لا نسرع في التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنه ليس في عجلة من أمره للتوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، مؤكدًا أن أي مفاوضات مستقبلية يجب أن تكون شاملة وتخدم المصالح الأمريكية والأمنية بشكل مباشر. 

وأشار ترامب إلى أن إدارته تعتمد على استراتيجية “الضغط الأقصى” لإجبار إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات بشروط أكثر صرامة، تشمل قيودًا صلبة على برنامجها النووي، تطوير الصواريخ الباليستية، ودعمها للجماعات المسلحة في المنطقة مثل حزب الله والحوثيين.

وأكد أن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة قد أضعفت الاقتصاد الإيراني بشكل كبير، مما يجعل طهران في موقف يحتم عليها قبول اتفاق جديد يتماشى مع رؤية واشنطن. 

ووفقًا لصحيفة “نيويورك تايمز”، أعرب ترامب عن قناعته بأن الضغوط الاقتصادية ستجبر إيران على التفاوض في النهاية، لكنه شدد على أنه لن يسارع إلى إبرام اتفاق دون ضمانات واضحة تشمل آليات تفتيش صارمة ودائمة للمنشآت النووية الإيرانية.

ويعود موقف ترامب الحذر إلى تجربته السابقة مع الاتفاق النووي لعام 2015، المعروف باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة”، والذي انسحب منه عام 2018، معتبرًا إياه “صفقة سيئة” لأنه لم يتضمن قيودًا كافية على الأنشطة غير النووية لإيران، مثل برنامجها الصاروخي ودعمها للجماعات المسلحة.

وفي تصريحاته الأخيرة، أشار ترامب إلى أن أي اتفاق جديد يجب أن يعالج هذه القضايا بشكل شامل، مع التأكيد على أن إيران لن تُسمح لها بامتلاك القدرة على تطوير أسلحة نووية تحت أي ظرف.

ونقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن مصادر في البيت الأبيض أن ترامب يسعى إلى فرض شروط غير مسبوقة، بما في ذلك تفتيش المنشآت العسكرية الإيرانية، وهو مطلب رفضته طهران مرارًا في السابق.

من ناحية أخرى، أثار موقف ترامب مخاوف الحلفاء الأوروبيين، الذين يرون أن تأخير المفاوضات قد يفاقم التوترات في المنطقة ويعزز من قدرات إيران النووية.

وأفادت وكالة “رويترز” أن مسؤولين في فرنسا وألمانيا وبريطانيا أعربوا عن قلقهم من أن سياسة “الضغط الأقصى” قد تدفع إيران إلى تسريع برنامجها النووي بدلًا من دفعها نحو التفاوض. 

وأشارت الوكالة إلى أن إيران واصلت تخصيب اليورانيوم بنسب تصل إلى 60%، وهي نسبة قريبة من المستوى المطلوب لإنتاج أسلحة نووية، مما يزيد من التحديات أمام أي جهود دبلوماسية مستقبلية.

وفي المقابل، أكدت طهران أنها لن تقبل بشروط أحادية الجانب، مطالبة برفع العقوبات الاقتصادية كشرط أساسي لأي حوار، وفقًا لتصريحات مسؤول إيراني نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا”.

ويؤكد محللون أن تصريحات ترامب تعكس استراتيجية تهدف إلى تعزيز الموقف التفاوضي للولايات المتحدة، مع إظهار القوة في السياسة الخارجية أمام قاعدته السياسية الداخلية. وقد أشار تقرير لمجلة “فورين أفرز” إلى أن ترامب يسعى إلى الاستفادة من الضغوط الاقتصادية على إيران لدفعها إلى تقديم تنازلات كبيرة، بينما يحافظ على التنسيق مع حلفاء مثل إسرائيل والسعودية، اللذين يعتبران إيران تهديدًا رئيسيًا في المنطقة. وأكدت المجلة أن إسرائيل، على وجه الخصوص، تدعم موقف ترامب وتضغط من أجل شروط أكثر صرامة في أي اتفاق مستقبلي، بما في ذلك الحد من نفوذ إيران الإقليمي.

ومع ذلك، يحذر خبراء من أن هذا النهج قد يؤدي إلى تصعيد غير محسوب، خاصة إذا استمرت إيران في تطوير قدراتها النووية أو ردت بعمليات عسكرية في المنطقة. وأشارت صحيفة “الجارديان” إلى أن التوترات المتزايدة بين واشنطن وطهران قد تؤثر على استقرار أسواق النفط العالمية، خاصة مع استمرار العقوبات على صادرات إيران النفطية. وفي الوقت نفسه، أكدت مصادر دبلوماسية أن إدارة ترامب تجري مشاورات مع دول الخليج لضمان مواجهة أي تهديدات محتملة، بما في ذلك تعزيز الدفاعات الصاروخية في المنطقة.

ومن المتوقع أن تستمر هذه الديناميكية في التصعيد اللفظي والدبلوماسي بين الولايات المتحدة وإيران في الأشهر المقبلة، حيث يترقب المجتمع الدولي أي بوادر لتقدم في المفاوضات أو تغيير في المواقف. ومع استمرار الضغوط الاقتصادية على إيران، يبقى السؤال حول ما إذا كانت طهران ستختار التفاوض تحت شروط ترامب أم ستواصل تحديها للسياسة الأمريكية، مما قد يشكل نقطة تحول في العلاقات بين البلدين والاستقرار الإقليمي.



‫0 تعليق

اترك تعليقاً