6 مشاهد لا تنسى في النسخة الأولى من كأس العرب

6 مشاهد لا تنسى في النسخة الأولى من كأس العرب


في ديسمبر 2021، عاشت الجماهير العربية على وقع كأس العرب، بطولة استثنائية جمعت الشغف، والهوية، والمنافسة في آنٍ واحد، حين استضافت قطر النسخة الأولى من كأس العرب تحت مظلة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، وعلى امتداد أسابيع البطولة، لم تكن الملاعب مجرد ساحات للمباريات، بل مسارح لحكايات وصور خالدة، صاغت ذاكرة جديدة لكرة القدم العربية، وخلّفت وراءها مشاهد لا تُمحى من ذاكرة المشجعين.

نستعيد أبرز تلك اللحظات التي خطّت ملامح البطولة الأولى، وشاهد عليها كل من تابعها من المدرجات أو خلف الشاشات. من اللقطات المثيرة على المستطيل الأخضر، إلى المشاهد الإنسانية والتنظيمية والجماهيرية التي منحت البطولة طابعها الفريد.. هنا نعود معًا إلى مشاهد لا تُنسى من النسخة الأولى لكأس العرب.

الجزائر تحصد كأس العرب لأول مرة في تاريخها

في تلك الليلة الشتوية فوق أرض استاد البيت بمدينة الخور، كانت الأضواء تلمع كما لو أنها تحتفل بحدثٍ يكتب في الذاكرة قبل أن يُكتب في السجلات، أكثر من 60 ألف متفرج احتشدوا يهتفون، يتصببون شغفًا، ينتظرون النهاية الكبرى لبطولة أشعلت المشاعر من المحيط إلى الخليج. وبين تونس والجزائر، بلدين تربطهما الجغرافيا ويجمع بينهما التاريخ وتفصل بينهما دقائق قليلة من كرة القدم… وُلِدت واحدة من أكثر الليالي خلوداً في تاريخ البطولات العربية.

كان نهائي كأس العرب 2021 أكثر من مجرد مباراة؛ كان معركة إرادات، صراع هواء وإيقاع، مباراة قادها التعب في أقدام اللاعبين، لكن قادتها الرغبة في قلوبهم، تونس جاءت بعد طريق شاق أطاحت فيه بعمان ثم مصر، والجزائر وصلت بلا خسارة آخرها عبور قطر في نصف نهائي ملتهب انتهى بهدف قاتل من بلايلي في آخر الأنفاس؛ كلاهما وصل مُثقلًا بالإجهاد، لكنهما دخلا الملعب كمن يدخل ساحة تتقرر فيها هوية بطل جديد للعرب.

ومع أن الفريقين افتقدا لاعبيهما المحترفين في أوروبا، إلا أن الروح التي ظهرت في النهائي كانت أكبر من كل الغيابات، شوط أول مشحون، وشوط ثانٍ أكثر توترًا، وجماهير تُلهب اللقاء بصوتها.

البداية كانت تونسية، بعد رأسية قوية في الدقيقة الرابعة ارتطمت بالعارضة الأفقية للمرمى الجزائري، ثم تلاها تسديدة رائعة من نعيم السليتي في الدقيقة التاسعة عشر أبعدها رايس مبولحي ببراعة.

ردت الجزائر سريعًا بعدها بدقيقتين فقط، بعد هجمة سريعة انتهت بعرضية من بغداد بونجاح نحو مزياني الذي وضع الكرة خارج المرمى بغرابة؛ ثم في الدقيقة الثانية والثلاثين، توغل رائع من البلايلي وعرضية أرضية أبعدها الدفاع التونسي قبل أن يضعها براهيمي في الشباك.

وكادت اللحظات الأخيرة أن تشهد أول الأهداف، وتحديدًا عند الدخول للدقيقة التسعين، عندما انطلق سيف الدين الجزيري، لكن تسديدته جانب مرمى مبولحي.

دخلت المباراة زمنها الإضافي، ومع دخول الدقيقة العاشرة من الشوط الإضافي الأول، انفجرت المدرجات، أمير سعيود، الذي لم يشارك إلا في المباراة الافتتاحية ثم جلس على الدكة طويلًا، سجّل الهدف الذي طال انتظاره، هدفًا يشبه قصة صعود لاعب من الظل إلى الضوء، كرة يسارية جميلة، أخذت طريقها نحو الشباك، لتعلن بداية فصل جديد من الحكاية الجزائرية.

الجميل في ذكرى أمير سعيود بهدف نهائي كأس العرب، أنه الهدف الوحيد الذي سجله صاحب الـ35 عامًا الآن، في تاريخ مشاركاته بقميص المنتخب الجزائري، خلال 4 مباريات فقط دافع فيها بكل طاقته عن علم الجزائر.

تونس لم تستسلم، نسور قرطاج هاجموا بكل ما يملكون، يطاردون هدف التعادل وسط إرهاق واضح لكنه لم يكسر إرادتهم، ورغم محاولاتهم، كان الشوط الإضافي الثاني شاهدًا على تفوق بدني وذهني للجزائر التي أمسكت بزمام المباراة وفرضت إيقاعها.

ثم جاءت الضربة القاضية.. في الثواني الأخيرة من عمر اللقاء، ركنية أخيرة في اللقاء، مع تقدم حارس مرمى تونس، أرسلها علي معلول نحو منطقة الجزاء، لكن الدفاع أبعدها، ليجدها ياسين براهيمي وينطلق من قبل منتصف الملعب وحيدًا، لينهي كل شيء.

ركض بكل ما تبقى لديه من طاقة، وسجّل الهدف الثاني الذي أطفأ أمل تونس وأشعل ملعب البيت، كان هدفًا يليق بنهاية بطولة، وبتتويج منتخب لم يخسر طوال مشواره.

مع صافرة النهاية، انفجرت الدوحة بالفرح، الجزائر تُتوّج بطلة لكأس العرب للمرة الأولى في تاريخها، وتصبح سادس منتخب يرفع اللقب بعد العراق، السعودية، مصر، تونس، والمغرب، لحظة حمل فيها محاربو الصحراء كأسًا طال انتظارها، في نهائي هو الأول لهم منذ مشاركاتهم السابقة في 1988 و1998.

وفي ليلة التتويج، كانت المشاهد أكبر من مجرد أرقام: لاعبون يبكون، جماهير تهتف بلا توقف، رقصات جزائرية في المدرجات، وعلم أخضر أبيض أحمر يرتفع عاليًا فوق استاد البيت.

وفي الخلفية، كانت البطولة نفسها تُثبت نجاحها، قطر قدّمت نسخة استثنائية تحت مظلة الفيفا، في ملاعب مونديالية امتلأت للمرة الأولى بالجماهير، قبل أن تصبح بعد أشهر قليلة مسرحًا لأحد أعظم كؤوس العالم في التاريخ.

أحمد رفعت.. اللحظة التي لا تموت

في ذاكرة الكرة المصرية، هناك لحظات لا تشيخ، لحظات تبقى حيّة حتى لو غاب أصحابها، وبين هذه اللحظات، يقف اسم أحمد رفعت كوميض خاطف، لاعب لم يكن مجرد جناح مهاري أو موهبة صنعت أهدافًا جميلة، بل كان روحًا تقاتل، وقلبًا ينبض بالشغف، قبل أن يتوقف فجأة.

رحل رفعت في صمتٍ موجع، عن عمر لم يكتمل، بعد معركة قاسية مع مضاعفات توقّف عضلة القلب في إحدى مباريات الدوري المصري، رحل وهو في الثانية والثلاثين فقط؛ العمر الذي ما زال اللاعبون فيه يحلمون بالذروة.

لكن ذكراه بقيت، وصورته في قميص الفراعنة عالقة في وجدان الجماهير، خصوصًا مع ظهوره في كأس العرب 2021 في قطر، آخر محطة دولية في مسيرته.

كان رفعت قبل رحيله بأيام قليلة يتحدث بابتسامة خجولة في لقاء تلفزيوني، يحكي عن التحسن النسبي في حالته، ويؤكد إصراره على العودة يومًا إلى الملاعب، زار زملاءه في ناديه مودرن سبورت، ضاحكًا ومطمئنًا، وكأن القدر كان يمنحه فرصة الوداع دون أن ندرك نحن ذلك.

لكنَّ كرة القدم تحتفظ دائمًا بما هو أجمل من الألم… بالذكرى.

قبل كأس العرب 2021، لم يكن رفعت قد لعب سوى مباراة دولية واحدة فقط، جاءت تلك المباراة عندما كان شابًا في العشرين، بديلًا أمام أوغندا عام 2013، بعدها اختفى اسمه من قوائم المنتخب.

ثماني سنوات من الظل؛ لكن في لحظة، قرر كارلوس كيروش أن يمنح الفرصة للاعب يؤمن بقدمه اليمنى مثل يسراه، ويملك الجرأة في التسديد، والعقل الذي ينتظر اللحظة المناسبة، لا أكثر.

وهكذا عاد رفعت إلى القميص الوطني في كأس العرب، عائدًا بلهفة لاعب يعرف أن كل دقيقة هي فرصة أخيرة.

بدأت مصر مباراة السودان في الجولة الثانية من دور المجموعات مثقلة بالشكوك، أداء باهت أمام لبنان، فوز جاء من ركلة جزاء فقط، وجماهير تتساءل: هل يملك هذا الجيل ما يكفي للمنافسة؟ ثم جاءت الدقيقة الرابعة.. وجاء رفعت.

ركلة حرة على حدود المنطقة، يسددها بقوة فيرتطم الكرة بالعارضة وتعود، ترتد أمامه في الهواء، فيقرر في ثانية واحدة أن لا يترك شيئًا للصدفة، يطلق بيسراه صاروخًا لا يُصدّ ولا يُرد، كرة تهز شباك السودان وتُشعل المدرجات، وتهدي الفراعنة الثقة التي كانوا يبحثون عنها.

كان ذلك الهدف واحدًا من أجمل لقطات البطولة، لكنه كان أيضًا اللحظة التي ثبت فيها اسم أحمد رفعت في ذاكرة المصريين إلى الأبد، قصة قصيرة لكنها مليئة بالشغف.

“كان هناك توفيق كبير في هذا الهدف الذي سجّلته ولكن الأمر المؤكد أنني كنت أمتلك ثقة كبيرة بقدرة قدمي اليمنى على التسديد كما هو الحال مع القدم اليسرى لأنني ألعب بالقدمين”.

“عندما ارتدت لي الكرة من الدفاع، لم أتردد في التسديد نحو المرمى، لا أخفي عليك أنني لم أكن أتوقع بأنها ستذهب بهذه الطريقة الرائعة، ولكني كنت مسرورًا بتسجيل الهدف لأنني لعبت الركلة الحرة بطريقة مُتقنة”.

“لم تدخل الكرة من الركلة الحرة، ولكن التعويض كان بأفضل شكل ممكن وبطريقة رائعة”.

– أحمد رفعت.

كان يتحدث عن الهدف وكأنه كرة عادية، وكأن الأمر لم يكن هو اللحظة التي أشعلت الملايين، كانت البطولة بالنسبة له نافذة، نافذة أراد أن يدخل منها أخيرًا إلى المنتخب بعد غياب طويل.

في ربع النهائي، كرر رفعت فعله، دخل المباراة أمام الأردن في لحظة توتر، النتيجة تُشير للتعادل الإيجابي 1-1، والمباراة تبدو أصعب مما توقع الجميع، حيث كان النشامى أخطر وأقرب للتسجيل.

لكن رفعت من جديد كان اللاعب الذي يغيّر الاتجاه، أحرز هدف التقدم، وأكمل ريمونتادا مصرية انتهت بثلاثية، وقادت المنتخب إلى نصف النهائي.

لم يكتفي بالتسجيل والصناعة، بل أصبح هدّاف مصر في البطولة بثنائية جميلة، وصورة لا تُنسى لجناح يصرخ فرحًا وهو يركض نحو الراية الركنية.

كانت البطولة الأولى له دوليًا مع منتخب مصر منذ فترة.. وكانت الأخيرة.

في كل مرة يُعاد هدفه في كأس العرب، يشعر الجمهور أنه لم يكن مجرد لاعب يركض خلف الكرة، كان لاعبًا يركض خلف حلم، خلف فرصة أخيرة للظهور مع المنتخب، خلف لحظة يترك فيها بصمة لا تُمحى؛ وفي النهاية.. تركها.

رحل أحمد رفعت، لكن الكرة التي هزت شباك السودان لا تزال حية، والاحتفال أمام الأردن لا يزال حيًا، وصرخة الفرحة، والركض على الخط، والابتسامة الهادئة في لقاءاته الأخيرة.. كلها لا تزال حيّة.

ربما رحل الجسد، لكن الوميض لا يختفي؛ ففي تلك البطولة، وبين هتافات الدوحة ورائحة العشب في استاد 974 والجنوب.. كتب أحمد رفعت اللحظة التي لا تموت.

كلاسيكو مصري تونسي مثير.. ونهاية صادمة للفراعنة

كانت ليلة نصف النهائي على ملعب “974” مختلفة، فالهواء في راس أبو عبود كان مشحونًا بانتظار مواجهة عربية كلاسيكية، تجمع مصر وتونس في واحدة من أكثر المباريات ترقبًا في كأس العرب “قطر 2021″؛ لقاء لم يكن مجرد صراع للوصول إلى النهائي، بل كان اختبارًا للقلب قبل القدم، وللتحمل قبل التكتيك.

منذ صافرة البداية، ظهرت ملامح المباراة: صراع بدني محتدم، تفاصيل تكتيكية ضيقة، وحذر يكاد يخنق الملعب، لم تكن هناك أطراف للتجربة ولا فسحة للخطأ، تونس بضغطها العالي وسرعة أطرافها، ومصر بتنظيمها الدفاعي واعتمادها على التحولات الخاطفة.

وبين هذا وذاك، بقيت المساحات ضيقة، والقلوب معلّقة عند كل كرة ثابتة أو مرتدة، حاول “كيروش” أن يفرض شخصية المنتخب المصري عبر السيطرة على الرتم ومنع تونس من بناء اللعب بسلاسة، لكن “نسور قرطاج” كانوا أكثر جرأة في الاقتراب من منطقة الجزاء، ومع ذلك، صمدت مصر، حتى جاءت اللحظة التي غيرت كل شيء.

الدقيقة 90+4 كانت أشبه بصفحة درامية تُكتب بيد القدر. كرة ثابتة تُرسل داخل المنطقة، وعمر السولية -الذي كان يحمل شارة القيادة وثقة الجماهير- يرتقي ليبعد الخطر، لكن الكرة تغيّر اتجاهها بشكل مأساوي، وتهوي إلى شباك محمد الشناوي، هدف عكسي صامت، أطبق الصمت على المصريين وأشعل الجانب التونسي.

لم يكن هدفًا عاديًا؛ كان طعنة قاسية في لحظة كان الجميع يستعد فيها للوقت الإضافي، السولية واقفًا مذهولًا، زملاؤه يحيطون به، الجمهور المصري بين صدمة ومرارة، والجمهور التونسي يحتفل بطاقة هائلة، إنها اللحظات التي تجعل كرة القدم أكثر قسوة، لكنها أيضًا تجعلها أكثر صدقًا.

هكذا، انتهت رحلة مصر في البطولة قبل خطوة واحدة من النهائي، بخطأ لم يكن أحد لينتظره من أحد أكثر لاعبي المنتخب ثباتًا وخبرة.

بعد صدمة نصف النهائي، حاول المنتخب المصري أن يلمّ شتاته في مباراة تحديد المركز الثالث أمام قطر، مباراة بلا روح بطولة، لكنها اختبار لمدى قدرة الفريق على النهوض، خاض اللاعبون 120 دقيقة جديدة انتهت بتعادل سلبي، قبل أن يخسر المنتخب بركلات الترجيح ويكتفي بالمركز الرابع.

لم تكن تلك النهاية التي رسمها الجمهور ولا كان يتوقعها الفريق، فبعد أداء دفاعي صلب وهجوم متوازن في دور المجموعات، وفوز كبير على السودان، وتعادل مثير أمام الجزائر، ثم انتصار مقنع على الأردن في ربع النهائي؛ بدا أن الطريق إلى النهائي مفتوح، لكن كرة القدم كانت لها كلمة أخرى.

مصر والجزائر في مواجهة الصدارة بالبطاقات

كانت أجواء استاد الثمامة محملة بالتوتر، وكأن كل دقيقة في المباراة ستحدد مستقبل الفريقين في البطولة؛ مصر والجزائر، تاريخ طويل من المنافسات الشرسة، جمعتهما في قمة المجموعة الرابعة لكأس العرب 2021، مباراة لم تكن مجرد مواجهة على النقاط، بل اختبار للانضباط النفسي والصلابة الذهنية.

بدأت المباراة بوتيرة عالية، ضغط متبادل، هجمات منظمة من الطرفين، وتمركز دفاعي محكم، وفي الدقيقة 20، جاءت الجزائر لتعلن حضورها بقوة، عندما توغاي استغل ارتباك دفاع مصر، وسجل الهدف الأول للمنتخب الجزائري.

الهدف أشعل المدرجات، ورسم على وجوه الجماهير المصرية علامات القلق، بينما ارتسمت الابتسامة على مشجعي محاربو الصحراء، ولكن مصر لم تنهار، الفريق بقي منظمًا، يبحث عن ثغرة، يتنقل بين الأطراف، وينتظر اللحظة المناسبة للعودة في النتيجة.

مع بداية الشوط الثاني، كان الضغط المصري أكبر، محاولات متتالية للتسجيل، وبناء الهجمات من العمق والأطراف، حتى جاءت الدقيقة 59، ركلة جزاء منحها الحكم بعد لمسة يد في منطقة الجزاء الجزائرية.

وقف قائد الفراعنة عمرو سولية خلف الكرة، وبرأس هادئ وبثقة، أرسل الكرة في الشباك، ليعدل النتيجة 1–1، ويعيد الأمل لمصر.

المدرجات انفجرت بالاحتفالات، والفريق المصري استعاد الروح، بينما الجزائر حاولت إعادة سيطرتها على المباراة، لكن المباراة أخذت بعدًا تكتيكيًا جديدًا يعتمد على الصبر والتحكم في الإيقاع.

قبيل صافرة النهاية، بدا أن التعادل سيظل سيد الموقف، لكن المفاجأة لم تكن في النتيجة، بل في العدالة الرياضية الدقيقة: قواعد اللعب النظيف.

قبل المباراة، كان سجل اللعب النظيف متساويًا تقريبًا: 3 بطاقات صفراء لمصر، وبطاقة حمراء غير مباشرة للجزائر.

خلال اللقاء، حصل المصريون على 3 بطاقات صفراء فقط، بينما حصل الجزائريون على 4 بطاقات صفراء وبطاقة حمراء في الثواني الأخيرة.

بهذا، تصدر المنتخب المصري المجموعة الرابعة بفضل قواعد اللعب النظيف، لتكون مباراة انتهت بالتعادل، لكنها حسمت الصدارة بطريقة درامية لم يتوقعها أحد.

عبر الفراعنة لدور الثمانية، قبل تخطي عقبة الأردن، ولكن المشوار توقف عند نصف النهائي، بينما في الجانب الآخر، نجح المنتخب الجزائري في تخطي المغرب ثم قطر، قبل أن يتوج باللقب في النهاية.

مصر تُسطر فوزًا ملحميًا في ربع النهائي أمام الأردن

كانت أجواء مباراة ربع النهائي بين مصر والأردن أكثر من مجرد مواجهة رياضية؛ كانت صراعًا على كل شيء: الكبرياء، الأمل، والحلم بمواصلة المسار نحو اللقب، المباراة التي أقيمت على استاد الجنوب بمدينة الوكرة القطرية، شهدت كل ما يميز كرة القدم من تقلبات مثيرة، أهداف مذهلة، وتوتر لم يتوقف حتى صافرة النهاية.

بدأت المباراة بتوتر واضح، لا مكان فيه للخطأ. منتخب الأردن كان يملك حافزًا كبيرًا، وكان يظهر تفوقًا تكتيكيًا ملحوظًا منذ البداية. بعد 12 دقيقة، جاء الهدف الأول ليضرب شباك مصر بأسرع مما توقع أحد. يزن النعيمات، مهاجم النشامى، أطلق تسديدة قوية من داخل منطقة الجزاء، اخترقت الدفاع المصري وسكنت الزاوية البعيدة للمرمى. المنتخب الأردني، الذي كان يضع قدمه في نصف النهائي، انفجر فرحاً، بينما حاول الفراعنة استيعاب الصدمة والعودة إلى اللقاء.

لكن المنتخب المصري، الذي يملك الإرادة والتاريخ القوي، لم ينتظر طويلاً للرد. مع اقتراب نهاية الشوط الأول، ومع الدقيقة 45+1، حانت اللحظة التي أسكتت هتافات الجمهور الأردني. مروان حمدي، مهاجم الفراعنة، ارتقى في كرة عرضية رائعة ليُسجل هدف التعادل برأسية مذهلة في المقص الأيسر للمرمى، الهدف جاء في اللحظة الأكثر حساسية، قبل أن يُغلق الشوط الأول على تعادل 1-1، ويعيد الأمل والتوازن للفريق المصري.

ومع انطلاق الشوط الإضافي الأول، كان واضحاً أن اللاعبين قد تجاوزوا مرحلة التوتر والتخوف، ليبدأوا في اتخاذ المخاطر، المنتخب المصري كان أكثر هدوءاً، وكانت الفرص تلوح في الأفق، إلى أن جاء أحمد رفعت، الذي كان قد أبدع في لقاءات سابقة، ليضع الفراعنة في المقدمة في الدقيقة 99 من الشوط الإضافي الأول.

بتمريرة حاسمة وتمريرة عرضية ممتازة، سجل رفعت هدفًا رائعًا بقدمه اليمنى، ليمنح مصر الفرصة للابتعاد خطوة نحو نصف النهائي. رفع هذا الهدف الروح المعنوية للفراعنة وجعلهم يثقون في قدرتهم على حسم المباراة لصالحهم.

ولم تكن هذه اللحظة وحدها هي ما جعلت المنتخب المصري متفوقاً، بل كانت اللحظة الأخيرة من اللقاء بمثابة التتويج على أداء رائع. في الدقيقة 120، في اللحظات الأخيرة من الشوط الإضافي الثاني، وفي هجمة مرتدة رائعة، أرسل مروان داوود كرة قوية سكنت شباك الأردن ليضيف الهدف الثالث في المباراة. كانت هذه اللحظة التي حسمت كل شيء.

3-1 للفراعنة، تأهل مستحق، وجماهير مصر تحتفل بهذا الإنجاز الكبير.

الجزائر تهزم المغرب في قمة مغاربية دراماتيكية بركلات الترجيح

في ليلة لا تُنسى، شهد استاد الثمامة في الدوحة واحدة من أقوى المباريات في تاريخ كأس العرب، حيث التقى منتخب الجزائر مع منتخب المغرب في قمة مغاربية مليئة بالإثارة، التوتر، والتقلبات التي انتهت بفوز الجزائر بركلات الترجيح (5-3) بعد تعادل الفريقين في الوقت الأصلي (2-2).

كانت المباراة بمثابة معركة تكتيكية بين فريقين عظيمين، ولكن البداية كانت في صالح الجزائر. في الدقيقة 61، حصل المنتخب الجزائري على ركلة جزاء بعد تدخل في منطقة الجزاء، النجم الجزائري ياسين براهيمي، الذي كان له دور محوري طوال البطولة، خطف الأضواء وسجل هدف التقدم لمنتخب “محاربي الصحراء” بثقة على يسار الحارس المغربي. هدف براهيمي جاء ليشعل المدرجات ويبعث الحماس في صفوف الفريق الجزائري، الذين كانوا في حاجة إلى المزيد من العزيمة لتحقيق حلم التأهل.

ولكن كما جرت العادة في المباريات الكبرى، لم يدم التفوق الجزائري طويلاً. المغرب، الذي كان يسعى لتأكيد قوته في البطولة، رد سريعًا، في الدقيقة 63، ومن كرة ثابتة، أرسل اللاعب محمد النهيري كرة عرضية رائعة قابلها برأسية مذهلة لم يستطع الحارس الجزائري التصدي لها، هدف النهيري جاء بمثابة ضربة معنوية للفريق الجزائري، ليعاد التوازن في المباراة من جديد، ويستعد الفريقان لمواصلة الصراع على بطاقة التأهل.

مع مرور الوقت واشتداد التنافس بين الفريقين، جاءت الدقائق الإضافية لتمنح المباراة طابعاً آخر. في الدقيقة 112، من الشوط الإضافي الأول، وفي لحظة تاريخية حافلة بالتوتر، وضع يوسف بلايلي المنتخب الجزائري في المقدمة مجدداً.

تسديدة رائعة من مسافة بعيدة، “هدف عابر للقارات”، لتسكن الكرة شباك المنتخب المغربي وسط احتفالات جنونية من اللاعبين والجماهير الجزائرية. هدف بلايلي جاء ليؤكد قدرة الفريق على الرد في الأوقات الصعبة، ويجعلهم أقرب من التأهل لنصف النهائي.

ولكن المغرب، الذي عرف بتاريخه المليء بالإنجازات، لم يكن مستعدًا للانسحاب بهذه السهولة. في الدقيقة 116، وفي الشوط الإضافي الثاني، جاء رد فعل أسود الأطلس. من كرة ثابتة أخرى، أرسل نجم الدفاع المغربي بدر بانون كرة رأسية رائعة، ليعيد التعادل ويمنح منتخب بلاده أملًا جديدًا في التأهل، كانت لحظة دراماتيكية، حيث أدرك اللاعبون والجماهير في الدوحة أن التأهل أصبح بيد ركلات الترجيح.

بخروج الوقت الأصلي والإضافي بالتعادل (2-2)، جاء الدور على ركلات الجزاء الترجيحية لتحديد الفائز. وكان للجزائر الكلمة الأخيرة في هذه القمة المغاربية. سجل محاربو الصحراء جميع ركلاتهم بنجاح، بينما أهدر المنتخب المغربي ركلتين حاسمتين، الجزائر حسمت المباراة لصالحها 5-3 في ركلات الترجيح، وتأهلت إلى نصف النهائي في صراع كان مليئاً بالتوتر والمشاعر المتناقضة.