حين تصبح وفرة النجوم أزمة.. ألونسو والفخ الذي صنعه ريال مدريد
تعثر ريال مدريد بالتعادل في أمام نظيره رايو فاليكانو، في المباراة التي جمعتهما ضمن لقاءات الجولة الـ12 لبطولة الدوري الإسباني “الليجا” بهدف لكل منهما.
ورفع ريال مدريد رصيده للنقطة 31، وواصل تصدر ترتيب بطولة الليجا، ووسع الفارق لـ5 نقاط، مع فريقي فياريال وبرشلونة أصحاب المركزين الثاني والثالث بالبطولة.
ورغم استمرار تصدره ترتيب البطولة، إلا أن ريال مدريد مازال يعاني على المستوى الهجومي، ليس في التهديف أو الوصول لمرمى الخصم، بل في افتقاد التوازن في القائمة، وبمراكز بعينها وتوافر اللاعبين في مراكز أخرى.
ألونسو يقع في فخ ريال مدريد
تشابي ألونسو تسلم قائمة ريال مدريد مدججة بالنجوم الهجومية، وبالأخص جود بيلينجهام، وكيليان مبابي، وفينيسيوس جونيور، ورودريجو.
الطريقة الهجومية لفريق ريال مدريد ما قبل تشابي ألونسو، كان أساسها القدرات الفردية في صناعة الفارق. ومنح هامش كبير للإبداع في الشق الهجومي للفريق الملكي. تلك الخطة على الرغم من كونها منحت اللاعبين حرية أكبر في التعبير عن قدراتهم هجوميًا إلا أنها كان لها عيوبًا خلف تلك الحرية.
في آخر مواسم كارلو أنشيلوتي على رأس القيادة الفنية لفريق ريال مدريد، سجل الفريق 141 هدفًا في مختلف البطولات، ولكن كل هذه الأهداف كانت نتاج مجهود فردي للاعبين.
ولكن.. هل محور حديثنا هو انتقاد كارلو أنشيلوتي؟ الإجابة، بالطبع لا.
أزمة نادي ريال مدريد الحقيقية في السنوات الماضية، تمثلت في الطريقة التي يتم بها اختيار صفقات الفريق، ومن يتحكم في هذا الاختيار؟
العامل الأول والمتحكم في اختيارات صفقات ريال مدريد، هي القدرة التسويقية للصفقة ومدى الفوائد التي ستدرها على النادي الملكي، على المستويين الدعائي والمالي، والعامل الثاني هو أن تكون الصفقة هجومية، الدفاع ليس مهمًا لدى حاشية بيريز.
فلورنتينو بيريز، رئيس نادي ريال مدريد، لعب دورًا مهمًا في اختيارات صفقات النادي خلال الفترة الماضية، وخاصة وقت استقدام كيليان مبابي للنادي الملكي. وتمسكه المستميت بصفقة المهاجم الفرنسي، دون غيره، وإهمال كافة المراكز مقابل تدعيم الهجوم بـ”مبابي”.
قبل انضمام كيليان مبابي، عانى ريال مدريد من مركز المهاجم الصريح. واضطر لاستخدام جود بيلينجهام لتعويض هذا النقص بتحركاته في عمق المنطقة، ليسجل 23 هدفًا ومنح زملائه 13 تمريرة حاسمة في موسم 2023-2024، وهو الموسم الذي سبق وصول مبابي لريال مدريد.
أرقام جود بيلينجهام قبل كيليان مبابي
| عدد المباريات | عدد الأهداف | التمريرات الحاسمة |
| 42 | 23 | 13 |
تأثير جود بيلينجهام على ريال مدريد في الموسم الأخير قبل التعاقد مع كيليان مبابي، ظهر في مساهماته التهديفية في مختلف البطولات، إذ ساهم في 36 هدفًا من أصل 141 سجلها الفريق في الموسم، وهو ما يعني أنه ساهم في 25% من كل أهداف الفريق في الموسم.
أما مع قدوم كيليان مبابي لهجوم ريال مدريد، تقلصت الأدوار الهجومية لجود بيلينجهام، واقتصر على الثلاثي الهجومي للفريق “مبابي، فينيسيوس، رودريجو”.
أرقام بيلينجهام بعد مبابي
| عدد المباريات | الأهداف | التمريرات الحاسمة |
| 58 | 15 | 15 |
بنظرة أولية لأرقام بيلينجهام بعد استقدام كيليان مبابي، تشعر للوهلة الأولى أن أداء لاعب الوسط الإنجليزي، لم يتأثر بعد قدوم مبابي، إلا أن مدى التأثير على مستوى الفريق، والتواجد في المناطق الهجومية أظهر الفارق بين بيلينجهام قبل وبعد مبابي.
بيلينجهام ساهم في 30 هدفًا في 58 مباراة لعبها مع ريال مدريد بالموسم الماضي، مسجلًا 15 ومانحًا زملائه 15 تمريرة حاسمة. أي أنه شارك في عدد مباريات أكثر من الموسم قبل الماضي بـ16 مباراة، ولكنه ساهم في أهداف أقل.
وهو ما يمكن أن ننظر إليه بعين اختلاف المستوى والخصوم والأدوار المسندة إليه من المدير الفني للفريق، ولكنه دليل على اختلاف طريقة اللعب قبل وبعد مبابي.
انقلبت الآية هذا الموسم بين مبابي وبيلينجهام، فأصبح الفرنسي هو الأكثر تأثرًا بوجود زميله في الملعب.
ففي المباريات التي لم يشارك بيلينجهام أساسيًا مع ريال مدريد، تألق كيليان مبابي وكانت تلك المباريات الأكثر تهديفًا للنجم الفرنسي.
| المباريات بدون بيلينجهام | عدد الأهداف | التمريرات الحاسمة |
| 9 | 13 | 2 |
والعكس صحيح في المباريات التي اشترك بها جود بيلينجهام أساسيًا، خفت نجم مبابي تهديفيًا، وشهدت مساهمات تهديفية أقل.
| المباريات مع بيلينجهام | عدد الأهداف | التمريرات الحاسمة |
| 7 | 5 | 0 |
في غياب جود بيلينجهام، شارك كيليان مبابي في 9 مباريات هذا الموسم، بقميص ريال مدريد. وسجل 13 هدفًا ومنح زملائه تمريرتين حاسمتين.
ومع وجود بيلينجهام، سجل كيليان مبابي 5 أهداف، ولم يمنح أي تمريرة حاسمة في 7 مباريات، حتى الآن.
وفرة النجوم أزمة
فلورنتينو بيريز، مازال يحلم بصناعة الجلاكتيكوس الناجح الذي يمكنه اكتساح كل البطولات، ولكن يجرب الطريقة ذاته كل مرة، وينتظر نتيجة مختلفة. المعضلة هنا ليست في تصدر ريال مدريد الليجا، أو حتى تتويجه بها وبدوري الأبطال، بل في الطريقة التي يبني بها بيريز الفريق.
وفرة النجوم في فريق ريال مدريد، دائمًا ماكانت أزمة خاصة لو كان لأغلبهم ثقل إعلاني، وتسويقي وإعلامي أيضًا. لكن هذه المرة المشكلة في وجود وفرة تصل إلى حد التخمة في بعض المراكز في قائمة ريال مدريد، فمثلًا ستجد في الأجنحة: “رودريجو، فينيسيوس جونيور، ماستانتونو، براهيم دياز، وأردا جولر” وإن كان الثنائي الأخير أقرب لوسط الملعب الهجومي منه إلى الجناح، وكلاهما محسوبان على الأجنحة بسبب معضلة أخرى.
ريال مدريد كان بحاجة لضم مهاجم صريح قبل انطلاق الموسم الماضي، وانطلق للتعاقد مع كيليان مبابي في صفقة انتقال حر، والتي انتظرها قطاع عريض من مشجعي النادي الملكي، وكذلك فلورنتينو بيريز، لكن مبابي ليس مهاجمًا. صدق أو لا تصدق؟ مبابي لا يفضل اللعب في مركز المهاجم الصريح، بل يميل إلى اللعب كجناح أيسر يدخل إلى عمق الملعب، وحتى الآن يحاول فرض نفسه كجناح أيسر. الأمر الذي يجب أخذه في الاعتبار عند دراسة سبب تدهور مستوى فينيسيوس جونيور.
التخمة العددية لريال مدريد انتقلت أيضًا لمركز وسط الملعب، فيملك أوريلين تشواميني، وإدواردو كامافينجا في وسط الملعب الدفاعي، ومعهم فريدريكو فالفيردي، وداني سيبايوس. وجود بيلينجهام لاعب وسط ملعب أقرب لصانع الألعاب. ولكن بالرغم من كثرة تلك الأسماء، مازال ريال مدريد يعاني في وسط الملعب وخاصة في منطقة العمق الدفاعي للوسط.
التخمة في بعض المراكز أثرت بشكل مباشر على مراكز أخرى مثل مركز قلب الدفاع، بالرغم من تواجد أكثر من اسم في هذا المركز، إلا أن قلب دفاع ريال مدريد مازال يفتقد لكثير من الجودة، والدقة في المواقف الدفاعية للفريق.
أزمة تشابي ألونسو تتزايد في كل يوم يدخل فيه الفريق الملعب، وهو متخم في مراكز وجائع في أخرى، فالتدعيمات الهجومية لكل فريق مهمة. ولكن الطريقة الأفضل لإبرام الصفقات والتدعيمات هو النظر إلى المراكز التي يحتاجها الفريق حقًا، وتدعيمها وعدم إبرام صفقات بلا هدف. أو لمجرد كونها صفقة إعلانية وتسويقية.
تغير أدوار فريدريكو فالفيردي من وسط الملعب إلى الظهير الأيمن، لتعويض غياب أرنولد وداني كارفخال، سيتحول إلى أزمة بمجرد اكتمال شفاء الثنائي أو أحدهما وعودته للمشاركة مع الفريق مرة أخرى، حينها سينتقل اسمه من قائمة الظهير الأيمن للجناح الأيمن لتعويض النقص في هذا المركز، أو سيعود لوسط الملعب مرة أخرى، وتبدأ معركة دامية، ينتصر فيها من يخرج حيًا إلى تشكيل ريال مدريد.

تعليقات