدوري الإنجليزي 2025-26
كودي جاكبو – فيرجيل فان دايك – ليفربول (المصدر:Gettyimages)

واليوم.. وبعد الخسارة من نوتنجهام، وبعد اهتزاز الفريق في كل خطوطه، وبعد أن غاب صلاح وتعرّى ليفربول، صار المشهد واضحًا تمامًا، كل ما حذّر منه أبو تريكة حدث حرفيًا.. حرفيًا دون زيادة أو نقصان.،كأن الرجل كان يقرأ المستقبل، أو كأن المباراة عُرضت أمامه قبل أن تُلعب، أو كأن لعبة الشطرنج التي تحدث في رأسه انتهت منذ أشهر، بينما سلوت كان لا يزال يحرك البيدق الأول.

أزمة ليفربول تحت سلوت.. أرقام تكشف هشاشة الفريق

منذ أول خسارة لليفربول هذا الموسم أمام كريستال بالاس في 27 سبتمبر، والأزمة تتفاقم، سواء في الدوري الإنجليزي أو باقي البطولات. الأرقام لا تكذب، والجداول التالية تكشف حجم الفجوة بين أداء الفريق الحالي ومواسم يورجن كلوب الذهبية.

رغم أن نادي ليفربول يمتلك تاريخًا عريقًا وشهرة واسعة على الساحة الأوروبية، إلا أن تحليل خسائره حتى الآن يكشف عن واقع مثير للقلق، نسبة الخسائر التي تعرض لها الفريق هذا الموسم وصلت إلى 72.7% من عدد المباريات التي لعبها، وهو معدل مرتفع بالنظر إلى حجم الفريق ونجومه العالميين مثل محمد صلاح وفان دايك وإيزاك، هذا الرقم يعكس عدم القدرة على تحويل الفرص إلى أهداف بشكل منتظم، وكذلك غياب التماسك الدفاعي الذي يُتوقع من فريق بهذا الحجم والمستوى.

أرني سلوت - مدرب ليفربول
أرني سلوت (المصدر:Gettyimages)

ما يلفت النظر عند مقارنة ليفربول بفرق أوروبية أصغر مثل سانت باولي وفولفسبورج، هو أن هذه الفرق رغم قلة الإمكانيات والنجومية، فإنها غالبًا تحقق نتائج أكثر استقرارًا في هذه المرحلة من الموسم، بسبب التركيز التكتيكي والانضباط الدفاعي، الفرق الصغيرة تدير المباريات بطريقة منظمة، وتستفيد من الفرص المحدودة بكفاءة، في حين يفتقد ليفربول إلى المرونة التكتيكية والتوازن بين الخطوط، ما يجعل خسائره تبدو أكثر فداحة ومفاجئة للجماهير.

  النادي عدد الخسائر عدد المباريات نسبة الخسائر لكل مباراة
1 ليفربول 8 11 72.7%
2 سانت باولي 7 8 87.5%
3 فولفسبورج 7 8 87.5%
4 اوكسير 6 8 75%
5 وولفرهامبتون واندرز 6 8 75%
6 أتلتيك بلباو 6 10 60%
7 ماينز 6 11 54.5%
8 ليدز يونايتد 5 7 71.4%
9 بيرنلي 5 7 71.4%
10 فولهام 5 8 62.5%

حامل اللقب الأسوأ بعد 12 جولة في الدوري الإنجليزي عبر التاريخ

وجود نادي ليفربول هذا الموسم في المركز الحادي عشر برصيد 18 نقطة بعد مرور 12 جولة يُعد إنذارًا حقيقيًا على خطورة الوضع الحالي للفريق، هذه البداية تعكس نمطًا مشابهًا لبدايات مأساوية عاشها بعض حاملي لقب الدوري الإنجليزي في الماضي، مثل تشيلسي موسم 2015 الذي جمع 11 نقطة فقط في نفس المرحلة ووصل إلى المركز السادس عشر، أو بلاكبيرن موسم 1995 الذي جمع 14 نقطة واحتل المركز الحادي عشر، هذه المقارنات التاريخية تشير إلى أن أي تهاون في معالجة أزمات الفريق في هذه المرحلة المبكرة قد يؤدي إلى كارثة حقيقية، حتى بالنسبة لنادٍ بحجم ليفربول.

آرني سلوت - المصدر: getty images
آرني سلوت – المصدر: getty images

هذه الإحصاءات تكشف أزمة عميقة تتجاوز مجرد النتائج الفردية؛ فهي مؤشر على خلل في التوازن التكتيكي للفريق، حيث يبدو الهجوم متفككًا أحيانًا والدفاع هشًا، ما يجعل أي خطأ أو تراجع في الأداء يؤدي إلى خسائر فادحة

الأمر الأكثر إثارة للقلق أن هذا النمط من الهبوط بدأ مبكرًا، قبل نهاية مرحلة الدور الأول، ما يشير إلى أن الأزمة ليست ظرفية بل هي جزء من خلل أعمق في طريقة إدارة الفريق وتوظيف اللاعبين. دون تدخل عاجل لإعادة ضبط الخطط الفنية والتكتيكية، قد يتحول الموسم الحالي إلى نسخة أخرى من الكوارث التاريخية لحاملي اللقب في الدوري الإنجليزي.

  النادي النقاط المركز
1 تشيلسي 2015-2016 11 16
2 ليستر سيتي 2016-2017 12 14
3 بلاكبيرن 1995-1996 14 11
4 ليفربول 2025-2026 18 11
5 مانشستر يونايتد 1996-1997 19 6
6 مانشستر يونايتد 2013-2014 21 6
7 مانشستر يونايتد 2001-2002 21 5
8 أرسنال 1988-1989 23 3
9 مانشستر سيتي 2024-2025 23 2
10 مانشستر يونايتد 1999-2000 24 4

خسائر ليفربول في كل البطولات منذ 2015

موسم 2025 تحت قيادة آرني سلوت يشكل نقطة سوداء في تاريخ ليفربول الحديث، إذ سجل الفريق أعلى نسبة خسائر لمثل هذا العدد من المباريات منذ تولي يورجن كلوب المسؤولية في موسم 2015/16، بنسبة وصلت إلى 42%، هذه النسبة صادمة بشكل خاص إذا ما قورنت بمواسم الاستقرار السابقة، مثل موسم 2021/22، حيث لم تتجاوز نسبة الخسائر 6% بعد نفس عدد الجولات، أي أن الفريق انتقل من حالة من الانضباط التكتيكي والفهم المتكامل بين اللاعبين والخطة إلى حالة من الفوضى التكتيكية والارتباك على أرض الملعب.

الأرقام هنا لا تعكس مجرد نتائج مخيبة، بل تكشف عن خلل أعمق في الإدارة الفنية للفريق، فالمدرب غير قادر على مواءمة لاعبيه مع خطة واضحة، أو استثمار قدرات النجوم المتواجدين في تشكيلة الفريق بالشكل الأمثل. 

بريان مبويمو - مانشستر يونايتد ضد ليفربول
بريان مبويمو – مانشستر يونايتد ضد ليفربول – (المصدر:Gettyimages)

بينما كان كلوب كان يعرف كيف يوزع المهام ويستثمر خصائص كل لاعب، يبدو أن سلوت يفتقر إلى هذا الحس التكتيكي، ما أدى إلى ارتفاع معدل الأخطاء الفردية الجماعية، سواء في الدفاع أو الهجوم، وبالتالي فقدان نقاط كثيرة كانت يمكن تحويلها إلى انتصارات.

  الموسم عدد الخسائر عدد المباريات نسبة الخسائر لكل مباراة
1 2025/26 مع سلوت 8 19 42.1%
2 2024/25 9 56 16.1%
3 2023/24 8 58 13.8%
4 2022/23 14 52 26.9%
5 2021/22 4 63 6.3%
6 2020/21 12 53 22.6%
7 2019/20 8 57 14%
8 2018/19 7 53 13.2%
9 2017/18 9 56 16.1%
10 2016/17 9 47 19.1%
11 2015/16 14 63 22.2%

مساهمات محمد صلاح بعد 12 جولة

مساهمات محمد صلاح في موسم 2025 تعكس بشكل جلي عمق الأزمة التي يمر بها ليفربول تحت قيادة آرني سلوت، الأرقام بعد مرور 12 جولة تشير إلى تراجع واضح مقارنة بالمواسم السابقة منذ انتقاله إلى النادي في 2017، إذا كان صلاح في مواسم الاستقرار قادرًا على تسجيل الأهداف وصناعة اللعب بشكل يوازن بين ضعف الفريق الدفاعي والهجومي، فإن الموسم الحالي يظهر انخفاضًا ملموسًا في إنتاجيته، مع ستة أهداف وتمريرتين حاسمتين، مقابل أرقام مضاعفة في المواسم السابقة.

محمد صلاح – أرني سلوت

هذا الانخفاض لا يعكس قدرات اللاعب، بل يعكس تراجع الدعم التكتيكي المقدم له من المدرب، فالخطط الهجومية لا توفر له المساحات المناسبة، ولا الخطط الدفاعية تقلل الضغط عن خط الوسط، ما يجعل صلاح مضطرًا للقيام بمجهود فردي أكبر، ومحاولة سد ثغرات الفريق وحده، النتيجة هي أداء متراجع للفريق بشكل عام، وارتباط النتائج بشكل مباشر بإدارة سلوت، إذ أن أي قصور تكتيكي يتحول سريعًا إلى خسارة نقاط ثمينة.

الموسم الأهداف التمريرات الحاسمة المجموع
2025-2026 4 2 6
2024-2025 10 6 16
2023-2024 10 4 14
2022-2023 3 3 6
2021-2022 11 7 18
2020-2021 10 2 12
2019-2020 6 3 9
2018-2019 6 3 9
2017-2018 9 3 12

المشهد يزداد تعقيدا والسبب أرني سلوت

وما يزيد المشهد تعقيدًا أن شخصية آرني سلوت نفسها تحولت في الأسابيع الأخيرة إلى عامل مزعج لجماهير ليفربول، بل ومقرف في بعض الأحيان بحسب وصف الكثيرين، بعد كل هزيمة، لم يعد يخرج بتصريحات فنية أو اعترافات واضحة بالخطأ، بل صار يلجأ إلى أعذار غريبة، ويُحمّل لاعبيه المسؤولية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. 

مرة يلمح أن جرافينبيرخ أخطأ، ومرة يلقي باللوم على إبراهيما كوناتي، ثم يعود ليشير إلى “سوء الحظ” و“التحكيم” و“ذكاء الخصم”.. وكأنه يبحث عن أي مخرج إلا أن ينظر في المرآة ويرى عيوبه.

والقشة التي قصمت ظهر البعير كانت بعد الخسارة من جالاتا سراي في دوري أبطال أوروبا، عندما خرج سلوت ليقدم درسًا جديدًا في الأعذار الغريبة، قائلاً: 

الفريق التركي حوّل ركلة جزاء بنسبة 20% إلى ركلة جزاء بنسبة 100%”، وإن هذا ذكاء منهم

 لم يتوقف عند ذلك، بل اشتكى من إضاعة الوقت، وتحدث عن “تفوق الخصم بالدهاء”، وكأن ليفربول فريق ناشئين لا يعرف قواعد اللعب في أوروبا، المدهش أن سلوت بدا وكأنه يصر على نقل المسؤولية إلى لاعبيه، دون أن يتجرأ على الاعتراف بأن الفريق بات بلا هوية دفاعية، بلا تنظيم، بلا قوة أو رد فعل، وبلا بصمة مدرب من الأساس.

إذا كنت تعرف نقاط ضعف فريقك.. فلماذا لا تُصلحها؟

الوضع ازداد سوءًا بعد أن بدأ سلوت يتبارى في مدح المنافسين، ويستعرض نقاط ضعف فريقه كما لو كان يقدم درسًا تحليليًا في الاستوديو، بينما فريقه ينهار على أرض الملعب، الجماهير لم تعد تتحمل هذا السلوك، فتساءل الجميع: إذا كنت تعرف نقاط ضعف فريقك لماذا لا تعمل على إصلاحها قبل أن تتحول إلى كارثة؟ 

وإذا كنت تدرك نقاط قوة المنافسين، لماذا لا تستعد لها بالجدية نفسها؟ وإذا كنت ترى أن لاعبيك يرتكبون أخطاء قاتلة لماذا لا تعمل على تصحيحها بدل أن تلقي بهم أسفل الحافلة بعد كل مباراة؟

موعد مباراة ليفربول اليوم ضد برينتفورد
محمد صلاح – ليفربول – المصدر (Getty images)

هذا السلوك لم يُفقد سلوت احترام الجماهير فحسب، بل بدأ ينعكس على اللاعبين أنفسهم، الذين شعروا بالضغط وعدم الثقة، وبدلاً من أن يكونوا شركاء في الحلول أصبحوا أدوات في أعذار سلوت المستمرة.

سلوت أصبح مدربًا غارقًا في الأعذار، مشوشًا في اختياراته، وأكثر اهتمامًا بشرح أسباب خسائره وتبريرها للآخرين من العمل على حل مشاكل فريقه، وكل تصريح جديد منه بعد كل هزيمة يزيد الطين بلة ويجعل الجماهير تشتاق للقراءة التحليلية العميقة والحاسمة التي قدمها من قبل محمد أبو تريكة، والذي كان يرى الفريق قبل النتيجة ويكشف الثغرات قبل أن تتحول لأزمات حقيقية.

لماذا كان أبو تريكة يرى ما لا يراه الآخرون؟

وبالعودة لأبو تريكة.. الرجل الذي عرف حقيقة سلوت منذ الوهلة الأولى ببساطة، لم يكن يرى “النتيجة” بل كان يرى “الفريق”، ولم يكن يحكم بعاطفة محلل يميل لهذا أو ذاك، بل بمنطق لاعب صنع تاريخًا طويلًا بالهدوء والحسابات الدقيقة، فقد اقترب من ليفربول كما يقترب لاعب الشطرنج من الرقعة.. لا يبحث عن القشور بل عن الأفكار العميقة، لم يمشِ خلف الضجيج الذي صنعته الانتصارات المتتالية، بل ركّز على التفاصيل الفنية التي لا يلاحظها إلا من اعتاد قراءة اللعب بين السطور.

كان يرى ليفربول كما تُرى رقعة الشطرنج: من أين يأتي الخطر الحقيقي؟ أين سيتحرك الملك؟ أين سيقع الفيل؟ أين سيُحاصر الحصان؟ وأي مربع، لو تركه سلوت دون حماية، سيقود السقوط؟ رأى كل ذلك قبل أن يحدث، وكأنه يقرأ مباراة دارت بالفعل، بينما الفريق كان لا يزال يتغنى بانتصارات هشة لا تستند إلى أرض صلبة.

وحين بدأت القطع تتحرك بالفعل، وحين ظهر الخلل في كل خط، وحين غاب محمد صلاح وظهرت حقيقة المنظومة، انكشف كل شيء وسقط الملك الأحمر.. سقطت معه ثقة الجماهير، واهتز المدرج، وترددت في الخلف كلمات أبو تريكة، الكلمات التي قيلت في هدوء لكنه هدوء يحمل كل ثقل الخبرة، التي لخصت بدورها الوضع الذي نقف فيه الأن قبل أن تصل إلى لحظتها الأخيرة.. اللحظة التي قال فيها أبو تريكة لمدرب ليفربول “كش ملك يا سلوت”.