السلاح السري.. كيف يحول أرتيتا الكرات الثابتة إلى “تفوق تكتيكي” أمام بايرن ميونخ؟
في ليلة أوروبية تبدو وكأنها تُرسم بعناية لتكون واحدة من أبرز ملامح هذا الموسم، يستعد بايرن ميونخ لخوض امتحان جديد على قمة دوري أبطال أوروبا، عندما يحلّ ضيفًا على آرسنال في مواجهة تحمل ثقل القمة وتوتر المصير ودهشة التفاصيل التي تجعل من مثل هذه المباريات نقطة تحول لا تُنسى.
بعد أسابيع قليلة فقط من عبوره أصعب اختباراته أمام باريس سان جيرمان في حديقة الأمراء، يعود الفريق البافاري إلى الواجهة مجددًا، حاملًا صدارته ومتمسكًا بإيقاعه الهجومي الكاسح، ليواجه فريقًا لم يعرف معنى استقبال الأهداف هذا الموسم في البطولة، ويقدّم كرة قدم تُحاكي الصلابة والصرامة والدقة الإنجليزية.
صراعٌ بين أفضل هجوم وأقوى دفاع، بين تاريخ بافاري يميل لصالح الأحمر الألماني وواقع لندني يزداد قوة على ملعب لم يعرف السقوط منذ سنوات في دوري الأبطال.
آرسنال ضد بايرن ميونخ.. أفضل دفاع يواجه أقوى هجوم
ليلة الأربعاء لن تكون مجرد مباراة بين فريقين لم يخسرا أي نقطة حتى الآن في البطولة – إلى جانب إنتر ميلان – بل ستجمع بين النقيضين: أفضل دفاع في النسخة الحالية مقابل واحد من أقوى خطوط الهجوم.

آرسنال هو الفريق الوحيد الذي لم تهتز شباكه في دوري الأبطال هذا الموسم، صلابة دفاعية تحوّلت إلى علامة مميزة لفريق ميكيل أرتيتا، حيث تُدار كل مباراة بانضباط تكتيكي صارم، وبمنظومة دفاعية يصعب تفكيكها مهما بلغ ضغط الخصم.
أمام هذا الجدار اللندني، يصل بايرن ميونخ بقوة هجومية مرعبة: 14 هدفًا في أربع مباريات، وهو نفس الرقم الذي حقّقه باريس سان جيرمان، ليؤكد البافاريون أنهم لا يحتاجون لكثير من المقدمات قبل الوصول إلى المرمى.
كما أنّ بايرن سجّل في آخر 11 مباراة على التوالي في دوري الأبطال، بمعدل مذهل (2.5 هدف في المباراة الواحدة)، إلا أن الوصول للشباك في “الإمارات” لن يكون مهمة سهلة، خصوصًا وأن آرسنال فاز في آخر 15 مباراة على أرضه في مرحلة المجموعات أو مرحلة الدوري، وحافظ على نظافة شباكه في 12 منها.
تفوق تاريخي بافاري.. وعقدة إنجليزية تتجدد
رغم قوة آرسنال الحالية، فإن التاريخ القريب يُرجّح كفة بايرن ميونخ، فمنذ سنوات، تحوّلت مواجهات الطرفين إلى مشهد يتكرر فيه التفوق البافاري؛ فقد فاز بايرن بأربع من آخر خمس مباريات بين الفريقين (بينها 3 مواجهات بنتيجة 5-1)، وتعادل في واحدة، آخرها مواجهة ربع نهائي موسم 2023-2024، حين انتصر في ميونخ 1-0 بعد تعادل مثير 2-2 في لندن.

أما على مدى 14 مواجهة في تاريخ الطرفين، فبايرن يملك اليد العليا بثمانية انتصارات وثلاثة تعادلات، مقابل ثلاث هزائم فقط، جاءت جميعها في موسم 2015-2016.
ولم تتوقف أزمة آرسنال عند حدود مواجهاته مع بايرن وحده، بل امتدت لتشمل غالبية الفرق الألمانية، ففي آخر تسع مباريات خاضها أمام أندية البوندسليجا، لم يفز سوى مرتين (كلاهما على بوروسيا دورتموند) مقابل ست هزائم وتعادل وحيد.
سجل مواجهات بايرن ميونخ ضد آرسنال عبر تاريخ دوري أبطال أوروبا
| الموسم | المرحلة | الفريق المستضيف | النتيجة | الفريق الضيف |
|---|---|---|---|---|
| 2023/24 | ربع النهائي – الإياب | بايرن ميونخ | 1–0 | آرسنال |
| 2023/24 | ربع النهائي – الذهاب | آرسنال | 2–2 | بايرن ميونخ |
| 2016/17 | دور الـ16 – الإياب | آرسنال | 1–5 | بايرن ميونخ |
| 2016/17 | دور الـ16 – الذهاب | بايرن ميونخ | 5–1 | آرسنال |
| 2015/16 | المجموعات – الجولة 4 | بايرن ميونخ | 5–1 | آرسنال |
| 2015/16 | المجموعات – الجولة 3 | آرسنال | 2–0 | بايرن ميونخ |
| 2013/14 | دور الـ16 – الإياب | بايرن ميونخ | 1–1 | آرسنال |
| 2013/14 | دور الـ16 – الذهاب | آرسنال | 0–2 | بايرن ميونخ |
| 2012/13 | دور الـ16 – الإياب | بايرن ميونخ | 0–2 | آرسنال |
| 2012/13 | دور الـ16 – الذهاب | آرسنال | 1–3 | بايرن ميونخ |
| 2004/05 | دور الـ16 – الإياب | آرسنال | 1–0 | بايرن ميونخ |
| 2004/05 | دور الـ16 – الذهاب | بايرن ميونخ | 3–1 | آرسنال |
| 2000/01 | المجموعات – الجولة 12 | بايرن ميونخ | 1–0 | آرسنال |
| 2000/01 | المجموعات – الجولة 8 | آرسنال | 2–2 | بايرن ميونخ |
كيف يستغل آرسنال نقطة قوته لاستغلال ضعف البايرن؟
قبل أيام قليلة من القمة المرتقبة بين آرسنال وبايرن ميونخ في دوري أبطال أوروبا، يزداد الجدل حول نقطة الضعف الأبرز في المنظومة الدفاعية للعملاق البافاري: الكرات الثابتة، ورغم فوز بايرن العريض على فرايبورج بنتيجة 6-2 وابتعاده في صدارة الدوري الألماني، فإن هدفين مُبكرين من ركلتين ركنيتين أعادا فتح ملف الأزمة من جديد، ودفعا الصحافة الألمانية إلى التساؤل حول مدى جاهزية الفريق لمواجهة أرسنال، أحد أكثر أندية أوروبا فاعلية في هذا الجانب.
رغم التذبذب الدفاعي الواضح في التعامل مع الكرات الثابتة، فإن بايرن يعيش واحدًا من أفضل بداياته في البوندسليجا، فقد جمع الفريق 31 نقطة من 33 ممكنة خلال أول 11 جولة، مستقبلًا 8 أهداف فقط، أقل عدد بين كل فرق الدوري.
لكن خلف هذه الصلابة التحكيمية، تختبئ ثغرة خطيرة: 6 من أصل 8 أهداف استقبلها الفريق جاءت من كرات ثابتة، هذا الرقم وحده كان كافيًا لإطلاق أجراس الإنذار داخل ميونخ، خاصة قبل مواجهة فريق يُجيد هذا النوع من الهجمات بشكل استثنائي مثل آرسنال.
فوز بايرن على فرايبورغ لم يكن خاليًا من المنغصات، فرغم تسجيل ستة أهداف، تكرر المشهد ذاته: ارتباك دفاعي عند الركنيات، سوء تمركز، وتأخر في الالتحام الأول. هذه الملاحظات كانت محور نقاش طويل في القنوات الألمانية عقب المباراة، حيث حذّر محللون من أن “آرسنال لن يكتفي بهدفين” إذا تكرر الأمر في أوروبا.
على الجانب الآخر، يدخل آرسنال إلى هذه الموقعة وهو في أفضل حالاته الهجومية والتنظيمية، الفريق اللندني يتصدر الدوري الإنجليزي الممتاز بعد 12 جولة، آخرها اكتساح جاره اللدود توتنهام برباعية استعدادًا لموقعة بايرن، لكنه يتفوق على الجميع في ميزة واحدة: 10 أهداف من كرات ثابتة، الرقم الأعلى في الدوري الإنجليزي هذا الموسم.
تحت قيادة ميكيل أرتيتا، تحوّل آرسنال إلى مدرسة خاصة في الاستفادة من الركنيات والركلات الحرة، بفضل تخطيط مدروس يُشرف عليه مساعدوه المتخصصون، حتى أن جمهور الفريق بات يردد هتافًا ساخرًا تحول إلى هوية: “كرات ثابتة مجددًا.. أولي أولي!”
هذا الأداء جعل الصحافة الأوروبية تُطلق عليه لقب: “نادي الكرات الثابتة” في إشارة إلى قوته الخارقة في هذا الجانب، ومع إحصائيات كهذه، يدرك كومباني جيدًا أنه سيواجه اختبارًا تكتيكيًا من العيار الثقيل.
لذلك سيدخل آرسنال مواجهة بايرن ميونخ مدركًا أن التفاصيل الصغيرة قد تحسم معركة كبرى بهذه الحدة، ولذلك تبدو الكرات الثابتة أقوى مفاتيحه لكسر صلابة الفريق البافاري. يمتلك المدفعجية منظومة منظمة للغاية في تنفيذ الركلات الركنية والضربات الحرة، تعتمد على تحركات مركّبة.
وبالرغم من إصابة المدافع البرازيلي جابريل، أحد المستهدفين بقوة من جانب مدرب الكرات الثابتة في النادي، إلا أن الجانرز أثبت منذ بداية الموسم استخدامه لأكثر من لاعب بذات الطريقة، فسجل كلًا من كالافيوري وتيمبر من كرات ثابتة أيضًا.
كومباني: “أنا هادئ.. لن نختبئ ونعرف كيف نُصلح الأمر”
ورغم كل التحذيرات، بدا مدرب بايرن ميونيخ واثقًا وهادئًا خلال تصريحاته بعد الفوز على فرايبورج.
“أنا هادئ. ارتكبنا أخطاءً في هذه المراحل كفريق. لا يجب أن نختبئ، بل نظهر شخصيتنا وقدرتنا على الدفاع، نحن أيضًا فريق جيد في الكرات الثابتة الهجومية، وقد سجلنا من ركلة ركنية اليوم”.
“سنُعالج الأمر، أثق أننا سنكون جاهزين أمام آرسنال”.
– فينسنت كومباني.
حديث كومباني يعكس محاولته حماية لاعبيه واحتواء التوتر قبل مواجهة أوروبية صعبة، خاصة في ظل الانتقادات التي طالت خط الدفاع خلال الأسابيع الماضية.
ولكن ما أظهره الجانرز أمام توتنهام كان على النقيض من مبارياته السابقة، سواء على مستوى الدوري الإنجليزي الممتاز، أو دوري أبطال أوروبا، فسجل الفريق اللندني 4 أهداف كاملة، بدون أي ركلة ثابتة، في المقابل كان قد سجل 10 من أصل 20 هدفًا قبل اللقاء من كرات ثابتة، بنسبة 50%.
يبدو أن ميكيل أرتيتا وجد طريقه نحو التسجيل بكل الطرق، ويسير نحو التتويج بلقب البريميرليج بعد غياب أكثر من عقدين، ولكن سيكون اختبار بايرن ميونخ هو الأهم في طريق إثبات نفسه أمام الكبار، خاصةً وأنه لم ينتصر على كبيري الدوري الإنجليزي (خسر أمام ليفربول وتعادل أمام مانشستر سيتي).
كومباني يُشيد بآرسنال: “ربما أفضل فريق في أوروبا الآن”
لم يتردد المدرب البلجيكي في الاعتراف بقوة الخصم المقبل، قائلًا: “آرسنال هو أفضل فريق في أوروبا في الكرات الثابتة. أرى ذلك تحديًا كبيرًا. لا أعرف إن كانت هناك فرق أفضل منهم الآن.. نحن نتطلع للمباراة”.

(المصدر:Gettyimages)
هذه التصريحات نقلتها الصحف البريطانية باعتبارها “إشادة نادرة” من مدرب يعرف جيدًا أن أي خطأ بسيط قد يكلّف فريقه الكثير على المساحة الأوروبية.
من يتأخر أولًا؟ سؤال مفتوح ينتظر الإجابة
من المفارقات اللافتة أن كلًا من بايرن ميونخ وآرسنال – إلى جانب إنتر ميلان ومانشستر سيتي – لم يتأخر في أي مباراة بدوري الأبطال هذا الموسم.
لكن بايرن يتفوّق في مدة السيطرة على النتائج، إذ قضى 345 دقيقة متقدمًا، أي 89% من زمن اللعب الكلي، وهو الرقم الأعلى بين جميع أندية البطولة.
وفي جميع المسابقات، لم يخسر آرسنال سوى مباراة واحدة فقط، كانت من كرة ثابتة أمام ليفربول حامل لقب الدوري الإنجليزي، بينما في المقابل لم يسقط البايرن في أي مباراة حتى الآن، حيث خاض 18 مباراة، انتصار في 17 وتعادل في مباراة وحيدة.
في مساء الأربعاء، وإن لم تنتهي المباراة بالتعادل السلبي، وهو ما لم يحدث من قبل في تاريخ مواجهات الفريقين، سيجد أحدهما نفسه متأخرًا للمرة الأولى.. والسؤال: من سيكسر هيبة الآخر أولًا؟

تعليقات