“صندوق على الورق”.. لغز كيان اقتصادي ابتلع أحلام الشباب

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


في عالم يتسابق فيه الجميع لاستقطاب رؤوس الأموال المخاطرة (Venture Capital) باعتبارها المحرك الأساسي لريادة الأعمال، قدم “صندوق إضافة فينشر كابيتال” (Edafa Venture Capital) نفسه كذراع استثمارية ضخمة تدعم الشركات الناشئة في مصر والسعودية، معلنًا استهداف ضخ عشرات الملايين من الدولارات في الأسواق المصرية والأفريقية، لكن وراء هذه الصورة اللامعة تختبئ حقيقة مغايرة تمامًا.

الصندوق لم يكن سوى سراب مزين بشعارات الاستثمار، استطاع أن يتوغل في مجتمع ريادة الأعمال المصري، ليستحوذ على حصص من أفكار الشباب ومشاريعهم دون أن يضع ريالًا واحدًا أو حتى ورقة قانونية تثبت وجوده، ووصل عدد الشركات التي استحوذ عليها إلى 50.

من “تكني” إلى الاستحواذ

القصة بدأت في أكتوبر الماضي، خلال معرض ومؤتمر “تكني سوميت” الشهير، حيث ظهر الصندوق كضيف مبهر في أروقة المؤتمر، مستغلًا الأجواء المليئة بالطموح والشغف لدى رواد الأعمال الشباب، فلم يستغرق الأمر طويلًا حتى اندمج في المجتمع الريادي، وبدأ في تقديم عروض تبدو في ظاهرها “فرصًا ذهبية” للشركات الناشئة بين دعم لوجستي، ومكاتب مجانية في مصر والسعودية والإمارات، وحملات إعلامية وفنية مستمرة.

الصندوق الذي بدا الملاذ الآمن للمستثمرين وضع شروطا صادمة تضمنت التوقيع على عقود تمنح الصندوق ما بين 20 إلى 30% من أسهم الشركات الناشئة والأفكار الابتكارية، مقابل “لا شيء”، ولم يكن هناك أي استثمار مالي فعلي، بل مجرد وعود براقة ودعم شكلي، والأخطر من ذلك، أن الصندوق روج نفسه باعتباره صندوقًا سعوديًا موثوقًا، ما منح عروضه وزنًا كبيرًا دفع العديد من الشباب للتوقيع دون تردد.

نسف حكاية “إضافة”

وبدت المفاجأة الأولى في تقرير رسمي من مكتب التمثيل التجاري المصري بالقنصلية العامة بجدة، أكد بوضوح أن الصندوق لا وجود له في السجلات التجارية السعودية، ولا أثر له في وزارة التجارة، ولا في هيئة السوق المالية، ولا حتى في البوابة القضائية. 

وبالرغم من أن موقعه الإلكتروني يزعم امتلاكه مقرات في الرياض والدمام والقاهرة، إلا أن البحث في السجلات الرسمية في السعودية ومصر أسفر عن النتيجة ذاتها: “لا وجود قانوني للصندوق على الإطلاق”.

تقرير رسمي من مكتب التمثيل التجاري
تقرير رسمي من مكتب التمثيل التجاري

موقع إلكتروني أنيق

وبفحص الموقع الإلكتروني للصندوق (https://edafavc.com)، تظهر الواجهة مصممة بعناية لتوحي بالاحترافية، لكن الحقيقة أن الموقع يفتقر لأي وثائق قانونية أو نسخ من السجل التجاري، وهو أمر غير مألوف بالنسبة لصناديق الاستثمار الجادة التي تحرص دائمًا على نشر أوراقها الرسمية لطمأنة المستثمرين ورواد الأعمال.

عنوان المقر الرئيسي المذكور على الموقع لم يكن سوى شقق سكنية ومواقع عامة، وهو ما يعزز الشكوك حول عدم وجود كيان حقيقي على أرض الواقع.

ملايين الدولارات 

يدعي “إضافة فينشر كابيتال” أنه يسعى لضخ 33 مليون دولار استثمارات في السعودية و13 مليون دولار في مصر بحلول 2025، مع خطط توسعية في كينيا والمغرب، كما نُسب إلى مديره التنفيذي المزعوم، عصام علي، تصريحات حول صفقات استحواذ على شركات ناشئة.

اسم بلا وجود

يزعم الصندوق أنه الذراع الاستثمارية لما يسمى بـ”مجموعة إضافة السعودية”، غير أن تقرير مكتب التمثيل التجاري المصري بالقنصلية العامة بجدة كشف أنه لا وجود لأي مجموعة بهذا الاسم تعمل في مجال الاستثمار أو رأس المال المخاطر بشكل رسمي، وتوجد عشرات الشركات السعودية التي تستخدم اسم “إضافة”، لكنها شركات صغيرة في مجالات لا علاقة لها بالاستثمار أو ريادة الأعمال.

خيوط قانونية متشابكة

تردد اسم محام سعودي معروف في تقارير صحفية باعتباره المستشار القانوني للصندوق، لكن عند مراجعة السجلات القانونية تبين أن لا علاقة له بالصندوق، وأن اسمه زُج به في هذه القضية دون أي سند رسمي، والمثير أن معظم الأخبار التي تناولت نشاط الصندوق تعود لمصادر صحفية غير موثوقة، ولم ينشر أي تصريح رسمي واحد مرفق بمستندات قانونية أو لوائح تأسيس.



‫0 تعليق

اترك تعليقاً