بعد رحيله المفاجئ.. تنطفئ آخر صفحات حكاية محمد صبري التي لم يمهلها القدر للاكتمال
استيقظ الوسط الرياضي على خبر صادم ومفجع: رحيل واحد من أفضل المواهب في تاريخ الكرة المصرية، محمد صبري، أحد أبرز نجوم الزمالك في التسعينات، الذي أحب النادي بصدق وعاشق كل لحظة فيه. لم يكن الخبر مجرد وداع لاعب، بل خسارة لحكاية إنسانية امتزج فيها العشق والغضب والندم، حكاية لم يمنحها العمر فرصة الاكتمال.
رحل صبري، ورحل معه جزء من ذاكرة جيل كامل كان يرى في قدمه اليسرى متعة لا تُشبه أحدًا، ويشهد على صدق لاعب لم يتعلّم إخفاء مشاعره. ومع رحيله، عاد الشجن إلى قلوب جماهير الزمالك والكرة المصرية، إلى زمن كان فيه اللاعب ابن النادي وروحه، لا محترفًا عابرًا.
اليوم، وبينما تتردد أخبار وداعه الأخير، يعود صبري إلى الواجهة ليس بهدف سجّله أو مباراة حسمها، بل بحكايته الإنسانية التي رواها بنفسه في حوار سابق مع إذاعة الشباب والرياضة، حيث سرد تفاصيل مسيرته من عشقه العميق للزمالك إلى اندفاعه وعصبيته، وإلى لحظات التضحية والفداء التي خلدت اسمه في تاريخ النادي، رغم أن رحلته على الملاعب انتهت قبل أن تحقق كل ما كان يمكن أن تحققه.
ـ العشق الأول لـ “محمد صبري”.. الزمالك بيته الأبدي
أكد صبري أن الزمالك كان أكثر من مجرد نادي بالنسبة له:
“أكلت وشربت من فضل النادي.. اسمي وأولادي وبيتي وسيارتي كل هذا من فضل الزمالك.”
لعب بقميصه 13 عامًا وعاش بين جدرانه، يقضي الليالي داخله أكثر مما يقضيها في منزله، لكنه اعترف:
“كنت مندفعًا وعصبيًا.. وغياب التأهيل النفسي أنهى رحلتي مبكرًا.”
ـ خطايا الاندفاع.. وندم السنوات الأخيرة
كشف صبري أثر عصبيته على مسيرته:
“لو وجدت من يعيد توجيهي.. لاستمريت 15 سنة إضافية في الملاعب.”
ومع دخوله عالم التدريب، تغيرت شخصيته:
“أنا كمدرب لست عصبيًا.. وأحاول أن أمنح اللاعبين الصغار ما افتقدته في مسيرتي.”
ـ الانسحاب الشهير أمام الأهلي.. يوم “اتاخدت في الرجلين”
من أصعب اللحظات في مسيرته، عندما اتهم صبري بتحريض اللاعبين على الانسحاب بعد طرد أيمن عبد العزيز في أحد لقاءات القمة أمام الأهلي:
“كنت القائد الثاني بعد سامي الشيشيني فقط.. وفاروق جعفر طلب منا الخروج لنرى ما سيحدث. لكن للأسف اتاخدت في الرجلين.”
العقوبة كانت إيقافه لمدة عام كامل، وهو ما جعله يشعر وكأنه انتهى كلاعب كرة.
ـ العودة من الخليج.. والتضحية من أجل الزمالك
خلال فترة الإيقاف، لعب صبري في القادسية الكويتي بعقد كبير قيمته 65 ألف جنيه شهريًا ومقدم عقد 150 ألف دولار، لكنه عاد فور طلب الزمالك لمواجهة النجم الساحلي، مسجّلًا هدفًا وصانعًا آخر:
“تنازلت عن عقدي من أجل الزمالك.. ولم أكن وحدي، الغندور وحازم والشيشيني فعلوا الشيء نفسه.”
ـ حين تغيّر شكل الزمالك.. وهبط الحلم
بحسرة قال صبري:
“عندما أصبح القادمون من خارج النادي أكثر من أبنائه.. لم نحقق بطولات.”
كلمات تعكس وجع لاعب عاش أجمل سنواته في القميص الأبيض، وشاهد النادي يتغير أمامه.
رحل محمد صبري تاركًا خلفه ما هو أعظم من الأهداف والمهارات: سيرة لاعب أحب ناديه بصدق، وصوت يبوح بأخطائه وندمه ووفائه.
قد تختلف الآراء حول شخصيته، لكن لا أحد يختلف على صدقه وموهبته التي لم تُعطَ الفرصة الكاملة للازدهار.
اليوم، تعود حكايته إلى الأذهان ليس كلاعب اعتزل مبكرًا، بل كإنسان عاشق دفع ثمن صدقه، وترك أثرًا لا يُنسى.
رحم الله محمد صبري.. وأسكنه فسيح جناته.

تعليقات