هل أصبحت إسبانيا جاهزة للتتويج بكأس العالم؟.. لا روخا بين هيمنة الحاضر وذكريات 2010
هل أصبحت إسبانيا جاهزة للتتويج بكأس العالم؟ يعيش منتخب إسبانيا واحدة من أقوى مستوياته تاريخيًا، بعدما وصل إلى سلسلة لاهزيمة بلغت 31 مباراة، تخطى بها أطول سلسلة عدم هزيمة حققها لا روخا في تاريخه، والتي كانت تحت قيادة المدرب فيسينتي ديل بوسكي، والذي قادهم للتتويج بلقب كأس العالم 2010، وهي المرة الوحيدة التي توج بها الإسبان بالمونديال.
حققت إسبانيا إنجازًا بالتتويج بلقب كأس الأمم الأوروبية “يورو 2024” الماضي، وذلك بعد الفوز في جميع المباريات، حيث تصدرت المجموعة بالعلامة الكاملة بالفوز على كرواتيا بثلاثة اهداف دون رد، قبل أن يتبعهم بانتصارات على إيطاليا وألبانيا بهدف مقابل لا شيء.
ثم نجح فريق المدرب لويس دي لا فوينتي، في الفوز على جورجيا في الدور ثمن النهائي بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد، ومن ثم الفوز على ألمانيا في ربع النهائي بهدفين مقابل هدف، وهي النتيجة التي كررها أمام فرنسا في نصف النهائي، ثم إنجلترا في النهائي.
هل ينجح منتخب إسبانيا في تكرار إنجاز 2010؟
شهدت مباراة إسبانيا الختامية في تصفيات كأس العالم 2026 أمام تركيا، فشل لا روخا في تحقيق إنجاز 2010 في التصفيات المونديالية، حيث انتهت المباراة بالتعادل الإيجابي 2-2، ليفشل المنتخب في الوصول للعلامة الكاملة في مشوار التصفيات، وهو ما حدث في التصفيات المؤهلة للنسخة الوحيدة التي توج بها المنتخب الإسباني في تاريخه.
وللمصادفة، كانت مجموعة المنتخب الإسباني في تصفيات كأس العالم 2010، تشمل منتخب تركيا أيضًا، ولكن من تأهل للملحق حينها كانت البوسنة والهرسك، أما لا روخا فقد نجحوا في الوصول لنهائيات المونديال بالعلامة الكاملة في الفوز بعشر مباريات متتالية، ولم يستقبلوا سوى 5 أهداف فقط.
نتائج منتخب إسبانيا في تصفيات كأس العالم 2010
| التاريخ | الفريق المستضيف | النتيجة | الفريق الزائر | الهدافون | الملعب |
|---|---|---|---|---|---|
| 6 سبتمبر 2008 | إسبانيا | 1 – 0 | البوسنة والهرسك | دافيد فيا 58′ | نويفا كوندومينا |
| 10 سبتمبر 2008 | إسبانيا | 4 – 0 | أرمينيا | خوان كابدفيليا 7’، دافيد فيا 16’، 79’، ماركوس سينا 83′ | كارلوس بلمونت |
| 11 أكتوبر 2008 | إستونيا | 0 – 3 | إسبانيا | خوانيتو 34’، دافيد فيا 38’، 69′ | أ. لو كوك أرينا |
| 15 أكتوبر 2008 | بلجيكا | 1 – 2 | إسبانيا | أندريس إنيستا 36’، دافيد فيا 88′ | الملك بودوان |
| 28 مارس 2009 | إسبانيا | 1 – 0 | تركيا | جيرارد بيكي 60′ | سانتياجو بيرنابيو |
| 1 أبريل 2009 | تركيا | 1 – 2 | إسبانيا | شابي ألونسو 63’، ألبيرت رييرا 90+2′ | علي سامي ين |
| 5 سبتمبر 2009 | إسبانيا | 5 – 0 | بلجيكا | ديفيد سيلفا 41’، 67’، دافيد فيا 49’، 85’، جيرارد بيكي 50′ | ريازور |
| 9 سبتمبر 2009 | إسبانيا | 3 – 0 | إستونيا | سيسك فابريجاس 33’، سانتي كازورلا 82’، خوان مانويل ماتا 90+2′ | ملعب رومانو |
| 10 أكتوبر 2009 | أرمينيا | 1 – 2 | إسبانيا | سيسك فابريجاس 33’، خوان مانويل ماتا 64′ | هانرابيتاكان |
| 14 أكتوبر 2009 | البوسنة والهرسك | 2 – 5 | إسبانيا | جيرارد بيكي 13’، ديفيد سيلفا 14’، ألفارو نيجريدو 50’، 55’، خوان مانويل ماتا 81′ | بيلينو بولي |
أما الجيل الجديد من منتخب إسبانيا، فيشهد تطورًا كبيرًا عن السنوات الماضية، بعد نهاية الجيل الذهبي الذي سيطر على الكرة العالمية بالتتويج بلقبين متتاليين من كأس أمم أوروبا، وبينهما لقب كأس العالم الوحيد في تاريخ البلاد.
وبالرغم من فشل الجيل الحالي في تكرار إنجاز التأهل بالعلامة الكاملة، إلا أن المنتخب الإسباني يعيش فترة من أقوى فتراته، بعدما استقبل هدفين فقط طوال التصفيات، وكانا في اللقاء الأخير أمام تركيا، بعدما استمر 9 مباريات متتالية دون استقبال أهداف، منذ الخسارة 1-2 ضد السويد فى تصفيات كأس العالم 2022.

كما وأن إسبانيا سجلت 21 هدفًا في 6 مباريات فقط في التصفيات، بمعدل 3.5 هدف لكل مباراة، وهو الذي يقترب من معدل المنتخب المتأهل لمونديال جنوب إفريقيا بالعلامة الكاملة، والذي سجل 28 هدفًا في 10 مباريات، بمعدل 2.8 هدف لكل مباراة، ويبقى السؤال: هل تنجح إسبانيا في تكرار إنجاز 2010 والتتويج بالمونديال؟
نتائج منتخب إسبانيا في تصفيات كأس العالم 2026
| التاريخ | الفريق المستضيف | النتيجة | الفريق الزائر | الهدافون | الملعب |
|---|---|---|---|---|---|
| 4 سبتمبر 2025 | بلغاريا | 3 – 0 | إسبانيا | ميكيل أويارزابال 5’، مارك كوكوريلا 30’، ميكيل ميرينو 38′ | فاسيل ليفسكي |
| 7 سبتمبر 2025 | تركيا | 6 – 0 | إسبانيا | بيدري 6′, 62’، ميكيل ميرينو 22’، 45+1’، 57’، فيران توريس 53′ | ملعب قونيه سبور |
| 11 أكتوبر 2025 | إسبانيا | 2 – 0 | جورجيا | يريمي بينو 24’، ميكيل أويارزابال 64′ | ملعب مانويل مارتينيز فاليرو |
| 14 أكتوبر 2025 | إسبانيا | 4 – 0 | بلغاريا | ميكيل ميرينو 35’، 57’، أتاناس تشيرنيف 79′ هدف عكسي، ميكيل أويارزابال 90+2′ | نويفو خوسيه زوريلا |
| 15 نوفمبر 2025 | جورجيا | 0 – 4 | إسبانيا | ميكيل أويارزابال 11’، 63’، مارتن زوبيميندي 22’، فيران توريس 35′ | بوريس بيشادزي دينامو أرينا |
| 18 نوفمبر 2025 | إسبانيا | 2 – 2 | تركيا | داني أولمو 4’، ميكيل أويارزابال 62′ | لا كارتوخا |
دي لا فوينتي يقود حلم إسبانيا الجديد
عندما نجحت إسبانيا في التتويج بلقب كأس العالم الوحيد في تاريخها، كان المدير الفني إسباني، بل اشتهرت إسبانيا بالمدرب الوطني على مدار تاريخها الطويل، حيث لم يسبق وأن درب لا روخا مدرب يحمل جنسية أخرى.
وسبق لخمسة مدربين مزدوجي الجنسية، تولي مهمة منتخب إسبانيا، حيث كانوا يحملون الجنسية الإسبانية مع جنسيتهم الأم، وهم: الفلبيني إدواردو تيوس، الفلبيني باولينو ألكانتارا، الأيرلندي لويس ميلوني، لاسلو كوبالا، الأوروجواياني خوسيه سانتي ماريا.
وبينما حسم التعادل الإيجابي مباراة إسبانية الختامية للتصفيات، ارتفعت سلسلة المباريات الرسمية التي خاضها لويس دي لا فوينتي دون هزيمة إلى 26 مباراة متتالية، بواقع 20 انتصارًا و6 تعادلات، ليقترب بذلك خطوة جديدة من الرقم القياسي التاريخي المسجل باسم المدرب الأسبق خافيير كليمنتي، الذي خاض 31 مباراة دون خسارة بين عامي 1994 و1997.
وفي السياق نفسه، واصلت إسبانيا تعزيز سلسلتها الذهبية في المباريات الرسمية، حيث ارتفع رصيدها إلى 31 مباراة متتالية بلا هزيمة (26 فوزًا و5 تعادلات)، لتتجاوز ما حققته تحت قيادة فيسنتي دل بوسكي بين 2010 و2013.
كما رسخت “لا روخا” هيمنتها المطلقة على أرضها في التصفيات المؤهلة لكأس العالم؛ فبعد مباراة تركيا، بات المنتخب قد خاض 64 مباراة على ملعبه دون أي هزيمة في هذه التصفيات، محققًا 53 انتصارًا و11 تعادلًا، بنسبة فوز مذهلة تبلغ 83%. ويُذكر أن المنتخب سجل في 63 من هذه المباريات الـ64، ولم يعجز عن التسجيل سوى مرة واحدة أمام أيرلندا عام 1992.
“أتمنى أن يُخلّد جميع اللاعبين، بمعنى أن يبقوا في أذهان الجميع، وأن يكونوا فريقًا مثل فريق 2008، 2010، 2012، الذي أصبح أسطوريًا وسيبقى للأبد”.
“أعتقد أن هذا الفريق في طريقه لتحقيق ذلك، أعتقد أنه حقق إنجازات مهمة للغاية، ولدى العديد من اللاعبين فرصة صنع التاريخ وترك ذكرى خالدة في أذهان الجماهير”.
“أعتقد أن هذه أفضل مكافأة يمكن أن يحصل عليها المحترف”.
– لويس دي لا فوينتي.
ويقود لويس دي لا فوينتي الحلم الإسباني الجديد للتتويج بكأس العالم والعودة للمحفل العالمي من جديد بعد الجيل الذهبي، فمن بين التشكيلة الأساسية التي بدأت الفوز 2-1 على إنجلترا في نهائي يورو 2024، بدأ أربعة لاعبين فقط المباراة الأخيرة ضد تركيا، ومن بينهم أفضل أربعة لاعبين – بيدري، ورودري، ولامين يامال، ونيكو ويليامز – من بين الغائبين حاليًا بسبب الإصابة.
من سمات مرحلة التصفيات هذه مشاركة لاعبين أقل شهرة دون أن يُحدث ذلك أي تراجع ملحوظ في تماسك الفريق، وصلت إسبانيا الآن إلى 31 مباراة دون هزيمة (25 فوزًا، ستة تعادلات)، بعد أن تجاوزت مؤخرًا الرقم القياسي السابق البالغ 29 مباراة دون هزيمة، والذي حققه الفريق الفائز بكأس العالم 2010 ويورو 2012.

كان ذلك الفريق المنتصر بقيادة فيسنتي ديل بوسكي مليئًا بنجوم ثنائي الكلاسيكو، مثل تشافي هيرنانديز وأندريس إنييستا من برشلونة، وإيكر كاسياس وسيرجيو راموس من ريال مدريد.
يضم الفريق الحالي عددًا أكبر من الأندية، ويضم عددًا أقل من النجوم، حيث استخدم دي لا فوينتي 31 لاعبًا إجمالًا خلال مرحلة التصفيات، الثلاثة الوحيدون الذين بدأوا جميع المباريات الست هم أويارزابال، وحارس مرمى أتليتيك بيلباو أوناي سيمون، ولاعب وسط أرسنال ميكيل ميرينو (الذي سجل ستة أهداف، بما في ذلك ثلاثية في الفوز الساحق 6-0 على تركيا في إسطنبول في سبتمبر).
معضلات تُربك إسبانيا رغم الهيمنة
تواجه تشكيلة المنتخب الإسباني الحالي أكبر تحدٍّ لها في ظل استمرار الجدل المحيط بإدارة الحالة البدنية للموهبة الصاعدة لامين يامال، فقد شارك اللاعب في أول مباراتين ضمن التصفيات، ما أدى إلى تفاقم إصابة سابقة في الفخذ وأثار استياء مدربه في برشلونة هانز فليك.
ومع تفاقم الوضع، غاب يامال عن آخر لقائين للمنتخب، بينما عبّر لويس دي لا فوينتي علنًا الأسبوع الماضي عن انزعاجه من قرار برشلونة إجراء فحص طبي وقائي للاعب خلال فترة التوقف الدولي، معتبرًا الأمر تدخّلًا في برنامج المنتخب.

ولا يتوقف القلق عند هذا الحد، إذ يترقّب الجهاز الفني بحذر تطوّر الحالة البدنية لنجم الوسط رودري، لاعب مانشستر سيتي، الذي ما يزال يعمل على استعادة جاهزيته الكاملة قبل نهائيات العام المقبل.
وتزداد التساؤلات تعقيدًا مع بروز أداء مارتن زوبيمندي مع أرسنال، بعدما شارك أساسيًا في خمسٍ من ست مباريات بالتصفيات في مركز الارتكاز الدفاعي، قبل أن يخطف الأنظار بتسجيله هدفًا رائعًا خلال فوز البرتغال على جورجيا نهاية الأسبوع الماضي، وهو ما قد يدفع دي لا فوينتي لاتخاذ قرار صعب بشأن مركزه في التشكيلة النهائية.
ويكتنف الغموض أيضًا مركز المهاجم الصريح، في ظل تراجع دور القائد ألفارو موراتا، فرغم قيادته للمنتخب في يورو 2024، لم ينضم اللاعب البالغ من العمر 33 عامًا إلى المعسكرات الأخيرة، ويواصل دي لا فوينتي انتهاج خطاب دبلوماسي بشأن وضعه، خصوصًا في ظل غيابه عن التسجيل منذ 11 مباراة مع فريق كومو الإيطالي هذا الموسم.
في المقابل، يواصل ميكيل أويارزابال تقديم أداء لافت، إذ سجّل هدف الفوز لإسبانيا في نهائي يورو 2024 أمام إنجلترا، وأضاف هدفًا آخر في نهائي دوري الأمم الأوروبية في يونيو الماضي رغم خسارة اللقب لصالح البرتغال بركلات الترجيح.
أما في التصفيات الحالية، فقد برز المهاجم الباسكي، المعروف بذكائه وتمركزه المثالي أكثر من اعتماده على القوة والسرعة، بتحقيقه ستة أهداف وأربع تمريرات حاسمة.
ولا تزال بعض المراكز تثير نقاشًا داخليًا، أبرزها الظهير الأيمن؛ إذ يبقى داني كارفاخال الخيار الأول، إلا أن بيدرو بورو لاعب توتنهام قدّم أداءً مقنعًا في المباريات الأخيرة. كما يثار سؤال حول مستوى داني أولمو، نجم يورو 2024، الذي عانى تراجعًا بدنيًا وفنيًا مع برشلونة خلال الموسم.

ومع ذلك، واصل دي لا فوينتي دعمه للاعب الذي رافقه منذ تتويجهما معًا ببطولة أوروبا تحت 21 عامًا في 2019. وجاء رد أولمو مثاليًا أمام تركيا في إشبيلية، حين سجل هدف الافتتاح وقدّم واحدة من أكثر مبارياته اكتمالًا هذا العام.
وحدة غرفة الملابس.. سلاح لا روخا تحت قيادة دي لا فوينتي
ورغم كل هذه التساؤلات، تبدو أجواء المنتخب في أفضل أحوالها، حيث يُنظر إلى دي لا فوينتي، البالغ من العمر 64 عامًا، باعتباره الأب الروحي لهذه المجموعة، وهو ما أسس حالة فريدة من الانسجام داخل المعسكر.
وقد مثّل هذا الانسجام الركيزة الأساسية لنهضة المنتخب تحت قيادته، وساهم مباشرة في وصوله إلى صدارة تصنيف الفيفا العالمي قبل عام واحد من كأس العالم.
وبين اللاعبين قناعة راسخة بأن الفريق قادر على تكرار إنجاز حقبة دل بوسكي، حين تُوّجت إسبانيا بلقب كأس العالم بعد عامين فقط من فوزها ببطولة أوروبا.

تعليقات