من المدرب الأشمل؟.. جوارديولا بين إرث فيرجسون وثورة فينجر في البريميرليج

من المدرب الأشمل؟.. جوارديولا بين إرث فيرجسون وثورة فينجر في البريميرليج


على مدار عقود، لم تكن معارك الدوري الإنجليزي الممتاز تُحسم فقط بأقدام اللاعبين، بل بعقولٍ عبقرية وقفت على الخطوط الجانبية، تحرك القطع على رقعة العشب كما لو كانت رقعة شطرنج لا مجال فيها للخطأ.

من هناك، خرج السير أليكس فيرجسون برؤيته الحديدية وصبره الأسطوري ليبني إمبراطورية مانشستر يونايتد، ومن الجانب الآخر، أطلّ أرسين فينجر بعقلية المفكر، لا المدرب فقط، ليقلب مفاهيم اللياقة والتكتيك والتغذية رأسًا على عقب. ثم جاء بيب جوارديولا، الفيلسوف الذي جعل من الاستحواذ مذهبًا، ومن التمريرة القصيرة فنًا يطارد الكمال.

من غيّر شكل اللعبة فعلًا؟ من جعل البريميرليج أكثر من مجرد دوري، بل مختبرًا لتطور كرة القدم نفسها؟ ما بين الصرامة الإسكتلندية، والعقلية الفرنسية، والفلسفة الكتالونية، تشكلت ملامح اللعبة الحديثة، وتحولت من القوة البدنية إلى الفن التكتيكي والهيمنة التقنية، هنا نحاول تفكيك إرث كل واحد منهم، بالأرقام والأسلوب والتأثير طويل المدى.

السير أليكس فيرجسون: الرجل الذي أعاد رسم معالم الكرة الإنجليزية

في صباحٍ رمادي من أيام مانشستر، دوّى الخبر كالصاعقة: السير أليكس فيرجسون يعتزل التدريب، لم يكن إعلانًا عاديًا، بل كان كأن آلة الزمن نفسها توقفت عن الدوران.

انطفأ ضوءٌ ألفته الملاعب، وخمد صوتٌ كان يملأ أرجاء كرة القدم الإنجليزية صخبًا وتحديًا، حتى من لم يحبّه، شعر بأن شيئًا ثمينًا قد فُقد.

فقد كان فيرجسون لأجيالٍ كاملة أكثر من مجرد مدرب، كان الثابت وسط عالمٍ متقلّب، والقبضة الحديدية التي شكّلت ملامح اللعبة لعقود؛ وحين رحل، بدت كرة القدم بلا ملامح… بلا شمالٍ يهتدى به.

قبل أن يعتلي فيرجسون عرش أولد ترافورد، كانت إنجلترا حمراء، لكن ليست بلون مانشستر، بل بلون أحمر أنفيلد.

في السبعينيات والثمانينيات، لم يكن هناك من ينازعهم المجد، كيفن كيجان، ستيف هايواي، وجرايم سونيس، وإيان راش، ومارك لورنسون، وألان هانسن، والملك كيني دالجليش.. أسماء كُتبت بالذهب على عرشٍ لا يُقهر.

جدول مباريات ليفربول في نوفمبر 2025
آنفيلد – ليفربول (المصدر:Gettyimages)

اجتاح ليفربول كل شيء محليًا وأوروبيًا، كانوا كآلة حمراء لا تتوقف، وكان من الصعب تخيل نهاية لتلك الهيمنة؛ كل شيء كان يدور في فلك آنفيلد، فيما كان مانشستر يونايتد غارقًا في ظلال ماضيه، تذكرة حزينة لفريقٍ عظيم ضل طريقه.

بالطبع، كان لمنافسيهم مشجعون أوفياء، لكن عموم الناس أحبوا ليفربول، كان ذلك الخيار الطبيعي لمن أراد أن يكون في صف المنتصرين.

حتى في مدينة بوري، شمال مانشستر ببضعة أميال، يتذكر جاري نيفيل بحرًا من قمصان ليفربول في ساحة مدرسته.

يقول نيفيل في سيرته الذاتية: “كنت أتشبث بإرث باسبي، وبيست، ولو، وتشارلتون الذي تعلمته من أبي، وأخبر نفسي أن يونايتد سيعود للقمة قريبًا”.

ثم يضيف: “لكن حتى أنا بدأت أفقد الإيمان عندما أنهينا الموسم في المركز الثالث عشر خلف كوفنتري سيتي وكوينز بارك رينجرز، كنا نصرف الملايين ولا نفوز بشيء، نتعاقد مع غاري بيرتلز أو بيتر دافنبورت وسط ضجة كبيرة، لكن سرعان ما يخيب أملنا مجددًا. نهدد بالمنافسة، ثم يتبخر كل شيء إلى لا شيء”.

هكذا كانت الأمور، هكذا كانت كرة القدم الإنجليزية عالقة في ظلماتها القديمة، بين الأقفاص الحديدية وأعمال الشغب.

المباراة الأولى التي تولى فيها فيرجسون تدريب مانشستر يونايتد كانت في ملعب لم يعد موجودًا الآن، ملعب مانور جراوند على تلّ هيدينجتون في أوكسفورد، والذي ظل محتضنًا لمباريات فريق أوكسفورد يونايتد بين 1925 و2001، حيث تم هدمه آنذاك وأُقيمت مكانه مستشفى خاصة.

هناك جيل جديد من الإنجليز لا يعرف كرة القدم قبل فيرجسون، هذا الجيل يدرك طول مسيرته، لكنه يجد صعوبة في استيعاب سبب اعتباره أعظم مدرب عرفته اللعبة الإنجليزية.

بداية عصر مانشستر يونايتد

في نوفمبر 1986، وصل فيرجسون إلى مانشستر يونايتد، لم يرث مجدًا، بل فوضى؛ ملعبٌ يعجّ بالخيبات، وجماهير فقدت الإيمان، ونادٍ أسير لتاريخه العتيق.

قالها فيرجسون يوم تولّى المهمة: “سأُسقط ليفربول عن عرشه”.

كان يونايتد فريق كؤوس، فريقًا مقاتلًا لكن متقلبًا. بينما كان ليفربول يحصد ألقاب أوروبا والدوري، اكتفى المانيو ببعض كؤوس الاتحاد الإنجليزي.

كانوا مخرّبين أكثر من منافسين، إذ حرموا ليفربول من تحقيق الثلاثية التاريخية عام 1977 بفوزهم عليه في نهائي الكأس.

واصلوا الفوز بالكؤوس عامي 1983 و1985، بينما كان ليفربول يغزو روما وباريس ويُتوَّج أوروبيًا مرارًا، وهذا ما غيّره فيرجسون تمامًا، أعاد تشكيل المشهد الكروي الإنجليزي بأكمله.

نعم، أسقط ليفربول من عرشه كما وعد عندما خلف رون أتكينسون عام 1986، حطّم ما بدا لا يُحطَّم، وأسقط سلالة ظن الجميع أنها ستبقى لألف عام.

لكنه لم يكن مجرد “هادم”، بل “باني”. حقق بعثًا حقيقيًا، فحين تسلم المهمة، كان يونايتد يغرق في رمال تاريخه الذهبي، ويئن تحت ظل ليفربول.

لم يحقق لقب الدوري منذ قرابة عشرين عامًا، وكان من غير المعقول أن يُذكر أي مدرب بعد المدير الفني الأسطوري مات باسبي.

كلما حاول النادي صناعة أساطيره الجديدة، ازدادت قيوده بأساطير باسبي، وتشارلتون، وبيست، ولو، لم يشعر أي مدرب بثقل التاريخ كما شعر به السير عندما جاء من أبردين.

كان يونايتد يطارد إحساسًا بقدر ما يطارد إنجازًا، روح دنكان إدواردز و”أطفال باسبي”، عبقرية بست، وعظمة تشارلتون، وقسوة لو، وحكمة باسبي الأبوية.

ذلك الإرث كان يخنقهم، حتى جاء فيرغسون وحرّرهم، حوّل التاريخ من عبء إلى مصدر قوة، حوّل أولد ترافورد من ملعبٍ تطارده الأشباح إلى “مسرح الأحلام”.

شخصيته الصلبة، والدعم الإداري الذي نادرًا ما يُمنح اليوم، أنقذاه في بداياته، فعندما تعثر الفريق موسم 1989-1990، بدأ يشعر بالضغط وسط سخطٍ متزايد من الجماهير.

رُفع لافتة على مدرج “ستريتفورد إند” تقول: “ثلاث سنوات من الأعذار وما زال كل شيء سيئًا، وداعًا فيرجي!”

لكن رأسية من مارك روبنز في مباراة كأس إنجلترا ضد نوتنغهام فورست في يناير 1990 أنقذته، تُوّج الفريق بالكأس ذلك الموسم — أول ألقابه — ثم انفتحت بوابة البطولات.

وكانت صفقة إريك كانتونا عام 1992 شرارةً جديدة، فبعد سبعة أشهر فقط، فاز يونايتد بأول لقب دوري منذ 1967.

“أولئك الذين يكرهون أو لا يحترمون السير أليكس فيرغسون، ذلك فقط لأنه سلب أحلامهم في الفوز”. 

– إريك كانتونا

لكن فيرجسون لم يعتمد على الصفقات فقط، بل آمن بالشباب، بينما يتذكر الجميع جيل 1992 الأسطوري لمانشستر يونايتد، لم يكن هؤلاء اللاعبون الشباب أول مجموعة عمل معها السير أليكس فيرجسون في أولد ترافورد.

في أواخر الثمانينيات، كان لديه بعض اللاعبين الشباب الموهوبين، وهم أول من أطلقت عليهم الصحافة لقب “فتية فيرجي”، على غرار “أطفال باسبي”.

على سبيل المثال كان هناك “لي مارتن”، والذي فاز بجائزة أفضل لاعب شاب في يونايتد موسم 1987-1988، قبل أن يحل محل آرثر ألبستون ويصبح الظهير الأيسر الأساسي للفريق على مدى الموسمين التاليين.

لكن مارتن عانى من مشاكل إصابية بعد ذلك، بينما ترسخ كل من كلايتون بلاكمور ودينيس إروين كثنائي الظهير الأساسي، انتقل مارتن إلى سيلتيك في يناير 1994، ثم أمضى فترة قصيرة مع بريستول روفرز قبل إنهاء مسيرته في كرة القدم غير الاحترافية.

ضمت القائمة أيضًا مجموعة كبيرة من اللاعبين الشباب الذين عمل معهم فيرجسون، وهم: توني جيل، ديفيد ويلسون، راسل بيردسمور، ديريك برازيل، مارك روبينز، دينيول جراهام، لي شارب، جولياتانو مايورانا”.

اعتمد فيرجسون بشكل أساسي على مجموعة الشباب، ولكن قوبل ذلك ببعض الانتقادات، أبرزها ما قاله آلان هانسن ساخرًا عام 1995 بعد خسارة يونايتد من أستون فيلا: “لا يمكنك الفوز بشيء بالأطفال”.

لكن فيرجسون أثبت العكس، مع لاعبين مثل رايان جيجز، جاري نيفيل، فيل نيفيل، نيكي بات، ديفيد بيكهام، بول سكولز، فاز بثلاثية تاريخية عام 1999: دوري أبطال أوروبا، والدوري الإنجليزي، وكأس الاتحاد.

هذا الجيل أصبح العمود الفقري لفريقٍ صنع تاريخًا، وألهم أندية إنجلترا لتتبنّى فكرة الأكاديميات وتنمية المواهب من الداخل.

“كان لدينا مدرب يؤمن بالشباب. كان يراقبنا دائمًا، وكان عليه أن يفرغ التشكيلة ليجلبنا، لكنه أعطانا الفرصة. كنت تعرف موقعك بالضبط. إذا لم تبذل مجهودك، كان سيواجهك، حتى وأنت مراهق، كان مديرًا رائعًا”.

– بول سكولز.

كان ذلك ذروة عهده، أدرك حينها أنه بحاجة إلى الكأس الأوروبية ليُذكر بجانب باسبي، وفاز بها بطريقة أسطورية، عندما قلب تأخره أمام بايرن ميونخ في الوقت بدل الضائع بتسجيله هدفين عن طريق شيرينجهام وسولشاير.

دخل المؤتمر الصحفي بعد المباراة وقال جملته الخالدة: “كرة القدم… يا لها من لعنة!” (Football, bloody hell.)

لم يكن فيرجسون أسيرًا لأي قالب تكتيكي، كان يقرأ المباريات كما يقرأ الكاتب نهايته قبل أن يخط أول سطر، تنقّل من النظام التقليدي 4-4-2 إلى أنظمة أكثر مرونة، اعتمد على السرعة، الاتساع، والانتقال السريع من الدفاع إلى الهجوم.

كانت قراراته داخل المباراة أشبه بلحظات سينمائية حاسمة، تبديلاته تغيّر النتيجة، وقراءته للخصوم تُعيد رسم مسار البطولة.

ومن هنا وُلد مصطلح “وقت فيرجي” (Fergie Time)، اللحظات الأخيرة التي تتحول فيها الهزيمة إلى انتصار بإرادته الحديدية.

مع انطلاق الدوري الإنجليزي الممتاز عام 1992، بدأ عصر فيرغسون الذهبي، تحت قيادته، تحوّل مانشستر يونايتد إلى قوة لا تُقهر؛ حقق الفريق 13 لقب دوري، وأنهى الموسم في المراكز الثلاثة الأولى في 20 من أصل 21 موسمًا.

كانت مباريات يونايتد ضد أرسنال وليفربول أكثر من مجرد منافسات كروية؛ كانت حروبًا من أجل الكبرياء، جسّدت الشغف والروح التي غرسها في لاعبيه.

ومع كل موسم جديد، كان فيرجسون يجد في التحدي وقودًا للاستمرار، حتى أصبح لقب “البريميرليج” مقرونًا باسمه كما لو كان جزءًا من تعريف البطولة نفسها.

التحديات الكبرى

ثم جاءت التحديات الكبرى، أرسين فينجر في أرسنال، بعقليته المتجددة، والكرة الجمالية التي بلغت ذروتها في موسم 2003-2004 حين أصبح “المدفعجية” لا يُقهرون، وتوج الفرنسي بدوري اللاهزيمة، الإنجاز الذي لم يحققه أحد.

لكن فيرغسون لم يتراجع، أعاد البناء من جديد، خطط بعقلية المنتصر، وعاد ليُحكم قبضته على القمة، ثم ظهر تشيلسي المدعوم بثروة رومان أبراموفيتش، وتحت قيادة جوزيه مورينيو وُلد مشروعٌ جديد يهدد العرش.

“ربما عندما أبلغ الستين من عمري وأدرب في نفس الدوري لمدة 20 عامًا وأحظى باحترام الجميع، سيكون لدي القدرة على التحدث للناس وجعلهم يرتجفون قليلًا”.

– جوزيه مورينيو.

ومع ذلك وقف فيرجسون أمام الأمواج اللندنية، حيث بدأ عصر جديد بتعاقدات جديدة ولاعبين شبان متعطشين للمجد، بداية من فيردناند وكريستيانو رونالدو وواين روني والعديد من المواهب التي أصبحت نجومًا تحت قيادته.

بعد الفوز بالدوري موسم 2002-2003، لم يتمكن الفريق من تكرار الإنجاز في المواسم الثلاثة التالية، بينما كان أرسنال (2003-2004) وتشيلسي (2004-2005 و2005-2006) في أوج تألقهما.

“عندما جاء مورينيو إلى تشيلسي في صيف 2004، كانت هناك شائعات حول مغادرتي وبعض اللاعبين الآخرين، لكن فيرغسون قال: ابقوا معي، وسنبني هذا الفريق، وستكونون جزءًا منه”،

– ريو فيرديناند.

على الرغم من تصريحات مورينيو بأنه “السبيشيال وان”، كانت وصوله جزءًا من عملية تدويل الدوري الإنجليزي، استثمارات مثل تلك التي أتى بها رومان أبراموفيتش إلى تشيلسي رفعت الأجور ورسوم الانتقالات، ودفعت الدوري ومدربيه إلى التكيف مع كرة القدم العالمية.

“كان علينا إدخال المزيد من السرعة لتقليل زمن رد فعل الخصم، وهؤلاء الصبيان غيّروا البيئة بالكامل في النادي”.

“أخبرني السير أليكس: كارلوس، أنت هنا لتساعدني على الفوز بدوري أبطال أوروبا مرة أخرى”.

– كارلوس كيروش.

وكان له ما أراد بعدها بعدة سنوات من البناء للوصول إلى جيل أشبه بالمتكامل، ليقود يونايتد في موسم 2007-2008 إلى الثنائية التاريخية: الدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا، تتويجًا لعقودٍ من التخطيط والبراعة، وكان لقب ذات الأذنين على حساب البلوز.

كريستيانو رونالدو - أليكس فيرجسون - كارلوس تيفيز - مانشستر يونايتد - المصدر: (Getty images)
كريستيانو رونالدو – أليكس فيرجسون – كارلوس تيفيز – مانشستر يونايتد – المصدر: (Getty images)

وواصل حصد بطولة الدوري عدة مرات قبل أن يعلن اعتزاله في عام 2013، كان قد جمع 38 لقبًا كبرى، لكنه ترك إرثًا أكبر من الأرقام: فلسفة إدارة الفريق، تطوير المواهب الشابة، القدرة على التكيف التكتيكي، زرع عقلية الفوز المستمرة وكيفية التعامل مع النجوم وطمس الـ “أنا” المتغلغلة في عقولهم.

“عندما تحاول تحديد أعظم إنجازات السير أليكس، يصبح الأمر مهمة مستحيلة. بمجرد أن تختار واحدة، ستجد أخرى تتجاوزها”.

– جاري نيفيل.

السير أليكس فيرجسون لم يغير مانشستر يونايتد فقط، بل أعاد رسم خريطة كرة القدم الإنجليزية: هيمنة كاملة على الدوري الممتاز على مدار عقود، مدرسة للشباب تُحاكيها أندية اليوم، فلسفة الفوز القائمة على الانضباط والعمل الجماعي.

في عالم كرة القدم سريع التغير، يظل إرث فيرجسون ثابتًا: الفوز ليس مجرد نتيجة، بل عقلية، وشغف، وإيمان بأن العظمة تُبنى خطوة بخطوة.

بطولات السير أليكس فيرجسون مع مانشستر يونايتد

البطولة عدد المرات المواسم
الدوري الإنجليزي الممتاز (Premier League) 13 1992-1993، 1993-1994، 1995-1996، 1996-1997، 1998-1999، 1999-2000، 2000-2001، 2002-2003، 2006-2007، 2007-2008، 2008-2009، 2010-2011، 2012-2013
كأس الاتحاد الإنجليزي (FA Cup) 5 1989-1990، 1993-1994، 1995-1996، 1998-1999، 2003-2004
كأس الرابطة الإنجليزية (League Cup) 4 1991-1992، 2005-2006، 2008-2009، 2009-2010
درع الاتحاد/الدرع الخيري (FA Community Shield) 10 1990 (مشترك)، 1993، 1994، 1996، 1997، 2003، 2007، 2008، 2010، 2011
دوري أبطال أوروبا (UEFA Champions League) 2 1998-1999، 2007-2008
كأس الكؤوس الأوروبية (European Cup Winners’ Cup) 1 1990-1991
كأس السوبر الأوروبي (UEFA Super Cup) 1 1991
كأس الإنتركونتيننتال (Intercontinental Cup) 1 1999
كأس العالم للأندية (FIFA Club World Cup) 1 2008

فينجر: رحلة التكتيك والابتكار التي شكلت كرة القدم الحديثة

دخل آرسين فينجر عالم كرة القدم الإنجليزية في عام 1996، عندما كان وضع اللعبة مختلفًا تمامًا. من أسلوب اللعب البدني إلى المشروبات الكحولية التي كان اللاعبون يتناولونها بعد – أو حتى قبل – المباراة، غيّر فينجر كل شيء بشكل كامل.

لم يكن لاعبو أرسنال يعرفون الكثير عن الفرنسي ذو النظارات عندما تولى أول حصة تدريبية لهم، وكانوا أقل معرفة بأساليب التدريب والتمارين التي أدخلها، ذهب الأسلوب المتراخي في الإحماء وتمارين اللياقة الطويلة، وحلّت محلها طرق جديدة للإطالة.

واستخدام ساعة توقيت لكل جزء من التدريب، وتمارين جديدة لصقل مهارات التمرير، اعتمد فينجر على العلم بدلًا من التقاليد في الوصول باللاعبين لأفضل حالة بدنية ممكنة.

“كان الأمر حادًا، مليئًا بالطاقة، ومختلفًا، كما تغيرت طرق التعافي أيضًا. جلب فينجر اختصاصيًا للعلاج الطبيعي وطبيبًا للوخز بالإبر، وساهم لاحقًا في إعادة تصميم مركز تدريب النادي بأحدث معدات اللياقة البدنية”.

– نايجل وينتربورن.

في البداية، شكك لاعبو الفريق في أسلوبه، لكنهم تقبلوه بسرعة بعد أن أثبتت النتائج صحته.

“أتذكر أنا وتوني آدامز في أول موسم إعداد مع فينجر، ذهبنا لرؤية المدرب قبل بداية الموسم، كان شعورنا أننا لم نجري بما فيه الكفاية، وقلقنا من عدم لياقة الفريق. شرح لنا المدرب بهدوء أن كل شيء علمي وأن الفريق سيكون بخير.

وقال: ثقوا بي، وبالفعل، بعد عشرة أيام، انطلقنا بطاقة كاملة وجاهزين للقتال، هذا الرجل يعرف ما يقول”.

– لي ديكسون في عام 2003.

النظام الغذائي والتغذية

يتذكر فينجر تفاصيل من أول مباراة له مع أرسنال قبل عدة سنوات، حيث لاحظ شيئًا صغيرًا: بعد الفوز 2-0 على بلاكبيرن، كان لاعبو الفريق يتوقون لتناول الشوكولاتة.

“غيرت بعض عادات اللاعبين، وهذا ليس سهلًا في فريق متوسط أعمار أفراده 30 عامًا، في المباراة الأولى كان اللاعبون يهتفون: ‘نريد ألواح مارس!’ في الشوط الأول سألت أخصائي العلاج الطبيعي غاري لوين: ‘لا أحد يتكلم، ما المشكلة؟’ فأجاب: ‘إنهم جائعون’، لم أعطهم الشوكولاتة قبل المباراة، كان الأمر مضحكًا”.

– أرسين فينجر.

تحولت هذه الحادثة المعروفة بـ”ثورة ألواح مارس” إلى رمز لطريقة فينجر في تغيير عادات لاعبيه الغذائية، ولم يكن الأمر مقتصرًا على تجنب الكحول والشوكولاتة فقط، بل تأثر النظام الغذائي بأكمله.

مستوحى من الطعام الذي تناوله في اليابان، أمر فينجر الكافيتريا بالتوقف عن تقديم البرجر والبطاطس المقلية واستبدالها بالسمك أو الدجاج، والبطاطس المهروسة والخضروات المطهية على البخار، وحتى فطيرة التفاح أصبحت صحية أكثر بإلغاء الكاسترد.

قال فينجر في مقابلة صحفية مبكرة: “أعتقد أن الناس في إنجلترا يأكلون الكثير من السكر واللحوم وليس ما يكفي من الخضروات”.

أصبح ما يُعرف بـ”حمية إفيان والبروكلي”، وقال عدة لاعبين إنها ساعدتهم على إطالة مسيرتهم الاحترافية، ومع ذلك، كشف القائد السابق توني آدامز أن تأثير أفكار فينجر الغذائية كان مبالغًا فيه، خاصةً لأن اللاعبين كانوا يميلون للغش.

“الحمية لن تغير شيئًا إذا لم يكن لديك لاعبين رائعين، وما زلت أتناول السمك والبطاطس كل أسبوع طوال السنوات الست الأخيرة مع آرسين فينجر”.

آدامز في مقابلة عام 2011.

أسلوب اللعب

سرعان ما اختفت الهتافات مثل “1-0 لأرسنال” و”أرسنال الممل، أرسنال الممل” التي كانت ترمز إلى الأسلوب الدفاعي للنادي تحت جورج غراهام في التسعينيات بعد وصول فينجر.

تحول التركيز من الاستقرار التكتيكي والدفاع الصلب إلى أسلوب هجومي سريع الوتيرة يترك الفريق أحيانًا مكشوفًا في الخلف.

هذا أكسب أرسنال سمعة كأكثر فريق ممتع للمشاهدة في إنجلترا، حتى خلال فترة عدم الفوز بالبطولات التي استمرت تسع سنوات، لكنه أيضًا أدى إلى اتهامات بالسذاجة التكتيكية عند حدوث أخطاء، وانتقادات لتجاهل فينجر أحيانًا استقرار الدفاع.

ومع ذلك، تبنى عدد متزايد من الفرق الإنجليزية أسلوب الاستحواذ هذا، وكان إيدي هاو من بورنموث من أحدث المؤيدين له.

عندما تولى فينجر أرسنال، كان هو ورود غوليت لاعب ومدرب تشيلسي، المدربين الأجانب الوحيدين في الدوري الإنجليزي الممتاز، لذا من الطبيعي أنه واجه بعض الشكوك.

قال إيان رايت: “عندما وصل لأول مرة، لم نكن نعرف عنه الكثير وكان بعض اللاعبين يسألون: من هذا الفرنسي؟”

اليوم، الغالبية العظمى من فرق البريميرليج، لديها مدربون أجانب، ما كان يُعد مخاطرة كبيرة في عام 1996 أصبح الآن القاعدة، ونجاح فينجر كان السبب الرئيسي لذلك.

أصبح الفرنسي أول مدرب أجنبي يفوز بالدوري الإنجليزي في 1998، ومنذ ذلك الحين كان سير أليكس فيرجسون هو البريطاني الوحيد الذي حقق ذلك، مع وجود جوزيه مورينيو وكارلو أنشيلوتي وروبرتو مانشيني ومانويل بيليجريني وكلاديو رانييري بين الفائزين لاحقًا، وأخيرًا بيب جوارديولا ويورجن كلوب.

اليوم، يُعتبر إعطاء فرصة لمدرب إنجليزي مخاطرة أكبر من جلب أجنبي ذو خبرة، وحتى الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم تبنى نفس الاستراتيجية، بتوظيف سفين جوران إريكسون وفابيو كابيلو وحتى توماس توخيل حاليًا لتدريب المنتخب الإنجليزي.

الشباب والصفقات الرخيصة

بينما انضم باتريك فييرا إلى أرسنال قبل أن يتولى فينجر المنصب رسميًا، يوصف غالبًا بأنه أول توقيع كبير للمدرب الفرنسي، بعد أن عمل خلف الكواليس لإقناع النادي بالتعاقد معه.

كان فييرا وقتها شابًا واعدًا يبلغ من العمر 20 عامًا بعد تجربة فاشلة في ميلان، وهو ما عكسه سعره البالغ 3.5 مليون جنيه إسترليني، أصبح لاحقًا أحد أعمدة فرق فينجر الفائزة بالألقاب، ويعتبر أحد أفضل لاعبي خط الوسط في جيله.

وكان أيضًا نموذجًا للتوقيعات التي يبحث عنها فينجر منذ ذلك الحين، مفضلًا اكتشاف المواهب الشابة الرخيصة ثم تطويرها لتصبح لاعبين من الطراز الرفيع، بدلًا من شراء النجوم الجاهزين.

تبع ذلك نيكولا أنيلكا البالغ من العمر 17 عامًا، ولاحقًا استُبدل بالفرنسي تييري هنري البالغ 22 عامًا، الذي قلّ من توقع أن يصبح واحدًا من أعظم لاعبي الدوري على الإطلاق. وتشمل قائمة المراهقين الذين ضمهم فينجر أيضًا سيسك فابريجاس، ثيو والكوت، هيكتور بيليرين وأليكس أوكسليد تشامبرلين.

تغيرت استراتيجية أرسنال قليلًا في آخر فترات فينجر مع صفقات اللاعبين النجوم مثل مسعود أوزيل، أليكسيس سانشيز، جرانيت تشاكا، لكن رغم ذلك كان استقدام روب هولدينج البالغ من العمر 20 عامًا مقابل 2 مليون جنيه من بولتون يظهر أن بحث فينجر عن المواهب الشابة لم ينته.

فينجر لم يكن مجرد مدرب؛ كان مصلحًا، مبتكرًا، ثائرًا على العادات القديمة، صانعًا لأساطير، وبانيًا لمستقبل كرة القدم،ررحلة أرسنال معه لم تكن مجرد مباريات أو بطولات، بل ملحمة تكتيكية أعادت تشكيل اللعبة نفسها.

بطولات آرسين فينجر مع أرسنال

البطولة عدد المرات المواسم
الدوري الإنجليزي الممتاز (Premier League) 3 1997-1998، 2001-2002، 2003-2004
كأس الاتحاد الإنجليزي (FA Cup) 7 1997-1998، 2001-2002، 2002-2003، 2004-2005، 2013-2014، 2014-2015، 2016-2017
درع الاتحاد/الدرع الخيرية (FA Community Shield) 7 1998، 1999، 2002، 2004، 2014، 2015، 2017

جوارديولا يغير قواعد اللعبة.. هل أصبح أفضل من فيرجسون وفينجر؟

لا شكر أن بيب جوارديولا هو أحد أعظم المدربين في تاريخ كرة القدم، تاركًا إرثًا في اللعبة سيظل خالداً. إرثه لا يقتصر فقط على الألقاب التي جمعها خلال مسيرته التدريبية، بل يمتد أيضًا إلى التأثير الذي سيتركه على اللعبة لعقود قادمة.

بيب هو فائز متكرر، تتبعه الألقاب في أي مهمة يتولاها، يُعتبر على نطاق واسع أحد أفضل التكتيكيين على الإطلاق، حيث أعاد تعريف عصر كامل، كما قام بصقل بعض من أفضل اللاعبين الذين شهدتهم كرة القدم.

لا تقتصر عبقريته على تكتيكاته الرائعة فحسب، بل يمتلك أيضًا قدرة فريدة على الابتكار في ظروف مختلفة، مما يميّزه حقًا عن الآخرين.

بدايات بيب في برشلونة

تولى جوارديولا أول مهمة تدريبية له بعد عام واحد من اعتزاله اللعب، حيث بدأ مع برشلونة ب، وحقق نجاحًا سريعًا بما في ذلك التأهل من دوري الدرجة الثانية ب لعام 2008.

بعد نجاحه مع برشلونة ب، تمت ترقيته ليصبح مدرب الفريق الأول، ليحل محل فرانك ريكارد، كان الكثير من الجماهير حول العالم متشككين في تعيينه نظرًا لخبرته التدريبية المحدودة، خصوصًا بعد إعلان أنه لا يخطط للاعتماد على نجوم مثل رونالدينيو وصامويل إيتو في الموسم القادم.

خلال فترة تدريبه لبرشلونة، وُلد أسلوب “تيكي تاكا” الشهير، القائم على التمريرات القصيرة والمعقدة مع سيولة لم تُرَ من قبل.

بدأ جوارديولا آنذاك إعادة تعريف مفهوم “المهاجم الوهمي”، والذي لعبه ليونيل ميسي ببراعة، وسطر نفسه كأفضل لاعب في العالم في وقت قياسي.

“لم يعطنا أحد درسًا مثل هذا من قبل، لكنهم يستحقونه. يلعبون بالطريقة الصحيحة ويستمتعون بكرتهم، وهم يسحرونك بتمريراتهم، ولم نتمكن حقًا من السيطرة على ميسي، لكن الكثيرين قالوا ذلك”.

“في فترة تدريبي، هذا أفضل فريق واجهته”.

– السير أليكس فيرجسون.

لا يوجد وصف لمدى تكامل برشلونة رفقة جوارديولا، أبلغ مما قاله السير أليكس فيرجسون بعد الخسارة أمامه في نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2011.

واختتم فيرجسون مؤتمره الصحفي عقب ذاك النهائي، بأن برشلونة سيكون من الصعب التغلب عليهم طالما ظل نجومهم ميسي وأندريس إنييستا وتشافي هيرنانديز ضمن صفوفهم.

“أعتقد أن الفرق العظيمة تمر بدورات، وأعتقد أن الدورة التي يمرون بها الآن تجعلهم الأفضل في أوروبا، ولا يوجد شك في ذلك، كم ستستمر؟ هل يمكنهم استبدال هذا الفريق في وقت معين؟ من يعلم؟ لكنهم بالتأكيد يمتلكون الفلسفة”.

“دائمًا من الصعب أن تقول إنك ستتمكن من استبدال لاعبين مثل تشافي وإنييستا في وقت ما، ربما لا. لكنهم يستمتعون باللحظة ويستحقون ذلك لأنهم يلعبون كرة القدم بالطريقة الصحيحة”.

– السير أليكس فيرجسون.

خلال قيادته للفريق، فاز جوارديولا بلقب الدوري الإسباني ثلاث مرات متتالية، إلى جانب دوري أبطال أوروبا مرتين والعديد من الألقاب الأخرى، ترك برشلونة في 2012 بعد أربع سنوات ناجحة.

بداية التغيير في بايرن ميونخ

أصبح اسم بيب راسخًا في كرة القدم العالمية، وعاد للتدريب في أوائل 2013 مع العملاق الألماني بايرن ميونخ، لم يتمكن خلال هذه الفترة من تطبيق تكتيكات “تيكي تاكا” بنفس الطريقة بسبب لاعبي الفريق المتاحين له.

اضطر جوارديولا لتعديل تكتيكاته لتتناسب مع لاعبي بايرن، ما أدى إلى إدخال فيليب لام في خط الوسط. ركز على اللعب بناءً على الاستحواذ، مع التأكيد على التفوق العددي في خط الوسط وخلق مثلثات بين اللاعبين.

هذا أسهم في تمكين لاعبين مثل توني كروس من التحكم في اللعب، ومهّد الطريق للأجنحة لمواجهة الظهيرين مباشرة، فاز بالدوري الألماني ثلاث مرات متتالية، لكنه فشل في تحقيق النجاح الأوروبي، قبل أن يغادر الفريق في 2016.

الإرث الحالي وإعادة تلوين مانشستر

انضم بيب جوارديولا إلى مانشستر سيتي بعد رحيله عن بايرن ميونخ صيف 2016، في الوقت المثالي لثورة الفريق، الذي كان بحاجة إلى قائد واضح ليقوده إلى القمة العالمية.

خلال فترة تدريبه في سيتي حتى الآن، جرب بيب العديد من التكتيكات ويعتمد حاليًا على أسلوب لعب مرن يتغير شكل الفريق فيه خلال الاستحواذ.

فبدأ بتطبيق أسلوبه الذي افتقده منذ فترته في برشلونة، بفضل نوعية اللاعبين المتاحين، وكذلك الصفقات التي أبرمها، ومع نوعية ديفيد سيلفا وكيفين دي بروين، بات السيتي نموذجًا متطورًا من البارسا، بعدما امتلك اثنين من لاعبي الوسط قادرين على تهديد الخصم واستغلال أنصاف المساحات، حيث أصبحا أحد أكثر اللاعبين مساهمة في الأهداف آنذاك.

دافيد سيلفا - مانشستر سيتي - المصدر (Getty images)
دافيد سيلفا – مانشستر سيتي – المصدر (Getty images)

وبعد ذلك، بدأ في تغيير أسلوبه وطريقة لعبه بناءً على الوقت والخصوم، حيث شدد بشكل مستمر على أن الفريق بحاجة إلى المزيد والمزيد من الغيير تجنبًا لقراءته في المباريات، خاصةً بعد تطور كرة القدم واستخدام أساليب تقنية حديثة حاليًا.

فبعد تسع سنوات مجيدة وستة ألقاب في الدوري الإنجليزي الممتاز، أكمل بيب جوارديولا أخيرًا دائرته الكاملة، لقد كانت فترة عمله في مانشستر سيتي، المليئة بالنجاحات والابتكارات، أخصب مختبر للابتكار شهدته كرة القدم الإنجليزية على الإطلاق.

ومع أن الكاتالوني قد يكون قد نفد وقته لتجاوز سير أليكس فيرجسون كأكثر مدرب نجاحًا في تاريخ إنجلترا، إلا أنه ربما أصبح بالفعل الأكثر تأثيرًا.

فجوارديولا هو من جعل مفهوم الظهير المعكوس شائعًا، ومنح حارس المرمى دورًا خلاقًا في بناء اللعب، وصنع مهاجمًا لا يقتصر دوره على التهديف فقط.

كان يؤمن بالتحكم والصبر، ومع تدفق الألقاب، بدأت قيمه وأفكاره تتغلغل في كل مستويات اللعبة، لم يحتج أكثر من عقد من الزمان لإعادة تشكيل كرة القدم الإنجليزية على صورته.

وعلى الرغم من ذلك، تكيف بشكل مستمر مع متغيرات الفريق ومتغيرات الدوري، فبعد أن اعتمد على جوندوجان سابقًا في مركز المهاجم الوهمي في ظل عدم توفر مهاجم صندوق.

وبعد أن كانت واحدة من أولوياته المباشرة في سيتي كانت استبدال جو هارت – حارس إنجلترا الأساسي آنذاك – أولًا بكلوديو برافو ولاحقًا بإيدرسون، فقد أوضح أن حراس مرماه يجب أن يكونوا قادرين على اللعب بالكرة.

جاء الدور على إيرلينج هالاند، وهذا الموسم وقع مع جيانلويجي دوناروما كحارس أساسي للفريق، وهما يعكسان أفكاره التي بدأها في السيتي.

دوناروما، بطل أوروبا مع النادي والمنتخب، يمتلك بلا شك العديد من الصفات، لكن قدراته الإبداعية في بناء اللعب ليست من بينها، حتى مدربه في باريس سان جيرمان، لويس إنريكي، أقر بذلك عند تفسير سبب السماح للاعب بالمغادرة، مشيرًا إلى أن النادي يحتاج إلى حارس مرمى “بمواصفات مختلفة”.

يمكننا تفسير تغير أسلوب بيب جوارديولا عدة مرات، بأكثر من طريقة مختلفة، ولكن على الأرجح، فإن الأمر كله ليس انقلابًا صارخًا عن ما كان يعتمد عليه كما بدا للوهلة الأولى.

فالحقيقة أن جوارديولا لم يكن مخلصًا بشكل خاص لأسلوبه المعروف منذ مغادرته برشلونة، ففي إنجلترا، لعب فريق سيتي خلال بضع سنوات بخط دفاع مكون من أربعة مدافعين مركزيين.

ومن بعدها بدأ بضم الظهير إلى خط الوسط، ثم حوّل المدافع -ستونز- إلى لاعب وسط أيضًا، وشاهدناه كثيرًا يتقدم إلى حدود منطقة الجزاء، بل ويسجل كذلك على غرار هدفه الرائع أمام بوروسيا دورتموند في دوري الأبطال موسم 2022-2023.

أوضح بيب دائمًا أن أسلوبه ليس للزينة، بل لأنه فعال، فقد قال منذ عام 2017: “لست هنا للترفيه، أنا هنا للفوز”.

لهذا السبب، كان دائمًا يغير ويبتكر، وربما هذا هو المقياس النهائي لمقدار تأثيره على كرة القدم الإنجليزية: أن التفوق النهائي الآن يكمن في تبني ما سبق.

التأثير الذي تركه بيب

غيّر جوارديولا طريقة اللعب التكتيكية في كرة القدم إلى الأبد، حيث استلهم العديد من المدربين أسلوبه وأضافوا لمساتهم الخاصة، من بين المتأثرين به: ميكيل أرتيتا، إنزو ماريسكا، وفينسنت كومباني، الذين عملوا معه كمساعدين أو لعبوا تحت قيادته.

بيب هو المبتكر والمدرب الرائد الذي جعل الفرق تبني اللعب من الخلف، يظل واحدًا من أعظم مدربي كرة القدم في العالم، وسيستمر في ذلك بفضل تطوره المستمر ونهجه المستقبلي.

بطولات بيب جوارديولا مع مانشستر سيتي

البطولة عدد المرات المواسم
الدوري الإنجليزي الممتاز (Premier League) 6 2017-2018، 2018-2019، 2020-2021، 2021-2022، 2022-2023، 2023-2024
كأس الاتحاد الإنجليزي (FA Cup) 2 2018-2019، 2022-2023
كأس الرابطة الإنجليزية (League Cup) 4 2017-2018، 2018-2019، 2019-2020، 2020-2021
درع الاتحاد/الدرع الخيرية (FA Community Shield) 3 2018-2019، 2019-2020، 2024-2025
دوري أبطال أوروبا (UEFA Champions League) 1 2022-2023
كأس السوبر الأوروبي (UEFA Super Cup) 1 2023
كأس العالم للأندية (FIFA Club World Cup) 1 2023

من هو أفضل مدرب في تاريخ البريميرليج؟

في النهاية، قد تتباين الإجابات، لكن الحقيقة الثابتة أن كل واحد من هؤلاء الثلاثة لم يكتفِ بالفوز، بل غيّر اللعبة نفسها،
فيرجسون صنع مدرسة الإدارة النفسية والهيمنة الطويلة، فينغر أنشأ ثقافة جديدة للتكتيك والانضباط، وجوارديولا رفع سقف الابتكار إلى مستوى لم تبلغه اللعبة من قبل.

فمن نقيس به العظمة؟ بعدد الألقاب، أم بعمق الأثر؟ ربما لا توجد إجابة واحدة، لكن المؤكد أن الدوري الإنجليزي ما كان ليصبح ما هو عليه اليوم لولا عبقرية هؤلاء الثلاثة، الذين جعلوا من خطوط التدريب مختبرًا للتاريخ.

من مانشستر إلى لندن، ومن هايبري إلى الاتحاد، ظل البريميرليغ يتبدل بتبدل أفكارهم، ثلاثة عصور، ثلاثة عقول، ورجل واحد فقط، سيبقى في ذاكرة الزمن رمزًا للمدرب الذي لم يغيّر ناديًا فحسب، بل غيّر وجه كرة القدم إلى الأبد.