“عشان معهوش فلوس مياكلش؟”.. تفاصيل جدعنة بائعة سمك مع سائل لا يملك مالا

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


أسر مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي لبائعة سمك، قلوب المشاهدين، والتي ظهرت في لفتة إنسانية مع شاب بسيط لا يملك من المال سوى القليل، إلا أنها كانت منه يمثابة الأم لابنها، وأحضرت له طلبه دون مقابل قائلة: “عشان أنت ما معكش فلوس متاكلش؟”. 

تفاصيل قصة بائعة السمك بالمنصورة

بدأت القصة عندما انتشر الفيديو لـ”أم مصطفى” – كما يناودنها – وهي تعطي الشاب وجبتين من السمك له ولأخيه دون مقابل، نظرًا لحالته المادية الصعبة، مرددة جملة جعلت كل من يسمعها يتأثر بها: “عشان أنت ما معكش فلوس متاكلش؟!”، وفتحت الثلاجة لتخرج منها سمكتين من أغلى أنواع السمك الذي تمتلكه.

لم تكتف السيدة بهذا فقط، فقد غلبها طابع الأمومة والإحساس بالبسطاء، لتقول له: “أنا عندي زيك، وتحت أمرك في اللي أنت عايزه، اعتبرني أمك وتعالى في أي وقت”، ومع ذلك لم تعطه السمك هو، بل سألته: “شوف أنت عايزني أعملهولك إزاي؟ أشويهولك؟ ولا أعملهولك سينجاري؟ شوف نفسك تاكله إزاي؟”.

السيدة أم مصطفى

وأردفت قائلة: “عندي رز على فكرة هعملك منه، وهعملك سلطة، وتاكل أحلى أكل يا حبيبي”، ولم تكتف بكل ما فعلته من عطاء، بل أرادت أن تعطي مثالًا حيًا للمثل الشعبي: “الإيد المليانة تصب في الإيد الفارغة”، لم تفكر للحظة بأنها لم تبدأ يومها بعد، ولم يدخل لها أي دخل، فقد كان ذلك صباحًا، وكيف لها ان تضمن أن هذا اليوم سيكون مربحًا أو لا، فقط فعلت ما أشار به قلبها، غير مكترثة لأي شيء آخر.

جانب من حياة أم مصطفى

تواصلت “تليجراف مصر” مع “أم مصطفى”، البالغة من العمر 52 عاما، لتكشف جوانب أخرى من حياتها، لم تستطع دقائق معدودة أن تظهرها.

روت أم مصطفى حكايتها، فهي واحدة كغيرها من السيدات اللاتي تعثرن في طرق الحياة، ولدت في مدينة المنصورة، وسط أسرة بسيطة ذات دخل محدود، كان والدها يعمل فلاحا، بالكاد يستطيع جمع قوت يومه، تزوجت من رجل لا تختلف ظروفه عن ظروفها كثيرًا، يعمل ميكانيكي سيارات، وأنجبت منه 3 أطفال، ذكر وانثتين، لتتحول حياتها بشكل غير متوقع.

بائعة الأسماك أم مصطفى 

ست مصرية أصيلة

بعد الزواج والإنجاب وضيق الحال الذي مرت به الأسرة الصغيرة، لم تقف أم مصطفى مكتوفة الإيدي، ومثلها كمثل كل ست مصرية أصيلة، شعرت بالمسؤولية تجاه بيتها وأبنائها، فخرجت تبحث عن عمل يغني عن الاحتياج ويلبي متطلبات العيش، لتساند به زوجها ورفيق دربها.

وبعد رحلة بحث وجدت نفسها في مهنة غير مألوفة بالنسبة للنساء، وقليل ما يعملن بها، وهي بيع الأسماك، تلك المهنة التي تتطلب الكثير من الجهد والوقت بجانب الصبر والقدرة على التحمل، لكنها أثبتت لنفسها قبل أن تثبت للجميع، أنها قادرة على خوض المعركة وتستطيع التحدي.

بدأت من محل أسماك صغير

تقول أم مصطفى، إنها وجدت مكانًا أشبه بأن يكون “عشة صغيرة” تابع لأملاك الدولة، فأخذته بالإيجار مقابل مبلغ مالي، وذلك بخلاف مصاريف الكهرباء والمياه، وبدأت تأتي بالأسماك بكل أصنافها لتبيعها، منها الطازجة والمجمدة، وحولت ذلك المكان المتواضع إلى محل أسماك صغير، وأصبحت تطهو الأسماك بكل فنون الطبخ وتبيعها.

 30 عامًا بالتمام من العمل دون كلل أو ملل، مرت خلالها بالكثير من المواقف والاختبارات الصعبة، وكانت تخرج من كل محنة بمنحة جديدة وخبرة مفيدة، تجعلها قادرة على الوقوف بصمود، وبعد مرور السنين أصبحت تجني ثمار ما زرعت، وبدأ يكبر عملها ويكبر معه الخير الذي تقدمه، وتحول المطعم من تقديم المأكولات في حي صغير بالمنصورة إلى صفحة مشهورة على السوشيال ميديا، يطلب الناس من خلالها الطعام.

تسرد أم مصطفى لـ”تليجراف مصر” أصعب اللحظات التي مرت بها خلال فترة عملها، قائلة: “أصعب وقت لما تكون الدنيا ضيقة ومش معايا فلوس، ويحصل ظرف زي تلاجة تبوظ وفيها حاجة ناس، ودي مسؤولية بكون شايلة همها، وبيصعب عليا الحاجة”.

وأضافت: “كمان لما ييجي يوم منشتغلش، فاضطر أدفع يومية الست اللي شغالة معايا من جيبي، لأن هي مسؤولة بردو عن بيت وعيال زيي، لكن الأرزاق من عند الله سبحانه وتعالى”.

تتمنى أم مصطفى أن يكون لها في يوم من الأيام محل الأسماك الخاص بها بدلًا من الإيجار، تعمل به هي وابنها، كي يساعدها ذلك على فعل خير للآخرين أكثر مما ظهر خلال المقطع الذي انتشر، فهي لا تطعم السائلين فقط، بل تقف بجانب الجيران وأهل المنطقة لتكون المنقذ الوحيد لهم.



‫0 تعليق

اترك تعليقاً