لويس دياز وثلاثي ليفربول.. حين تثبت كرة القدم أن الذكاء أغلى من المال
في عالم كرة القدم الحديث، أصبحت الصفقات الكبرى وحسابات المبالغ الفلكية جزءًا من حياة الأندية، إلا أن الأرقام وحدها لا تكفي لضمان النجاح، كثير من الفرق تدفع مئات الملايين لجلب لاعبين مشهورين أو الأغلى في السوق، لكن الواقع أثبت مرارًا أن الأداء على أرض الملعب لا يعكس دائمًا ثمن الصفقة، ليفربول على سبيل المثال، دفع مبالغ ضخمة لجلب الثلاثي إيكيتيكي وفيرتز وإيزاك، ووُصف بأنه مستقبل الفريق، لكنه لم يحصل على العائد المتوقع من هؤلاء اللاعبين، بل كلف خزينة المالي ما يقارب من 365 مليون يورو.
على النقيض تمامًا، وجد بايرن ميونيخ الحل الذكي مع لويس دياز، اللاعب الكولومبي انتقل إلى العملاق البافاري مقابل 75 مليون يورو فقط، لكنه أثبت منذ اللحظة الأولى أن الاستثمار الذكي في التوظيف يمكن أن يتجاوز كل التوقعات المالية.
دياز لم يأتِ كأغلى صفقة، لكنه جاء كمفتاح هجومي استراتيجي، قادر على اللعب في جناح أيسر ثابت، وفي العمق أو حتى كمهاجم متقدم عند الحاجة، في كل مباراة يخوضها، يظهر أنه لا يمكن قياس قيمته بالمال وحده، بل بالذكاء التكتيكي الذي يقدمه المدرب وطريقة استغلال إمكاناته على أرض الملعب.

دياز يثبت أن ليس الأغلى دائمًا الأفضل
باختصار، قصة دياز وبايرن ميونيخ تثبت درسًا كلاسيكيًا في كرة القدم: ليس الأغلى دائمًا الأفضل، والقدرة على توظيف اللاعب بشكل صحيح تصنع الفارق الحقيقي بين النجاح والفشل.
مقارنة سريعة بين دياز وثلاثي الريدز غالي الثمن – إيزاك، فيرتز وأيكيتيكي – يوضح الفارق بجلاء، حيث سجل دياز 11 هدفًا وصنع 5 أخرى في 17 مباراة منذ بداية الموسم، بينما الثلاثي الألماني، الذي بلغت قيمتهم مجتمعة 365 مليون يورو، سجلوا 7 أهداف فقط.
| اللاعب | القيمة المالية | عدد المباريات | الأهداف | الصناعات | إجمالي المساهمات |
|---|---|---|---|---|---|
| لويس دياز | 75 مليون يورو | 17 مباراة | 11 هدفًا | 5 أسيست | 16 مساهمة |
| إيزاك – فيرتز – أيكيتيكي | 365 مليون يورو | — | 7 أهداف (إجمالي الثلاثي) | 4 أسيست | 11 مساهمة |
توضح الأرقام بشكل صادم الفارق الكبير بين لويس دياز وثلاثي ليفربول غالي الثمن (إيزاك – فيرتز– أيكيتيكي)، فبينما أنفقت إدارة الريدز 365 مليون يورو على تلك المجموعة على أمل تشكيل جبهة هجومية مستقبلية، جاءت المحصلة الهجومية ضئيلة للغاية، حيث لم يتمكن الثلاثي مجتمعًا من تسجيل أكثر من 7 أهداف فقط منذ بداية الموسم.
على الجانب الآخر، يظهر لويس دياز في بايرن ميونيخ كقصة نجاح مكتملة الأركان، بعد انتقاله مقابل 75 مليون يورو فقط، بدأ اللاعب الكولومبي في فرض تأثيره الحقيقي داخل الفريق البافاري، ليُنتج 16 مساهمة هجومية في 17 مباراة فقط، موزعة بين 11 هدفًا و5 تمريرات حاسمة، معدل مذهل يقترب من مساهمة مباشرة في كل مباراة.

هذا الفارق الرقمي ليس مجرد مقارنة جامدة، بل يعكس حقيقة أعمق تتعلق بطريقة التوظيف الفني والذكاء التكتيكي، فبينما اعتمد بايرن ميونيخ على نقاط قوة دياز، وترك له المساحة للتحرك بحرية على الجناح الأيسر والاندفاع نحو العمق، ظل ثلاثي ليفربول بعيدًا عن النسق، بلا دور واضح، وبلا توظيف يسمح لهم بإخراج أفضل ما لديهم.
الفارق هنا لم تصنعه الأموال، بل طريقة إدارتها، بايرن ميونيخ تعامل مع دياز كقطعة تكتيكية يمكن البناء حولها، بينما تمت معاملة الثلاثي الألماني في ليفربول كصفقات مستقبلية تحتاج وقتًا، إلا أن كرة القدم لا تنتظر أحدًا، والجماهير لا تصبر كثيرًا على وعود غير ملموسة.
دياز في ليفربول.. إمكانيات ضائعة بسبب الظروف
والمفارقة تكمن أن لويس دياز ذاته كان دومًا واحدًا من ألمع نجوم ليفربول لكن الريدز كان قد قرر الاستغناء عنه، فسجل على مدار ثلاث سنوات 41 هدفًا وقدم 23 تمريرة حاسمة في 148 مباراة رسمية، ليصبح لاعبًا يعتمد عليه الفريق في لحظات الحسم، لكن رغم هذه الأرقام، لم يحصل دياز على فرصته الحقيقية لإظهار كل إمكاناته على أرض الملعب خاصة تحت ولاية الهولندي أرني سلوت.

(المصدر gettyimages)
| الفترة في ليفربول | عدد المباريات | الأهداف | الأسيست | إجمالي المساهمات | متوسط المساهمة |
|---|---|---|---|---|---|
| 3 مواسم كاملة | 148 مباراة | 41 هدفًا | 23 تمريرة حاسمة | 64 مساهمة | مساهمة كل 2.3 مباراة |
لويس دياز موهبة أهدرها أرني سلوت
الموسم الماضي، اضطر دياز للعب كمهاجم صريح بأمر من سلوت، بسبب سلسلة الإصابات التي ضربت زملاءه في الفريق، وهو ما أعاق استقراره التكتيكي، ورغم تسجيله ثلاثية رائعة أمام باير ليفركوزن في دوري أبطال أوروبا أثناء لعبه كمهاجم متقدم، اعترف المدرب آرني سلوت أن هذا المركز لم يكن طبيعيًا له، وأن اختياره جاء تكتيكيًا لمواجهة خصم محدد وليس لتطوير أداء اللاعب على المدى الطويل.

الواقع أن دياز كان يفضل اللعب كجناح أيسر، حيث يمكنه الانطلاق بحرية، واختراق العمق، وإحداث الفارق بطريقة طبيعية تناسب مهاراته، في ليفربول وتحت قيادة سلوت، لم يحصل على هذا الاستقرار الذي يمكن أن يكشف عن أفضل نسخة من نفسه، لتظل إمكاناته الحقيقية محاصرة بالظروف والتوظيف، حتى وإن كانت موهبته واضحة للجميع.
كومباني والتوظيف المثالي لدياز
مع انتقاله إلى بايرن ميونيخ مقابل 75 مليون يورو، وجد لويس دياز أخيرًا البيئة المثالية لتقديم أفضل نسخة من نفسه، تحت قيادة فينسنت كومباني، لم يعد دياز مجبرًا على اللعب خارج مركزه المفضل كما كان الحال في ليفربول.
فأصبح الجناح الأيسر موقعه الثابت، مع القدرة على الانطلاق نحو العمق والمساهمة في بناء الهجمات، بينما وفرت إصابة موسيالا فرصة ذهبية لتعزيز دوره في مركزه المفضل.
وكان رحيل ليروي ساني إلى جالطة سراي نقطة تحول، فوفر بدوره مساحة أكبر لجنابري، ليصبح المنافس المباشر الوحيد لدياز على الجهة اليمنى، ما منح كومباني مرونة تكتيكية كبيرة في الاستفادة من إمكانات لاعبيه.
استغلال كومباني لمهارات دياز المتنوعة مكن الفريق من الاعتماد عليه في مختلف الخطط الهجومية دون الحاجة لتحويله إلى مهاجم صريح كما كان يُفرض عليه في ليفربول.
اليوم، يظهر دياز كلاعب مكتمل، جناحًا قادرًا على صناعة الفارق، مع حرية حركة أكبر، وتحكم أفضل في الإيقاع الهجومي للفريق، وهو ما يثبت أن التوظيف الذكي للاعب يمكن أن يكون أثمن بكثير من ثمنه المالي.
الأداء مقابل السعر.. دياز ضد الثلاثي الأغلى
الاختلاف بين لويس دياز وثلاثي الريدز الأغلى قيمة يوضح درسًا أساسيًا في كرة القدم الحديثة: ليس المال وحده ما يصنع الفارق، بل كيفية توظيف اللاعب، دياز، الذي انتقل إلى بايرن ميونيخ مقابل 75 مليون يورو فقط، أظهر قيمة استثنائية منذ بداية الموسم، في 17 مباراة، سجل 11 هدفًا وصنع 5 أخرى، بمعدل يقترب من هدف أو مساهمة مباشرة في كل مباراة، رقم يوضح قدرته على التأثير المستمر.

في المقابل، إيزاك وفيرتز وأيكيتيكي، الذين كلفوا مجتمعيًا 365 مليون يورو، لم يسجلوا سوى 7 أهداف مجتمعة، ما يعكس أن الضخ المالي الكبير لا يضمن الأداء الفعلي على أرض الملعب، هنا يتضح درس مهم: الاستثمار الذكي في اللاعبين، مع توفير البيئة الملائمة لهم، يثمر دائمًا نتائج أفضل من أي سعر خيالي يُدفع بلا تخطيط.
المال ليس كل شيء.. دياز مثال حي على الذكاء التكتيكي
لويس دياز أثبت أن القيمة الحقيقية للاعب لا تُقاس بالسعر المدفوع فحسب، بل بالذكاء التكتيكي وفهم طبيعة اللاعب وقدرته على الاستغلال الأمثل، بايرن ميونيخ وجد في دياز لاعبًا يمكن الاعتماد عليه، ووظف مهاراته بشكل مثالي على الجناح الأيسر، مستفيدًا من مرونته في التحرك نحو العمق والمناطق الهجومية المختلفة.
على الجانب الآخر، ليفربول، رغم دفعه أرقامًا كبيرة للحصول على لاعبين، لم يتمكن من استغلال إمكاناتهم بالشكل الكامل، بل وأهدر قيمة دياز الفنية عندما كان لاعبًا في صفوفه خاصة مع الضغوط التكتيكية والإصابات التي أجبرته على اللعب خارج مركزه المفضل أحيانًا.
هذا يوضح أن الاستثمار الذكي، وتوظيف اللاعب في موقعه الأمثل، وفهم خصائصه الفنية، يمكن أن يجعل اللاعب أكثر قيمة من أي رقم مالي صٌرف عليه، وأن الذكاء التكتيكي أحيانًا يفوق الثمن الباهظ في تحقيق الأداء والنتائج.

تعليقات